دوافع ومبررات التوقف عن دفع غرامات الأسرى لدولة الاحتلال
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
الأول من حزيران الجاري.. نفذت وزارة الأسرى والمحررين قرارها بشأن التوقف عن دفع الغرامات التي فرضها الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين، لأسباب برّرتها بأنها تزيد من أموال خزينة دولة الاحتلال.
البعض يعتقد أن هذا القرار جاء نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها دولة فلسطين، ولكن النقاشات الجدية حيال ذلك أثيرت عام 2007، وتجسدت فعليا عام 2003، حيث ساهمت الوزارة بمبلغ أقصاه 4000 شيقل عن كل أسير.
والموقف العام للأسرى في الانتفاضة الأولى'انتفاضة الحجارة' كان ضد دفع الغرامات، وإفاداتهم عام 1990 عززت من ذاك الموقف، باعتبار أن دفعها يشكل دعما لجيش الاحتلال وسجونه، فحسب ما يرونه فإنه لا يعقل أن يحكم أسير 10 سنوات، ويغرم 20 ألف شيقل؛ بل كانوا يفضلون أن يسجن الأسير سنة إضافية على دفعها، و رفض الغرامة كان جزءا من سياسة رفض الاحتلال بكل أدواته وأشكاله.
واختلفت الآراء حيال الموضوع خلال الانتفاضة الثانية، وباتت محاكم الاحتلال تستغل دفع الغرامات؛ حتى أصبح أي قرار حكم بحق أي أسير لا يخلو من الغرامة.
أرقام مذهلة: غرامات الأسرى تقدر بملايين الشواقل
أعلى مبالغ الغرامات كانت في الأعوام 2004 و2005 و2006، وزادت قيمتها عن 5 ملايين شيقل سنويًا، والوزارة دفعت 4000 شيقل للمساهمة، فيما دفع الأهالي المتبقى منها، وقد تصل في كثير من الأحيان إلى 20 ألف و15 ألف شيقل على الأسير الواحد، كجزء من الحكم المفروض عليه. ووفقا لتقديرات الوزارة فإن ذوي الأسرى يدفعون من 50% إلى 60% من المبالغ الإجمالية للغرامات المفروضة.
وحسب البيانات الإحصائية المتوفرة للغرامات المدفوعة من قبل وزارة الأسرى، فكانت على النحو التالي:
-عام 2008 دفعت الوزارة مبلغ 4 مليون شيقل.
- عام 2009 دفعت مبلغ 3.683950 شيقلًا عن 1731 معاملة غرامة، والباقي دفعه ذوو الأسرى بما يزيد عن 3 ملايين شيقل.
- عام 2010: دفعت مبلغ 1.151.550 شيقل عن 479 معاملة غرامة، وذوو الأسرى دفعوا الباقي بقيمة تزيد عن 3 ملايين شيقل.
- عام 2011: دفعت مبلغ 1.8630.250 شيقل عن 762 معاملة غرامة، وذوو الأسرى دفعوا أكثر من مليوني شيقل.
- 2012 : دفعت الوزارة مبلغ 2.5 مليون شيقل.
- عام 2013: بلغت مجمل الغرامات أكثر من 13 مليون شيقل (بما يشمل مخالفات السير، والعمال بدون تصريح، الذين تعتقلهم إسرائيل ويقدمون للمحكمة العسكرية، سواء في سجن بيتونيا (عوفر)، أو محكمة سالم العسكرية.
واللافت أنه منذ أكثر من 10 سنوات قررت مصلحة السجون الإسرائيلية، خاصة بعد إضراب عام 2002، فرض غرامات باهظة على الأسرى تتراوح بين 500 و1000 شيقل، تخصم من كنتينة الأسرى؛ بحجة مخالفتهم لأنظمة السجن وقوانينه.
ففي عام 2007 تفقد أحد السجانين غرفة 22 في 'عسقلان'، وشاهد الأسرى يتناقشون بكتاب 'عالم صوفي'، فطلب منهم إلغاء الجلسة؛ وحينما رفضوا بقولهم: إنه كتاب عادي لا يمس بهم، تفاجأ الأسير الذي كان يحمل الكتاب في اليوم الثاني، بفرض غرامة بحقه مقدارها 100 شيقل، وحرمانه من تقديم الامتحان النهائي الجامعي.
ناهيك عن الغرامات التي فرضتها سلطات الاحتلال على مخالفات السير والعاملين في إسرائيل بدون تصريح، أو البناء غير المرخص في المناطق المصنفة 'c'. حيث تضاعف عددها خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ فمقابل 2069 مخالفة في العام 2007، سجل منها 4904 في العام 2011.
وتدعي 'الإدارة المدنية' العسكرية الإسرائيلية أن هذه المبالغ ترد على شكل مشاريع؛ ولكن الواقع مغاير تماما، حيث تخدم مشاريع المستوطنات والأغراض الاستيطانية مثل 'شق طرق، تكاليف المداهمات والاعتقالات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي لحراسة المستوطنات والمستوطنين'.
وفيما يتعلق بالكفالات، فغالبا ما تزيد عن 10.000 شيقل؛ وأحيانا تصل إلى 70 ألف شيقل؛ ويقوم القاضي العسكري الإسرائيلي في كثير من الأحيان بفرض جزء منها أو كاملها، مقابل الإفراج عن الأسير وإغلاق الملف.
الموازنة بين عدم دفع الغرامات والجانب الوطني
يضطر أهالي الأسرى دفع الغرامات، للإفراج عن أولادهم، خاصة إن كانوا أطفالا، بيد أن قرار الوزارة بالتوقف عن دفعها يأتي من منطلق وقف عملية 'قرصنة و سطو' إدارة سجون الاحتلال على الأسرى وذويهم، التي شكلت تهديدا خانقا وعبئا ماديا كبيرا عليهم.
ووفقا لروايات أهالى الأسرى في اللقاء الذي عقد في قلقيلية نهاية آيار الماضي، أشار والد أحد الأسرى الأطفال بأنه مستعد لدفع مبلغ كبير مقابل الإفراج عن ابنه؛ فيما أشار آخر بأنه يفتخر هو وابنه المعتقل برفضهما دفع أي مبلغ ولو كان بسيطا للاحتلال؛ بقوله: لن أدفع للاحتلال بنزين السيارات العسكرية الإسرائيلية التي تأتي لاعتقاله.