الإعلامية أبو صاع: استطعت أن أفعل ما لم يفعله طوال القامة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نهيل أبو غيث
قد يفاجئك طولها الذي لم يتجاوز الـ ( 120) سم، ولكن سرعان ما تجدها تفوقك ذكاء ومرحاً وفطنة وثقة وتحدثك بثقافة وتواضع وكأنها تعرفك منذ زمن.
سيرين سامي توفيق أبو صاع، ابنة قرية دير الغصون قضاء طولكرم, كان الخطأ الطبي قدرها عام 1985، عندما كانت برحم أمها، إذ لم يدرك الأطباء حينها التجمع الكبير للمياه في المشيمة، ما أدى إلى الضغط على الجنين وإيقاف عملية نمو الهرمونات في جسده، فاعتقد الأطباء حينها أن حجم الجنين كبير.
رحلة علاج
الطفلة الخامسة في العائلة، سيرين، هي تجربة الإصابة الوحيدة والجديدة على عائلتها، حاولت علاجها بالمشافي الإسرائيلية ولكن صعوبة التنقل والإغلاقات بسبب الانتفاضة الأولى حالت دون ذلك.
ولاحقا، تمكنت أم سامر (رحمها الله) والدة سيرين أن تصل بطفلتها لبروفيسور إسرائيلي مختص، والذي عاينها فيقول: "ابنتك ستبقى قصيرة القامة ولن يتجاوز طولها ارتفاع (الطاولة)، لكنها ستكون أكثر ذكاء مني ومنك، ولديها قدرة على السير أكثر مني ومنك".
وعندما سمعت الأم ذلك اطمأن قلبها على مستقبل ابنتها.
طفولة سعيدة
لم تتأثر طفولتها وعلاقتها بأقرانها بسبب قصر قامتها، على العكس تماما، حصلت على الحب والثقة والصداقة.
وتصف سيرين طفولتها لـ"نوى" فتقول: "طفولتي كانت طفولة جميلة جدا، حالمة جدا، وتطلعاتها تبلغ حدود السماء".
علاقتها بعائلتها كانت قوية، هي الأقرب لهم جميعا، وحلقة الوصل بينهم، يعاملونها باهتمام خاص ليس فقط لأنها تعاني من قصر القامة وإنما أيضا لذكائها ومرحها وتفهمها والمحبة التي تبثها بينهم.
وعن علاقتها بصديقاتها تقول سيرين: "صديقاتي عاملوني بالمثل، حيث أني المقربة لهن جميعا، وكنت الحاملة لأسرارهن، وحلالة مشاكلهن، ودائما ما يلجأون لي في المواقف التي تحتاج لوقفة حقيقية وقرارات مصيرية".
دراسة وتفوق
تخطت سيرين المرحلة الابتدائية والإعدادية في العديد من المدارس في قريتها، وأكملت دراستها الثانوية في مدرسة دير الغصون الثانوية للبنات، لتحصد معدل (91.1) في الثانوية العامة بالفرع العلمي.
واختارت تخصص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بعد أن تم منحها منحة كاملة لإتمام دراستها الجامعية في جامعة القدس المفتوحة، من قبل العميد الراحل عز الدين الشريف، الذي كان حينها محافظا لمحافظة طولكرم.
لم تكن تجربتها في الجامعة تحمل من حرج أو مضايقات لقصر قامتها، على العكس تماما كانت مميزة بخلقها وتفوقها.
رحلة تحدٍ وعمل
تسرد سيرين لـ "شبكة نوى" الرحلة التي خاضتها لشق طريقها في الحياة المهنية: "في البداية أنشات مشروع خاص في عام (2009) وكان عبارة عن مجلة إعلانية بعنوان الوسيط، وذلك قبل ظهور مجلة الوسيط الرائجة حاليا، ومن ثم قمت بتغيير اسم المجلة إلى سيبال.
أرهقتها المجلة كثيرا للمسؤوليات الجسام فيها، ولكنها ساعدت في اكتشاف إبداعات سيرين، فقامت الوسائل الإعلامية بالاتصال بها للعمل معها وغيرها من الجهات، ومنهم اللواء عدنان الضميري الذي عرض عليها العمل في الإذاعه الخاصة أمان في طولكرم، عام (2010) وهي ملك لابنه، وتقول سيرين:
"شجعني اللواء الضميري وكان صاحب الفضل بأن أنطلق في هذا مجال، ومنذ ذاك الوقت وأنا أعد وأقدم البرامج في الإذاعة".
السر في الثقة بالنفس
"أنا لا أختلف عن الآخرين بأي شيء وبحمد الله" تقول سيرين، وتكمل بكل ثقة: "بفترة زمنية قصيرة استطعت أن أفعل ما لم يستطع الكثير من طوال القامة فعله".
وتضيف أبو صاع: "انا مؤمنة جدا بنفسي وبقدراتي وبأن الله عوضني بعقل وتفكير يختلف عن الآخرين، ولا أجعل من أي عقبة في هذه الحياة بأن تكون حائلا بيني وبين تحقيق ذاتي".
نصيحة سيرين
أقول لكل من يعتبر نفسه مختلفا بطريقة سلبية عن الغير، بأن ينطلق في هذه الحياة باحثا عن ذاته من الداخل، لأني مؤمنة بأنه بداخل كل شخص فينا إبداع وطموحات كبيرة لا يحده حدود، ولكن يجب أن نبحث بداخلنا عن هذه البذرة ننميها، وألا نخجل من إطلاقها، وألا ندع عجزنا ونظرة المجتمع لنا من قتل هذا الطموح والإبداع.
وتقول أبو صاع لكل من شكك بقدرتها على تحقيق النجاح: "ما فعلته سيرين قصيرة القامة بثلاث سنوات، لم يستطع الأصحاء وطوال القامة أن يفعلوه في ثلاثين سنة، وذلك بفضل إيماني بذاتي ودعم أهلي وزملائي في العمل وكل من هو حولي".
سيرين إلى أين، آمال – طموحات – أهداف
تشير سيرين إلى أنها لم تحقق طموحها بعد، ولم تصل إلا لـ 1% مما تطمح وتحلم بأن تصل له، فلا حدود لأحلامها وطموحاتها، فأحلامها بدايتها الأرض ونهايتها السماء.
سيرين أبو صاع إنسانة لم تدع للعقبات مجالا بأن تقف عائقا في طريقها، إذ أصبحت الإعلامية مقدمة البرامج، ولها مستمعيها ومتابعيها، ويفخر بها كل من عرفها.
عن نوى