هادية.. عادت لمخيم اليرموك لتلاقي زوجها فباتت تسعى لاستعادة جثته
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
دمشق- ا.ف.ب- وصلت هادية الفوت الى الأطراف المهدمة لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، لتدرك ان زوجها الذي حمل السلاح في صفوف فصيل موال لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لقي مصرعه في كمين نصبه مقاتلو المعارضة.
وما يزيد الطين بلة، ان هادية التي نزحت من المخيم هربا من المعارك لم تتمكن من تسلم جثة زوجها التي يحتفظ بها المقاتلون المعارضون لمبادلتها، الا ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وهو الفصيل الذي قاتل زوجها في صفوفه، لا تحتفظ بأي جثث لاستعادة جثة عنصرها.
وتقول هادية التي غطت شعرها بحجاب أبيض لوكالة فرانس برس: "كنت على موعد معه لأننا من المفترض ان نسجل ابننا البالغ من العمر 19 شهرا في دوائر النفوس". وتضيف بين تنهديتين: "لكنني علمت، لدى وصولي الى المخيم، انه قضى مع كامل مجموعته في كمين لجبهة النصرة" المتطرفة المرتبطة بالقاعدة.
وبينما تتحدث الى أحد القادة الميدانيين في الجبهة الشعبية التي يتزعمها أحمد جبريل، يمكن بوضوح سماع أصوات القذائف والطلقات النارية جراء الاشتباكات. ويمكن في المخيم رؤية مقاتلين بملابس موحدة يحتمون وسط الأنقاض، أو يستريحون لتناول القهوة في مدخل أحد المباني.
تتصاعد رائحة الموت من احدى شقق الطبقة الأرضية. وفي داخل احدى الغرف، جثة مغطاة. ويقول المقاتلون الفلسطينيون الموالون للنظام، ان الجثة تعود الى مقاتل جهادي غير سوري، احرقه جزئيا رفاقه لئلا يكون ممكنا التعرف اليه.
وتقول هادية وهي تحمل ولدها وتمسك بيد ابنتها سيرة (سبعة أعوام): "أريد ان أرى زوجي للمرة الأخيرة. أريد ان اعرف أين سيدفن. احتاج اليه بالقرب مني، لكن لا أمل لدي بذلك لأنه ليس لدى رفاقه المقاتلين أي جثة يبادلونه بها".
وعمل زوجها محمد (27 عاما) كسائق سيارة أجرة قبل اندلاع النزاع السوري منتصف آذار 2011. ورغم كونه سوريا، الا انه انضم الى صفوف الجبهة الشعبية- القيادة العامة قبل نحو عام.
ورغم ان اليرموك شكل منذ عام 1957 مخيما للاجئين الفلسطينيين، الا انه تحول تباعا الى حي من أحياء دمشق، يضم قرابة 450 ألف نسمة بينهم 150 ألف سوري، وتنتشر فيه الزيجات المختلطة بين السوريين والفلسطينيين.
وبقي نحو 500 ألف فلسطيني في سوريا في منأى عن النزاع مدة طويلة، قبل ان يشارك البعض منهم منذ كانون الأول 2012 في المعارك، رغم مناشدة النظام والمنظمات الدولية لهم عدم الانخراط في المواجهات.
ويقول جمعة العبدالله، مسؤول القيادة العامة في المخيم، لفرانس برس: "حاليا نسيطر على 25 بالمئة من المخيم اثر هجوم بدأناه منذ نحو شهر. أنا واثق اننا قادرون مع الوقت من استعادته بالكامل". ويعد هذا التقدير متفائلا بعض الشيء.
وفي حين فرغ الجزء الذي تسيطر عليه المجموعات الموالية للنظام السوري من السكان نظرا الى ان المعارك أدت الى تدميره بشكل شبه كامل، يعيش نحو 50 ألف من السكان، وغالبيتهم من الفلسطينيين، في ظروف قاسية في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة.
ويعاني هؤلاء من شبه انقطاع في المواد الغذائية، واقفلت كل المخارج من المخيم إما بسبب الدمار والركام، أو بسبب الخطر الذي يفرضه القناصة.
ويقول أبو رشيد الذي فقد ستة كيلوغرامات من وزنه خلال شهرين: "لم يعد ثمة خبز أو حليب. نتناول الأرز المطحون والعدس والبرغل".
ويقول هذا الرجل البالغ من العمر 60 عاما: "كنت قويا وأصبحت أشبه بجثة. أولادي الأربعة بات وجههم أصفر اللون. لم يعد لدينا كهرباء، فقط ماء"، مشيرا الى انه باق "لأنني لا أملك مكانا آخر أذهب اليه".
ولا تشارك القوات النظامية مباشرة في المعارك. وتحتفظ السلطات السورية بمركز للشرطة فقط في ساحة البطيخة التي تعد أحد مداخل المخيم.
ويشرح الشرطي أبو جعفر (30 عاما): "عندما هاجم المسلحون قبل نحو تسعة أشهر، بقينا محاصرين مدة 48 ساعة، ومن أصل 25 زميلا، قتل اربعة منهم وجرح خمسة. حاليا، الوضع أفضل، لكن كما يمكنكم ان تتخيلوا، لا يأتي أحد الينا ليقدم شكوى أو يطلب مساعدتنا".