الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

جراء الظروف الصعبة: اطفال جنين يحرمون فرحة العيد ويمارسون اعمالا شاقة

علي سمودي- في احدى زوايا شارع ابو بكر وسط جنين جلس الطفل عاهد (13 عاما ) ترتسم على وجهه وجسده الغض معالم الاعياء والتعب كمن كان يمارس اعمالا شاقة، بالقرب منه كومة من الاغراض عطور ونثريات مختلفة، وبعد رفض طويل وامام الحاح شديد وافق على الحديث شريطة عدم نشر اسمه كاملا لانه بالفعل كما قال " يعمل لساعات طويلة وهو صائم مما يسبب له معاناة بالغة ولكن ليس امامه خيار سوى العمل رغم صغر سنه "، ساله مراسلنا ما السبب ؟، وضع يديه على راسه كمن يحمل كل هموم العالم وقال " والدي يرغمني على العمل كبائع متجول منذ بداية العطلة المدرسية لم ارتاح يوما او احظى باجازة كل يوم اعمل من الثامنة صباحا حتى العصر، ولكن في الايام الاخيرة من شهر رمضان اصبحت اعمل ايضا بعد الافطار"
 
واضاف " اصدقائي وزملائي في المدرسة يعيشون حياة افضل مني بكثير، والعيد على الابواب وما زلت اعمل اكثر من 10 ساعات ولست ادري ان كنت ساعيد مثلهم او اشتري ملابس العيد ". حاول عاهد كثيرا الابتعاد عن ابداء السبب، ولكنه قال وهو يحدق بعشرات الاطفال يمرون قربه مع امهاتهم واباءهم وهم يحملون هدايا العيد " ابي لا يجد عملا منذ فترة، ولاننا اسرة كبيرة وانا اصغرهم يرغمني على العمل، وما اجنيه يوميا اسلمه لابي ليشتري لنا احتياجاتنا ولكنني لست سعيدا، لانني محروم من ادنى حقوقي كطفل، وحتى العيد ساحرم منه لان والدي ابلغنا انه لن يتمكن من شراء ملابس لنا ".
 
حكايات مريرة
 في نفس الشارع الذي يعتبر شريان الاقتصاد في جنين، عشرات الاطفال الذين انهمكوا في اعمال مختلفة رغم صعوبة الوضع في شهر رمضان، وعشية العيد فحياتهم تختلف عن الكثير من الاطفال، بعضهم يعمل على بسطة والبعض الاخر يجوبون الشوارع لبيع مواد مختلفة، واخرون يجرون عربات تفوق حجهم وقوتهم ولكل منهم حكاية ومعاناة، الطفل بسام (12 عاما )،طوال الوقت يقف لجانب بسطة كبيرة للنثريات ويحث المواطنين على الشراء منها، قال " لدينا اسرة كبيرة ووالدي يعمل في محل تجاري بالمياومة باجرة 30 شيكل وهي لا توفر ادنى احتياجاتنا، لذلك اخرجني للعمل في شهر رمضان لمساعدته على توفير مصاريف العائلة المكونة من 10 انفار، وكل اسبوع انتقل من مهنة لاخرى، واتالم كلما اشاهد الاطفال يلعبون ومع اسرهم يشترون ما لذ وطاب وملابس "، ويضيف " انه عمل شاق ومؤلم خاصة خلال هذه الايام ولكن هذه هي حياتي البائسة ".
 
صورة اخرى من البؤس بدت واضحة على الطفل سليم (14 عاما ) الذي كان يقود عربة نقل تفوق حجم جسده الصغير، وقال " من الصباح حتى المساء اعمل في جر العربة اتحدى الالم رغم المعاناة فوالدي لا يقدر على العمل منذ مرضه بعدما فصل من عمله في حيفا، ومنذ العطلة الصيفية اصبحت اعمل عتالا وهي مهنة بحاجة لجهد ومرهقة جدا لكني اشعر بسعادة عندما اعود لمنزلي ومعي احتياجات اسرتي "، واضاف " في كثير من الاحيان ابكي خاصة بعد يوم العمل الشاق والمضني والعيد على الابواب واذا لم اعمل لن اوفر مستلزمات اشقائي في العيد ".
 
صور اخرى
 تتعدد الصور والمشاهدات في شوارع جنين التي تعكس مدى معاناة هؤلاء الاطفال الذين يتحملون وزر اعمال قاسية وشاقة، وقد كشفت احصائيات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بحسب ما افاد رئيسه باير سعيد عن ارتفاع نسبة عمالة الاطفال في الاسواق المحلية رغم نصوص القانون التي تحظر ذلك ولكن القانون شيء والواقع شيء اخر لان اثار الحصار والطوق واجراءات الاحتلال التي دمرت مقومات حياة الاسر الفلسطينية ورفعت معدلات البطالة والفقر والعوز دفع ثمنها الاطفال الذين اضطرت عائلاتهم امام شظف العيش لدفعهم لسوق العمل وفي ظروف قاسية واسعار متدنية، فالطفل ابراهيم ينهض صبيحة كل يوم وينطلق من منزله ليلتحق بورشة عمله التي التحق بها كميكانيكي متدرب قبل عامين لان والده عاطل عن العمل منذ 6 سنوات و يعمل يوميا 10 ساعات مقابل 20 شيكل.
 
وسط الحسبة الرئيسية في جنين، طابور طويل من العربات المتنقله يقودها اطفال في سن الورود بعضهم كاحمد (13 عاما ) استغل العطلة المدرسية للعمل، وقال " والدي يعيل اسرة كبيرة 14 نفر، انا اصغرهم وحاليا اعمل عتالا في جنين لمساعدته "، واضاف " وقفه العيد مناسبة هامه لان الحركة الاقتصادية تتزايد فخرجت لحسبة جنين ومنذ الصباح اعمل حتى استفيد من اليوم "، لجانبه جلس فريد (14 ) ترتسم على وجه ملامح التعب، ويقول " منذ السابعة صباحا وانا اعمل على العربة، ولا يوجد يوم للعطلة في حياتي منذ 4 سنوات حيث تركت المدرسة بسبب وضع عائلتنا القاسي "، فريد يعمل 10 ساعات يوميا ليجني 30 شيكل يقدمها لوالدته، ويقول " لا يهمني المعاناة والتعب فانا لا استطيع ان اعطل، ورغم انه عمل شاق ومتعب لكني تعودت عليه وانا سعيد لاني اعود لبيتي ومع احتياجات اسرتي".
 
عشية العيد
  " لن تعيد اذا لم تعمل " كلمات قالها الوالد لطفله ابراهيم (14 عاما ) فيمضي ساعات طويلة يجوب شوارع جنين وفي كل يوم يمتهن مهنة جديدة، ويقول بالم " حزنت كثيرا لان والدي قال لي ذلك وكل يوم ابكي واتالم لانني تعبت كثيرا خاصة في شهر رمضان وعشية العيد، الاطفال يشترون الملابس ويخططون لاجازة العيد بينما افكر في كل لحظة باستمراري في العمل على الاقل لاوفر ملابس العيد ولست ادري ان كنت ساحصل عليها، صورة الم اخرى يرويها الطفل س س 12 عاما الذي رفض نشر اسمه الحقيقي تلافيا لغضب والده الذي كما يقول ارغمه على مغادرة المدرسة للعمل كبائع متجول في الاحياء يسوق مواد التنظيف التي يفوق وزنها وزنه وذلك لان الشهادة كما ينقل عن والده كما المدرسة لا تطعم ولا تفيد وعليه ان يعمل لاكتساب الصنعة وتعلم الخبرة، ويضيف كنت متوفق في صفي واحلم ان اكون طبيب ولكن تحولت لمجرد بائع متجول فاين حقوقي ومن يساعدني على تحقيق ادناها ؟، ويشكل س نموذجا لعشرات الاطفال والفتية ممن تركوا مقاعد الدراسة واينما توجهت في شوارع جنين يسهل العثور عليهم على الارصفة وبين الازقة في الحسبة والكراج والمخبز والمصنع والمحلات التجارية يواجهون بؤس الحياة، ولكن الاكثر ماساوية ظروف العمل القاسية والمرهقة تحت أشعة الشمس الحارقة او البرد وبعضهم يعمل لاكثر من 12 ساعة كما الفتى عوني ( 14 عاما) الذي يعمل في محل للمواد التموينيه طوال هذه الساعات،كما يقول ودون توقف مقابل 25 شيكل تشكل بالنسبة له كما يقول الشيء الكثير لانها توفر بعض مستلزمات اسرته التي تدهورت اوضاعها المعيشية منذ انضمام والده لجيش العاطلين عن العمل في محافظة جنين.
 
اثارة خطيرة
 عمالة الاطفال تركت بصمات خطيرة القت بظلالها على حياتهم كما يقول الطفل مؤمن 12 عاما الذي لا يعرف معنى الفرح او الامل ويقضي حياته بعد انتهاء عمله الشاق كعتال وحيدا معزولا ويرفض حتى الاختلاط والتفاعل مع اسرته , وقال محمد دواد مدير جمعية الشبان المسيحية في جنين ان تشغيل الأطفال هو انتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان فالطفل من الفئات الأضعف التي يسهل استغلالها ومن آثاره النفسية حرمان الطفل من حقه في التعليم وحرمانه من العيش بطفولة آمنة وحرمانه من النمو الصحي السليم من الناحية الجسدية، واضاف قد يؤدي أيضا ًلسوء توافقه النفسي والاجتماعي والمهني وقد يقع الطفل ضحية للاعتداءات الجسدية والاستغلال المتعدد الاشكال بينما يحد من علاقته الاجتماعية ويطور بعض السلوكيات السلبية عند الطفل كنقص التقدير للذات والعدوانية. وراى أن الحزم في تطبيق الإجراءات القانونية لحماية الطفل من الإساءة والاستغلال والتزامه بإكمال تعليمه الثانوي من أسرع الأعمال التي من الممكن أن تحد من هذه الظاهرة فضلا ً عن التوعية الجماهيرية وتطوير برنامج التأهيل والتدريب المهني للأطفال.
 
دور المؤسسات
 وبينما قال اخر ون ان المجلس التشريعي لم يأخذ دوره بالشكل المطلوب تجاه هذه القضية كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تعطي الحلول المناسبة منها للحد من عمالة الأطفال وذلك من خلال معالجة قضية الفقر فان رياض نزال سكرتير المجلس العمالي النقابي قال أن ظاهرة عمالة الأطفال تحدي للواقع الفلسطيني على كافة الأصعدة خاصة وأن الطفل يتجه إلى العمل عندما يرى البطالة تنتشر بين صفوف خريجي الجامعات والذي يساهم بدوره في زيادة المشكلة وان البديل هو توفير ظروف افضل للحياة الاقتصادية وضمان مصدر دخل مستمر للأسرة،مضيفا ً أن اتحاد النقابات يواصل أعماله من اجل تخفيف هذه الظاهرة عند الأطفال من خلال عقد ورش توعوية ونشاطات ترفيهية ودورات الكمبيوتر والرسم من جهة وبالاصرار على تطبيق قانون العمل الفلسطيني في المادة رقم 7 لعام 2000 الذي يمنع من تواجد الأطفال اقل من سنة 15 سنة منعا باتا في المصانع وأماكن العمل مؤكدا أن الفقر والبطالة وعدم تطبيق القانون وغياب وعي الأهل للآثار المستقبلية على الطفل هي من الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال. واكد رئيس الغرفة التجارية الجديد هشام مساد، ان قضية عمالة الاطفال على راس اولويات ومهام الهيئة الادارية التي ستعمل مع كافة المؤسسات المعنية لحلها وايجاد حلول عملية تعالج القضية بشكل جذري لان الاولوية لبناء وتربية وحماية هؤلاء الاطفال الذي يشكلون جيل المستقبل والغد ويجب حمايتهم وتوفير فرص حياة كريمة وليس تدمير مستقبلهم وحرمانهم من التعليم مهما كانت الاسباب والدوافع.
 
دور السلطة
 من جانبه، قال محافظ جنين قدورة موسى " ان الدوائر المختصة في محافظىة جنين تتابع هذه القضية باهتمام، لان عمالة الاطفال قضية خطيرة وتعتبر اولوية نسعى لمحاربتها وعلاجها وايجاد الحلول المناسبة ". ودعا المحافظ ارباب العمل والمؤسسات للابتعاد عن استغلال اللاطفال وتشغيلهم، مؤكدا ان وزارة العمل والجهات المعنية تواصل جهودها لفرض الرقابة والمتالبعة وفق القانون.
 
واشار الى تراجع معدلات التسرب من المدارس وعمالة الاطفال منذ نجاح الحملة الامنية لفرض النظام وسيادة القانون مما يؤكد ان السلطة تسير بالاتجاه الصحيح نحو متابعة قضايا وهموم الواطنين ومعالجتها بشكل علمي وسليم. وناشد الاهالي الاهتمام بابنائهم ومنع استغلالهم مؤكدا ان القانون لن يرحم كل من يعرض حياة طفله للخطر، مشددا على ان المكان الطبيعي لاطفالنا في مدارسهم ليكونوا بناء الدولة المستقل.
 
على ابواب العيد
 ورغم ذلك كله، فان واقع البؤس والمعاناة مستمرة في حياة الاطفال، وقال الطفل حسن (15 عاما )، لدي بسطة العاب للاطفال جهزتها بالدين بعدما وافق اصحاب المحلات على تزويدي بالاغراض والتسديد في نهاية كل يوم، امضي يومي في العمل والواضح انني سابقى اعمل في العيد ايضا ولن احظى بفرصة لاجازة لقضاء العيد فوالدي يردد على مسامعي دوما ان المبيعات في العيد تزيد ويجب ان لا تضيع الفرصة، واضاف " سيكون عيدا حزينا كل الاطفال فرحين بعيدهم وانا ساقضيه على بسطتي ".

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025