مدخل البيرة الشمالي.. من منطقة مواجهات الى حديقة عامة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ا.ف.ب- مساء كل يوم يصل الشاب محمد أبو كرش في عربته المتنقلة التي يعتاش منها في تقديم المشروبات الساخنة، الى منطقة كانت من أشد نقاط المواجهة بين المواطنين وجيش الاحتلال في انتفاضة عام 2000.
لكن هذه المنطقة الواقعة شمال مدينة البيرة، باتت اليوم تختلف نهائيا عما كانت عليه أيام تلك المواجهات. رغم انها ما زالت ملاصقة تماما لمعسكر اسرائيلي مجاور في مستوطنة بيت ايل.
ويقول أبو كرش (24 عاما): "كانت هذه المنطقة منطقة مواجهات واليوم باتت منطقة لقاءات".
ومنذ ثلاث سنوات، اعتاد ابو كرش الذي يتحدر من مدينة الخليل، العمل فقط في بيع القهوة والشاي لمرتادي هذه المنطقة المشابهة الى حد ما للحديقة العامة.
ويضيف أبو كرش "حينما اندلعت الانتفاضة الثانية كان عمري حينها 11 عاما، لكني ما زلت أذكر ما كنت أشاهده على شاشة التلفزيون من مواجهات عنيفة عند هذه المنطقة التي كانت تعرف بمنطقة الـ (سيتي ان)".
وعملت بلدية البيرة على ترتيب هذه المنطقة التي يؤمها العشرات بشكل يومي، وتعبيدها ووضع أماكن للجلوس، على نفقتها الخاصة.
وتقول بلدية البيرة ان الفكرة من انشاء هذه الحديقة، تمثلت في ابقائها واجهة حضارية للمدينة وأهلها، وتكون أول ما تدمره مجنزرات جيش الاحتلال في حال اقتحمت المدينة.
وتعتبر تلك المنطقة المدخل الرئيس لمدينتي رام الله والبيرة، وكانت مجنزرات جيش الاحتلال تدخل منها كلما نفذت اقتحاما للمدينة في الانتفاضة.
ويقول المهندس عامر خليل، الذي أشرف على تصميم وتنفيذ الحديقة "هذه الحديقة اطلقنا عليها اسم حديقة السفارات، ويوم الافتتاح قبل ثلاث سنوات، زرع ممثلون عن 22 سفارة أجنبية كل واحد منهم شجرة في الحديقة للتعبير عن مشاركتهم فيها".
وقال: "لذلك حينما تحل ذكرى يوم الأرض (في 30 آذار)، نحتفل في الحديقة بحضور ممثلي هذه الدول".
ووضعت البلدية على طرف الحديقة أعلام الدول التي شاركت بزراعة الأشجار فيها.
وعلى بعد أمتار قليلة نصبت شركة اتصالات فلسطينية برجا ضخما من الاسمنت ورفرف على قمته العلم الفلسطيني، ويمكن مشاهدته من مستوطنة بيت ايل والمناطق البعيدة المحاذية.
وجلب حلمي عاصي (43 عاما) ابنتيه للعب في المنطقة. ويقول: "لا توجد أماكن واسعة غير هذه، ولذلك آتي بابنتي هنا لتمضية وقت هادئ".
وما زال حلمي يتذكر أيام المواجهات التي كانت تقع هنا، خاصة انه من سكان مدينة البيرة.
ويقول: "كانت هنا ساحة مواجهة حقيقية في أعوام 2000 و2001 و2002، لكن الوضع الآن أفضل بكثير من تلك الأيام، رغم انه من حقنا أن يكون لنا أماكن أكثر اتساعا نذهب اليها".
ويضيف: "صحيح ان المشهد أفضل، لكن الجيش الاسرائيلي ما زال يقف هناك قريبا من المنطقة".
وسقط العديد من الشهداء في هذه المنطقة، خلال الانتفاضة الثانية، وأصيب المئات، كونها تعتبر النقطة الفاصلة بين المنطقة الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية وتلك الخاضعة لقوات الاحتلال. وويقول الشاب مؤيد حميدان الذي اعتاد ارتياد هذا المكان: "أنا أسكن في منطقة قريبة من مستوطنة بيت ايل، ورغم ان عمري كان ثماني سنوات عند اندلاع الانتفاضة الا انني ما زلت أذكر كيف ان والدي كان يأتي بنا من طريق آخر بعيدا عن هذه المنطقة التي كانت في شدة الخطر".
ويقول حميدان: "آتي كثيرا الى هنا للقاء أصدقائي عند ساعات المساء، فقط لاحتساء القهوة والحديث، وهذا شيء جميل".
ويصادف غدا الذكرى الثالثة عشرة لاندلاع الانتفاضة الثانية، وسط أجواء متوترة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، خاصة بعد مقتل جنديين في الخليل وقلقيلية وتعثر مباحثات السلام.