مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

أمير الظل الاسير عبد الله البرغوثي- عيسى قراقع


 لم استشهد ...وما زلت بالمحقق أحملق
مربوط بيديه وقدميه بسرير مستشفى العفولة الإسرائيلي، في غرفة عزل خالية من كل شيء سوى من زفراته الساخنات وجسده الشاحب الذي يذوب تدريجيا بعد أكثر من ثمانين يوما لإضرابه المفتوح عن الطعام.
يقف ثلاثة حراس على باب غرفة الاسير عبد الله البرغوثي، يراقبون نبضات قلبه العجيبة ترتفع وتنخفض ، ويشاهدون شرايين يديه تنكمش شيئا فشيئا، غيبوباته المتقطعات، ولكنهم لا يسمعون صراخا أو استغاثة.
يتأهب الحراس ولجنة خاصة شكلت من قبل إدارة السجون والأطباء للانقضاض على عبد الله البرغوثي لإجباره وبالقوة على تناول الطعام وفك إضرابه، لاسيما بعد أن أصبح جسده النحيف وأوردته الناشفات ترفض ابر الجلوكوز ، حيث ظهرت التورمات والانتفاخات على يديه وجسمه.
الاسير عبد الله البرغوثي الذي يحمل الجنسية الأردنية بدأ إضرابه مع أربعة أسرى آخرين منذ 2/5/2013مطالبا بالإفراج عنه إلى الأردن وفق اتفاقية وادي عربة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي ، يوصف بأنه عنيد لا يكسر، ولا يردد سوى العودة إلى ارض الأردن إما شهيدا تحت التراب أو حيا فوق الأرض.
الإسرائيليون حققوا معه 6 شهور عند اعتقاله يوم 5/3/2003، حيث كان يعتبر المطلوب رقم واحد لهم، ومن اخطر المعتقلين فكسروا أضلاعه خلال التعذيب الشديد الذي تعرض له، وعزل عشر سنوات انفراديا وحكم بأعلى حكم في تاريخ المحاكم بالعالم وهو 67 مؤبدا و250 سنة، وحرم من رؤية زوجته وعائلته سنوات طويلة، ورفضت اسرائيل الإفراج عنه في صفقة شاليط.
مهندس على الطريق، أمير الظل، عنوان كتابه الذي ألفه خلال وجوده في العزل الانفرادي، وكتبت ابنته تالا في مقدمته: هل تعلم يا والدي الحبيب أنك الأب الوحيد الذي لا ينسى ذكرى ميلاد أبنائه وذكرى ميلاد من يحب، كل الآباء ينسون إلا أنت فلا تنسى، ما دمت لا تنسى، لماذا غبت عنا طوال هذه الأعوام.
وتتساءل ابنته تالا: والدي الحبيب لماذا تركتني طفلة صغيرة لا يتجاوز عمري الثلاث أعوام ملقاة في سيارة عسكرية احتلالية تحاصرها الكلاب من كل صوب، لماذا تركتي في البرد القارص بعد أن غبت ولم اعد أراك.
بالله عليك ا أبي قل لي من أنت ، من أنت يا أمير الظل، الذي لا أرى صاحبه، لكنه يمد لي المساعدة دون أن اطلب، لا أراك إلا في الصور والكلمات، لا أراك إلا في عيني والدتي وأحاديث الناس، وفي قصائدك الغاضبة والجميلة ورسائلك التي احتفظ بها وكبرت معها يوما بعد يوم.
ويكتب عبد الله البرغوثي لابنته تالا من على سرير المستشفى قائلا: قلت لك يا ملاكي الحارس أنه لا يوجد قلبا بين أضلع صدري بل يوجد عقلا، لهذا انا صاحب العقلين، وكنت أظن أن الأطباء اثبتوا عكس ذلك، فاكتشفوا أن بين أضلعي قلبا عجيبا يصل نبضه في بعض الأحيان إلى أربعين نبضة في الدقيقة، ليصعد بشكل مفاجئ إلى ما يزيد عن مائة وعشرون نبضة.
لا تحزني يا ابنتي تالا، قلبي هذا كان يحرضني على مقاومة الاحتلال، وأقسم أن هذا القلب هو من جعلني أتصدى لكل ظالم وطاغ ومستعمر، قلبي هذا لا ينام، جسدي يرتجف، كبدي توقف عن العمل، ولكن قلبي يعمل ويشتعل ويناديك في كل لحظة.
عبد الله البرغوثي في رسالته لي يقول: لا أخفيك سرا ويشهد الله على ما أقول أني ابحث منذ زمن بعيد عن طريق توصلني إلى الشهادة وخاصة إن بقينا خلف القضبان، السجن موت، فلماذا لا نحرك الموت بشرف ونطلق عاصفة الحرية.
مهندس الظل العالي المكبل بالحديد، شاحب اللون والذي يتنفس بصعوبة، بطيء الحديث يقول: حتى لو بدى جسدي شاحبا فإن معنوياتي تعانق السماء، وان كل كيلو غرام اخسره من جسمي يعادل ألف كيلو غرام من الكرامة.
يوصي مهندس الظل عبد الله البرغوثي أن يكتب على قبره أبيات الشعر التالية:
جسدي يتألم وسياطهم كالحريق
عظام تكسر وعظام تسحق
بحري هائج وفكري غريق
قلب يتألم واشعر بالضيق
أسرت وعذبت و لم يسقط البيدق
وصعدت روحي من شدة الألم للخالق
لا.. روحي لم تصعد للسماء
لم استشهد.. ومازلت بالمحقق أحملق

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024