1561 شكوى في عامين ضد عناصر حماس..... التعذيب في سجون حماس.. سياسة ممنهجة أم حالة طارئة نتيجة الانقسام ؟
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
حسن دوحان,
رغم مرور عامين على وفاته، إلا أن ذوي المواطن حسن محمد عودة الحميدي (23عاماً) من قرية وادي السلقا بدير البلح يصرون على محاسبة المتسببين في مقتله في احد مراكز الاحتجاز والتحقيق لدى جهاز شرطة حماس بغزة.
وكان الحميدي توفي في 10 حزيران 2011 في مستشفى دار الشفاء في مدينة غزة بعد صراع مع الغيبوبة نتيجة تعرضه للتعذيب والضرب من قبل أفراد من إدارة مكافحة المخدرات بدير البلح، ويقول علي الحميدي شقيق الضحية «القي القبض على حسن من داخل منزله وقد خرج من المنزل برفقه قوة الشرطة سليما لا يعاني من أي مرض أو خدش حيث توجهت به الشرطة إلى مقرها في مدينة دير البلح واحتجزته هناك في إطار حملة شملت 55 مواطناً من نفس القرية، وأثناء التحقيق معه تناوب على ضربه عدة أفراد من الشرطة، وكما أفاد لي بعض المعتقلين وذكروا أن أفراد الشرطة (المحققين) كان يخرجون من غرفة التحقيق ويقولون «إنهم ما طلعوش رأس معاه ومش راضي يعترف، فيتبرع آخر بتعذيبه وإجباره على الاعتراف»، ونتيجة لذلك تم نقله الى المشفى بحالة خطرة في نفس اليوم الذي تم اعتقاله فيه..
ويضيف الحميدي «وفي اليوم التالي لاعتقال حسن جاءنا اتصال من أحد الأصدقاء أكد لهم أن شقيقهم حسن وضعه حرج جدا وموجود للعلاج في قسم العناية المركزة بمشفى دار الشفاء بغزة، وحينها ذهبنا هناك وكان بحالة صعبة وتوفي على أثرها، ويشير إلى أنه عند استلام جثة شقيقهم لاحظوا وجود عدة كدمات في القدمين واليدين، إضافة إلى جرح في مؤخرة الرأس طوله 20 سم يعتقد أنها من نتيجة استخدام آلة حادة، فضلاً عن وجود ازرقاق في جميع أنحاء الجسم، وان الجثة تم إخضاعها للتشريح دون علم أو موافقة ذويه».
ويؤكد الحميدي أن الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة لا تزال تتنصل من إقدامها على تعذيب شقيقه مما أدى إلى وفاته، ويشير إلى انه تقدم بعدة شكاوى لدى امن الشرطة ووحدة حقوق الإنسان في وزارة الداخلية المقالة، والمراقب العام دون جدوى، وأخيراً إلى النائب العام في الحكومة المقالة ولا يزال ينتظر الرد على شكواه.
والمتوفى حسن الحميدي متزوج ولديه ابنة كان عمرها عندما تعرض للتعذيب ثم الوفاة ثلاثة شهور، وقام شقيقه بنشر فيديو على اليوتيوب يظهر آثار تعذيب شقيقه، مع ترديد أغنية وداعاً، وصورة لابنته وهي تلقي نظرة الوداع عليه.
ويؤكد الحميدي أن التقرير الطبي اظهر تعرض شقيقه للتعذيب وانه تعرض للضرب بآلة حادة في رأسه أدت لحدوث جرح بطول 20سم، إضافة إلى كدمات في صدره ورجليه ويديه»، ويقول لن نترك حقنا ونحن ماضون بالإجراءات القانونية لمحاسبة المتسببين بوفاة حسن، ولن نسامح في دم ابننا».
فقدان ذاكرة
آثار التعذيب لا تتوقف عند حدود معينة، فهذا المواطن أنور إسماعيل محمد أبو غانم46 عاماً من سكان مخيم جباليا، تعرض للاعتقال من قبل جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس لمدة شهرين ونصف الشهر للتحقيق معه اثر تقرير كيدي، ونتيجة للتعذيب حدث معه نزيف في الدماغ أدى إلى فقدانه الذاكرة من تاريخ 9-5-2011 وحتى 26-9-2011.
ويقول ابن شقيقه تامر أبو غانم « لقد تم نقل عمي أنور مساء يوم الجمعة الموافق 27 مايو( أيار )2011 إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بحالة صحية حرجة جداً.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى مؤسسة الضمير لحقوق الانسان، والمستندة لإفادة تامر أبو غانم، ابن شقيق الضحية « لقد قمنا بإحضار طبيب خاص من خارج المستشفى، وأكد أن أنور بحالة حرجة بسبب إصابته بنزيف داخلي حاد في الدماغ من الناحية اليسرى..
ويؤكد تامر ابو غانم أن عمه لم يكن يشكو من أية أمراض وأن صحته جيدة قبل اعتقاله.
ويعمل المواطن أنور أبو غانم في محل تجاري له، ولديه أسرة مكونة من عشرة أفراد، وكان اعتقل بتاريخ 14/04/2011 من قبل جهاز الأمن الداخلي ومحتجز للتحقيق في مركز توقيف أنصار، وتقدمت زوجته لمؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بشكوى بتاريخ 09/05/2011 تفيد باعتقال زوجها من قبل جهاز الأمن الداخلي دون معرفة أسباب الاعتقال أو أي معلومات حول مصيره، إلا أن جهاز الأمن الداخلي قام بالاتصال على ابن أنور وطلب منه إحضار 2000 دولار اميركي إلى مركز توقيف أنصار، وكذلك تمكنت المؤسسة من التنسيق مع جهاز الأمن الداخلي لتمكين زوجته من الحديث مع زوجها، ولكن منذ منتصف شهر مايو 2011قوبلت كل محاولات طاقم المؤسسة لزيارته هو وآخرين من بين المعتقلين بالرفض والمماطلة مع قبل جهاز الأمن الداخلي، على الرغم من أن المؤسسة تنسق هاتفياً بهذا الصدد مع كل من دائرة حقوق الإنسان التابعة لوزارة الداخلية ومع إدارة مركز توقيف أنصار.
ويشير تامر إلى أن عمه لا يزال يعاني من آثار نفسية نتيجة اعتقاله وتعرضه للتعذيب، مما أوصله إلى مرحلة الموت، ويقول حتى تاريخ 8-5-2011 كانت حالته حسب الصليب الأحمر جيدة، ولكن بعد ذلك تعرض للضرب والشبح وغيرها من الممارسات دخل في غيبوبة، وتم الاعتراف من قبل جهات مقربة من حماس لنا بالخطأ وأنهم قاموا بمعاقبة المتسببين، وارجعوا لنا كافة أغراضه وأمواله التي احتجزوها، ودفعوا كافة مصاريف علاجه إضافة إلى ألفي دولار لعائلته».
الاعتقال السياسي «لمين بدك تشكي وغريمك القاضي»
ورغم نفي حكومة حماس المقالة في قطاع غزة لوجود اعتقال سياسي إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى حقائق مختلفة، فمصطفى مقداد 34 عاماً المحاضر في جامعة القدس المفتوحة من سكان حي الشيخ رضوان بغزة، تعرض للاعتقال السياسي من قبل جهاز الأمن الداخلي في 21-2-2013، وتعرض لأشكال من التعذيب من بينها وضع كيس على رأسه، والشبح، ووضعه على كرسي صغير لساعات طويلة دون نوم، والطلب منه الإدلاء باعترافات حول أشخاص من فتح، إضافة إلى تعرضه للاهانة والتعامل بطريقة سيئة.
ويقول مقداد «لقد تركزت الأسئلة على عملي الصحفي، ووجهت النيابة العسكرية رغم إنني مدني تهمة الاخلال بوحدة الصف الفلسطيني، وقاموا بتصويري فيديو ثلاث مرات، وتقدمت بشكاوى لمؤسسات حقوق الإنسان، ولكننا لم نتوجه لتقديم شكاوى للجهات الأمنية في حكومة حماس وعلى رأي المثل (لمين بدك تشكي وغريمك القاضي).
آثار التعذيب مستمرة
ورغم مرور عدة أعوام على اعتقاله سياسياً وتعذيبه، إلا أن المواطن حسن العجرمي (41 عاماً) من سكان رفح لا يزال يعاني من الآلام وأثار التعذيب، ويقول «لقد اعتقلت في شهر حزيران عام 2009 لمدة 30 يوما في جهاز الأمن الداخلي بتهمة الانتماء لحركة فتح والاتصال برام الله، ويضيف «لقد تعرضت لأشكال متعددة من التعذيب، ففي خلال الـ30 يوما من الاعتقال لم انم سوى أربع ساعات متفرقة، وكنت معصب العينين، وتعرضت للشبح والضرب بماسورة باطون ما أدى إلى كسر يدي وحتى الآن أعاني من وجود الآلام في يدي جراء التعذيب، وتقدمت بأكثر من شكوى لمراكز حقوق الإنسان ولا حياة لمن تنادي، وخلال فترة اعتقالي لم أتناول سوى علبة لبن في اليوم فقط».
الصحفيون يدفعون الثمن
الصحفيون كانوا أيضاً عنواناً للصراع السياسي بين فتح وحماس، ودفعوا ثمناً باهضاً لما يؤمنون به من رأي، وتعرضوا للاعتقال السياسي من قبل الأجهزة الأمنية سواء في الضفة أو قطاع غزة، وكان الصحفي علاء الدين منار الدواهيد 24 عاماً من سكان غزة احد الأقلام التي أبت الانكسار.
اعتقل الصحفي الدواهيد في جهاز الأمن الداخلي بتاريخ 25-1-2013 ولمدة عشرة أيام تعرض خلالها لأصناف من التعذيب من بينها الشبح، ووضع كيس على رأسه، والضرب، والجلوس على كرسي صغير دون السماح له بالنوم، ووجهت له اتهامات العمل في مواقع فتح الإخبارية، ويشير إلى أن أفراد من جهاز الأمن الداخلي قاموا باقتحام منزله وتكسير غرفته، واحتجاز جهاز الحاسوب الخاص به.
ويوضح أنهم قاموا بوضعه في زنزانة مع متهمين بالتخابر مع الإسرائيليين.
كما تعرض الصحفي حسين عبد الجواد كرسوع للاعتقال من قبل جهاز الأمن الداخلي في شهر يناير من العام الجاري مع 13 صحفيا جرى اعتقالهم، واستمر احتجازه لمدة شهر ونصف الشهر، وخلال التحقيق معه تم وضعه على كرسي صغير مما اثر على الإصابة التي يعاني منها في ظهره، ويقول «لم أتقدم بأية شكاوى، لكن مؤسسات حقوق الإنسان لديها تقارير عن أوضاعنا، ولم تقدم لنا أي شيء يذكر».
الأطفال القصر والتعذيب
وللقصر أو الأحداث حكايات كثيرة مع مسلسل الانتهاكات من قبل أفراد الشرطة من اجل تحقيق انجازات أو إغلاق ملفات حتى وان كان ذلك بمخالفة التعليمات والقوانين.
الطفل محمود احمد فسفس 17 عاماً اعتقل في 3-6-2012 من قبل المباحث الجنائية وتعرض للضرب بالفلقة على رجليه كما أفاد لوالده، ولا يزال ينتظر المحاكمة بتهمة اعتداء ورغم تأكيد والده انه يعاني من مرض نفسي وقاصر إلا انه اعترف بالتهمة مجبرا نتيجة تعرضه للضرب.
ويطالب مؤسسات حقوق الإنسان بالعمل من اجل وضع حد لضرب القصر في مراكز الشرطة خاصة عندما يكونون مرضى..
والطفل محتجز حالياً حسب إفادة والده في مؤسسة الربيع لرعاية القصر.
وتعرض الطفل عبد الرحمن ديار 16 عاماً المعتقل منذ شهرين في أول يومين من اعتقاله للضرب والتعليق والضرب ترباج يستخدم لضرب الحمير كما يقول، ولم يتم تحويله إلى مؤسسة الربيع إلا بعد مرور خمسة أيام رغم أن القانون يجبر الشرطة على تحويل القاصر لمؤسسة الربيع في الـ 24 ساعة الأولى من الاحتجاز.
ولسوء أحوال أسرته الاقتصادية لم يتم تكليف محام للدفاع عنه في التهمة الموجهة له وهي توصيل أو نقل 25 كيلو بانجو.
والطفل عبد الرحمن يعاني من ظروف أسرية صعبة نتيجة وفاة والده وعدم توفر معيل لأسرته وتردي أحواله الاقتصادية، ما جعله يقوم بنقل المواد المخدرة مقابل مئة شيقل كما يقول.
الطفل فارس ماس 15 عاماً تعرض للضرب على رجليه بكرباج جلد حمير، وتم تهديده بتشغيل الكهرباء في جسده للاعتراف بحيازة عدة الترمال والممنوعة.
انتهاكات لا تتوقف
وتؤكد منسقة وحدة تقصي الحقائق وإدارة الشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامية صبحية جمعة أن كافة الأطفال الذين يتم اعتقالهم في قضايا جنائية من قبل المباحث الجنائية ومكافحة المخدرات يتعرضون للتعذيب، إضافة إلى احتجازهم مع البالغين، ويقول جمعة «خلال زياراتنا الدورية للسجون ومراكز التوقيف يشير هؤلاء الأطفال إلى تعرضهم للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بالتهم الموجهة لهم».
وتقول «كما لا يتم تحويل الأطفال إلى مؤسسة الربيع مباشرة وفق القانون، وإنما يتم احتجازهم مع الكبار.
وتضيف جمعة «خلال عام 2012 كان هناك 311 انتهاكا في قطاع غزة منها 134 انتهاكا تتصل بالتعذيب والتهديد أثناء التوقيف، ومنها 13 معاملة سيئة ولا إنسانية، و 64 اعتداء جسديا ومعنويا.
ويشير التقرير السنوي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لعام 2012 إلى وجود 219 شكوى ضد جهاز الشرطة في قطاع غزة، 31 شكوى ضد المباحث الجنائية، 66 ضد مكافحة المخدرات في قطاع غزة إضافة إلى 106 شكاوى ضد جهاز الأمن الداخلي تتعلق بالتعذيب وتوقيف غير قانوني، وخطأ في الإجراءات القانونية، وشكاوى المواطنين حول انتهاك حقوق الطفل بلغت 48 انتهاكا تتعلق بتعرضهم للتعذيب والاعتداء الجسدي والتأخير في نقلهم لمؤسسة الربيع (الإصلاحية).
وتوضح المحامية جمعة أن هناك مواطنين يتقدمون بشكاوى في وزارة الداخلية لدى أمن الشرطة أو الشرطة القضائية أو النائب العام دون أي جدوى خصوصا الشكاوى المتعلقة بتعرضهم للتعذيب حيث يتم الأخذ بها من قبل تلك الجهات.
وتؤكد المحامية جمعة تنوع وتعدد أشكال التعذيب على يد أجهزة الأمن الداخلي والمباحث الجنائية ومكافحة المخدرات في قطاع غزة، من الشبح لساعات متواصلة ولأيام، وتقييد اليدين من الأمام أو الخلف، وتقييد الأرجل، والتعليق بالسقف، والضرب بالهروات والمواسير الحديدية، والكرباج، والعصى الكهربائية، والفلقة على باطن القدمين، وسكب المياه الباردة على الجسم، والضغط النفسي، والاهانة والسب وتوجيه الشتائم، والاحتجاز في زنزانة انفرادية.
وتشير المحامية جمعة الى عدم وجود اختلاف بين ممارسات الأجهزة الأمنية السابقة والحالية في قطاع غزة من حيث ممارسة أشكال التعذيب رغم وجود تعليمات بمنع التعذيب.
وكان التقرير السنوي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أشار إلى وجود شكاوى بالتعرض للتعذيب في كل من الضفة وقطاع غزة وبلغت 306 ادعاءات بالتعذيب، 134 منها في قطاع غزة و172 في الضفة، و52 ادعاء بالتعرض للمعاملة القاسية واللاانسانية أثناء التوقيف 13 منها في غزة و39 في الضفة، بالإضافة إلى 156 ادعاء بالاعتداء الجسدي أو المعنوي»، وسجلت الهيئة وجود 11 حالة وفاة في مراكز الاحتجاز والتوقيف خلال عام 2012 منها تسع حالات وفاة في قطاع غزة وحالتان في الضفة، إضافة إلى وجود 266 شكوى بالاعتقال السياسي في قطاع غزة و563 في الضفة، وهو ما تبرره المحامية صبحية جمعة أن الهيئة المستقلة لم تتمكن من تسجيل غالبية الانتهاكات في قطاع غزة بسبب إحجام أصحابها عن تقديم الشكوى بسبب الخوف أو التهديد من قبل الأجهزة الأمنية، وتقول «لكننا نرصد آثار التعذيب على المعتقلين خلال زياراتنا لاماكن التعذيب والأعداد الحقيقية للانتهاكات تتعدى ما يتم توثيقه والأرقام المشار إليها بكثير في قطاع غزة، وعدد الشكاوى التي يتم تلقيها في الضفة أكثر من غزة وهذا يعود لأسباب ثقافية وأخرى متعلقة بالثقة باتخاذ إجراءات حقيقية بحق أفراد الأجهزة الأمنية الذين يرتكبون مخالفات التعذيب.
وتشير المحامية جمعة إلى أن الرئيس محمود عباس اصدر تعليماته بحظر التعذيب ومنعه في مراكز الاحتجاز والتوقيف، وتمت محاسبة 45 ضابطا في الضفة لممارستهم التعذيب، ورغم ذلك لا تزال الهيئة المستقلة تتلقى الشكاوى بالتعذيب.
إعلان المحاسبة وتحقيق مهني مستقل
يذهب مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبو شمالة لدعوة الحكومة المقالة لإعلان محاسبة من يمارس التعذيب من قبل أفراد الأجهزة الأمنية.
ويقول أبو شمالة «كل من مارس التعذيب يجب أن يحاسب، وتكون المحاسبة علنية، ويجب أن نعرف كمنظمات حقوق إنسان وأصحاب الشكاوى كيف تمت المحاسبة ونوعها».
ويضيف من ناحية الاعتقال السياسي لا يوجد توثيق لدينا حول ممارسة التعذيب بحق أبناء حركة فتح وهذا من عمل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ونحن نطالب بالمحاسبة والتحقيق، ولكن لم يحدث محاسبة من قام بممارسة التعذيب، وحماس تقول أنها تمارس المحاسبة الداخلية، ونحن قلنا لهم ان المحاسبة الداخلية خارجة عن نص القانون».
ويؤكد أبو شمالة أن معظم حالات التعذيب التي تتلقاها مراكز حقوق الإنسان هي من قبل المباحث الجنائية ومباحث مكافحة المخدرات، وعدد من الذين اعتقلوا على خلفية الاتجار بالمخدرات تعرضوا للتعذيب وتوفي بعضهم، وهناك شبهات حول وفاتهم، ونطالب بالتحقيق، إلا انه لم يتم إجراء تحقيق مهني مستقل لمعرفة الأسباب التي أدت إلى الوفاة، وفي معظم الحالات كان تتم تسوية الموضوع بين أهل المتوفى والحكومة بغزة.
ويقول «منظمات حقوق الإنسان لا تزال تتلقى الشكاوى، ولكننا كمؤسسة الضمير لا نتعامل مع شكاوى مدنية، وعملنا يتعلق بشكاوى الحريات وحرية التعبير، وهناك الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان هي من تتلقى الشكاوى تحقق فيها سواء كانت شكاوى سياسية أو مدنية».
التعذيب في القانون الفلسطيني
وعلى المستوى الدولي، ثمة إقرار دولي بحظر التعذيب، عبرت عنه الاتفاقيات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 1984.
وتؤكد دراسة علمية للمحامي معن ادعيس بعنوان «مراجعة قانونية لأحكام التعذيب في النظام القانوني الفلسطيني» انه وعلى المستوى الوطني، نص القانون الأساسي المعدل للسلطة الوطنية الفلسطينية لعام 2003 على أن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، وان السلطة الوطنية ستعمل دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان، كما منع القانون ذاته إخضاع احد لأي إكراه أو تعذيب، واوجب أن يعامل المتهمون وسائر المحرومين من حرياتهم معاملة لائقة، وقرر بطلان كل قول أو اعتراف يؤخذ من أي إنسان تحت تأثير التعذيب.
وتذكر الدراسة أن السلطة الوطنية تحرم التعذيب في قانون 60 في الضفة وقانون 36 النافذ في قطاع غزة، ونص قانون الإصلاح والتأهيل «السجون» على منع إدارة مراكز الاحتجاز من ممارسة أية أفعال تعذيب أو استعمال أفعال الشدة على النزيل»، واشترط قانون الإجراءات الجزائية في الاعتراف حتى يكون قانونياً وأن يصدر طواعية وبالاختيار ودون ضغط أو إكراه مادي أو معنوي.
وتقول منسقة وحدة تقصي الحقائق وإدارة الشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامية صبحية جمعة «لقد جرم قانون العقوبات الانتدابي لعام 1936 أي انتهاك جسدي أو معنوي في أماكن الاحتجاز بحق المواطنين، والتعذيب لا بد أن يكون من موظف رسمي وفي مكان احتجاز بهدف نزع اعتراف من الشخص على نفسه أو على آخرين».
وينص قانون العقوبات الانتدابي لعام 1936 على تجريم أفعال الجرح التي تقع بوجه غير مشروع، وأفعال الإيذاء الشخصي الأخرى كمن أعطى شخصا آخر أو ساهم في تناول شخص آخر سماً أو شيئاً مؤذياً بوجه غير مشروع قاصدا بذلك إلحاق الضرر به أو إزعاجه، وجرم القانون ذاته أفعال الاعتداء على الآخرين التي تأخذ صورة الضرب أو اللطم أو الدفع أو استعمال أي نوع من أنواع القوة، وتضمن القانون تجريم كل فعل من موظف في الخدمة العامة اخضع أو أمر بإخضاع أي شخص للقوة أو العنف بغية أن ينتزع منه أو من شخص يهمه أمره، اعترافاً بجرم، أو أية معلومات تتعلق بجرم، أو هدد أي شخص أو أمر بتهديده بإلحاق أذى به أو أمواله أو بأي شخص وأموال أي شخص يهمه أمره، بغية أن ينتزع منه اعترافاً بجرم، أو أي معلومات تتعلق بجرم».
شكاوى التعذيب والداخلية
شكاوى التعذيب والإهانة في مراكز الشرطة والتوقيف في قطاع غزة لم تتوقف، رغم التطور النسبي في أداء الشرطة في التعامل مع المدنيين، فمنذ ست سنوات عندما تولى أفراد كتائب القسام والمرابطين تطوعاً إدارة مراكز الشرطة في قطاع غزة كانوا يتعامون مع المواطنين بعقيدة الجيش القائمة على التعامل مع الأعداء إلى أن حدث التحول عقب أحداث اعدام جماعة الشيخ عبد اللطيف موسى فبدأت عملية إعداد أفراد الشرطة للتعامل مع المدنيين.
ويقول الناطق باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة إسلام شهوان: توجد في وزارة الداخلية عدة جهات بإمكان المواطن التقدم لها بشكاوى في حالة تعرضه لظلم من قبل المجتمع أو من قبل أفراد الشرطة وهي دائرة شكاوى المواطنين، ودائرة حقوق الإنسان، والمراقب العام، والعلاقات العامة والإعلام، إضافة إلى دائرة امن الشرطة التي تتلقى شكاوى المواطنين تجاه أفراد الأجهزة الأمنية الذين لهم علاقة مع المواطنين بحكم عملهم.
ويؤكد شهوان أن التعذيب متوقف منذ أكثر من عامين، ويقول: لقد تم منع التعذيب في كافة مراكز التوقيف والاعتقال بما فيها جهاز الأمن الداخلي، وحصل المحققون على دورات خاصة تدربوا خلالها على فنون التحقيق من دون استخدام التعذيب، وأي مواطن يتعرض للتعذيب أو أي إهانة من قبل رجال الشرطة لديه العديد من الجهات الرسمية التي يمكنه التقدم بشكوى فيها، ونحن بدورنا نقوم بالتحقيق في ذلك، وأي مواطن يثبت انه تعرض للإهانة أو أي شكل من أشكال التعذيب يتم اتخاذ الإجراءات ضد الشرطي.
ورغم نفى مدير دائرة الشكاوى في وحدة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية المقالة محمد الساعاتي وجود معتقلين سياسيين إلا انه اقر بوجود تجاوزات فردية من قبل أفراد الشرطة بحق عدد من النزلاء والمحتجزين في مراكز احتجاز وتوقيف المتهمين.
ويقول ان وحدة حقوق الإنسان تتلقى الشكاوى من قبل المواطنين وتخاطب الأجهزة المختصة سواء المدنية أو الأمنية ومن ثم ترفع ما يتعلق بتجاوزات أفراد الأجهزة لمكتب الوزير لاتخاذ الإجراءات والتعامل مع الشكوى، ويؤكد أن نسبة الشكاوى من قبل الموقوفين في السجون شهدت انخفاضاً كبيراً.
ويكشف المراقب العام لوزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة سامي نوفل عن وجود 1071 شكوى من قبل المواطنين في عام 2012، و490 شكوى في عام 2013 حتى الآن تتعلق غالبيتها بتجاوزات لأفراد الأجهزة الأمنية وخاصة الشرطية من بينها شكاوى تتعلق بالتعذيب والإهانة والضرب ولكنها شكاوى قليلة، مشيراً إلى انه تم انجاز نحو 97% من شكاوى المواطنين ومعالجتها.
ويبقى التساؤل متى تنتهي عمليات التعذيب ويتم استبدالها بثقافة جديدة في التعامل مع المتهمين تقوم على الاحترام وعدم الإهانة؟!
عن فلسطين برس