عائلة ابو العيش.. حين يتحالف الفقر والمرض في بيت واحد
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عماد سعاده- في وسط مخيم عسكر القديم للاجئين، شرق مدينة نابلس، ثمَّة زقاق معتم، يفضي الى منزل متهالك، يتكدس فيه أفراد عائلة (ابو العيش)، التي استوطنها الفقر المدقع والجوع والمرض، ويقتات افرادها على ما يجود به أهل الخير، أو بعض خضار يجمعها صغار العائلة، مما يتساقط من صناديق وعربات الباعة، في سوق "الحسبة" القريب من المخيم.
في المنزل اطفال بؤساء، بملابس ليست من مقاساتهم، ترتسم على وجوههم الكآبة، وكذلك أبناء أكبر سناً مرضى، يغطون في النوم فوق بقايا سجادة مهترئة، ووالدان كهلان: (ابو خليل) وهو رجل مريض في السبعينات من عمره، و(ام خليل) في الخمسينات، بلباس اسود، تحاول حبس دموعها، ولكن ملامح وجهها توحي بحجم الألم والحسرة والضعف، وكل مصطلحات الانكسار الانساني.
منزل عائلة ابو العيش، الذي لا يصلح لايواء البشر تحت سقفه، يتكون من غرفتين قديمتين مهلهلتين، سقطت القصارة من بعض واجهاتهما، وليس فيهما سوى خزانه قديمة، تحسبها من بقايا الحرب العالمية الثانية، لما فيها من كسور وضربات، تجاورها بضع فرشات اسفنجية تقلّص سُّمكُها وتعرضت لعوامل التعرية.
ويقابل الغرفتين مطبخ صغير اشبه بزنزانة، فيه مغسلة مكسورة الطرف والخاطر، يعلوها صنبوارا ماء جُرِّدا من مقبضيهما، وثلاجة قديمة مهترئة غير موصولة بالكهرباء، لانها فارغة بنسبة 100%. وفي الزوايا المكشوفة ترقد بسلام بعض الطناجر والصحون، التي يبدو انها لم تستعمل منذ فترة طويلة، والى الجوار سلة خضار جوعى، ليس في بطنها، ولا حتى رأس بصل واحد.
تقودك قدماك بتثاقل عبر سلم يفضي الى سطح المنزل، لتقف مشدوها أمام مفاجأة أخرى، فهناك ثمة ما يشبه الغرفة، وهي مسقوفة بالصفيح "زينكو" تم عزل جزء منها بواسطة قطعة قماش ليتحول الى مطبخ يخلو من كل شيء، باستثناء بقايا خزانة خشبية بلا ابواب، تحولت الى ثلاجة العائلة. هنا في هذه الغرفة التي لا تصلح لأكثر من قن دجاج، يقطن (خليل) الابن الاكبر للعائلة، مع زوجته وابنائه الثلاثة، وكان في تلك اللحظة يغط بالنوم فوق حصيرة قش. وتشرح والدته بأنه "عاطل عن العمل ويائس ويعاني من مرض عصبي، ولا يرغب في الحديث مع أحد".
وتتحدث (ام خليل) عن واقع عائلتها المؤلم، مشيرة الى ان أبناءها اضافة الى خليل، هم: عبد الفتاح (24 عاما)، ومحمد (20 عاما) وكلاهما عاطلان عن العمل، ويعانيان من امراض ونوبات عصبية وراثية في العائلة، ومحمود (16 عاما)، وابراهيم (14 عاما)، وروان (18 عاما)، ورزان (15 عاما)، اضافة الى ابنتها حنان، المتزوجة التي انضمت لهم حاليا في نفس البيت مع اطفالها الثلاثة، والتي لها قصة اخرى.
وتقول (ام خليل) بأنه لا معيل لعائلتها الكبيرة، ولتأمين لقمة العيش تضطر للعمل في تنظيف المنازل لدى العائلات الميسورة في مدينة نابلس، مقابل أجر زهيد، فيما ترسل ابنها ابراهيم يوميا الى سوق الخضار (الحسبة) لجمع بعض حبات الخضار التي تسقط من الباعة هنا وهناك.
وتوضح انها لا تتلقى سوى مساعدة زهيدة من وزارة الشؤون الاجتماعية ( 1000 شيكل كل ثلاثة شهور)، اضافة الى اليسير من المواد التموينية التي تقدمها لهم وكالة الغوث "انروا" مرة كل عدة شهور".
وتتساءل (ام خليل)... "ترى ماذا تفعل مثل هذه المساعدات اليسيرة مع عائلة تضم 15 نفراً، غالبيتهم اطفال او مرضى".
وتقول بصوت متهدج، انها تتحسر على ابنائها واحفادها الصغار، الذين يعيشون معها، ولا تستطيع شراء الملابس او حتى اعداد كعك العيد لهم.
وبالعودة الى حنان، فقد اضطرت للعودة الى بيت اهلها، بعد ان فقد زوجها محمد شاهين 37 عاما عمله داخل الخط الاخضر، حيث اوقفه الجنود الاسرائيليون في احدى المرات لمحاولته دخول القدس من دون تصريح، واعتدوا عليه بالضرب اصيب بكسور في رجليه نتج عنها تكلسات في العظم، سببت له مشاكل صحية، وقد تراكمت عليهم اجرة المنزل، فقام صاحب المنزل بطردهم منه، واضطرت هي للعودة الى بيت اهلها مع اطفالها الثلاثة، فيما يسكن زوجها حاليا مع اهله في المخيم.
ومما فاقم من مشكلة حنان ان ابنتها الصغرى ليان (6 سنوات)، تعاني من اعاقة عقلية بنسبة 100%، سببها ضمور عقلي، نجم عن نقص وصول الاكسجين الى الدماغ. وتقول انها غير قادرة على تأمين بعض العلاجات الدائمة لها، مشيرة الى ان لديها وصفة طبية (روشيته) لابنتها غير قادرة على تأمينها منذ اكثر من 3 سنوات.
وتذكر حنان، بأن بعض الاطباء قد اخبروها ان هناك امكانية لعلاج ابنتها في ايطاليا، ولكن كل ما حصلت عليه، هو تحويلة طبية من السلطة الفلسطينية لبضعة ايام للعلاج في مستشفى المقاصد، وعندما حاولت العودة لمراجعة المستشفى لم يعطها الاحتلال تصريحا لدخول القدس، بحجة الرفض الامني، لذلك استسلمت للامر الواقع، وظلت ابنتها على حالها.
ويقول مسؤول اللجنة الاجتماعية في لجنة خدمات مخيم عسكر القديم، نجوان جاموس، بأن "الظروف التي تعيشها عائلة ابو العيش قاسية للغاية، حيث اجتمع فيها الفقر مع المرض تحت سقف واحد".
ويؤكد بأنهم يحاولون تقديم بعض المساعدات كالطرود والوجبات الغذائية لهذه العائلة، لكن ذلك مرتبط بالامكانيات المتاحة، مشيرا الى ان هناك عشرات الاسر الأخرى المعدمة في المخيم، ولا يستطيعون حصر المساعدة بأسرة واحدة كحالة دائمة.
للمساعدة، يمكن الاتصال على رقم أم خليل أبو العيش 0597831543
haعماد سعاده- في وسط مخيم عسكر القديم للاجئين، شرق مدينة نابلس، ثمَّة زقاق معتم، يفضي الى منزل متهالك، يتكدس فيه أفراد عائلة (ابو العيش)، التي استوطنها الفقر المدقع والجوع والمرض، ويقتات افرادها على ما يجود به أهل الخير، أو بعض خضار يجمعها صغار العائلة، مما يتساقط من صناديق وعربات الباعة، في سوق "الحسبة" القريب من المخيم.
في المنزل اطفال بؤساء، بملابس ليست من مقاساتهم، ترتسم على وجوههم الكآبة، وكذلك أبناء أكبر سناً مرضى، يغطون في النوم فوق بقايا سجادة مهترئة، ووالدان كهلان: (ابو خليل) وهو رجل مريض في السبعينات من عمره، و(ام خليل) في الخمسينات، بلباس اسود، تحاول حبس دموعها، ولكن ملامح وجهها توحي بحجم الألم والحسرة والضعف، وكل مصطلحات الانكسار الانساني.
منزل عائلة ابو العيش، الذي لا يصلح لايواء البشر تحت سقفه، يتكون من غرفتين قديمتين مهلهلتين، سقطت القصارة من بعض واجهاتهما، وليس فيهما سوى خزانه قديمة، تحسبها من بقايا الحرب العالمية الثانية، لما فيها من كسور وضربات، تجاورها بضع فرشات اسفنجية تقلّص سُّمكُها وتعرضت لعوامل التعرية.
ويقابل الغرفتين مطبخ صغير اشبه بزنزانة، فيه مغسلة مكسورة الطرف والخاطر، يعلوها صنبوارا ماء جُرِّدا من مقبضيهما، وثلاجة قديمة مهترئة غير موصولة بالكهرباء، لانها فارغة بنسبة 100%. وفي الزوايا المكشوفة ترقد بسلام بعض الطناجر والصحون، التي يبدو انها لم تستعمل منذ فترة طويلة، والى الجوار سلة خضار جوعى، ليس في بطنها، ولا حتى رأس بصل واحد.
تقودك قدماك بتثاقل عبر سلم يفضي الى سطح المنزل، لتقف مشدوها أمام مفاجأة أخرى، فهناك ثمة ما يشبه الغرفة، وهي مسقوفة بالصفيح "زينكو" تم عزل جزء منها بواسطة قطعة قماش ليتحول الى مطبخ يخلو من كل شيء، باستثناء بقايا خزانة خشبية بلا ابواب، تحولت الى ثلاجة العائلة. هنا في هذه الغرفة التي لا تصلح لأكثر من قن دجاج، يقطن (خليل) الابن الاكبر للعائلة، مع زوجته وابنائه الثلاثة، وكان في تلك اللحظة يغط بالنوم فوق حصيرة قش. وتشرح والدته بأنه "عاطل عن العمل ويائس ويعاني من مرض عصبي، ولا يرغب في الحديث مع أحد".
وتتحدث (ام خليل) عن واقع عائلتها المؤلم، مشيرة الى ان أبناءها اضافة الى خليل، هم: عبد الفتاح (24 عاما)، ومحمد (20 عاما) وكلاهما عاطلان عن العمل، ويعانيان من امراض ونوبات عصبية وراثية في العائلة، ومحمود (16 عاما)، وابراهيم (14 عاما)، وروان (18 عاما)، ورزان (15 عاما)، اضافة الى ابنتها حنان، المتزوجة التي انضمت لهم حاليا في نفس البيت مع اطفالها الثلاثة، والتي لها قصة اخرى.
وتقول (ام خليل) بأنه لا معيل لعائلتها الكبيرة، ولتأمين لقمة العيش تضطر للعمل في تنظيف المنازل لدى العائلات الميسورة في مدينة نابلس، مقابل أجر زهيد، فيما ترسل ابنها ابراهيم يوميا الى سوق الخضار (الحسبة) لجمع بعض حبات الخضار التي تسقط من الباعة هنا وهناك.
وتوضح انها لا تتلقى سوى مساعدة زهيدة من وزارة الشؤون الاجتماعية ( 1000 شيكل كل ثلاثة شهور)، اضافة الى اليسير من المواد التموينية التي تقدمها لهم وكالة الغوث "انروا" مرة كل عدة شهور".
وتتساءل (ام خليل)... "ترى ماذا تفعل مثل هذه المساعدات اليسيرة مع عائلة تضم 15 نفراً، غالبيتهم اطفال او مرضى".
وتقول بصوت متهدج، انها تتحسر على ابنائها واحفادها الصغار، الذين يعيشون معها، ولا تستطيع شراء الملابس او حتى اعداد كعك العيد لهم.
وبالعودة الى حنان، فقد اضطرت للعودة الى بيت اهلها، بعد ان فقد زوجها محمد شاهين 37 عاما عمله داخل الخط الاخضر، حيث اوقفه الجنود الاسرائيليون في احدى المرات لمحاولته دخول القدس من دون تصريح، واعتدوا عليه بالضرب اصيب بكسور في رجليه نتج عنها تكلسات في العظم، سببت له مشاكل صحية، وقد تراكمت عليهم اجرة المنزل، فقام صاحب المنزل بطردهم منه، واضطرت هي للعودة الى بيت اهلها مع اطفالها الثلاثة، فيما يسكن زوجها حاليا مع اهله في المخيم.
ومما فاقم من مشكلة حنان ان ابنتها الصغرى ليان (6 سنوات)، تعاني من اعاقة عقلية بنسبة 100%، سببها ضمور عقلي، نجم عن نقص وصول الاكسجين الى الدماغ. وتقول انها غير قادرة على تأمين بعض العلاجات الدائمة لها، مشيرة الى ان لديها وصفة طبية (روشيته) لابنتها غير قادرة على تأمينها منذ اكثر من 3 سنوات.
وتذكر حنان، بأن بعض الاطباء قد اخبروها ان هناك امكانية لعلاج ابنتها في ايطاليا، ولكن كل ما حصلت عليه، هو تحويلة طبية من السلطة الفلسطينية لبضعة ايام للعلاج في مستشفى المقاصد، وعندما حاولت العودة لمراجعة المستشفى لم يعطها الاحتلال تصريحا لدخول القدس، بحجة الرفض الامني، لذلك استسلمت للامر الواقع، وظلت ابنتها على حالها.
ويقول مسؤول اللجنة الاجتماعية في لجنة خدمات مخيم عسكر القديم، نجوان جاموس، بأن "الظروف التي تعيشها عائلة ابو العيش قاسية للغاية، حيث اجتمع فيها الفقر مع المرض تحت سقف واحد".
ويؤكد بأنهم يحاولون تقديم بعض المساعدات كالطرود والوجبات الغذائية لهذه العائلة، لكن ذلك مرتبط بالامكانيات المتاحة، مشيرا الى ان هناك عشرات الاسر الأخرى المعدمة في المخيم، ولا يستطيعون حصر المساعدة بأسرة واحدة كحالة دائمة.
للمساعدة، يمكن الاتصال على رقم أم خليل أبو العيش 0597831543