عشر سنوات على ابعادهم.... بين الذكريات ومعاناة الغربة والشتات انتعاش الامل بالعودة بعد توقيع اتفاق المصالحة
جنين-تقرير-علي سمودي–انعش اتفاق المصالحة امال مبعدي كنيسة المهد بالعودة لعائلاتهم ومنازلهم التي ابعدوا عنها خاصة وانها تتزامن مع الذكرى العاشرة لابعادهم بعد حصار استمر لأربعين يوما للكنيسة والتي تصادف غدا الثلاثاء .وقال الناطق باسم مبعدي قطاع غزة فهمي كنعان (41 عاما ) : اننا" نعتبر المصالحة بشرى ورسالة امل لانهاء معاناتنا وتحقيق املنا بالعودة وكسر الجمود والقيود والمعايير والمخططات الاسرائيلية التي استهدفت اهم قضيتين وملفين الاسرى والمبعدين "، واضاف " تاتي الذكرى العاشرة لابعادنا بينما تتحكم اسرائيل بمصائرنا والاف الاسرى لذلك ونحن نحتفل مع كل شعبنا واسرانا بانهاء الانقسام ، نطالب ان تكون قضيتنا والاسرى على راس اولويات حكومة الوحدة الوطنية ".
حديث الذكريات
ووسط استعدادات المبعدين و الحملة الوطنية لاعادة مبعدي المهد "احياء" لاطلاق حملة دولية ومحلية واسعة النطاق لانهاء ملف المبعدين الموزعين بين غزة واوروبا والذين يستذكرون اللحظات العصيبة في شهري نيسان وايار والتي فتحت جراحا لن تندمل ، ويقول كنعان " يوميا نتذكر تلك الحقبة السوداء التي بدات بحملة الاحتلال المسماة السور الواقي والتي استهدفت مدينة بيت لحم ، وفجر يوم
2-4-2002 ، بدات المعكة التي انتهت بحصارنا في كنيسة المهد" ،ويضيف " رغم قلة الامكانات والظروف القاهرة استمرينا بالصمود رافضين رفع الراية البيضاء ، بينما وقف العالم عاجزا عن انقاذ حياة المصابين والجرحى الذين لم يتوفر لهم العلاج".
استمر الحصار ، وتوالى سقوط الشهداء ، وبقول كنعان " في مثل هذه الايام واجهنا كل الخيارات الصعبة بقرار واحد في مواجهة الشروط والضغوط الاسرائيلية ، لا مجال للاستسلام حتى اعلن عن الاتفاق الذي قضى بابعادنا دون اطلاعنا على تفاصيل التفاوض اوالاتفاق"، ويضيف " وللاسف فان الظروف المحيطة فرضت نفسها ،وابعدنا في 10-5-2002 ، وقسمونا لفريقين الاول يضم 26 منا الى غزة ، والثاني 13 مبعدا الى اوروبا ،وفي المنفى كانت صدمتنا المؤلمة باستشهاد الاخ القائد داود عبد الله قبل اكتمال حلمه بالعودة ".
الشهيد داود عبد الله
ورغم حزنها وتاثرها البالغ وهي تستقبل ذكرى رحلة الابعاد التي استشهد خلالها زوجها اللواء داود عبد الله عبد القادر في الجزائر قبل ان يتحقق حلمه بالعودة لمنزله في مخيم بلاطة ،فان الزوجة كفاح حرب تواصل تادية واجبها الوطني منذ اطلاقها "حملة احياء "،وتقول " لن يغمض لنا جفن ما دام اصدقاء ورفاق زوجها مبعدين،ونناشد كل احرارالعالم مشاركتنا النضال في سبيل عودتهم لعائلاتهم لمنع تكرار فاجعة رحيل زوجي هذه امانة تقع على عاتق الجميع " .
وفي اليوم الاقسى في حياتها تتذكر حرب، وتقول " ان استشهاد داود فتح جراحا لن تندمل في حياتنا جميعا ما دام هناك مبعدا واحدا محروما من وطنه وعائلته"، وتتذكر ان زوجها الذي بدات قوات الاحتلال بملاحقته خلال انتفاضة الاقصى وعشية الهجوم على بيت لحم حوصر مع 250 شخصا في الكنيسة ، وتقول " رغم اللحظات العصيبة مع اشتداد الهجمة لم يتخلى عن تادية مهامه ومسؤولياته ، فكان حريص على الحفاظ على امن الكنيسة و المحاصرين ومنع ارتكاب المجزرة التي توعدت فيها اسرائيل التي باءت بالفشل كل محاولاتها لاركاع المحاصرين واقتحام الكنيسة" ، وتضيف " عندما تم ابرام صفقة الاتفاق على الابعاد ، كان عبد الله اول من خرج من الكنيسة للتاكد من عدم استهداف الاحتلال لرفاقه او المساس بهم ، والجميع يشهد بدوره البطولي كونه كان قائد معركة الصمود وافشال مخطط الاحتلال من الحصار وتصفية المقاومين ".
لكن المعاناة لم تنتهي بعد ابعاد دواود ورفاقه ، وتقول " فقد عايش ايام عصية اقسى من السجن والحصار عندما اغلقت امامه كل الحدود والدول ، ففي قبرص فرضت عليه الاقامة في الفندق لمدة 7 شهور لان الدول الاوروبية قالت انها لن تستقبل "ارهابي " ، حتى اسنضافته دولة موريتانيا وهناك استمر الجحيم يطارد كل لحظات حياته لاكثر من خمس سنوات داهمه فيها المرض،وبعد عودته للجزائر تدهورت حالته الصحية واستشهد ".
صور اخرى
وتاتي الذكرى ، ولا زال الشقيقين المبعدين ابراهيم ( يقيم في ايطاليا ) وناجي محمد عبيات( مقيم في غزة ) يتجرعان صنوف المعاناة ويعيشان ذكرى تلك اللحظات التي لا تنسى ، وقال ناجي (38 عاما) : " لا تغيب عن مخيلتي لحظة ذكريات الحصار على مدار 39 يوما دون طعام وشراب، لكن الاقسى ان كل العالم وقف يتفرج على عذابنا وموتنا ، 8 شهداء واكثر من 30 جريحا ولم يحرك احد لانقاذنا في لحظة الامتحان العصيب للمتباكين على الديمقراطية وحقوق الانسان ، فانتهكت كل القوانين واالاعراف ولم تشفع لنا كنيسة المهد فاحتجزونا وعزلنا ولفظ الشهداء انفاسهم الاخيرة "،واضاف " ولن ننسى ان الاحتلال منع دخول طواقم الاسعاف لنقل الجرحى للمستفيات،اما بخصوص الشهداء الذين سقطوا داخل الكنيسة بقي بعضهم لعدد من الايام داخلها ورفض الاحتلال اخراجهم رغم عدم توفر ثلاجات للاحتفاظ بجثامينهم مما اضطرنا لوضعهم بصناديق الخشب داخل غرفة منعزلة تحت الكنيسة . ويصف عبيات لحظة الابعاد ويقول " ابعادنا سيبقى وصمة عار في جبين الديمقراطية وحقوق الانسان ، فاي قانون يجيز اقتلاع الانسان من ارضه وبين اسرته ولكن في غياب كل قيم العدالة واصرارنا على الثبات ورفض الخنوع للاحتلال ومخططاته ، شكل قرار الابعاد احد اساليب العقاب والانتقام لاننا رفضنا تسليم انفسنا".
وعندما بدا تنفيذ الاتفاق ،رفضت سلطات الاحتلال الاستجابة لطلب المبعدين بوداع عائلاتهم ، ويقول عبيات "كلما تذكرت ساعة خروجنا القسري اتالم واحزن فالموت في الوطن اشرف بكثير من كل رفاهية الحياة رغم اننا نعيش ظروف صعبه "، ويضيف " لكن تلك لحظة تساوي العمر كله بماساويتها ومرارتها والمها، كان هناك دموع وحزن والاشد مرارة ان الاحتلال حرمنا من وداع اسرنا لانه اصدر قرار حظر على أي عائلة مبعد وداعها ابنائها ، وهذا بالدرجة الاولى هو الانتقام والذي تواصل لانني لم اكن اتصور ان اكون بعيدا عن ابنائي واهلي لكن القرار فرض علينا ". لكن الصدمة الثانية التي واجهها ناجي كما يقول تفريقه عن شقيقه ابراهيم ويقول "حتى بالابعاد مارس الاحتلال سياسة القهر بحقنا فاخي ابراهيم ابعد لاوروبا وانا الى غزة ، وعندما جاءنا القراروانا داخل الكنيسة شعرت بصدمة كبيرة ، فاي قانون الذي يجيز للاحتلال ان ينتزعنا من ارضنا وحياتنا ويبعدنا انا واخي عن والدينا وابنائي وزوجتي والاهل والاحباب ويفصل بيني وبين اخي "،
طريق العودة واحلام الحرية
في منفاه في ايرلندا ، يستقبل الناطق باسم المبعدين في اوروبا جهاد جعارة العام العاشر وهو لا زال يرسم طريق العودة كما نسج احلام الحرية خلال نضاله في ساحات الوطن الذي عاش فيه رحلة مطاردة من الاحتلال عقب انتفاضة الاقصى بتهمة قيادة كتائب شهداء الاقصى ، وبين ملاحقته وحصار المهد اصيب برصاص الاحتلال ونجا من عدة محاولات اغتيال ، ويقول " عشر سنوات لم ولن ننسى كل لحظة حتى المريرة والمؤلمة منها وتحديدا عندما تعرضت خلال الهجوم الاول ، للاصابة بعيار ناري في ساقي وعولجت باسعافات بسيطة، ورغم المضاعفات خضت مع رفاقي ملحمة الصمود والمواجهة والثبات على اربعين يوما دون علاج حتى تم ابرام الاتفاق، وقد صدمنا عندما جاء قرار الابعاد وحرماننا من وداع اهلنا.
وفي حديث الذكريات ، يتذكر جعارة (40 عاما ) ان اكثر ما كان يقلقه خلال ابعاده وضع زوجته التي كانت حاملا وتجرعت الم القرار الظالم ، ويقول " لم اكن مهتما باصابتي وحياتي بل افكر بزوجتي وحزنها وقلقها مع ابنائي وعائلتي ، و في الوقت الذي كانت فيه تجري المرحلة الثانية في فصول ابعادي من قبرص الى ايرلندا صبيحة يوم 22-5-2002 ، انجبت زوجتي مولدنا الرابع صامد" .
ولم يتوقف الاحتلال عن استهداف جعارة في منفاه ، فكانت اقسى اللحظات كما يقول " تعرضي لمحاولة اغتيال ثلاثة مرات ، ثم سياسة الحرمان من الزيارات ، فجميع عائلات المبعدين لاوروبا ممنوعة من الزيارت" ، واضاف "قدم عشرات الطليات للحصول على فيزا لزوجتي وابنائي لزيارتي ولكن السلطات الايرلندية ترفض ذلك بشدة ،والاشد مرارة رفضهم السماح لي بالسفر لاي بلد اخر ليتمكنوا من زيارتي . وتتالت الصدمات على جهاد برحيل احبته ، ويقول "خلال ابعادي توفيت والدتي الحاجة خضرة (76 عاما ) عام 2003 ، ثم ابي البالغ من العمر (86 عاما ) عام 2005 ، ثم شقيقه محمد عام 2007 ".
هي نفس المعاناة التي فرضها الاحتلال على مبعدي غزة ، وقال المبعد حاتم حمود المقيم في غزة" الاشد من الابعاد منع الاحتلال لعائلاتنا من زيارتنا واستمرار رحيل الاحبة دون وداعهم ، فامي التي تجاوزت العقد السابع تبكي ليل نهار من شوقها لي ، اما والدي فقد حرمني الاحتلال من رؤيته منذ ابعادي وقد تاثر بذلك كثيرا واصابته الامراض من شدة حزنه ورحل قبل عامين وحرمت من رؤيته ووداعه وحتى اليوم اتمنى ان ازور ضريحه فحتي ذلك ممنوع ".
فعاليات
وتزامنا مع الذكرى،اعلنت كفاح حرب ان عدة فعاليات وانشطة ستقام في الوطن والمنفى لايصال رسالة وصرخة العودة لمبعدينا،واشارت الى ان الانطلاقة ستكون من بيت لحم كون ان جميع المبعدين منها ، ثم في غزة ومناطق اقامة المنفيين ، واضافت " رسالتنا ودعوتنا للجميع بضرورة التوحد الفوري لننتصر لهذه القضية الوطنية التي تحتاج لنضال متراكم ومتواصل نام لان يكون للمصالحة تاثيراتها .
وناشدت الرئيس محمود عباس وكافة القوى والفصائل بوضع ملف المبعدين على راس سلم الاولويات .
وعن ابرزالفعاليات التي ستقام في قطاع غزة، قال كنعان بأننا سنحتفل بيوم المبعد الفلسطيني بمناسبة دخولهم العام العاشر للإبعاد حيث ستكون هناك فعاليتان الاولى يوم الاثنين بمسيرة محمولة من أمام الصليب الأحمر باتجاه معبر بيت حانون "ايرز" أطلق على المسيرة اسم "مسيرة العودة عبر ايرز" تحت راية علم فلسطين فقط، حيث ستحاول عبور المعبر للعودة الى بلدهم.
وذكر كنعان ، ان الحملة ستنظم اعتصام جماهيري سيكون أول اعتصام بعد توقيع المصالحة تشارك فيه كافة الفصائل الوطنية والإسلامية غدا الثلاثاء ما بين الساعة العاشرة والثانية عشر صباحا تحت راية العلم الفلسطيني فقط ، أمام مقر الأمم المتحدة وسيتم في نهاية الاعتصام تسليم رسالة من المبعدين إلى مقر الأمم المتحدة، موجهة للامين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وناشد جعارة كافة الفعاليات والقوى الانخراط في معركة الدفاع عن حق العودة لكل المبعدين ، وقال " دوما ثقتنا بشعبنا وقيادتنا وقوانا كبيرة ، ونتامل فيهم بعد اعلان المصالحة ان يكون لقضيتنا مكانتها الملائمة والمطلوبة ، فقد طالت المدة ولم تحدد فترة الابعاد ولا زال الخطر والموت يتربص بنا ، ولم ولن نشعر بطمانينة الا في احضان شعبنا الوفي والذي نامل ان يعلن وفاءه للاسرى والمبعدين لتنتهي معاناتهم للابد .
حديث الذكريات
ووسط استعدادات المبعدين و الحملة الوطنية لاعادة مبعدي المهد "احياء" لاطلاق حملة دولية ومحلية واسعة النطاق لانهاء ملف المبعدين الموزعين بين غزة واوروبا والذين يستذكرون اللحظات العصيبة في شهري نيسان وايار والتي فتحت جراحا لن تندمل ، ويقول كنعان " يوميا نتذكر تلك الحقبة السوداء التي بدات بحملة الاحتلال المسماة السور الواقي والتي استهدفت مدينة بيت لحم ، وفجر يوم
2-4-2002 ، بدات المعكة التي انتهت بحصارنا في كنيسة المهد" ،ويضيف " رغم قلة الامكانات والظروف القاهرة استمرينا بالصمود رافضين رفع الراية البيضاء ، بينما وقف العالم عاجزا عن انقاذ حياة المصابين والجرحى الذين لم يتوفر لهم العلاج".
استمر الحصار ، وتوالى سقوط الشهداء ، وبقول كنعان " في مثل هذه الايام واجهنا كل الخيارات الصعبة بقرار واحد في مواجهة الشروط والضغوط الاسرائيلية ، لا مجال للاستسلام حتى اعلن عن الاتفاق الذي قضى بابعادنا دون اطلاعنا على تفاصيل التفاوض اوالاتفاق"، ويضيف " وللاسف فان الظروف المحيطة فرضت نفسها ،وابعدنا في 10-5-2002 ، وقسمونا لفريقين الاول يضم 26 منا الى غزة ، والثاني 13 مبعدا الى اوروبا ،وفي المنفى كانت صدمتنا المؤلمة باستشهاد الاخ القائد داود عبد الله قبل اكتمال حلمه بالعودة ".
الشهيد داود عبد الله
ورغم حزنها وتاثرها البالغ وهي تستقبل ذكرى رحلة الابعاد التي استشهد خلالها زوجها اللواء داود عبد الله عبد القادر في الجزائر قبل ان يتحقق حلمه بالعودة لمنزله في مخيم بلاطة ،فان الزوجة كفاح حرب تواصل تادية واجبها الوطني منذ اطلاقها "حملة احياء "،وتقول " لن يغمض لنا جفن ما دام اصدقاء ورفاق زوجها مبعدين،ونناشد كل احرارالعالم مشاركتنا النضال في سبيل عودتهم لعائلاتهم لمنع تكرار فاجعة رحيل زوجي هذه امانة تقع على عاتق الجميع " .
وفي اليوم الاقسى في حياتها تتذكر حرب، وتقول " ان استشهاد داود فتح جراحا لن تندمل في حياتنا جميعا ما دام هناك مبعدا واحدا محروما من وطنه وعائلته"، وتتذكر ان زوجها الذي بدات قوات الاحتلال بملاحقته خلال انتفاضة الاقصى وعشية الهجوم على بيت لحم حوصر مع 250 شخصا في الكنيسة ، وتقول " رغم اللحظات العصيبة مع اشتداد الهجمة لم يتخلى عن تادية مهامه ومسؤولياته ، فكان حريص على الحفاظ على امن الكنيسة و المحاصرين ومنع ارتكاب المجزرة التي توعدت فيها اسرائيل التي باءت بالفشل كل محاولاتها لاركاع المحاصرين واقتحام الكنيسة" ، وتضيف " عندما تم ابرام صفقة الاتفاق على الابعاد ، كان عبد الله اول من خرج من الكنيسة للتاكد من عدم استهداف الاحتلال لرفاقه او المساس بهم ، والجميع يشهد بدوره البطولي كونه كان قائد معركة الصمود وافشال مخطط الاحتلال من الحصار وتصفية المقاومين ".
لكن المعاناة لم تنتهي بعد ابعاد دواود ورفاقه ، وتقول " فقد عايش ايام عصية اقسى من السجن والحصار عندما اغلقت امامه كل الحدود والدول ، ففي قبرص فرضت عليه الاقامة في الفندق لمدة 7 شهور لان الدول الاوروبية قالت انها لن تستقبل "ارهابي " ، حتى اسنضافته دولة موريتانيا وهناك استمر الجحيم يطارد كل لحظات حياته لاكثر من خمس سنوات داهمه فيها المرض،وبعد عودته للجزائر تدهورت حالته الصحية واستشهد ".
صور اخرى
وتاتي الذكرى ، ولا زال الشقيقين المبعدين ابراهيم ( يقيم في ايطاليا ) وناجي محمد عبيات( مقيم في غزة ) يتجرعان صنوف المعاناة ويعيشان ذكرى تلك اللحظات التي لا تنسى ، وقال ناجي (38 عاما) : " لا تغيب عن مخيلتي لحظة ذكريات الحصار على مدار 39 يوما دون طعام وشراب، لكن الاقسى ان كل العالم وقف يتفرج على عذابنا وموتنا ، 8 شهداء واكثر من 30 جريحا ولم يحرك احد لانقاذنا في لحظة الامتحان العصيب للمتباكين على الديمقراطية وحقوق الانسان ، فانتهكت كل القوانين واالاعراف ولم تشفع لنا كنيسة المهد فاحتجزونا وعزلنا ولفظ الشهداء انفاسهم الاخيرة "،واضاف " ولن ننسى ان الاحتلال منع دخول طواقم الاسعاف لنقل الجرحى للمستفيات،اما بخصوص الشهداء الذين سقطوا داخل الكنيسة بقي بعضهم لعدد من الايام داخلها ورفض الاحتلال اخراجهم رغم عدم توفر ثلاجات للاحتفاظ بجثامينهم مما اضطرنا لوضعهم بصناديق الخشب داخل غرفة منعزلة تحت الكنيسة . ويصف عبيات لحظة الابعاد ويقول " ابعادنا سيبقى وصمة عار في جبين الديمقراطية وحقوق الانسان ، فاي قانون يجيز اقتلاع الانسان من ارضه وبين اسرته ولكن في غياب كل قيم العدالة واصرارنا على الثبات ورفض الخنوع للاحتلال ومخططاته ، شكل قرار الابعاد احد اساليب العقاب والانتقام لاننا رفضنا تسليم انفسنا".
وعندما بدا تنفيذ الاتفاق ،رفضت سلطات الاحتلال الاستجابة لطلب المبعدين بوداع عائلاتهم ، ويقول عبيات "كلما تذكرت ساعة خروجنا القسري اتالم واحزن فالموت في الوطن اشرف بكثير من كل رفاهية الحياة رغم اننا نعيش ظروف صعبه "، ويضيف " لكن تلك لحظة تساوي العمر كله بماساويتها ومرارتها والمها، كان هناك دموع وحزن والاشد مرارة ان الاحتلال حرمنا من وداع اسرنا لانه اصدر قرار حظر على أي عائلة مبعد وداعها ابنائها ، وهذا بالدرجة الاولى هو الانتقام والذي تواصل لانني لم اكن اتصور ان اكون بعيدا عن ابنائي واهلي لكن القرار فرض علينا ". لكن الصدمة الثانية التي واجهها ناجي كما يقول تفريقه عن شقيقه ابراهيم ويقول "حتى بالابعاد مارس الاحتلال سياسة القهر بحقنا فاخي ابراهيم ابعد لاوروبا وانا الى غزة ، وعندما جاءنا القراروانا داخل الكنيسة شعرت بصدمة كبيرة ، فاي قانون الذي يجيز للاحتلال ان ينتزعنا من ارضنا وحياتنا ويبعدنا انا واخي عن والدينا وابنائي وزوجتي والاهل والاحباب ويفصل بيني وبين اخي "،
طريق العودة واحلام الحرية
في منفاه في ايرلندا ، يستقبل الناطق باسم المبعدين في اوروبا جهاد جعارة العام العاشر وهو لا زال يرسم طريق العودة كما نسج احلام الحرية خلال نضاله في ساحات الوطن الذي عاش فيه رحلة مطاردة من الاحتلال عقب انتفاضة الاقصى بتهمة قيادة كتائب شهداء الاقصى ، وبين ملاحقته وحصار المهد اصيب برصاص الاحتلال ونجا من عدة محاولات اغتيال ، ويقول " عشر سنوات لم ولن ننسى كل لحظة حتى المريرة والمؤلمة منها وتحديدا عندما تعرضت خلال الهجوم الاول ، للاصابة بعيار ناري في ساقي وعولجت باسعافات بسيطة، ورغم المضاعفات خضت مع رفاقي ملحمة الصمود والمواجهة والثبات على اربعين يوما دون علاج حتى تم ابرام الاتفاق، وقد صدمنا عندما جاء قرار الابعاد وحرماننا من وداع اهلنا.
وفي حديث الذكريات ، يتذكر جعارة (40 عاما ) ان اكثر ما كان يقلقه خلال ابعاده وضع زوجته التي كانت حاملا وتجرعت الم القرار الظالم ، ويقول " لم اكن مهتما باصابتي وحياتي بل افكر بزوجتي وحزنها وقلقها مع ابنائي وعائلتي ، و في الوقت الذي كانت فيه تجري المرحلة الثانية في فصول ابعادي من قبرص الى ايرلندا صبيحة يوم 22-5-2002 ، انجبت زوجتي مولدنا الرابع صامد" .
ولم يتوقف الاحتلال عن استهداف جعارة في منفاه ، فكانت اقسى اللحظات كما يقول " تعرضي لمحاولة اغتيال ثلاثة مرات ، ثم سياسة الحرمان من الزيارات ، فجميع عائلات المبعدين لاوروبا ممنوعة من الزيارت" ، واضاف "قدم عشرات الطليات للحصول على فيزا لزوجتي وابنائي لزيارتي ولكن السلطات الايرلندية ترفض ذلك بشدة ،والاشد مرارة رفضهم السماح لي بالسفر لاي بلد اخر ليتمكنوا من زيارتي . وتتالت الصدمات على جهاد برحيل احبته ، ويقول "خلال ابعادي توفيت والدتي الحاجة خضرة (76 عاما ) عام 2003 ، ثم ابي البالغ من العمر (86 عاما ) عام 2005 ، ثم شقيقه محمد عام 2007 ".
هي نفس المعاناة التي فرضها الاحتلال على مبعدي غزة ، وقال المبعد حاتم حمود المقيم في غزة" الاشد من الابعاد منع الاحتلال لعائلاتنا من زيارتنا واستمرار رحيل الاحبة دون وداعهم ، فامي التي تجاوزت العقد السابع تبكي ليل نهار من شوقها لي ، اما والدي فقد حرمني الاحتلال من رؤيته منذ ابعادي وقد تاثر بذلك كثيرا واصابته الامراض من شدة حزنه ورحل قبل عامين وحرمت من رؤيته ووداعه وحتى اليوم اتمنى ان ازور ضريحه فحتي ذلك ممنوع ".
فعاليات
وتزامنا مع الذكرى،اعلنت كفاح حرب ان عدة فعاليات وانشطة ستقام في الوطن والمنفى لايصال رسالة وصرخة العودة لمبعدينا،واشارت الى ان الانطلاقة ستكون من بيت لحم كون ان جميع المبعدين منها ، ثم في غزة ومناطق اقامة المنفيين ، واضافت " رسالتنا ودعوتنا للجميع بضرورة التوحد الفوري لننتصر لهذه القضية الوطنية التي تحتاج لنضال متراكم ومتواصل نام لان يكون للمصالحة تاثيراتها .
وناشدت الرئيس محمود عباس وكافة القوى والفصائل بوضع ملف المبعدين على راس سلم الاولويات .
وعن ابرزالفعاليات التي ستقام في قطاع غزة، قال كنعان بأننا سنحتفل بيوم المبعد الفلسطيني بمناسبة دخولهم العام العاشر للإبعاد حيث ستكون هناك فعاليتان الاولى يوم الاثنين بمسيرة محمولة من أمام الصليب الأحمر باتجاه معبر بيت حانون "ايرز" أطلق على المسيرة اسم "مسيرة العودة عبر ايرز" تحت راية علم فلسطين فقط، حيث ستحاول عبور المعبر للعودة الى بلدهم.
وذكر كنعان ، ان الحملة ستنظم اعتصام جماهيري سيكون أول اعتصام بعد توقيع المصالحة تشارك فيه كافة الفصائل الوطنية والإسلامية غدا الثلاثاء ما بين الساعة العاشرة والثانية عشر صباحا تحت راية العلم الفلسطيني فقط ، أمام مقر الأمم المتحدة وسيتم في نهاية الاعتصام تسليم رسالة من المبعدين إلى مقر الأمم المتحدة، موجهة للامين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وناشد جعارة كافة الفعاليات والقوى الانخراط في معركة الدفاع عن حق العودة لكل المبعدين ، وقال " دوما ثقتنا بشعبنا وقيادتنا وقوانا كبيرة ، ونتامل فيهم بعد اعلان المصالحة ان يكون لقضيتنا مكانتها الملائمة والمطلوبة ، فقد طالت المدة ولم تحدد فترة الابعاد ولا زال الخطر والموت يتربص بنا ، ولم ولن نشعر بطمانينة الا في احضان شعبنا الوفي والذي نامل ان يعلن وفاءه للاسرى والمبعدين لتنتهي معاناتهم للابد .