مدينة من حلوى
أجواء رمضان في البلدة القديمة- ايمن نوباني
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
جميل ضبابات
الوصول إلى البلدة القديمة من نابلس، يستدعي صبرا في زحمة المرور، والزقاق الملتوي....لكن بدون ذلك يبقى جزء من رمضان غير مرئي في المدينة التاريخية.
سائح غربي يبالغ في تهذيبه لالتقاط صور لباعة الحلويات، أطفال يتثاءبون كسلا وهم يجرون عربات صغيرة، مشترون يهرعون بسرعة لشراء الخضروات.
وأشياء أخرى هامشية، مثل أدوات البناء تعرض في نهار رمضاني.
ونابلس، دمشق الصغرى، تبقى المدينة الفلسطينية التي تحتفظ بتاريخ عميق لتراث رمضاني يمتد من صناعة الحلوى التقليدية، إلى صناعة العصائر.
لكن عبد الرزاق التمام، صانع عجينة القطايف الشهير، لا يهتم لأي شي في الزقاق الضيق، غير عين الفرن الملتهبة التي تخبز عجيبة ما تلبث أن توضع حتى تجف نسبيا وتوضع في أكياس للمتسوقين.
البلدة القديمة التي يعود تأسيسها إلى العصور الرومانية، والمحاطة بأحياء حديثة الإنشاء، تحتفظ بتقاليد رمضانية لم تتغير رغم دخول المكننة على خطوط الإنتاج الحديث.
واقفا إلى باب محل مشرع على دفتيه يقول التمام وهو في السبعينيات من عمره، إنه يمارس العمل ذاته الذي مارسه والده وجده من قبل.
ومعروف عن نابلس أنها تمارس المهن التقليدية بالوراثة.
وقال التمام 'هي نفس القطايف التي كان أبي وجدي يخبزونها'. يهز متسوقون رؤوسهم في دلالة على الموافقة. وثمة شبان ثلاثة هم أبناء الرجل يعمل كل منهم في ركن لإتمام عملية الخبز.
ويمكن لأي زقاق داخل البلدة القديمة أن يغلق في ساعات الذروة، قبل ساعتين من موعد الإفطار. لذلك يقول مارة أنهم بالكاد يستطيعون اجتياز الزقاق من أمام محل التمام.
داخل البلدة القديمة يصعب العثور على مكان فارغ دون عرض حاجيات رمضان اليومية: الحلوى التقليدية والعصائر، عوضا على عربات الخضروات المنتشرة في أركان المدينة كلها.
على وقع صياح الباعة يمكن أن تعيش البلدة القديمة كل نهارها. لكن التمام وأبناءه الثلاثة يعملون بصمت، إنهم فقط يصبون العجين السائل في عبوات بلاستيكية ويفرغونها بخفة يد فوق الفرن المشتغل.
تبدو نابلس في رمضان مدينة من حلوى.
قال التمام 'لصناعة الحلوى سر. كل مهنة لها سر في المدينة(...) انظر إليها. انظر إلى صورة أبي على الحائط. لا بد من صورة لهذه الصورة.'.
ويقول تجار الحلويات في نابلس، إنهم يحتفظون بسر مهنتهم. فمثلا نابلس لا تكشف سر حلاوتها. لذلك كل صانع حلاوة يقول إن حلاوته هي الأفضل.
قال التمام الذي كان يشير إلى واحد من أبنائه الثلاثة كي يضع مزيدا من العجين السائل قرب الفرن ' لا نكهة لرمضان بدون القطايف. لا نكهة للحياة بدون قطايف'.
وما ينسحب على القطايف ينسحب على كل الحلويات في نابلس. فالمدينة التي تضج بالزوار من القرى والمخيمات المجاورة يأتيها زوار من كل أنحاء الضفة الغربية.
'وحتى من داخل أراضي عام 48 يأتون إلى هنا. من القدس يأتون لشراء القطايف' قال التمام الأب. ويبذل صانعو الحلويات جهودا مضنية في العمل.
وقال رائد التمام أحد الأبناء الثلاثة إنه يقف لمدة تصل 16 ساعة يوميا لخبز القطايف'. ويبدي الشاب مهارة كبيرة في سكب العجين فوق اللوح المعدني الحار.
وتظهر أقراص القطايف التي تشوى بسرعة ذات مسح دائري يميل إلى الأصفر. في الأثناء تسمع أصوات من الزقاق تطلب كميات مختلفة من العجين المشوي.
لا مكان للوقوف مساء فثمة رجال ونساء وأطفال يأتون على عجل لشراء العجين قبل تجهيز الحلوى المعروفة على نطاق واسع في الشرق الأوسط.
كانت نابلس مركزا للصناعة وتجارة الصابون، وكانت تسمى عاصمة فلسطين الاقتصادية، لكن أحداث عدة سنوات من الحصار الإسرائيلي أدى إلى تراجع صناعاتها بشكل كبيرة.
بيد أن صناعة الحلوى التقليدية لم تتوقف ولم تتأثر.
ويمكن أن يطلب أحد الزوار هدية من حلوى تقليدية لينقلها وراء البحار كهدية. قال مجدي عرفات وهو صانع الحلويات الشهيرة 'أصابع زينب' و'العوامة' إن بعض حلوياته وصلت إلى أقاصي الصين.
وأشار الرجل إلى كميات من السميد المخبوز على شكل أصابع منقعوعة بالقطر الثقيل إن الناس يأتون إلى هنا في رمضان وقد ينقلون هذه الأصابع إلى أوروبا.
وتصنع أصابع زينب لمرة واحدة فقط في رمضان في معمل عرفات الواقع وسط المدينة، لكن العوامة تبقى معظم أيام السنة. وتفوح رائحة زكية عبر الزقاق لحلويات تقليدية كثيرة.
ويتوقف متسوقون كثر لطلب الأصابع، ويطلب أحدهم كيلوغراما واحدا. وتظهر البلدة القديمة في رمضان واحة من الحلويات والعصائر التي يبدأ تصنيعها وقت الفجر حتى ساعات المساء.
ولنابلس تاريخ ديني طويل وهي ذات قدسية للمسيحيين والسامريين، لذلك يمكن أن يستفيد كل هؤلاء من أجواء رمضان. وسط الخان يمكن لعمامة كاهن سامري أن تشير إلى عمق التنوع الديني في المدينة.
مستخدما خليطا من العلم والأطعام، يعد صانع عصائر الخروب الذي ينتشر على العربات في كل المدينة. 'إنها نابلس. نابلس الجميلة' قال الرجل..'الكل يأتي إلى هنا. إلى نابلس في رمضان'.
zaجميل ضبابات
الوصول إلى البلدة القديمة من نابلس، يستدعي صبرا في زحمة المرور، والزقاق الملتوي....لكن بدون ذلك يبقى جزء من رمضان غير مرئي في المدينة التاريخية.
سائح غربي يبالغ في تهذيبه لالتقاط صور لباعة الحلويات، أطفال يتثاءبون كسلا وهم يجرون عربات صغيرة، مشترون يهرعون بسرعة لشراء الخضروات.
وأشياء أخرى هامشية، مثل أدوات البناء تعرض في نهار رمضاني.
ونابلس، دمشق الصغرى، تبقى المدينة الفلسطينية التي تحتفظ بتاريخ عميق لتراث رمضاني يمتد من صناعة الحلوى التقليدية، إلى صناعة العصائر.
لكن عبد الرزاق التمام، صانع عجينة القطايف الشهير، لا يهتم لأي شي في الزقاق الضيق، غير عين الفرن الملتهبة التي تخبز عجيبة ما تلبث أن توضع حتى تجف نسبيا وتوضع في أكياس للمتسوقين.
البلدة القديمة التي يعود تأسيسها إلى العصور الرومانية، والمحاطة بأحياء حديثة الإنشاء، تحتفظ بتقاليد رمضانية لم تتغير رغم دخول المكننة على خطوط الإنتاج الحديث.
واقفا إلى باب محل مشرع على دفتيه يقول التمام وهو في السبعينيات من عمره، إنه يمارس العمل ذاته الذي مارسه والده وجده من قبل.
ومعروف عن نابلس أنها تمارس المهن التقليدية بالوراثة.
وقال التمام 'هي نفس القطايف التي كان أبي وجدي يخبزونها'. يهز متسوقون رؤوسهم في دلالة على الموافقة. وثمة شبان ثلاثة هم أبناء الرجل يعمل كل منهم في ركن لإتمام عملية الخبز.
ويمكن لأي زقاق داخل البلدة القديمة أن يغلق في ساعات الذروة، قبل ساعتين من موعد الإفطار. لذلك يقول مارة أنهم بالكاد يستطيعون اجتياز الزقاق من أمام محل التمام.
داخل البلدة القديمة يصعب العثور على مكان فارغ دون عرض حاجيات رمضان اليومية: الحلوى التقليدية والعصائر، عوضا على عربات الخضروات المنتشرة في أركان المدينة كلها.
على وقع صياح الباعة يمكن أن تعيش البلدة القديمة كل نهارها. لكن التمام وأبناءه الثلاثة يعملون بصمت، إنهم فقط يصبون العجين السائل في عبوات بلاستيكية ويفرغونها بخفة يد فوق الفرن المشتغل.
تبدو نابلس في رمضان مدينة من حلوى.
قال التمام 'لصناعة الحلوى سر. كل مهنة لها سر في المدينة(...) انظر إليها. انظر إلى صورة أبي على الحائط. لا بد من صورة لهذه الصورة.'.
ويقول تجار الحلويات في نابلس، إنهم يحتفظون بسر مهنتهم. فمثلا نابلس لا تكشف سر حلاوتها. لذلك كل صانع حلاوة يقول إن حلاوته هي الأفضل.
قال التمام الذي كان يشير إلى واحد من أبنائه الثلاثة كي يضع مزيدا من العجين السائل قرب الفرن ' لا نكهة لرمضان بدون القطايف. لا نكهة للحياة بدون قطايف'.
وما ينسحب على القطايف ينسحب على كل الحلويات في نابلس. فالمدينة التي تضج بالزوار من القرى والمخيمات المجاورة يأتيها زوار من كل أنحاء الضفة الغربية.
'وحتى من داخل أراضي عام 48 يأتون إلى هنا. من القدس يأتون لشراء القطايف' قال التمام الأب. ويبذل صانعو الحلويات جهودا مضنية في العمل.
وقال رائد التمام أحد الأبناء الثلاثة إنه يقف لمدة تصل 16 ساعة يوميا لخبز القطايف'. ويبدي الشاب مهارة كبيرة في سكب العجين فوق اللوح المعدني الحار.
وتظهر أقراص القطايف التي تشوى بسرعة ذات مسح دائري يميل إلى الأصفر. في الأثناء تسمع أصوات من الزقاق تطلب كميات مختلفة من العجين المشوي.
لا مكان للوقوف مساء فثمة رجال ونساء وأطفال يأتون على عجل لشراء العجين قبل تجهيز الحلوى المعروفة على نطاق واسع في الشرق الأوسط.
كانت نابلس مركزا للصناعة وتجارة الصابون، وكانت تسمى عاصمة فلسطين الاقتصادية، لكن أحداث عدة سنوات من الحصار الإسرائيلي أدى إلى تراجع صناعاتها بشكل كبيرة.
بيد أن صناعة الحلوى التقليدية لم تتوقف ولم تتأثر.
ويمكن أن يطلب أحد الزوار هدية من حلوى تقليدية لينقلها وراء البحار كهدية. قال مجدي عرفات وهو صانع الحلويات الشهيرة 'أصابع زينب' و'العوامة' إن بعض حلوياته وصلت إلى أقاصي الصين.
وأشار الرجل إلى كميات من السميد المخبوز على شكل أصابع منقعوعة بالقطر الثقيل إن الناس يأتون إلى هنا في رمضان وقد ينقلون هذه الأصابع إلى أوروبا.
وتصنع أصابع زينب لمرة واحدة فقط في رمضان في معمل عرفات الواقع وسط المدينة، لكن العوامة تبقى معظم أيام السنة. وتفوح رائحة زكية عبر الزقاق لحلويات تقليدية كثيرة.
ويتوقف متسوقون كثر لطلب الأصابع، ويطلب أحدهم كيلوغراما واحدا. وتظهر البلدة القديمة في رمضان واحة من الحلويات والعصائر التي يبدأ تصنيعها وقت الفجر حتى ساعات المساء.
ولنابلس تاريخ ديني طويل وهي ذات قدسية للمسيحيين والسامريين، لذلك يمكن أن يستفيد كل هؤلاء من أجواء رمضان. وسط الخان يمكن لعمامة كاهن سامري أن تشير إلى عمق التنوع الديني في المدينة.
مستخدما خليطا من العلم والأطعام، يعد صانع عصائر الخروب الذي ينتشر على العربات في كل المدينة. 'إنها نابلس. نابلس الجميلة' قال الرجل..'الكل يأتي إلى هنا. إلى نابلس في رمضان'.