آثار أم أطلال: السياحة في ظل العجز والاحتلال
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ديما الحج يوسف
يعود تاريخ آثار مدينة نابلس إلى أكثر من 5600 عام، ولا يوجد بها متحف واحد يخلد ماضيها أو موقع أثري واضح الملامح نستطيع من خلاله القول باهتمامنا بآثار بلدنا واثبات وجودنا على هذه الأرض. وبين الآثار والأطلال ستسمع في البلدة القديمة في نابلس أصوات البائعين من كل صوب، ولكنك لن تجد إلا ما ندر بسطة لبيع القطع السياحية التراثية.
مازن النمر أحد ساكني قصر النمر الذي يعود للقرن السابع عشر للميلاد في حارة الحبلة لبانيه عبد الله باشا، يقول إن القصر كان متحفاً ثم تمت سرقته خلال الانتفاضة الأولى من قبل الإحتلال الإسرائيلي، ومرة ثانية من لصوص آثار فلسطينيين، مثله مثل متحف القصبة أسفل مدرسة ظافر المصري للبنات، الذي تمت سرقة آثاره في الانتفاضة الأولى من قبل الطرفين أيضا، ليصبح متحف نفايات وبعض القطع الحجرية الضخمة المتكدسة التي تعلوها رائحة العفن.
من جهته يعزي أحد موظفي بلدية نابلس أسباب ضعف السياحة في نابلس إلى الاحتلال الاسرائيلي وحيازته على بعض المواقع الأثرية مثل سبسطية، والعوائق التي يشكلها الاحتلال أمام السياحة، ففي سنوات الانتفاضة الأخيرة 2000-2010 كان يمنع السياح من الدخول إلى نابلس.
ويضيف الموظف بأن بلدية نابلس بصفتها الواجهة الرئيسية للمدينة، تقوم بجمع التمويل لمشاريع الترميم لبعض المواقع التاريخية وإعادة تأهيلها، والحفاظ عليها وتشغيلها، وتمنع البلدية، حسب قوله، العبث فيها والبناء فوقها، ويشدد بشأن البيوت السكنية المحاذية لتل بلاطة والتي تم بناؤها أثناء الانتفاضة، حيث لا تعطى التراخيص من قبل البلدية أو دائرة الآثار للبناء فوقها. مع العلم أن البيوت هناك قد بنيت فوق المقبرة الملكية الرومانية، مانعة الحفريات الأثرية من استكمال عملها؛ بسبب تغطية الأبنية الجديدة لمناطق امتداد المقبرة باتجاه الشمال.
في المقابل يرى رئيس قسم السياحة والآثار في جامعة النجاح الدكتور مازن الرسمي، بأن قطاع السياحة راكد وجامد لغياب الوعي بأهمية السياحة والآثار كثروة قومية ووطنية، والافتقار للخطط الإستراتيجية للسلطة ووزارة السياحة لوضع الأولويات للاهتمام بهذا الجانب.
ويأسف محاضر جامعة النجاح من تقصير وزارة السياحة وعدم استيعاب الكوادر المتخصصة، وذلك لاكتفائها بما لديها، معتبرا بأن غالبية الموظفين في القطاع السياحي غير مختصين بهذا الجانب لذا يقول ”بأن فاقد الشيء لا يعطيه“، ويضيف بأن الدراسات والأبحاث لديهم لا تستند إلى أرضية علمية حقيقية مما يؤدي إلى الانعكاس على التخطيط المستقبلي من أجل الاستثمار والنهوض بالسياحة.
ويحمل الدكتور مازن الإعلام مسؤولية نشر التوعية وتطبيقها على أرض الواقع دون الإكتفاء بالمناسبات الوطنية، لتوعية المواطن لترويج فلسطين حضاريا وتاريخيا.
ويختتم الرسمي مطالبا السلطة الفلسطينية بإدخال مساقات دراسية لتوعية التراثية والتاريخية، وأن يشرف على تدريسها مختص بمجال الآثار، ووضع سياسات رادعة لحماية المواقع الأثرية وذلك يعود لعدم وجود قانون رادع ”حيث يعاقب من يسرق الآثار حسب المادة 46 رقم (5) ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪﺓ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺑﻐﺮﺍﻣﺔ ﻣﻦ 20 ﺩﻳﻨﺎﺭﺍً ﺇﻟﻰ 200 ﺩﻳﻨﺎﺭ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﻟﺤﺒﺲ ﻋﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﻋﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭﺍً ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﺨﻔﻔﺔ ﺗقدﻳرﻳﺔ“.
من جهته يتحدث رئيس قسم دائرة الآثار في مدينة نابلس محمود البيراوي عن آثار مدينة نابلس مثل المسرح والمدرج الروماني، والمقبرة الرومانية، بير يعقوب قبر النبي يوسف وسبسطية، و الكثير من المقامات والأضرحة والزوايا والحمامات، وقصور وصبانات والحارات قديمة وعيون وسبل للماء.
وعلى الرغم من محاولة إعادة وضع تل بلاطة على الخارطة السياحية، إلا وأنها غير مهيأة رسميا لاستقبال السياح بالرغم من وفود خمسة آلاف سائح على المدينة العام الماضي حسب قول رئيس قسم الآثار.
ويعزي البيراوي أسباب ضعف السياحة إلى عجز في الميزانية مع الاعتماد الكبير على تمويل الدول المانحة، لهذا تعجز عن توظيف الخريجين الجدد، ويرجع البيراوي سبب وضع المسرح الروماني المتردي إلى استخدام المواطنين الحجارة في بناء بيوتهم وقلة وعي الناس بأهمية الآثار، ونوه بأن الوزارة سوف تقوم بعمل منشورات عن المناطق السياحية.
ويأسف محمود البيراوي لعدم توفر أدلاء سياحيين في نابلس، وتدني رواتب موظفي قطاع السياحة والآثار، والعوائق التي يشكلها الاحتلال الإسرائيلي أمام السياحة والآثار، مختتما حديثه حول صعوبة مجاراة الاحتلال الإسرائيلي في ظل الوضع الحالي بين عجز الموازنة والإحتلال.
لماذا تحتل ”إسرائيل“ مراتب عليا في السياحة، حيث وفد 3.5 مليون سائح لها عام 2012؟“، هل ما يحدث هو تطبيق لمقولة جولدا مائير: ”ليس هناك من شعب فلسطيني.. وليس الأمر كما لو أننا جئنا لنطردهم من ديارهم والاستيلاء على بلادهم، إنهم لا وجود لهم“، ولماذا تسمع الكثير يقول سنفعل، ولن نتوانى، سنتلافى، نشجب، ونندد، لوصف المآسي التي لا يجدون لها جوابا حول ”ما الذي قمنا به وما هي الخطة الإستراتيجية بالتحديد؟“.
و متى سيقف الجميع وقفة جادة تجاه ظاهرة إهمال قطاع السياحة والآثار، وتضخم بطالة خريجي قسم الآثار المنبوذين، علنا نحتفي بعلمائنا كما احتفل محرك البحث جوجل بالذكرى المائة لميلاد عالمة الآثار والانثروبولوجيا البريطانية ماري ليكي.
* هذا التقرير أنجز بالتعاون مع وكالة شباب ميديا الجامعية.
عن شبكة قدس
zaديما الحج يوسف
يعود تاريخ آثار مدينة نابلس إلى أكثر من 5600 عام، ولا يوجد بها متحف واحد يخلد ماضيها أو موقع أثري واضح الملامح نستطيع من خلاله القول باهتمامنا بآثار بلدنا واثبات وجودنا على هذه الأرض. وبين الآثار والأطلال ستسمع في البلدة القديمة في نابلس أصوات البائعين من كل صوب، ولكنك لن تجد إلا ما ندر بسطة لبيع القطع السياحية التراثية.
مازن النمر أحد ساكني قصر النمر الذي يعود للقرن السابع عشر للميلاد في حارة الحبلة لبانيه عبد الله باشا، يقول إن القصر كان متحفاً ثم تمت سرقته خلال الانتفاضة الأولى من قبل الإحتلال الإسرائيلي، ومرة ثانية من لصوص آثار فلسطينيين، مثله مثل متحف القصبة أسفل مدرسة ظافر المصري للبنات، الذي تمت سرقة آثاره في الانتفاضة الأولى من قبل الطرفين أيضا، ليصبح متحف نفايات وبعض القطع الحجرية الضخمة المتكدسة التي تعلوها رائحة العفن.
من جهته يعزي أحد موظفي بلدية نابلس أسباب ضعف السياحة في نابلس إلى الاحتلال الاسرائيلي وحيازته على بعض المواقع الأثرية مثل سبسطية، والعوائق التي يشكلها الاحتلال أمام السياحة، ففي سنوات الانتفاضة الأخيرة 2000-2010 كان يمنع السياح من الدخول إلى نابلس.
ويضيف الموظف بأن بلدية نابلس بصفتها الواجهة الرئيسية للمدينة، تقوم بجمع التمويل لمشاريع الترميم لبعض المواقع التاريخية وإعادة تأهيلها، والحفاظ عليها وتشغيلها، وتمنع البلدية، حسب قوله، العبث فيها والبناء فوقها، ويشدد بشأن البيوت السكنية المحاذية لتل بلاطة والتي تم بناؤها أثناء الانتفاضة، حيث لا تعطى التراخيص من قبل البلدية أو دائرة الآثار للبناء فوقها. مع العلم أن البيوت هناك قد بنيت فوق المقبرة الملكية الرومانية، مانعة الحفريات الأثرية من استكمال عملها؛ بسبب تغطية الأبنية الجديدة لمناطق امتداد المقبرة باتجاه الشمال.
في المقابل يرى رئيس قسم السياحة والآثار في جامعة النجاح الدكتور مازن الرسمي، بأن قطاع السياحة راكد وجامد لغياب الوعي بأهمية السياحة والآثار كثروة قومية ووطنية، والافتقار للخطط الإستراتيجية للسلطة ووزارة السياحة لوضع الأولويات للاهتمام بهذا الجانب.
ويأسف محاضر جامعة النجاح من تقصير وزارة السياحة وعدم استيعاب الكوادر المتخصصة، وذلك لاكتفائها بما لديها، معتبرا بأن غالبية الموظفين في القطاع السياحي غير مختصين بهذا الجانب لذا يقول ”بأن فاقد الشيء لا يعطيه“، ويضيف بأن الدراسات والأبحاث لديهم لا تستند إلى أرضية علمية حقيقية مما يؤدي إلى الانعكاس على التخطيط المستقبلي من أجل الاستثمار والنهوض بالسياحة.
ويحمل الدكتور مازن الإعلام مسؤولية نشر التوعية وتطبيقها على أرض الواقع دون الإكتفاء بالمناسبات الوطنية، لتوعية المواطن لترويج فلسطين حضاريا وتاريخيا.
ويختتم الرسمي مطالبا السلطة الفلسطينية بإدخال مساقات دراسية لتوعية التراثية والتاريخية، وأن يشرف على تدريسها مختص بمجال الآثار، ووضع سياسات رادعة لحماية المواقع الأثرية وذلك يعود لعدم وجود قانون رادع ”حيث يعاقب من يسرق الآثار حسب المادة 46 رقم (5) ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪﺓ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺑﻐﺮﺍﻣﺔ ﻣﻦ 20 ﺩﻳﻨﺎﺭﺍً ﺇﻟﻰ 200 ﺩﻳﻨﺎﺭ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﻟﺤﺒﺲ ﻋﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﻋﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭﺍً ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﺨﻔﻔﺔ ﺗقدﻳرﻳﺔ“.
من جهته يتحدث رئيس قسم دائرة الآثار في مدينة نابلس محمود البيراوي عن آثار مدينة نابلس مثل المسرح والمدرج الروماني، والمقبرة الرومانية، بير يعقوب قبر النبي يوسف وسبسطية، و الكثير من المقامات والأضرحة والزوايا والحمامات، وقصور وصبانات والحارات قديمة وعيون وسبل للماء.
وعلى الرغم من محاولة إعادة وضع تل بلاطة على الخارطة السياحية، إلا وأنها غير مهيأة رسميا لاستقبال السياح بالرغم من وفود خمسة آلاف سائح على المدينة العام الماضي حسب قول رئيس قسم الآثار.
ويعزي البيراوي أسباب ضعف السياحة إلى عجز في الميزانية مع الاعتماد الكبير على تمويل الدول المانحة، لهذا تعجز عن توظيف الخريجين الجدد، ويرجع البيراوي سبب وضع المسرح الروماني المتردي إلى استخدام المواطنين الحجارة في بناء بيوتهم وقلة وعي الناس بأهمية الآثار، ونوه بأن الوزارة سوف تقوم بعمل منشورات عن المناطق السياحية.
ويأسف محمود البيراوي لعدم توفر أدلاء سياحيين في نابلس، وتدني رواتب موظفي قطاع السياحة والآثار، والعوائق التي يشكلها الاحتلال الإسرائيلي أمام السياحة والآثار، مختتما حديثه حول صعوبة مجاراة الاحتلال الإسرائيلي في ظل الوضع الحالي بين عجز الموازنة والإحتلال.
لماذا تحتل ”إسرائيل“ مراتب عليا في السياحة، حيث وفد 3.5 مليون سائح لها عام 2012؟“، هل ما يحدث هو تطبيق لمقولة جولدا مائير: ”ليس هناك من شعب فلسطيني.. وليس الأمر كما لو أننا جئنا لنطردهم من ديارهم والاستيلاء على بلادهم، إنهم لا وجود لهم“، ولماذا تسمع الكثير يقول سنفعل، ولن نتوانى، سنتلافى، نشجب، ونندد، لوصف المآسي التي لا يجدون لها جوابا حول ”ما الذي قمنا به وما هي الخطة الإستراتيجية بالتحديد؟“.
و متى سيقف الجميع وقفة جادة تجاه ظاهرة إهمال قطاع السياحة والآثار، وتضخم بطالة خريجي قسم الآثار المنبوذين، علنا نحتفي بعلمائنا كما احتفل محرك البحث جوجل بالذكرى المائة لميلاد عالمة الآثار والانثروبولوجيا البريطانية ماري ليكي.
* هذا التقرير أنجز بالتعاون مع وكالة شباب ميديا الجامعية.
عن شبكة قدس