من أرشيف الذاكرة .. ثورة سجن عسقلان
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عبد الحق شحاده-
بداية وقبل كل شيئ كنت في حيرة من أمري حول اختيار عنوان لهذا الموضوع والحدث ولم أكن أتفق على عنوان حيث سجلت عنواناً للموضوع تحت إسم "أيام دامية في سجن عسقلان "
وعنوان أخر هذا ما حدث في سجن عسقلان إلى أن جاءت النجدة بوضع عنوان دقيق وهو " ثورة عسقلان " وهذا العنوان اختاره لي الأخ الصديق الكاتب الكبير أبو شفيق ساق الله .. حيث أنه في أحدى تعليقاته على موضوع كتبته أنا على صفحتي الشخصية في "الفيس بوك" قال أنني أنتظر ما ستكتبه عن ثورة عسقلان وكنت قد قلت له بأنني سأكتب عن حدث حصل في 11/9/1985م في سجن عسقلان وعلى الفور أعجبني عنوانه الجميل والمميز وبذلك يكون الأخ أبو شفيق حل مشكلة حيرتني قبل أن يقرأ الموضوع ودون أن يعرف أنني كنت في حيرة من أمري حول العنوان .
11/9/1985م يوم لا ينسى .. يوم بطولي ولكنه مشؤوم في تاريخ معتقل عسقلان .. يوم سيظل محفوراً في ذاكرة كل من عايش هذا الحدث .. سيبقى يوماً تاريخياً في أرشيف الحركة الأسيرة . في هذا اليوم البطولي من عام 1985م مارس العدو الصهيوني ممثلاً بإدارة سجن عسقلان وعلى رأسها مدير السجن المدعو " أشر كوهين " وضابط أمنه المدعو " عاموس " وطاقم مديرية السجون " الشاباس " وجهاز الأمن الداخلي " الشين بيت " مارسوا جميعاً أبشع صور الهمجية والنازية بحق الأسرى العزل داخل هذا المعتقل .. فقد تحول معتقل عسقلان منذ ساعات الصباح الباكر لهذا اليوم إلى ثكنة عسكرية مجهزة بكافة أنواع الأسلحة الهجومية .. فقد طوقت الآليات العسكرية هذا السجن وإنتشر الجنود وأفراد وإدارة السجن ومديرية السجون في كل مكان داخل وخارج السجن .. كما اعتلى أفراد وحده القناصة في سلاح الحدود الإسرائيلي " مشمار هكفول " أسطح أقسام السجن وأبراجه وبحوزتهم أسلحتهم القاتلة ، فقد عملت مديرية السجون على إستدعاء وحدات معززة من قوات الجيش الإسرائيلي المتواجدة في موقع القسطينة ، وكذلك من موقع " عراق السودان " وذلك على عجل ، ليتجمع في هذا المعتقل من الجنود وأفراد مديرية السجون ورجال الأمن ما يفوق عدد الأسرى المعتقلين الذين لم يكن يتجاوز عددهم 500 معتقل .. وكأن مديرية السجون أردأت أن تخصص لكل سجين جندي أو سجان أو رجل امن ؟؟
إن ما حدث في هذا اليوم كان صراع بين إرادة الحق ممثلةَ بالأسرى داخل السجن وبين سياسة القهر والإذلال والتركيع التي أرادت مديرية السجون فرضها على المناضلين داخل السجن . وما حصل كان سببه بأنه كان هناك موقف جماعي للأسرى داخل السجن بعدم الوقوف على العدد لأسباب عديدة ... وقد تم الإلتزام من قبل جميع الفصائل داخل السجن بهذا الموقف منذ ما قبل عملية تبادل الأسرى التي حصلت بتاريخ 20/5/1985م . واستمر الموقف بعدم الوقوف على العدد لفترة من الوقت إلى جاءت ساعة الصفر حيث أرادت مديرية السجون وإدارة معتقل عسقلان بالعمل على تركيع الأسرى والبطش بهم متخذه من مسألة عدم الوقوف على العدد ذريعة لهم لتنفيذ هذا الهجوم البربري ضد الأسرى . وعند بدء ساعة الصفر قامت إدارة السجن وإدارة مديرية السجون منذ ساعات الصباح الباكر بشن هجوم مباغث على الأسرى وهم بداخل غرفهم . لقد كان الهجوم مخطط له بشكل جيد وكانت إدارة السجن تنتظر الشرارة التي تمثلت بمحاولة البعض من الأسرى دفع أحد السجانين لتأخره في فتح باب أحد الأقسام خلال ساعة النزول لساعة الرياضة الصباحية . وفي المقابل كان الأسرى داخل السجن مستعدون للمنازلة دون التراجع عن قرارهم بعد الوقوف على العدد " الإسفراه " لقد إستعدوا وهم لا يملكون إلا سلاح الحق .. سلاح الإرادة الأقوى من كل الأسلحة .
في هذا اليوم المشؤوم كنت أتواجد أنا شخصياً في قسم ( ج ) غرفة رقم 27 وكان يتواجد معي في هذه الغرفة أربعة عشر أخاً اذكر منهم الأخوة / موسى عبد النبي ومحمد دحلان وسهيل جبر .. وعندما بدأت المواجهة قام الأسرى بقذف أفراد مديرية السجون وعناصر الجيش بكل ما وقع بين أيديهم من وسائل دفاعية بسيطة مثل كاسات الشاي البلاستيكية وقطع الصابون والأحذية .. كما قاموا بإستخدام طناجر الحديد الفولاذية القوية والتي كان يقدم بها الطعام للضرب والدق على أبواب الغرف . ويمكن القول بأن سجن عسقلان تحول خلال ذلك إلى ساحة حرب حقيقية ، حتى أن سكان مدينة عسقلان من اليهود إستفاقوا من نومهم على أصوات الخبط والدق على الأبواب وكذلك أصوات قنابل الغاز والمدافع الرشاشة التي كانت تقذف ما بداخلها في وجه الأسرى التي كان يسمع صوتها عندهم .. كما تحولت ممرات أقسام السجن وغرفها إلى برك من المياه المتدفقة والتي كانت تستخدم ارش الأسرى بها داخل غرفهم .. كما عمد الأسرى إلى محاولة تحويل حالة الدفاع إلى حالة من الهجوم بأن قاموا بحرق فرشات النوم والبطانيات . إلاً أن هذه الخطوة أعطت نتائج عكسية ، فقد أدى الدخان المتصاعد من هذه الفرشات والبطانيات إلى حدوث حالة إختناق عند الأسرى ، مما أضعف من قدرتنا على المقاومة والصمود وما أن أصبحت الشمس في كبد السماء حتى كانت الغلبة لإدارة السجن ومعها قوات الجيش. حيث إستطاعوا السيطرة على الموقف بعد أن خارت قوى المعتقلين .. وبدأت عملية إخراجنا من غرفنا فرداً فرداً وكان الأسرى يمرون من أجنحة السجن بإتجاه ممر طويل يمتد طوله إلى مسافة 300 متر وينتشر على طول جانبيه أفراد إدارة السجن ومديرية السجون وجنود الجيش الإسرائيلي ليلهبوا أجساد الأسرى بالسياط والعصي البلاستيكية التي كانت تغرز في أجسامنا مسببة ألم شديد لنا وذلك على طول هذه المسافة إلى أن نصل مكان التجميع .لتبدأ بعد إخراجنا من الغرف عملية التفتيش الدقيقة والهمجية لجميع الغرف حيث لم يبق شيئاً في الغرف على حاله وتم سحب كل ما كان يقع بين أيديهم من دفاتر وكتب وأغراض الكنتينة ولوازم حياتية أخرى كان الأسرى قد حصلوا عليها بعذاباتهم ونضالهم وإضراباتهم البطولية الطويلة .. حتى أنهم لم يتركوا لنا في الغرف سوى أسمال بالية . ولم يتم تعويض الأسرى بما تم حرقه من الفرشات والبطانيات . وبعد إجراء عملية التفتيش الدقيقة للغرف تم إرجاع الأسرى إلى غرفهم بعد أن تم إحداث عملية تنقلات واسعة بين نزلاء الغرف والأقسام ، فلم يعد أحداً من الأسرى إلى غرفته الأصلية .. كما تم عزل قيادة التنظيم في السجن ممثلةً بالأخ عبد الله أبو سمهدانه والذي كان موجه عام التنظيم آنذاك والمطلوب رقم واحد لإدارة السجن ومعه أعضاء اللجنة المركزية للتنظيم وعددهم خمسة أعضاء وهم / موسى عبد النبي وكمال الأسطل وعاصم الطويل وصالح أبو السعيد . وكان ممثل المعتقل هو الأخ رشيد أبو شباك . وبعد ذلك تم ترحيلهم ومعهم عدد قليل من الكوادر إلى معتقل نفحة الصحراوي بعد أن تم عزلهم في الزنازين الإنفرادية لفترة من الوقت . وبالرغم من إجراءات القمع والترحيل لأعضاء اللجنة المركزية فإن ذلك لم يضعف في عضد التنظيم . فقد كان سجن عسقلان يزخر بالكوادر التنظيمية من الصف الأول والتي عملت على سد الفراغ فوراً وتم إنتخاب قيادة جديدة للتنظيم في السجن عملت جاهدة على إعادة بناء التنظيم داخل المعتقل . ومن هذه الكوادر على سبيل المثال لا الحصر / جمال أبو الجديان ومحمد دحلان وطلال أبو سبيتان وسفيان أبو زايدة ومحمد العواودة وسليمان أبو مطلق ومصطفى أ.غوله ومحمد غريب وسهيل جبر وأحمد الدعبله وسليمان أبو جزر ومحمد سعدات وأكرم الطحلة وفواز الزعانين وكل من خليل البصبوص ورياض الملاعبي وكليهما من مدينة القدس وإسماعيل أبو غالي ومحمد عبده وماهر أبو العوف وكريم يونس ومحمود الديراوي وحسن عبد الله ومحمد سعيد الغرابلي ومحمود القلقيلي وسهيل السالمي ومحمد حسن أبو دية وكمال عبد النبي وفايز أبو عيطه ومحمد البحيصي وطلال أبو طير ونعيم الشواف وغيرهم ممن لم أذكرهم من كادر الصف الأول .
وأخيراً فقد أرادت إدارة السجن من وراء هذا العمل وبتعليمات من مديرية السجون بإعادة الأوضاع في سجن عسقلان إلى بدايات الاعتقال الأولى للمناضلين وذلك بالعودة إلى إستعمال سياسة العصا الغليظة ضد الأسرى والعودة إلى ممارسة سياسة وأسلوب ( نعم سيدي ) خلال التعامل مع السجان وحرمان الأسرى من أبسط الأمور الحياتية والمعيشية وفرض حالة من التجهيل والتعتيم الإعلامي من خلال حرماننا من قراءه الجرائد والاستماع إلى الإذاعة وسحب أجهزة راديو الترنزسستور التي تم الحصول عليها بألأم الجوع والدم .. كما عملت إدارة السجن على حرماننا من النزول إلى الساحة لفترة طويلة . وفي أول يوم سمحت لنا بالخروج إلى الساحة لمدة نصف ساعة بعد حرمان من ذلك لوقت طويل أخذت الإدارة إستعداداتها وإعتلى أفرادها أسطح الأقسام وهم مزودون بمدافع الغاز والأسلحة الرشاشة المزودة بالرصاص الحي .
إنها حقاً أياماً عصيبة شهدها سجن عسقلان .. وقد أطلق الأسرى على ما حصل في هذا اليوم تعبير ومصطلح " يوم القمعة " .
zaعبد الحق شحاده-
بداية وقبل كل شيئ كنت في حيرة من أمري حول اختيار عنوان لهذا الموضوع والحدث ولم أكن أتفق على عنوان حيث سجلت عنواناً للموضوع تحت إسم "أيام دامية في سجن عسقلان "
وعنوان أخر هذا ما حدث في سجن عسقلان إلى أن جاءت النجدة بوضع عنوان دقيق وهو " ثورة عسقلان " وهذا العنوان اختاره لي الأخ الصديق الكاتب الكبير أبو شفيق ساق الله .. حيث أنه في أحدى تعليقاته على موضوع كتبته أنا على صفحتي الشخصية في "الفيس بوك" قال أنني أنتظر ما ستكتبه عن ثورة عسقلان وكنت قد قلت له بأنني سأكتب عن حدث حصل في 11/9/1985م في سجن عسقلان وعلى الفور أعجبني عنوانه الجميل والمميز وبذلك يكون الأخ أبو شفيق حل مشكلة حيرتني قبل أن يقرأ الموضوع ودون أن يعرف أنني كنت في حيرة من أمري حول العنوان .
11/9/1985م يوم لا ينسى .. يوم بطولي ولكنه مشؤوم في تاريخ معتقل عسقلان .. يوم سيظل محفوراً في ذاكرة كل من عايش هذا الحدث .. سيبقى يوماً تاريخياً في أرشيف الحركة الأسيرة . في هذا اليوم البطولي من عام 1985م مارس العدو الصهيوني ممثلاً بإدارة سجن عسقلان وعلى رأسها مدير السجن المدعو " أشر كوهين " وضابط أمنه المدعو " عاموس " وطاقم مديرية السجون " الشاباس " وجهاز الأمن الداخلي " الشين بيت " مارسوا جميعاً أبشع صور الهمجية والنازية بحق الأسرى العزل داخل هذا المعتقل .. فقد تحول معتقل عسقلان منذ ساعات الصباح الباكر لهذا اليوم إلى ثكنة عسكرية مجهزة بكافة أنواع الأسلحة الهجومية .. فقد طوقت الآليات العسكرية هذا السجن وإنتشر الجنود وأفراد وإدارة السجن ومديرية السجون في كل مكان داخل وخارج السجن .. كما اعتلى أفراد وحده القناصة في سلاح الحدود الإسرائيلي " مشمار هكفول " أسطح أقسام السجن وأبراجه وبحوزتهم أسلحتهم القاتلة ، فقد عملت مديرية السجون على إستدعاء وحدات معززة من قوات الجيش الإسرائيلي المتواجدة في موقع القسطينة ، وكذلك من موقع " عراق السودان " وذلك على عجل ، ليتجمع في هذا المعتقل من الجنود وأفراد مديرية السجون ورجال الأمن ما يفوق عدد الأسرى المعتقلين الذين لم يكن يتجاوز عددهم 500 معتقل .. وكأن مديرية السجون أردأت أن تخصص لكل سجين جندي أو سجان أو رجل امن ؟؟
إن ما حدث في هذا اليوم كان صراع بين إرادة الحق ممثلةَ بالأسرى داخل السجن وبين سياسة القهر والإذلال والتركيع التي أرادت مديرية السجون فرضها على المناضلين داخل السجن . وما حصل كان سببه بأنه كان هناك موقف جماعي للأسرى داخل السجن بعدم الوقوف على العدد لأسباب عديدة ... وقد تم الإلتزام من قبل جميع الفصائل داخل السجن بهذا الموقف منذ ما قبل عملية تبادل الأسرى التي حصلت بتاريخ 20/5/1985م . واستمر الموقف بعدم الوقوف على العدد لفترة من الوقت إلى جاءت ساعة الصفر حيث أرادت مديرية السجون وإدارة معتقل عسقلان بالعمل على تركيع الأسرى والبطش بهم متخذه من مسألة عدم الوقوف على العدد ذريعة لهم لتنفيذ هذا الهجوم البربري ضد الأسرى . وعند بدء ساعة الصفر قامت إدارة السجن وإدارة مديرية السجون منذ ساعات الصباح الباكر بشن هجوم مباغث على الأسرى وهم بداخل غرفهم . لقد كان الهجوم مخطط له بشكل جيد وكانت إدارة السجن تنتظر الشرارة التي تمثلت بمحاولة البعض من الأسرى دفع أحد السجانين لتأخره في فتح باب أحد الأقسام خلال ساعة النزول لساعة الرياضة الصباحية . وفي المقابل كان الأسرى داخل السجن مستعدون للمنازلة دون التراجع عن قرارهم بعد الوقوف على العدد " الإسفراه " لقد إستعدوا وهم لا يملكون إلا سلاح الحق .. سلاح الإرادة الأقوى من كل الأسلحة .
في هذا اليوم المشؤوم كنت أتواجد أنا شخصياً في قسم ( ج ) غرفة رقم 27 وكان يتواجد معي في هذه الغرفة أربعة عشر أخاً اذكر منهم الأخوة / موسى عبد النبي ومحمد دحلان وسهيل جبر .. وعندما بدأت المواجهة قام الأسرى بقذف أفراد مديرية السجون وعناصر الجيش بكل ما وقع بين أيديهم من وسائل دفاعية بسيطة مثل كاسات الشاي البلاستيكية وقطع الصابون والأحذية .. كما قاموا بإستخدام طناجر الحديد الفولاذية القوية والتي كان يقدم بها الطعام للضرب والدق على أبواب الغرف . ويمكن القول بأن سجن عسقلان تحول خلال ذلك إلى ساحة حرب حقيقية ، حتى أن سكان مدينة عسقلان من اليهود إستفاقوا من نومهم على أصوات الخبط والدق على الأبواب وكذلك أصوات قنابل الغاز والمدافع الرشاشة التي كانت تقذف ما بداخلها في وجه الأسرى التي كان يسمع صوتها عندهم .. كما تحولت ممرات أقسام السجن وغرفها إلى برك من المياه المتدفقة والتي كانت تستخدم ارش الأسرى بها داخل غرفهم .. كما عمد الأسرى إلى محاولة تحويل حالة الدفاع إلى حالة من الهجوم بأن قاموا بحرق فرشات النوم والبطانيات . إلاً أن هذه الخطوة أعطت نتائج عكسية ، فقد أدى الدخان المتصاعد من هذه الفرشات والبطانيات إلى حدوث حالة إختناق عند الأسرى ، مما أضعف من قدرتنا على المقاومة والصمود وما أن أصبحت الشمس في كبد السماء حتى كانت الغلبة لإدارة السجن ومعها قوات الجيش. حيث إستطاعوا السيطرة على الموقف بعد أن خارت قوى المعتقلين .. وبدأت عملية إخراجنا من غرفنا فرداً فرداً وكان الأسرى يمرون من أجنحة السجن بإتجاه ممر طويل يمتد طوله إلى مسافة 300 متر وينتشر على طول جانبيه أفراد إدارة السجن ومديرية السجون وجنود الجيش الإسرائيلي ليلهبوا أجساد الأسرى بالسياط والعصي البلاستيكية التي كانت تغرز في أجسامنا مسببة ألم شديد لنا وذلك على طول هذه المسافة إلى أن نصل مكان التجميع .لتبدأ بعد إخراجنا من الغرف عملية التفتيش الدقيقة والهمجية لجميع الغرف حيث لم يبق شيئاً في الغرف على حاله وتم سحب كل ما كان يقع بين أيديهم من دفاتر وكتب وأغراض الكنتينة ولوازم حياتية أخرى كان الأسرى قد حصلوا عليها بعذاباتهم ونضالهم وإضراباتهم البطولية الطويلة .. حتى أنهم لم يتركوا لنا في الغرف سوى أسمال بالية . ولم يتم تعويض الأسرى بما تم حرقه من الفرشات والبطانيات . وبعد إجراء عملية التفتيش الدقيقة للغرف تم إرجاع الأسرى إلى غرفهم بعد أن تم إحداث عملية تنقلات واسعة بين نزلاء الغرف والأقسام ، فلم يعد أحداً من الأسرى إلى غرفته الأصلية .. كما تم عزل قيادة التنظيم في السجن ممثلةً بالأخ عبد الله أبو سمهدانه والذي كان موجه عام التنظيم آنذاك والمطلوب رقم واحد لإدارة السجن ومعه أعضاء اللجنة المركزية للتنظيم وعددهم خمسة أعضاء وهم / موسى عبد النبي وكمال الأسطل وعاصم الطويل وصالح أبو السعيد . وكان ممثل المعتقل هو الأخ رشيد أبو شباك . وبعد ذلك تم ترحيلهم ومعهم عدد قليل من الكوادر إلى معتقل نفحة الصحراوي بعد أن تم عزلهم في الزنازين الإنفرادية لفترة من الوقت . وبالرغم من إجراءات القمع والترحيل لأعضاء اللجنة المركزية فإن ذلك لم يضعف في عضد التنظيم . فقد كان سجن عسقلان يزخر بالكوادر التنظيمية من الصف الأول والتي عملت على سد الفراغ فوراً وتم إنتخاب قيادة جديدة للتنظيم في السجن عملت جاهدة على إعادة بناء التنظيم داخل المعتقل . ومن هذه الكوادر على سبيل المثال لا الحصر / جمال أبو الجديان ومحمد دحلان وطلال أبو سبيتان وسفيان أبو زايدة ومحمد العواودة وسليمان أبو مطلق ومصطفى أ.غوله ومحمد غريب وسهيل جبر وأحمد الدعبله وسليمان أبو جزر ومحمد سعدات وأكرم الطحلة وفواز الزعانين وكل من خليل البصبوص ورياض الملاعبي وكليهما من مدينة القدس وإسماعيل أبو غالي ومحمد عبده وماهر أبو العوف وكريم يونس ومحمود الديراوي وحسن عبد الله ومحمد سعيد الغرابلي ومحمود القلقيلي وسهيل السالمي ومحمد حسن أبو دية وكمال عبد النبي وفايز أبو عيطه ومحمد البحيصي وطلال أبو طير ونعيم الشواف وغيرهم ممن لم أذكرهم من كادر الصف الأول .
وأخيراً فقد أرادت إدارة السجن من وراء هذا العمل وبتعليمات من مديرية السجون بإعادة الأوضاع في سجن عسقلان إلى بدايات الاعتقال الأولى للمناضلين وذلك بالعودة إلى إستعمال سياسة العصا الغليظة ضد الأسرى والعودة إلى ممارسة سياسة وأسلوب ( نعم سيدي ) خلال التعامل مع السجان وحرمان الأسرى من أبسط الأمور الحياتية والمعيشية وفرض حالة من التجهيل والتعتيم الإعلامي من خلال حرماننا من قراءه الجرائد والاستماع إلى الإذاعة وسحب أجهزة راديو الترنزسستور التي تم الحصول عليها بألأم الجوع والدم .. كما عملت إدارة السجن على حرماننا من النزول إلى الساحة لفترة طويلة . وفي أول يوم سمحت لنا بالخروج إلى الساحة لمدة نصف ساعة بعد حرمان من ذلك لوقت طويل أخذت الإدارة إستعداداتها وإعتلى أفرادها أسطح الأقسام وهم مزودون بمدافع الغاز والأسلحة الرشاشة المزودة بالرصاص الحي .
إنها حقاً أياماً عصيبة شهدها سجن عسقلان .. وقد أطلق الأسرى على ما حصل في هذا اليوم تعبير ومصطلح " يوم القمعة " .