مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

صور- مدرسة العلائية للمكفوفين.. من المعاناة يولد الابداع

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية 
 عبد الرحمن يونس- يتحسس الطالب محمد ابو كرس (16 عاما) لوحا خشبيا بثقوب متقاربة ومتلاصقة، وبين الفينة والاخرى يضع حزمة قش داخل تلك الثقوب، ويشدها بحبل كي يوازنها ويُحكمها، حتى لتصبح مكنسة يدوية، دون أن ترى عيناه ما تُبدع يداه.
قد يبدو الامر غريبا، أن ترى طالبا كفيفا يصنع مكنسة دون أن يراها، لكن الأغرب ان ترى طلبة يافعين من ذوي الاعاقة البصرية، ينجزون العديد من اشغال الخيزران والخشب التي تتطلب عمليات قص وتجميع وتركيب وتصينع للمقاعد والسلال والمزهريات باشكالها وأنواعها المختلفة.
وحين تتجول في قاعة التدريب والتصنيع الخاصة بالطلبة من ذوي الاعاقة البصرية في المدرسة العلائية للمكفوفين في بيت جالا، تدهشك مهارة التصنيع والابداع والجودة العالية للمصنوعات المختلفة التي يعرضها طلبة لم يحظوا بالقدرة على رؤيتها.
ويقضي الطالب محمد ابو كرس، وقت فراغه في صناعة الخيزران، بعد أن أتقن هذه المهنة (المفضلة لديه)، التي منحته الثقة بأنه شخص فاعل في المجتمع، رغم فقدانه نعمة البصر كما قال.
ويتعلم الطلبة المكفوفين في المدرسة العلائية بعض المهن والحرف التقليدية، أهمها صناعة القش والخيزران، باشكاله وانواعه المختلفة، والنجارة، إضافة إلى الدراسة الاكاديمية، ما يمنح الدارسين فرصة التعلم واحتراف مهنة.
ويقول مدرب صناعة الخيزران محمد ابو سرور "نُعلم الطلبة من ذوي الاعاقة البصرية، صناعة الخيزران بأشكاله المختلفة، من صناعة المكانس والمقاعد التقليدية، والطاولات وبعض الأواني المنزلية، وبعض الاشكال الفنية المصنعة من الخيزران، اضافة إلى قسم النجارة، وتعليم الطلبة كيفية التعامل مع الآت النجارة وخراطة الخشب وتكوين اشكال هندسية بواسطة الآلات، وعمل ثقوب لما يستعملونه في صناعة الخيزران".
ويشير الى ان مصاعب تعليم وتمكين الطلبة من هذه المهارات تتفاوت من طالب لآخر، ويقول: "صحيح أن الطالب المبصر يكون لديه ادراك كامل لما يدور حوله من اعمال، ويرى بعينه كيفية وطريقة العمل والانتاج، بعكس الكفيف الذي يوظف حاسة اللمس القوية والفهم السريع لفعل ذلك، ما يجعل تعليم الطالب الكفيف بطيئا ولكنه مع مرور الوقت يصبح دقيقا جداً، وجل تركيزه ينصب على انجاز عمله".
وحسب ابو سرور فان التدريب يبدأ عادة بإمساك يد الطالب، وجعله يتعرف على ما يريد صناعته بواسطة حاسة اللمس، وعادة ما ينجز كل طالب في اليوم الواحد، وباتقان، ما يطلب منه سواء كرسياص أم مكنسة أو مزهرية أم سلة. موضحا ان الآلات والادوات المستخدمة في تصنيع الخيزران، والنجارة، عبارة أجهزة خاصة مجهزة بأفضل وسائل الحماية، ولا تعمل إلا إذا تحققت بعض الشروط الخاصة، كما أن الطالب يتدرج في التدريب ويكتسب المهارة، وبعد ذلك يتم اختيار الطالب المناسب للعمل على الجهاز المناسب، لإنتاج قطعة تتناسب مع امكانياته الادراكية والحسية.
وتقدم المدرسة "العلائية"، خدمات أكاديمية وتعليمية للطلبة ذوي الاعاقة البصرية، من مختلف محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، استنادا لمنهاج التربية والتعليم الفلسطينية، وتحت مظلة الشؤون الاجتماعية، كما أن التربية والتعليم تقوم بالاشراف والتوجيه، وتوفر احتياجات المدرسة التعليمية والاكاديمية من كتب وقرطاسية ومعلمين، علما ان 7 معلمين منتدبين من وزارة التربية والتعليم يعملون لدعم برامج المدرسة.
ويتلقى 43 طالبا من الضفة وغزة، تعليمهم في "المدرسة العلائية للمكفوفين ورعاية الاطفال ذوي الاعاقة البصرية"، ويحرصون على الاستمرار فيها لأن بقاءهم سيكسبهم مهنة تعينهم على الاعتماد على انفسهم.
ولم يتوقف ابداع الطلبة ذوي الاعاقة البصرية في المدرسة العلائية، عند بعض المهن التقليدية، بل امتد الى مجال التكنولوجيا والكمبيوتر والمعلومات، حيث استطاع الطالبان احمد ابو جديان (15 عاما) من قطاع غزة، ويحيى ابو حلوان (19 عاما) من مدينة نابلس، من انشاء موقع الكتروني ناطق خاص لذوي الاعاقة البصرية، دون مساعدة احد، اطلقوا عليه اسم "غرفة المتحدين".
ويقول أحمد ابو جديان: "صحيح ان استعمال الكمبيوتر ليس سهلا، وليس سلسا بالنسبة للطالب الكفيف، ولكن بالصبر والجهد والعزيمة والإرادة على التعلم، يجد المرء نفسه قد تعلم، واصبح يتعامل مع الكمبيوتر بطريقة سلسة وسهلة دون مساعدة احد".
ويتطلع ابو جديان الى ان يساعده التعلم والعمل على الحاسوب، في التواصل والعمل بشكل افضل حين يغادر المدرسة، ويقول أحمد:" آمل ان يساعدني استعمال الكمبيوتر في الاندماج بسرعة في المحيط المحلي، خاصة بعد ان أصبحت وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، ركيزة اساسية في الحياة العصرية".
بدوره يشدد يحيى ابو حلوان، على أهمية توفير جهاز كمبيوتر خاص لكل طالب كفيف، حتى يسهل عليه العيش في مجتمع الكتروني، ويساعده في الاندماج في المحيط التعليمي والجامعي من خلال الاطلاع البحوث والدراسات، كما أنه سيسهل عليه عملية البحث واعداد وتقديم دراسات وبحوث علمية قد يقدمها الطالب ذوي الاعاقة البصرية.
ويصف مدير المدرسة العلائية للمكفوفين، مصباح حجازي، الطلبة ذوي الاعاقة البصرية بأنهم "فنانين مبدعين، لأنهم إستطاعوا تحدي الاعاقة التي يعانون منها، وأصروا على التعلم والانتاج والإبتكار، إلى أن اصبحوا في كثير من الاوقات متفوقين على كثير ممن لا يعانون اي اعاقة".
واعرب حجازي عن فخره بان 16 من أصل 21 معلما يُدرسون في المدرسة، كانوا في الأصل طلبة فيها، وحصلوا على شهادات علمية عالية من خلف مقاعد المدرسة العلائية، مشيرا الى ان الهدف من دمج التعليم الأكاديمي بالتعليم المهني هو خلق أكثر من فرصة للطالب الكفيف، واتاحة الفرصة أمامه لكي يكون شخصاً فعالا ومنتجاً في المجتمع".
وتعكف المدرسة العلائية على وضع برامج تعليمية لذوي الاعاقة البصرية في جميع المدارس الفلسطينية، لدمج الطلبة المكفوفين في المدارس العادية، كما تُعد لافتتاح مكتبة الكترونية ناطقة شاملة، بالتعاون مع بعض الجمعيات والمؤسسات.
وتعتبر المدرسة العلائية أقدم مؤسسة اجتماعية لرعاية المكفوفين، وذوي الاعاقة البصرية، في منطقة الشرق الاوسط، حيث تأسست سنة 1938، في مدينة الخليل، (أسسها الكفيف صبحي طاهر الديجاني ابو جرير)، وكان طلبة من الوطن العربي وإيران، يأتون اليها للتعلم كونها الوحيدة في الوطن العربي.
ويشهد للمدرسة أنها طبعت ووزعت القرآن الكريم، وعدة قواميس ومعاجم ترجمة وأطالس جغرافية للطلبة المكفوفين، في الوطن العربي، كما اصدرت مجلة "العهد" التي كان يقرؤها المبصر والكفيف.
ويشيد ممثل الاتحاد العام للاشخاص ذوي الاعاقة في بيت لحم عوض عبيات، بالخدمات التعليمية والمهنية التي تقدمها المدرسة العلائية، ويقول: " أتاحت المدرسة الفرصة أمام الطلبة من ذوي الاعاقة البصرية التعلم على الكمبيوتر، ومهن أخرى، وهي تعد نقلة نوعية في الواقع الفلسطيني، ومنجزاً حضاريا واجتماعيا وثقافيا وانسانيا نفخر به".
واشار الى أن دمج الاشخاص ذوي الاعاقة بأشكالها المختلفة، مازالت تواجه مشاكل وعقبات كبيرة، أهمها نظرة المجتمع السلبية لهم، والتمييز وعدم الاهتمام بهم نتيجة عدم تطبيق القوانين والانظمة الخاصة بذوي الاعاقة، وغياب استراتيجية وطنية لدمجهم في المجتمع المحلي، ودعم مشاريعهم الخاصة.
وتشير احصائيات جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني للعام الماضي 2012، أن عدد ذوي الاعاقة في فلسطين بلغ 113 ألفاً، منهم 75 ألفاً في الضفة الغربية (ما يعادل 2.7% من مجمل السكان)، و 38 ألفاً في قطاع غزة (ما يعادل 2.4% من مجمل سكان القطاع).
ويوجد في بيت لحم نحو 10 مؤسسات متخصصة في تقدم خدمات لذوي الاعاقة البصرية والحركية والنطقية، منها بيت الرجاء للمكفوفين، جمعية مركز الشروق للمعاق، جمعية بيت الفرح للمعاقين، جمعية لايف جيت، مركز الدوحة للعلاج الطبيعي والتأهيل، ومركز الارشاد والتدريب للطفل والأسرة، وجمعية بيت الرجاء للمكفوفين والمعاقين عقليا، ومؤسسة الجريح الفلسطيني، والمدرسة العلائية للمكفوفين.
استطاع طلبة واساتذة ذوي الاعاقة البصرية الاعتماد على انفسهم في خدمة بعضهم البعض داخل المدرسة العلائية للمكفوفين لكن يبقى ينحصر ويبقى رهن جدارن المدرسة في حال لم تتغير النظرة السلبية تجاه ذوي الاعاقة.
عن القدس
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.644846232210840.1073742224.307190499309750&type=3&uploaded=2
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024