"قصر الحمراء" يختزن بذاكرته العصر الذهبي لمدينة رام الله
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نزل فيه الملك عبدالله وصدح صوت المطربة أسمهان بأروقته
ملكي سليمان - الكثيرون يسمعون عن "قصر الحمراء" في مدينة رام الله المحاذي لمقر الرئاسة بشارع الارسال, غير ان القليل منهم يعرف ما "تخزنه" وما شهدته أروقة وغرف هذا القصر التاريخي الرائع في جماله وهندسته الذي بدأ اصحابه بتشييده عام 1910، وأصبح جاهزا لاستقبال النزلاء عام 1926، فقد أقام به الملك عبد الله بن الحسين الأول عام 1945 برفقة عدد من الأمراء منهم توفيق باشا، وحلق صوت المطربة المصرية أسمهان بأروقته ومطربة عراقية اسمها سهام رفقي كانت مشهورة في ذلك الزمان.
وحول الفندق خلال أيام حرب عام 1967 الى مستشفى ميداني لاسعاف الجرحى نظرا لقربه من مقر الجيش الأردني "المقاطعة" الآن, لذا يعد من أهم معالم رام الله التاريخية ولا يوجد قصر مشابه له في فلسطين سوى قصر جاسر في مدينة بيت لحم الذي يسمى الآن فندق انتركونتننتال.
وسمي قصر الحمراء تيمنا بقصر الحمراء في غرناطة بالأندلس، والقصر مقام على مساحة 3,5 دونم, وتحيط به أشجار الصنوبر التي يزيد عمرها عن 100 عام.
مستأجر من عائلة الباتح
رجل الأعمال الفرد حبش كشك "93 عاما" رئيس مجلس ادارة شركة مصايف رام الله ومديرها العام قال لـ "حياة وسوق": هذا القصر "الاوتيل" تعود ملكيته الى عيسى عبد الله من عائلة الباتح التي تعيش في اميركا منذ سنوات طويلة ومستأجر من قبل شركة مصايف رام الله منذ اوائل الخمسينيات وحتى الآن، حيث عملت الشركة على ترميمه واعادة تأهيله دون التأثير على طابعه الجمالي من حجارة البناء والشبابيك والأبواب والبلاط الذي هو من انتاج مصنع بلاط يسمى "هوكو الألماني" في مدينة يافا، وكافة مكوناته ليبقى معلما تاريخيا وحضاريا على مر الزمان علما بأن حجارته لم تتأثر بالتقلبات الجوية, مشيرا الى ان القصر لم يشيد مرحلة واحدة لذا استغرق العمل به 16 عاما الى أصبح جاهزا للسكن.
منتجع للمصطافين العرب
واضاف ان مدينة رام الله معروفة منذ القدم بمناخها الرائع وجمال طبيعتها، لذا كانت قبلة المصطافين من كافة مدن الساحل الفلسطيني من عكا ويافا والرملة واللد عندما تشتد درجات الحرارة في فصل الصيف، كما قصدها العديد من رجال السياسة والمطربين المشهورين آنذاك حيث أقام فيه الأمير عبد الله الأول الذي اصبح ملكا على الأردن فيما بعد في غرفة رقم 7 التي تطل من بلكونتها على شارع الارسال، والقى خطبة بالناس منها في احدى المناسبات، وكان هذا في بداية الخمسينيات وكان يأتي معه عدد من القادة العسكريين والسياسيين والأمراء.
وتابع كشك: المطربة المصرية أسمهان والمطربة العراقية سهام رفيقي احيتا عدة سهرات في فناء القصر، وخلال فترة الحكم الأردني للضفة سيطر الجيش الأردني على القصر وحوله الى مشفى ميداني لاستقبال الجنود الجرحى خلال حرب عام 1948، وعندما انتهت الحرب اخلي وعاد لاستقبال النزلاء من جديد.
الاغلاق القسري في الحروب
وقال كشك: بعد عام 1965 بدأ الاخوة من دول الخليج العربي خاصة من الكويت الاقامة فيه للاستجمام والراحة خلال فصل الصيف، كما انه كان المكان المفضل لقضاء شهر العسل منذ سنوات وحتى يومنا هذا، وكانوا الناس يأتون اليه من الشمال والداخل، كما عقد فيه مؤتمر المحامين العرب الذين قدموا من غزة ومصر والأردن وبعض البلدان العربية الاخرى, وخلال حرب عام 1967 واحتلال الضفة الغربية من قبل اسرائيل تعرض القصر للمداهمة والتفتيش ومصادرة محتوياته, وفي سنوات الانتفاضة الاولى عام 1987 وقيام اسرائيل باغلاق جامعة بيرزيت لفترات طويلة تحول القصر الى سكن للطالبات وعقد المحاضرات. وشهد القصر بعد عام 1994 العديد من الفعاليات الثقافية والمهرجانات والاجتماعات والمؤتمرات، وغنت فيه الفنانة سناء موسى، كما نظمت فيه عروض أزياء وحفلات فنية.
وفي الانتفاضة الثانية عام 2000 وتعرض رام الله للاجتياح أغلق القصر لفترة من الوقت وبعدها استردت الشركة القصر من جامعة بيرزيت وأعادت تأهيله من جديد.
النشاط السياحي شبه معدوم
لكن الحركة السياحية هذا العام تشهد ركودا اقتصاديا لم تشهده منذ سنوات طويلة, والآن اكثر النزلاء في القصر من الأجانب المقيمين في البلاد، بالاضافة الى ان بعض المؤسسات تعقد العديد من الورشات فيه، علما ان مدينة رام الله تفتقر الى السياحة الدينية ولا يوجد فيها اماكن سياحية دينية مقارنة بمدينة البيرة التي فيها العديد من المواقع الأثرية المسيحية والاسلامية.
من ذاكرة الماضي
ويحاول كشك ان يسترجع بذاكرته سنوات طويلة قائلا انه من مواليد عام 1928 في مدينة الرملة وأصله من اللد, ولجأ الى رام الله مع أسرته بعد حرب عام 1948 ويحمل شهادة الاقتصاد من الجامعة الامريكية في بيروت عام 1950, وكان يسافر من مدينة الرملة الى بيروت بالسيارة عبر الطريق البري ويستغرق السفر أكثر من اربع ساعات, وبعد عام 1948 أصبح يسافر عبر مطار قلنديا الى بيروت وغيرها من البلدان, وكان والده يعمل في مجال صياغة الذهب وصرافة العملات منذ عام 1917 وتولى ادارة الأعمال بعد وفاة والده وحتى يومنا هذا يعمل في هذه المهنة اضافة الى توليه ادارة شركة المصايف التي تشرف على فندق قصر الحمراء بالاضافة الى فندق ماونت سكوبيس في مدينة القدس ومركز دنيا التجاري برام الله, وعاصر معظم الأحداث والمناسبات التي شهدها القصر خاصة انه كان عام 1967 عضوا في المجلس البلدي للمدينة، ويتذكر ايضا عندما اتخذ الحاكم العسكري الاسرائيلي فندق عودة وهو تاريخي ايضا مقرا مؤقتا له وطلب منا في البلدية اعادة تشغيل شبكتي المياه والكهرباء لخدمة السكان.