استشهد والدها بقصف اسرائيلي ..... أفنان: ماما.. ما شفتيش بابا اليوم ؟؟
غزة- رشا بركة
قطعت طائرات الاحتلال الإسرائيلي أجواء رمضان لدى عائلة الشاب أشرف عزام، ليكون صوت الصاروخ الذي أطلقته عليه هو المسحراتي الذي أيقظ الزوجة والأطفال على يوم من الألم والعويل والصراخ، وقطع مناسك العمرة لوالديه.
ولم يكن والدا الشاب عزام يعلمان أن لحظة وداعه لهما أثناء مغادرتهما قطاع غزة إلى أداء العمرة في الأراضي الحجازية، هي لحظة الوداع الأخيرة له أيضا.
واستشهد الشاب أشرف (30 عاما) الخميس متأثرا بجراحه التي أصيب بها الاثنين الماضي في قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين شرق حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
رمضان تحول لمأساة
بدرية عزام (63 عاما) والدة الشهيد قالت إنها اضطرت لقطع رحلة العمرة والعودة إلى غزة هي ووالده بعد سماعهما نبأ اصابة ابنها: "ودعنا قبل أن نخرج للعمرة ولم يترك شيئاً إلا وفره لنا، ودعنا ولم أكن أعرف أنه يودعني للأبد".
وتتابع "لم أتحمل خبر إصابته وفي يوم واحد سهل الله طريقنا للعودة، قضيته بقلب محروق من الألم وأنا أدعوا الله أن يمنحه الحياة كي أراه وألتقي فيه، وعلى الفور توجهت إلى المستشفى لكن أشرف كان في العناية المركزة، ثم فارق الحياة دون أن يجبر قلبي ولو بنظرة".
أشرف المتزوج والأب لـ3 أطفال، عرف بطيبه وحنانه في منزله وبين جيرانه وأصحابه، أتم كل واجباته في شهر رمضان المبارك، فوصل الأرحام مبكرا، وختم القرآن الكريم، لكن بقي أجمل شيء وأهم ما كان ينتظره منه أطفاله، ألا وهو شراء ملابس العيد.
وبكلمات تسبقها الدموع والأنين تتحدث زوجته رمزية (22 عاما) لـ "صفا" عن رمضان الذي تحول لمأساة، قائلة: "كل مرة كان يخرج ويقول لي راجع إن شاء الله، لكنه خرج هذه المرة دون أن يرجع".
وتتابع "أتممنا زيارة كل الأقارب مبكرا، وكأنه كان يعلم بأنه سيرحل، واختتم المصحف مرة ووصل للجزء الـ23 في الختمة الثانية لكنه استشهد قبل أن يكمل، وكان يحضر السحور بنفسه ويوقظني لتناوله لأني كنت أتعب كثيرا من رعاية البنات طوال النهار".
وتشير إلى أنها افتقدته ليلة اصابته أثناء السحور، فلم يوقظها كالعادة وإنما أيقظها صوت القصف الذي لم تكن تعرف أنه سيكون مستهدفا فيه.
وكان الشهيد قد نجا قبل ذلك من قصف للاحتلال، وقد استشهد شقيقه الأكبر ماهر أثناء الحرب على غزة.
رحل متعجلا
وكان من عادة الشهيد منذ بداية شهر رمضان أن يجالس أهله، لكنه يوم استشهاده أفادهم بأنه متعجل ولا يستطيع أن يجلس معهم. كما تقول الزوجة.
وتتابع "لم أراقبه وهو يغادر البيت ككل مرة خوفا عليه، لكن ظني بأن يعود خاب، وترك لي جنان ونسمة وأفنان يصرخن ولا يتوقفن عن السؤال عنه".
"ماما.. ما شفتيش بابا اليوم..؟" كان ذلك سؤال الطفلة أفنان (3 سنوات) خلال حديثنا مع والدتها في بيت العزاء، حينها انهارت الأم ولم تعد تقوى على إكمال حديثها إلا بالتنهد والبكاء الشديد الذي أصبح حال الجميع حينها.
تقول بحرقة: "كل لحظة تسألني عن والدها وحينما رأت خيمة عزائه أخذت تنادي وتقول لي هذه حفلة بابا، فهي وأخوتها متعلقين به أكثر مني".
وتوضح أنه كان ينوي شراء ملابس العيد لبناته الثلاثة هذا الأسبوع، فكان ينتظر الراتب يوم الأحد، وها هو الأحد قد جاء دون أشرف".
وتستدرك حديثها "لكني سأشتري لأفنان وأخوتها لبس العيد وسأفعل كل ما كان يريده حتى يرتاح في قبره".