مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

صوتنالك لأن صوتك لنا- احمد دحبور


ينشغل الفلسطينيون هذه الأيام، الى جانب مشاغلهم الوطنية والعامة، بالمنافسة الجميلة بين بعض الأصوات العربية الشابة، وبينها بالطبع صوت محمد عساف، الطالع بثقة واقتدار تنبئان عن ثقافة موسيقية، ومساحة مطواعة في استيعاب مختلف تجارب الغناء، وانه لمما يثير الحمية والحماسة ان تشهد هذا الاستقطاب الكاسح حتى لا تكاد ترى فلسطينيا لا يتحدث مرة في اليوم على الاقل، حول هذا الشأن.. ومن الطريف والمتوقع ان تدخل على الخط بعض الفذلكات التي تستهين بهذه الظاهرة، كأن الحماسة لوجه من وجوه الفن هي حالة من التخلي عن الاسئلة القومية الكبرى، وفي هذا التعالي الأجوف كثير من الافتراء على نبض الحياة وتلقائية البشر، فليس الاهتمام بهذا الشأن او ذاك انصرافا عن الحياة، بل هو الدخول في صميمها.
وعلى هذا فان فرح الفلسطينيين بهذا الصوت المعافى الذي يحمله محمد عساف، هو فرح باكتشاف الذات، وبالحضور على المسرح الذي طال غيابنا عنه لاعتبارات معقدة متشابكة. بل اننا حين نحتفل بنجاح بطل رياضي، او ببزوغ نجم فني، او باثبات الوجود في اي محفل من محافل الحياة المختلفة، انما نشدد على انتمائنا الى المحيط بعد اغتراب شاق طويل، والرحمة لشاعرنا الكبير محمود درويش الذي صدح منذ بروزه في المشهد الثقافي العربي:
اجل، عرب ولا نخجل،
 ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل،
 وكيف يقاوم الاعزل
 مع الأخذ بالاعتبار ان العربي الفلسطيني ما عاد اعزل او منسيا، فهو معزز بخبرات وتقنيات وتراكمات ثقافية اصبحت تراثا يفخر به العرب جميعا.
وبعد هذه المقدمة التي لا تحتاج الى مقدمة، نرنو بعين الغبطة والكبرياء الوطنية الى فتانا الفلسطيني محمد عساف، فاذا به يقدم اضافة في كل طلة جديدة، يحفظ ويعيد انتاج ما يحفظ ويغني، فاذا بالأغنية تحمل بصمة روحه، حتى اذا سألته لجنة التحكيم لونا جديدا، كان اللون المنتظر ناضجا طازجا يتخلق من حنجرته الشابة، وينتشر ايقاعا وفرحا جماليا ملء المكان.
ولا ننكر ان لجنة التحكيم الموضوعية، لا تخفي حدبها على هذا الصوت اليانع، ولكنها من جهة ثانية لم تبخل على أي متسابق بالحدب والتشجيع والنصائح، واذا قالت العرب في محكم امثالها انه لا يصح الا الصحيح، فان الصحيح يتقدم بقوة الواقع وجدارة الجهد الخلاق، وقد اضم صوتي الى احد اعضاء هذه اللجنة - انه لو لم ينجح محمد عساف، لا سمح ا لله، فلا خوف عليه لانه نجح منذ وقت مبكر، وليس عليه الا ان يواصل حتى يحقق سطوع نجم فلسطين المنتظر..
ليس في هذا تعصب او استبعاد للمحاولات الجميلة الشابة المتنافسة، فالمتحف مليء بالجماجم وما من هيكل اخذ مكان الآخر، وفي الفن تحديدا حيث التنوع والتعدد أيقونتان مركزيتان، سنسعد بكل صوت جديد، ونتباهى بصوتنا الذي يشق طريقه الى اسماع العرب باقتدار وثقة متجددة باستمرار.
اذكر ايام زمان، عندما لم يكن لفلسطين منبر خاص بها، اننا كنا نستقبل كل نأمة أمل بالغبطة والاحتفال، بل بدموع الفرح. وها نحن أولاء حاضرون على الخريطة، ولكن هذا الحضور لا ينفي اننا نشرق بدمع السعادة كلما اضاءت لحظة فلسطينية، والرحمة لذكرى الشاعر اللبناني خليل حاوي الذي فتح ذراعيه لاستقبال كل قادم جديد فهتف وهتفنا معه:
إن لي عيدا وعيد
 كلما اشرق في العتمة مصباح جديد
 فالى مصباحنا الجديد محمد عساف.. لقد اكتنزت في حنجرتك الذهبية سر فلسطين، فكنت صوتنا بصفتك صوتها، ولهذا كان من الطبيعي ان يكون صوتنا لك.. وهي مناسبة لألقي بوردة التضامن الحميمة الى والديك اللذين كانا، وهما يحضنانك، انما يحضنان فرحنا وزهونا بك، فلتعش لهما، كما لفلسطين كلها..
قد يعلق متمحك بأن في هذا الكلام بعض الغلوّ، وقد يتساءل هذا المتمحك عما اذا لم يكن لدينا من الموضوعات الا محمد عساف، وعلى مثل هذا المسكين نرد بأن شجرة الحياة الخضراء تتسع لمختلف الأزهار والغصون والمناسبات. فنحن نفرح لأننا نستعيد بذلك ما حرمنا منه طويلا، ونتطلع الى هذه القامة الشابة بوصفها موعدا مع آمال لا تنتهي.. فالى الأمام يا محمد عساف.. ونحن على الطريق تغبطنا الوعود والآمال الكبيرة.



 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024