يوسف يبعث من جديد ... احتفالات الحرية حتى مطلع الفجر
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
علي سمودي - تعالت الهتافات والاهازيج الفلسطينية في منزل الاسير المحرر يوسف عبد الحميد ارشيد (43 عاما ) في قرية صير قضاء جنين ،لحظة دخوله محمولا على اكتاف المحتفلين بتحرره من السجون الاسرائيلية التي قضى فيها 21 عاما في مشهد فرح تحققت خلاله الامنيات لدى عائلته التي تجرعت كل صنوف المعاناة طوال السنوات الماضية .
فالوالدة الستينة تمام عبرت فرحتها لان الله" كرمها واطال بعمرها لترى يوسف يتحرر ومحمولا على الاكتاف ليعوضها عن فرحة زفافه التي حرمت منها لانه تزوج بشكل سري اثناء ملاحقة الاحتلال له خلال الانتفاضة الاولى ".
وفي لحظات العناق ، لم تحتمل الوالدة التي لم يغمض لها جفن منذ نشر قائمة الاسماء المشهد ، حتى اغمي عليها وهي تقبل يوسف الذي لم يتوقف عن تقبيل يديها وراسها حتى استعادت وعيها ، فعادت لاطلاق الزغاريد وهي تشارك نساء القرية والعائلة الرقص والغناء ، وقالت " باركوا لي انا اسعد ام في العالم ،اخيرا تحررت من السجن ،و اليوم تكتمل الفرحة بعرس يوسف الحقيقي الذي يعوضني عن الفرحة التي حرمتها على نفسي منذ اعتقاله ، فحتى عندما تزوج ابنائي وبناتي السبعة لم اشعر بمثل هذه السعادة ".
معجزة الحرية
ووسط اجواء الاحتفالات الحاشدة التي نظمتها حركة "فتح " لاستقبال ابرز قادتها ومؤسسي جناحها العسكري "الفهد الاسود "، شقت رفيقة دربه الزوجة الصابرة ام ارشيد الصفوف وسط مشاعر الفرح والسعادة بعدما تحقق الحلم الذي انتظرته طويلا ، وقالت " انه حلم تجرعنا كل صنوف الالم في سبيله ، لا اصدق ان يوسف عاد لمنزلنا ، انها معجزة نشكر الله والرئيس ابو مازن لانه حققها لنا ".
وفي لحظات عناق طويلة بين الزوج الذي نجا من عدة محاولات اغتيال خلال ملاحقته ، والزوجة التي لم تقض معه سوى 20 يوما بسبب استهدافه وانتظرته 21 عاما ، قالت ام ارشيد " لم ولن اندم رغم الم الفراق ، لاني فخورة بزوجي وبطولاته ، وتحديت كل الظروف خلال ملاحقته ووافقت على الارتباط به ومنحته كل حياتي ، وانتظرته مع وحيدنا ارشيد ولم افقد الامل يوما "، وتابعت " الله عوض صبرنا خيرا ، فجمع شملنا وبجهود وحنكة الرئيس كسرت المعايير الاسرائيلية التي منعت حرية زوجي "، وتابعت وهي تلتقط مع يوسف الصورة التي لم تحظ بها حتى عندما تزوجا " لاول مرة نشعر بمعنى الفرحة .
امنية ارشيد
في القرية التي تزينت باعلام فلسطين وصور الرئيس محمود عباس، و انتظر اهلها عودة اسيرها حتى الرابعة فجرا ، دوت اصوات الالعاب النارية لتمتزج مع مكبرات الصوت وهي تطلق الاغاني الوطنية، بينما توافد الاهالي من كل ارجاء المحافظة للمشاركة في لحظات الفرح ،وكان الابن الوحيد للمحرر الشاب ارشيد (21 عاما ) اكثر المحتفين فرحا ، تارة يعانق والده ويقبله ، واخرى يرقص ويوزع الحلوى وتارة يلقي بنفسه في احضان والدته وهو يحاول اخفاء دموعه ، وقال " انها امنية حياتي ان اعانق ابي واقبله ، الاحتلال عاقبني وانتقم مني طوال حياتي ، فلم انم في حضنه ولو لمرة واحدة ولم اعرفه الا من خلف القضبان ، اخيرا انتصرنا ولن يفصل بيني وبين ابي زجاج عازل ولن يراقبنا سجان "، واضاف " انها فرحة العمر والعيد الاول في حياتي التي قضيتها على بوابات السجون ".
كسر القيد
ورغم اجتماع شمله بعائلته ، والاحتفالات غير المسبوقة في القرية ، بدت علامات التاثر واضحة على المحرر يوسف الذي انتمى لحركة "فتح " في سن 16 عاما ، وتعرض للاعتقال عدة مرات ، وطارده الاحتلال خلال الانتفاضة الاولى واصيب عدة مرات برصاص الاحتلال الذي اعتقله بعد ايام من رؤيته لطفله ارشيد في تاريخ 3 -3-1993 ، وحوكم بالسجن المؤبد 5 مرات اضافة ل50 عاما ، وقال المحرر " مشاعري لا تصفها كلمات ، فهذه معجرة بعدما تكرر شطب اسمي من الصفقات والافراجات ، ولكن طوال حياتي لم افقد الامل لاننا نثق بشعبنا وقيادتنا وانهم لن يتخلوا عنا ابدا ".
يوسف الذي تعرض لانتكاسات صحية خلال اعتقاله بسبب اثار الاصابة وظروف السجن التي نجم عنها اصابته بعدة امراض ، بدت معالم المرض على وجهه وجسده ، ورغم ذلك كان يتمتع بمعنويات عالية حتى لم تفارق الابتسامة وجهه ، وقال " كاسرى ورغم الماسي والظلم الذي تعرضنا له ، فان سر صمودنا الايمان برسالتنا الوطنية والثقة بان القيادة الفلسطينية لن تتنكر لنا لتتحكم فينا اسرائيل ، لذلك الافراج عنا هو انتصار وكسر للقيد".
اثار سلبية
ويؤكد المحرر يوسف ان فرحته لن تكتمل وستبقى منقوصة ما دام هناك اسرى ، وقال " الحقيقة ان تقسيم الاسرى لدفعات كان له تاثير سلبي على القدامى جميعا ، وعشنا الصدمة عندما اختارت اسرائيل الافراج بشكل عكسي وعدم شمول هذه الدفعة لذوي الاقدمية واي من اسرى القدس والداخل "، واضاف " هناك قلق وخوف كبير من عدم التزام اسرائيل بالدفعات المتبقية وهذا ما نغص علينا الفرحة التي ستبقى مؤجلة حتى اطلاق سراح كل القدامى ودون استثناء ".
رسالة للرئيس
واكد المحرر يوسف ، ان سلطات الاحتلال عاقبتهم وانتقمت منه باجراءات تعسفية منذ ابلاغهم بقرار الافراج ، موضحا انهم عاشوا معاناة بالغة على مدار اليومين الماضيين وجرى الزامهم بالتوقيع على تعهد بعدم القيام باي نشاطات والالتزام بالاقامة في اماكن سكناهم لمدة عام
في المقابل ، حمل المحرر يوسف رسالة من الاسرى للقيادة والرئيس ، طالبوا فيها بتكثيف الجهود والضغوط لمنع اسرائيل من التلاعب في مسالة الافراج عن باقي الدفعات ، وضرورة التاكيد على البدء بالقدامى واغلاق كل الطرق امام حكومة الاحتلال لمنع اي مماطلة او تسويف او استثناء لاي من الاسرى المعتقلين قبل اوسلو، وقال " نشكر ونثمن جهود الرئيس الذي حقق لنا هذه الامنية ، ونتمنى ربط اي تقدم في مسار المفاوضات بالافراج عن باقي المعتقلين وهذه امانة ومسؤولية يتحمل الجميع المسؤولية التاريخية عن تحقيقها ".