استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

منشآت جماعين "الحجرية".. تقتلها

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
* 99 % من مقالع الحجر تعمل بلا ترخيص .. والوزارات المختصة مسؤولة لعدم تنفيذ القانون
«أنجز هذا التحقيق بالتعاون مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)»
* الاحتلال ساهم بترخيص منشآت بمناطق «ج» قريبة من التجمعات الفلسطينية وبعيدة عن المستوطنات
 بشار دراغمة - ليس هناك أجمل من بيت شيد بحجر أبيض قاس، تمتاز به فلسطين عن غيرها، يبلغ سعر المتر المربع الواحد منه بالمتوسط نحو خمسة دولارات ويزيد، قد يكون رخيصًا بالنسبة لك، لكن كثيرين يدفعون ثمنه غالياً جداً، فبينما تدخل الأموال لجيوب أصحاب المقالع مع كل حجر يستخرج من الأرض تدخل أجسام المواطنين في المنطقة التي يتم فيها العمل العديد من الأمراض، أقلها الربو والحساسية في العيون وأمراض صدرية أخرى وربما ما خفي كان أعظم.
الدخول إلى مقالع الحجارة والكسارات في بلدة جماعين جنوب مدينة نابلس قد لا يقل صعوبة أحيانا عن دخول منشأة نووية لمعرفة تفاصيل ما يجري هناك، وأصحاب تلك المنشآت لا يفضلون الحديث إلى الإعلام ويرفضون وجود الكاميرا، وإذا ما لقوا أنفسهم مجبرين على الحديث فإن "خير الكلام ما قل، لكن دون أن يدل"، و"دبلوماسية البزنس" هي الصفة السائدة في بلدة نسبة البطالة فيها أقل من 3 % بفضل تلك المنشآت الصناعية، التي لها ضريبتها أيضا وآثارها المدمرة للإنسان والبيئة، وكأن البلدة التي يعيش فيها عشرة آلاف نسمة، قتلت نفسها بأيدي أبنائها. الكل في جماعين يشكو، لكن برأي الكثيرين "الشكوى لغير الله مذلة"، فالكثير من كتب الاعتراض رفعت لأعلى المستويات -حصل "حياة وسوق" على نسخ منها- دون أن يتحقق شيء على أرض الواقع في بلدة صغيرة يزيد عدد مقالع الحجارة والكسارات ومناشير الحجر فيها عن 55 منشأة، عدد منها داخل المخطط الهيكلي للبلدة، ووفقا لمعين الضميدي أحد أصحاب المحاجر والذي يعمل رئيسا لبلدية حوارة أيضا، فإن 99% من مقالع الحجر تعمل دون ترخيص. وتشير دراسات عديدة إلى أن معظم تلك المحاجر تلحق أضرارا كبيرة في البيئة والإنسان وتفتقد لإجراءات السلامة العامة، بالإضافة إلى ثلاثة مصانع "زفتة" يقول عنها رئيس بلدية جماعين عاصم ناظم إنها تؤثر سلبا على صحة الإنسان وتترك مواد كيميائية سامة وربما مسرطنة. وبالإضافة للمحاجر أيضا تظهر مشكلة الكسارات خاصة غير المرخصة، والتي هي الأخرى لها آثارها على الانسان والبيئة.
الطريق إلى جحيم الغبار
 في الطريق إلى جماعين يلحظ الزائر حجم الانتهاك الكبير للبيئة والزراعة، وكميات الغبار والأتربة التي تشاهدها في سماء البلدة بمجرد وصول مشارفها، تشعرك أنك داخل منشأة صناعية واحدة، وليس في بلدة يعيش فيها عشرة آلاف نسمة ويدفعون يوميا من صحتهم ثمنا لكل هذه المنشآت، ليصل الأمر أحيانا إلى حالات وفاة بسبب الاهمال في تلك المنشآت، وتشير سجلات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إلى أن قطاع الانشاءات في الضفة الغربية يعتبر من أكثر القطاعات التي تشهد إصابات عمل وحوادث وفاة، فالعام الماضي شهد 885 إصابة و20 حالة وفاة في الضفة الغربية، نسبة منها في مقالع الحجارة والكسارات، وفي محافظة نابلس كان هناك حالتا وفاة في ذات العام، إحداها في بلدة جماعين حيث توفي ابن صاحب إحدى الكسارات، والآخر في نابلس، وفقا لمصطفى حنني سكرتير دائرة الصحة والسلامة المهنية في الاتحاد العام لنقابات العمال، الذي يؤكد أن بعض أصحاب العمل يستثقلون الالتزام بإجراءات السلامة والصحة، مشيرا إلى أن توفير أدوات الحماية أقل تكلفة مالية بكثير من خسائر إصابات العمل.
هذه الحوادث في مقالع الحجارة والكسارات تتكرر بسبب عدم ردم تلك المحاجر بعد انتهاء العمل بها، أو بسبب غياب إجراءات السلامة العامة بالنسبة للعمال داخل تلك المنشآت، بالإضافة إلى آلاف الدونمات الزراعية التي تئن تحت وطأة الغبار المتراكم على الأشجار والذي أثر بشكل واضح على كميات الانتاج وفق روايات بعض المواطنين.
ويفتح واقع المحاجر في جماعين مجموعة من الأسئلة: لماذا يتم السماح لأصحاب تلك المحاجر بالعمل في مقالع لم تحصل على ترخيص، ولماذا حصلت بعض المقالع على الرخصة؟ وحرمت منها أخرى؟ – الرواية منسوبة لأحد أصحاب المحاجر-، ولماذا يتم ترخيص كسارات ومقالع حجارة داخل المخطط الهيكلي للبلدة أحيانا، وفي مناطق قريبة من الأراضي الزراعية في حين آخر؟ ولماذا تغيب الجولات التفتيشية الدورية والمتقاربة للجهات ذات الاختصاص للاطلاع عن كثب على ما يجري في تلك البلدة، ولماذا تلاحق مقالع الحجارة وتُمنع من العمل في منطقة رام الله وقراها ويسمح لها بالعمل في نابلس دون ترخيص، وفي الجنوب تعمل بكل أريحية؟ وطالما يقر المسؤولون بوجود انتهاكات من قبل أصحاب المحاجر بحق الانسان والزراعة والصحة العامة، فلماذا لا تتم معالجة مواطن الخلل؟ ولماذا لجأت البلدية في جماعين لمحاولة التوصل إلى حلول بقرار فردي ولم تشارك فيه وزارة الاقتصاد الوطني والجهات ذات العلاقة؟

 إجراءات ترخيص معقدة.. لكن المحاجر منتشرة
 إقامة أي مقلع للحجارة أو كسارة تتطلب الحصول على تراخيص من وزارات البيئة والزراعة والصحة والاقتصاد والحكم المحلي، ولكل جهة اختصاص من تلك الوزارات شروطها ومواصفاتها الصعبة لمنح التراخيص، ونظريا يمكن القول إن تلك الشروط تضمن إلى حد ما الحفاظ على البيئة والزراعة والصحة، لكن زيارة واحدة إلى تلك المنشآت تفتح أمام الزائر اسئلة بلا اجابات: "لماذا تعمل كل هذه المحاجر والكسارات في منطقة زراعية، فتتلف مساحات واسعة من الأراضي المزروعة، وتدمر حقول زيتون ولوزيات وغيرها؟ وكيف تصمت وزارة البيئة على ما يجري داخل منشآت لم يوفر أصحابها مقومات حماية البيئة رغم أن الأخيرة لم تمنح ترخيصا لعدد كبير من تلك المنشآت بالعمل؟ وأصيب الكثير من سكان البلدة بأمراض مختلفة أقلها الربو والحساسية في العيون، وربما ما خفي كان أعظم، والكثيرون لديهم تقاريرهم الطبية التي تثبت إصاباتهم بالأمراض بسبب تلك المنشآت، وما يزيد "الطين بلة" هو عدم توفر مراكز حكومية تعمل بفترات مناسبة في البلدة، سوى عيادة واحدة تعمل في أيام محددة. ومن خلال معلومات جمعها "حياة وسوق" ومن خلال الجولات الاستطلاعية في جماعين وعدد من المحاجر، يتضح أن تنفيذ القانون غائب بنسبة كبيرة عن مقالع الحجارة والكسارات في البلدة.

تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية
 واستنادا إلى تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الصادر في شهر حزيران 2013 فإن العديد من الوزارات تتحمل مسؤولية كبيرة في عدم تنفيذ القانون كل حسب اختصاصه.
وحسب التقرير تقوم وزارة الاقتصاد بالتجديد التلقائي لتراخيص صناعة الحجر رغم الموافقات المشروطة لوزارتي الزراعة والبيئة، كما أن وزارة البيئة لم تدرج صناعة الحجر ضمن الخطة الاستراتيجية للوزارة ولم يتم انشاء شرطة متخصصة في البيئة رغم وجود مقترح ودراسة ميدانية بهذا الشأن. فيما تمنح وزارة الحكم المحلي رخصا لكسارات متنقلة في جماعين، لكنها في حقيقة الأمر ثابتة في مكانها، ولا يتم انفاذ أحكام التعهد العدلي الموقع لصالح الوزارة من قبل مالك المحجر لإعادة تأهيل المقالع. كما أن سلطة المياه لا تقوم بإلزام أصحاب المنشآت الحجرية بمعالجة المياه العادية الناتجة عن المنشأة قبل تصريفها. وتغيب اللوائح التنفيذية وأدلة الإجراءات لتحديد المسافات القانونية بين المواقع الأثرية ومقالع الحجارة والكسارات ويقتصر الأمر على رأي ممثل وزارة السياحة في لجنة التقييم البيئي. كما أنه لا تتوفر لدى الدفاع المدني آلية خاصة متبعة في الحفاظ على السلامة العامة بصناعة الحجر. وبشأن حقوق العمال لا تقوم وزارة العمل بإلزام أصحاب منشآت صناعة الحجر بتوفير تأمين للعالمين ولا تلزم المنشآت بساعات وأوقات العمل الرسمية وإجراء الفحوصات الطبية الأولية والدورية.
وفيما يتعلق بوزارة الصحة فإنها لم تقم بعمل دراسة على الأمراض المهنية للعاملين في قطاع الحجر وتحديدها حيث تكثر أمراض منها السرطان والربو وجفاف العين وفقدان أو ضعف السمع ورض سُحارٌ سِيليسِيّ Silicosis وهو نوع من السحار الرئوي ناتج عن استنشاق غبار السيليكات والمرو والغسطر (حجر من السيليكون). وساهم الاحتلال الإسرائيلي في تعزيز هذا الواقع المأساوي حيث انخفضت اسعار الأراضي بسبب الجدار الفاصل، وكذلك ساهم الاحتلال في ترخيص منشآت في منطقة "سي" قريبة من التجمعات الفلسطينية وبعيدة عن المستوطنات.

من الوزارات للعيادات
 وبينما تكبر أرصدة في البنوك لأصحاب مقالع الحجارة والكسارات، تكبر هموم المواطنين ومشاكلهم، فالمواطن عثمان شرع يحمل دائما ملفا مليئا بالأوراق، معظمها كتب شكاوى واعتراضات على إقامة الكسارات ومقالع الحجارة في مناطق زراعية وسكنية، بالإضافة لتقارير طبية تثبت إصابته بأمراض عدة بسبب غبار تلك المنشآت، ولم يترك بابا إلا وطرقه من أجل التوصل إلى حلول تنهي معاناة سكان البلدة وتحمي مزروعاتهم، كما أنه يقضي أوقاتا كثيرة من يومه وهو يجمع تواقيع من أبناء البلدة اعتراضا على تلك المنشآت، ووصل عدد الموقعين على عريضة واحدة حصل عليها "حياة وسوق" إلى 50 شخصا من أرباب الأسر، وتعدى الأمر ذلك إلى رفع دعاوى قضائية في المحاكم ضد وكيل إحدى الوزارات، وبعض أصحاب الكسارات ومقالع الحجارة، لكن ذلك كله لم ينه معاناة سكان جماعين حتى الآن.
ويقول شرع لـ "حياة وسوق" "إن عشرات الدونمات الزراعية التي يملكها تدمرت بفعل تلك المنشآت، ولم أعد قادرا على الوصول الى بعض الحقول، وأخرى بدلا من أن يجني ثمار الزيتون عنها لا يحصل إلا على أكوام من الأتربة والغبار، وبعض الأمراض". وأضاف:" أذكر قبل 20 عاما كانت شجرة الزيتون تنتج في جماعين نحو 20 كيلو غرامًا من الزيت، لكن الآن لا تنتج إلا 300 كيلو من الغبار المتراكم عليها". وأصيب شرع بأمراض في عينه، ويحمل تقريرا طبيا موقعا من الدكتور عبد الفتاح عرفات، مدير مركز النور لطب وجراحة العيون في المستشفى العربي التخصصي، ويؤكد التقرير الذي اطلع "حياة وسوق" على نصه، أن سبب مرض العين ناتج من العوامل البيئية المحيطة.

الهواء ليس عليلاً
 وحسب دراسة قدمت لنيل شهادة الماجستير في جامعة النجاح الوطنية للباحث عزيز صادق تضمنت دراسة ميدانية واستطلاع رأي تبين أن 33.3 % من سكان جماعين يشعرون بضيق "كبير جدا" في التنفس عند عودتهم إلى بلدتهم اذا خرجوا لمنطقة أخرى، وقال 66 % إنه بالصيف وبشكل "كبير" تكون نتيجة من يشعرون بالضيق أكثر من 99 %. وترى نسبة تصل إلى أكثر من 93 % باختلاف الهواء بين بلدتهم وبلدات أخرى، ويعتقد نحو 82 % من السكان أن المحاجر تؤثر بدرجات متفاوتة على صحتهم.
ويصل الأمر في جماعين إلى أن سكان بعض المنازل لم يفتحوا نوافذ بيوتهم منذ إنشائها، ومع ذلك تجد الغبار والأتربة متراكمة على أرضيات المنازل، كما أنهم حرموا من الجلوس في باحات منازلهم.

 "لا حياة لمن تنادي"
ويقول مصطفى حنني، سكرتير دائرة الصحة والسلامة المهنية في الاتحاد العام للنقابات، إن كتب الشكاوى يرفعها الاتحاد للوزارات والجهات المعنية، لكنها لم تحرك ساكنا ولم تفعل شيئا من أجل وقف النتائج المدمرة على البيئة والصحة، مشيرا إلى أن الاتحاد يقوم بالعديد من الزيارات إلى تلك المنشآت ويلحظ حجم الضرر الذي تشكله على البيئة والإنسان، معتبرا أن أصحاب تلك المنشآت يتعاملون بمزاجية مع ممثلي الاتحاد، منتقدا غياب دور وزارة العمل عن القيام بجولات تفتيشية على هذه المنشآت للتأكد من تحقيق شروط السلامة والتأمين، متهمًا وزارة العمل بالتقصير متذرعة بضعف الإمكانيات ووجود فقط 40 مفتشا في الضفة الغربية كلها.

أرباح هائلة واستغلال موقف
 وتدر مقالع الحجارة على أصحابها أرباحا هائلة و"كل واحد وحظه"، ويقول عصام ناظم رئيس بلدية جماعين لـ "حياة وسوق" إن صاحب مقلع الحجر ربما يستأجر دونم الأرض بـ40 ألف دينار أردني وربما أكثر، لكنه يدر عليه دخلا يتجاوز المليون دينار أردني، علما أن صاحب المحجر وضع الكثير من النفقات للوصول إلى هذه الأرباح.
ويسعى بعض أصحاب الأراضي إلى استغلال حاجة أصحاب مقالع الحجارة، فيرفعون أسعار تضمين الأرض لتصل أحيانا إلى 50 ألف دينار للدونم، علما أن سعر الدونم الواحد لا يتجاوز 5 آلاف دينار، لكن صاحب الأرض يرفض عرضها للبيع ويكتفي بتضمينها لفترة زمنية محددة.
وما يميز جماعين ويجعلها قبلة أصحاب المقالع، هو حجرها الذي يتميز بقساوته الفريدة، وربما جعله ذلك الحجر رقم واحد في العالم.
ويقول عصام ناظم متفاخرا بحجارة بلدته: "حجر جماعين وصل إلى دول الخليج كافة، وأنحاء من أوروبا، وليس غريبا إن قلت أن عمارة في الكويت حفر عليها كنوع من الفخر كلمتي (حجر جماعين)".
وتنتج فلسطين 1.8 % من الانتاج العالمي للحجر، ويساهم في 4.5 % من الناتج القومي و26 % من إجمالي الصادرات وفقا لإحصائيات رسمية لعام 2011 نشرت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارة ويعمل في هذا القطاع 20 ألف عامل بشكل مباشرة والآلاف في قطاعات مساندة ويقدر حجم المبيعات السنوي بـ 400 مليون دولار، ويوجد في فلسطين 600 منشأة موزعة بين محجر وكسارة لكن تقريرا لاتحاد صناعة الحجر والرخام يقول إن عدد المنشآت يبلغ 1100، وحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد لعام 2011 فقد تم ترخيص 31 محجرا منها فقط وتم منح 12 رخصة جديدة، والعائد الضريبي على وزارة المالية من كل هذه المنشآت يكاد يكون معدوما.

 "ما باليد حيلة"
وينفي ناظم أي مسؤولية للبلدية عن منح تراخيص لإقامة مقالع للحجارة أو كسارات، وقال إن وزارة الحكم المحلي ترفض تدخل البلديات في هذا الأمر، باعتبار أن المنشآت تقام خارج المخطط الهيكلي للبلدة، وعن تلك المقامة داخل المخطط الهيكلي وزودتها البلدية بالكهرباء والماء قال ناظم: "كلها محاجر وكسارات ومناشير قديمة، في عهد بلديتنا لم نزود أحد بالكهرباء داخل المخطط الهيكلي، كما أن بعض أصحاب المحاجر ليسوا بحاجة إلى كهرباء البلدية من أجل تشغيل منشآتهم إذ يستعملون مولدات كهرباء شخصية تعمل بالسولار".
وأشار ناظم إلى وجود مصانع "زفتة" تخلف أضرارا كبيرة على البيئة والإنسان وليس فقط الكسارات ومقالع الحجارة، مشيرا إلى أن مصانع الزفتة لا تقوم بتغيير الفلاتر الخاصة بها بشكل دوري ومنتظم، وأحيانا يتم ترك المواد السامة تتسرب دون أي فلاتر ما يشكل خطرا كبيرا على صحة الانسان، قائلا:" ان تلك المواد ربما تكون مسرطنة وهي معروفة عالميا بذلك".
ويوضح ناظم أن أصحاب مناشير الحجر الموجودة داخل البلدة يطلبون بديلا خارج المخطط الهيكلي لترحيل المناشير الموجودة حاليا، ويريدون ترحيل مناشيرهم على حساب البلدية، وأن توفر البلدية أماكن بديلة خارج المخطط الهيكلي، كما أنهم يضعون العراقيل، ويفضلون البقاء داخل البلدة لأن ذلك أسهل لتسويق منتجاتهم.
وتحدث ناظم عن تجربة شخصية في هذا المجال قائلا:" أحد أصحاب مناشير الحجر عرضت عليه أرضا للإيجار لنقل منشاره إليها، لكنه تحجج وقال: أنا أريد ان اشتري أرضا ولا استأجرها، علما أن لا أحد يعرض أرضه للبيع في جماعين والكل يريد الاستفادة من الإيجار.
وأشار ناظم إلى أن اتفاقا تم التوصل إليه مع أصحاب المحاجر والكسارات بعدم وجود أي منشأة من هذا القبيل بعد تاريخ 1/7/2015.

أصحاب المحاجر: نحن مظلومون
 أصحاب مقالع الحجارة لا يريدون الحديث للإعلام، لكن معين الضميدي، الذي يملك نحو ستة مقالع في بلدة جماعين وحدها، قرر أن يتحدث وكما قال "بكل صراحة" حول ظروف عمل تلك المحاجر.
وأقر الضميدي بالضرر الذي تلحقه مقالع الحجارة بالإنسان والزراعة والبيئة، وبوجود محاجر تابعة له ضمن المخطط الهيكلي، مشيرا إلى أنه كإنسان يدرك الخطر تماما، مقرا بأنه يعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما.
وأضاف: "خلال هذه الفترة لم نجد أحد يوقفنا" وبالتالي تأسست منشآت كبيرة لا يمكن تدميرها في لحظة، ولا يوجد بديل أمام أصحاب المحاجر، فالاحتلال الإسرائيلي يضيق عليهم الخناق ويمنعهم مطلقا من العمل في مناطق مصنفة "ج" وتتم مصادرة معداتهم في حال تم العمل في تلك المناطق، كما أن أصحاب مقالع الحجارة مضطرون للحاق الأماكن التي تتوفر فيها الحجارة الجيدة وهي ليست كثيرة ومحصورة في أماكن محددة.
وقال الضميدي إن منشآت يشارك فيها تعرضت للإغلاق في محافظة القدس بسبب شكاوى قدمت، وأصدرت محافظة القدس قرارا بوقف العمل بها، مشيرا إلى أن عمله في القدس يكون في مناطق مصنفة "ج" ومعظمها أراض مهددة استيطانيا أو مهمشة، وأوضح أنه يمنع أيضا من العمل في العديد من مناطق رام الله.
ويبدي الضميدي الذي يعمل في صناعة تسهم بنحو 5 % من مجمل الاقتصاد الفلسطيني وفقا لروايته، استعداده هو وبقية أصحاب مقالع الحجارة والكسارات للتعاون من أجل الحفاظ على الصحة والبيئة والزراعة في حال وجود إجراءات ملزمة للجميع ويتم تنفيذها بكل شفافية وعلى الجميع دون محاباة لأحد.
ويلقي الضميدي باللوم على الجهات الرسمية في وجود انتهاكات من قبل المحاجر والكسارات، ولعدم وجود جولات تفتيشية دورية وعدم وجود عقوبات بشأن المخالفات وهو ما يشجع الكثيرين على عدم الالتزام بالإجراءات المناسبة، كما يبدي استغرابه من موافقة الجهات المختصة على منح تراخيص لبعض المحاجر ومنعها عن أخرى.
ويقر الضميدي صاحب مقالع حجارة وصلت منتجاتها لعشرات الدول، بأنه اضطر للعمل دون تراخيص في بعض مقالعه، مشيرا إلى أن حاول جاهدا ترخيصها لكن دون جدوى، واصطدم بمعارضة وزارة الزراعية للترخيص بسبب وجود المحجر في منطقة زراعة متوسطة، مشيرا إلى أن تلك المنطقة فائدتها الصناعية تكون أعلى من الزراعية.
ويبدي الضميدي استعداده للالتزام بأي إجراءات قد تطلب منه للحصول على الترخيص ومنها زراعة أشجار مثلا بعدد الأشجار التي تتضرر وربما أكثر من ذلك، وقال: "اذا اقتلعت عشر أشجار أنا مستعد لزراعة 200 شجرة في منطقة أخرى" وتعهد أيضا باستخدام المياه لمنع تطاير الأتربة والغبار وفق إجراءات سلامة آمنة، خلافًا لما يجري عليه الحال الآن في الكثير من المقالع والكسارات، لكنه يشترط أن يكون ذلك ملزمًا للجميع، وان يتم منح تراخيص للمقالع.
وأضاف:" لم يطلب منا أحد اتخاذ تدابير وقاية... أنا الوحيد الذي أضع جدارًا وقائيًا في جماعين، وألوم الجهات المسؤولة عن عدم الكشف على المحاجر للالتزام بإجراءات السلامة المطلوبة، وإلزام أصحابها بتطبيق القانون، وتحرير مخالفات في حال عدم الالتزام، وشخصيا زراني الدفاع المدني وأعطانا تعليمات بمتطلبات السلامة العامة والتزمت قدر الإمكان، لكن لماذا لا يتم زيارة المحاجر كل ست شهور مثلا؟".
وينفي الضميدي بعض الشائعات عن دفع رشى للحصول على رخصة، لأن الترخيص يتطلب الحصول على موافقة عدة جهات وليست جهة واحدة، وبالتالي إمكانية وجود هذا الخيار مستبعدة.

اتهامات بابتزاز مالي في الشمال.. وامتيازات للجنوب
 وكشف الضميدي عن وجود قضايا ابتزاز مالي، تدفع ببعض أصحاب الأراضي إلى تقديم شكاوى في حال لجأ صاحب مقلع الحجر مثلا إلى استئجار أراضٍ من شخص معين، ما يثير غضب جاره الذي كان ينتظر أن يتم استئجار الأرض منه، ويدفعه الغضب إلى تقديم شكوى لدى الجهات الرسمية، لكنه يصمت إذا تم استئجار الأرض منه، مؤكدًا أنه شخصيًّا تعرض لمثل هذا الموقف، حيث اصبح هدف البعض من الشكاوى إلحاق الضرر بصاحب مقلع الحجر وليس الحفاظ على البيئة والصحة وغيرها وأضاف:" قال لي شخص قدم شكوى ضدي: هل جحا يرث وجحا لا يرث؟". كما كشف عن قضية ابتزاز أخرى فيما يتعلق بالطرق التي تمر منها السيارات والآليات إلى المقالع، فيضطر لدفع ستة آلاف دينار أردني سنويا مقابل المرور لمسافة لا تتجاوز 80 مترا. وأشار إلى أنه اذا تم توقيفه عن العمل فإنه قد يخسر مليونًا ونصف المليون دولار في موقع واحد. كما تطرق إلى وجود امتيازات لمناطق جنوب الضفة ويحرم منها الشمال، فيما يتعلق بتصدير الحجارة إلى الخارج، وبسبب عدم وجود تراخيص في الشمال وبالتالي عدم وجود شهادة منشأ يضطر أصحاب مقالع الحجارة إلى نقل انتاجهم إلى الجنوب، ومن ثم يتم تصديرها، لكن دون أن تحمل اسم المنتج الأصلي، وانما من خلال وسيط.

صراع صلاحيات
 وفي الوقت الذي توصلت فيه بلدية جماعين لاتفاق مع عدد من أصحاب مقالع الحجارة والكسارات لإنهاء أعمالهم داخل المخطط الهيكلي خلال فترة زمنية محددة، ترى وزارة الاقتصاد الوطني أن بلدية جماعين تجاوزت صلاحياتها من خلال هذا الاتفاق وأن الحلول الجذرية تأتي من خلال الوزارات المعنية وليست البلدية. وقال محمد زيدان مدير دائرة المحاجر والكسارات في وزارة الاقتصاد الوطني إنهم تفاجأوا من اتفاق بلدية جماعين مع أصحاب مقالع الحجارة، مشيرا إلى أن ذلك يشكل تعديا على الصلاحيات، وقال إن البلدية تستفيد من الرسوم التي تتقاضاها من هذه المنشآت، في إشارة إلى المصلحة باستمرار وجود هذه المقالع والكسارات.
وأوضح زيدان أن الحل يكون من خلال الوزارات المسؤولة عن هذا الأمر، وبشكل إلزامي، مشيرا إلى أن الوزارة منحت مؤخرا اخطارات لأصحاب المحاجر غير المرخصة بضرورة تسوية أوضاعهم.

من يمنح الترخيص في منطقة "ج"؟
 ويعمل أصحاب مقالع الحجارة بأريحية كبيرة في مناطق مصنفة "ج"، وفي الوقت الذي يقول فيه أصحاب المقالع انهم يتقدمون بتراخيص ويتم رفضها، يؤكد محمد زيدان أن السلطة الفلسطينية لا تملك إمكانية الترخيص في مناطق "ج"، وأن الترخيص يكون من خلال الإسرائيليين، وبالتالي يعمل أصحاب المقالع في تلك المناطق دون تراخيص، مستغلين التواجد في مناطق لا تملك السلطة الوطنية السيطرة الكاملة عليها.
ونفى زيدان ما يتحدث به بعض أصحاب مقالع الحجارة عن أن أصحاب المحاجر في الجنوب يتمتعون بامتيازات، وقال إنه تم إغلاق العديد من المحاجر هناك، بسبب مخالفتها شروط العمل.
وأضاف زيدان:" نحن لا نقاتل أصحاب المحاجر على رزقهم، لكن مصلحة المواطن دائما هي في سلم الأولويات".

منتجعات في أوروبا.. وحفر موت في جماعين
 ويؤكد الدكتور مروان حداد، مدير معهد الدراسات البيئية والمائية في جامعة النجاح الوطنية، أن مقالع الحجر تنتهك بشكل صارخ البيئة وتتسبب بأضرار كبيرة لها، داعيا إلى وجود حلول عملية تنهي هذه "المأساة".
وتحدث عن نماذج ناجحة في ألمانيا والصين للحفاظ على البيئة بعد انتهاء العمل على سبيل المثال في مناجم الفحم والمنشآت المماثلة، بحيث يتم تحويل تلك الاماكن إلى منتجعات سياحية وفنادق وحدائق عامة.
لكن الواقع مختلف في جماعين والقرى المجاورة لها، بحيث تبقى مقالع الحجارة بعد انتهاء العمل بها مكشوفة وتشكل خطرا على الإنسان، وخير دليل هو وفاة عجوز، في جماعين سقط في أحد المقالع عندما كان يسير بالقرب منه قبل ثلاث سنوات.
وانتقد الدكتور حداد غياب التخطيط عن عمل مقالع الحجارة، مشيرا إلى وجود عشوائية كبيرة لا بد من وضع حد لها، وتخصيص أماكن محددة للعمل على أن تتم الاستفادة منها لاحقا في قضايا تخدم البيئة ولا تدمرها، مشيرا إلى أن هناك أماكن يجب أن تترك ولا يتم المساس بها مطلقا تحت أي ظرف.
وأوضح حداد أن جهات الاختصاص ربما لا تعرف بالتحديد الأماكن التي يجب أن تكون المقالع فيها، وبالتالي عليها الاستفادة من الخبراء في هذا المجال.
وشدد على ضرورة تطبيق الأنظمة والقوانين فيما يتعلق بعمل مقالع الحجارة، وربطها بالمخطط الهيكلي للمناطق التي يتم العمل بها بحيث تكون خارجها وبمسافات كافية، مشيرا إلى أن الترخيص ليس عملا مستقلا عن التخطيط الشامل، فيما يغيب الأخير بشكل واضح على الأقل عمليا، وربما يكون موجودا على الورق فقط.
وانتقد حداد غياب الوعي لدى كثير من الناس بما يحدث من أضرار على الانسان والبيئة، مشيرا إلى ضرورة معرفة المواطن بما يحدث وما هي الأضرار التي تطاله، وأضاف:" الناس يجب أن يقرروا وأن يكون لهم صوت، ولا يجوز تدمير البيئة للأجيال القادمة".
كما أشار حداد إلى وجود أخطار أخرى على البيئة في حال بقيت مقالع الحجارة بعد انتهاء العمل بها كما هي دون اعادة استصلاح أرضها، فيمكن أن تتحول إلى مكبات للنفايات، والمخلفات الصناعية الضارة، وتتسرب لاحقا للإضرار بالمياه الجوفية، مبديا قلقا أيضا على النباتات الفلسطينية النادرة.

مقالع قديمة لها آثارها
 من جهته أوضح جميل مطور، نائب وزير البيئة، ان هناك مقالع قديمة عملت قبل قيام السلطة الوطنية ولها آثارها وهناك مقالع أقيمت بعد اقامة السلطة وأخذت الموافقات اللازمة من جهات الاختصاص ومن وزارة شؤون البيئة، مشيرا إلى أنه طبقا للقانون فإن الوزارة تمنح الموافقة البيئية بعد دراسة الطلب واستكمال الاجراءات اللازمة وتضع مجموعة من الشروط لضبط النشاط الاقتصادي والحد من الآثار المحتملة وبما يضمن عدم الاضرار بالبيئة العامة، موضحا أن الوزارة تسعى بكل جهدها لمتابعة أية خروقات هنا وهناك وتتخذ الاجراءات الكفيلة لوقف أي ضرر.
وأقر المطور بوجود ضعف في التزام المستثمر بشروط الترخيص الأمر الذي يتسبب احيانا ببعض المشاكل بين الحين والآخر، مشيرا إلى وجود مشكلة في متابعة بعض المقالع المقامة على الاراضي المصنفة "ج"، كما أشار إلى قلة عدد المفتشين التابعين للوزارة بشكل هائل، وقال: "لو كانت لدينا الطواقم الكافية لتحركنا بشكل مكثف، لكن مفتشا واحدا في رام الله أو نابلس ماذا يستطيع ان يفعل؟"، داعيا الوزارات الأخرى إلى المساندة في هذا الموضوع بصفتها جهات شريكة وقال:" الأصل أن على الجهة المرخصة والتي تعطي الرخصة النهائية أن تراقب على شروط الترخيص".
وأقر المطور بعدم تفعيل العقوبات القانونية بحق المخالفين بالشكل اللازم والكافي، مشيرا إلى أن عدم وجود شرطة بيئية يعزز التجاوزات أيضا.
وحول معايير منح التراخيص بين المطور أن وزارة البيئة ملتزمة بسياسة تقييم الأثر البيئي المقرة حكوميا وهناك شروط مرجعية توضع من قبل الوزارة لإعداد دراسة تقييم الأثر البيئي والتي تعتبر متطلبًا من المستثمر وبعد ذلك تتم دراسة الطلب ومراجعة الدراسات المقدمة كما تتم زيارة الموقع اكثر من مرة من قبل الفريق المختص وغالبا ما تتم دراسة الملف في اطار لجنه تقييم الأثر البيئي الوزارية والتم تضم 12 عضوا من وزارات وسلطات الاختصاص ولا يتم اعطاء الترخيص النهائي من قبل وزاره الاقتصاد الوطني الا بعد أخذ موافقة وزارة شؤون البيئة وفي العادة تتضمن الموافقة مجموعة من الشروط البيئية التي يتعين على المستثمر الالتزام بها تحت طائلة المسؤولية القانونية أو اعادة النظر في الموافقة اذا ما تبين ان هناك اضرارا أو مستجدات تستدعي إلغاء الموافقه أو تصويب الوضع.
وفي رده حول وجود مقالع حجارة داخل تجمعات سكانية والمخطط الهيلكلي لبلدة جماعين، بين نائب وزير البيئة، أن الوزاره تأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل والظروف المحيطة والمتعلقة بالنشاط ومنها المياه الجوفية والسكان والمزروعات وطبيعة الأرض والسلامة العامة والبيئة المحيطة بكل عناصرها، والوزارة لا تعطي موافقة لأي نشاط من هذا النوع داخل تجمعات سكانية، مشيرا إلى وجود مقالع قديمة مهجورة وهي بحاجة الى اعاده تأهيل.

لا نشاط اقتصاديا مثل المقالع دون آثار سلبية
 وأشار المطور إلى أنه يصعب تخيل نشاط اقتصادي مثل مقالع الحجارة دون أية آثار نهائيا وأضاف: "لكن هناك فروق في درجة الضرر ومستوى تأثيره ومحيط هذا التأثير وهنا لا بد من الاشارة ان الى الوزاره تسعى دوما لتحقيق نوع من التوازن بين الحاجة الاقتصادية للناس كجزء من عملية التنمية وبين احتياجات حماية البيئة وعدم التسبب بآثار خطيرة".
وأشار المطور إلى أنه تم مؤخرا تصويب أوضاع بعض الصناعات الحجرية وغيرها وبين الحين والآخر ترفض الوزارة اعطاء الموافقة نهائيا حتى لو كان ذلك تعطيلا لنشاط اقتصادي معين على قاعدة ان درء المخاطر والأضرار اولى من جلب المنافع وطبقا للقانون ومتطلبات حماية البيئة بوجه عام.
وفي رده على سؤال حول التزام أصحاب مقالع الحجارة والكسارات في ضوابط وزارة البيئة قال المطور: "دون مواربة فانني اقول انه يوجد درجات متفاوتة من الالتزام من جانب المستثمرين ولا أظلم أحدا ان قلت إن هناك ضعفا عاما في التقيد بشروط الترخيص الا من رحم ربي وهذه مناسبة كي اتوجه بدعوة هؤلاء المستثمرين لأن يأخذوا ويعملوا بشروط الترخيص ليس احتراما للقانون فحسب بل حماية للصناعة الوطنية وحماية للبيئة والسلامة العامة وحفاظا على مصادرنا الطبيعية وحدا للتلوث وتقليصًا للأضرار قدر الامكان".
ونوه المطور إلى وجود جولات بين الحين والآخر سواء لأغراض الرقابة والتفتيش بشكل مفاجئ أو روتيني. وأضاف: "هناك متابعة للعديد من الشكاوى التي تصل الوزارة بين الحين والآخر، ولكن لن أدعي ان الجولات كافية أو شاملة وقد يكون أحد أسباب ذلك النقص في الكادر الفني ومتطلبات الحركة مثل المركبات".
ويكشف المطور عن أن الكثير من أصحاب مقالع الحجارة لا يلتزمون بإعاده تأهيل المقلع حسب الأصول على حسابه، موضحا أن الوزارة حاولت كذلك البحث عن مصادر للاستفادة من المقالع بعد انتهاء العمل بها وإيجاد مشاريع ريادية الا ان هناك صعوبات تواجه هذه المحاولات.
وأكد المطور ضرورة التزام المستثمرين بما جاء في الموافقات البيئية الممنوحة لهم وطبقا للقانون مشيرا إلى أنه من حق الوزارة تحرير مخالفات أو ايقاع عقوبات حسب القانون قد تصل الى حد الاغلاق أو نقل المنشأة.

وزارة الزراعة: لا نمنح التراخيص
 وأكد المهندس محمد فطاير، مدير زراعة نابلس، وجود تشدد من قبل الوزارة لإقامة مقالع الحجارة، وترفض منح تراخيص في مناطق زراعية، مشيرا إلى وجود مقالع مقامة دون تراخيص، كاشفا عن وجود شكاوى ودعاوى قضائية رفعت من قبل الوزارة بحق بعض أصحاب المقالع ممن يحاولون العمل في مناطق زراعية، وسيتم البت فيها من قبل المحاكم.
وأوضح فطاير أن هناك بالفعل اعتداءات على الأراضي الزراعية سابقًا، مشيرا إلى أنه يتم الآن منح التراخيص بناء على كشف تقوم به وزارة الزراعة، ويعتمد ذلك على المخطط المكاني للمشروع، ويتم تحويل الملف من قبل وزارة الاقتصاد إلى بقية الوزارات ذات الاختصاص، وكل وزارة تبدي الموافقة أو المعارضة بناء على الالتزام بقوانينها.
وأشار فطاير إلى أنه كان هناك غياب للقانون وغياب للمسؤولية من قبل بعض أصحاب المناشير، وحاليا يحاولون تصويب أوضاعها.
وكشف فطاير عن توقيف بعض الأشخاص، وتحويلهم للنيابة العامة بسبب اعتدائهم على الأشجار والزراعة، مشيرا إلى وجود قرار من وزير الزراعة بمنع قطع الزيتون وخاصة الأشجار الرومية الكبيرة.

خطوات لا بد منها
 وللتخلص من الكارثة البيئة والصحية التي تعاني منها جماعين يتطلب ذلك تشددا كبيرا في القوانين ومنح التراخيص، وملاحقة كل المنشآت التي تعمل دون ترخيص، ووقفها عن العمل خلال فترات زمنية محددة، والقيام بجولات دورية على المنشآت وإلزامها بإجراءات السلامة العامة، والتأكد من تطبيقها لشروط الترخيص الذي حصلت عليه، ومنع العمل مطلقا في مناطق زراعية، وتشجير محيط المناطق التي تعمل فيها المحاجر والكسارات المرخصة والبعيدة عن الأماكن السكنية ومن شأن هذه الخطوة منع تطاير الغبار والأتربة بكميات كبيرة إلى مناطق أخرى.
كما تخلق مشكلة الطرق غير المعبدة أزمة إضافية في جماعين، وبالتالي تعبيد الطرق يحد بنسب معينة من التلوث والإضرار بالبيئة، بالإضافة لضرورة إيجاد طرق التفافية خارجية تمر بعيدا عن المناطق السكنية.
ومن شأن طمر المقالع وزراعتها بعد طمرها التي انتهى العمل بها، أن تحد من التشوهات التي تطال البيئة، وتقليل نسبة الخطر على الإنسان.
كما أن التعامل على محمل الجد مع شكاوى المواطنين يجعل الجهات الرسمية في صورة الأوضاع ويعطيها الفرصة سريعا لحل أي إشكاليات تحصل.
 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025