استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

تصدعات تهدد منازل 15 عائلةً في "حوش الشوائيين" بالقدس

احد منازل "حوش الشوائيين" - تصوير محمود عليان القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
 محمد عبد ربه - بضعة أمتار قليلة تفصل حوش الاسمر عن حوش الشوائيين في منطقة الهكاري الملاصقة لحي القرمي، حيث خطر الانهيار والتصدع امتد إلى مساكن خمس عشرة عائلة أخرى تقطن حوش الشوائيين المعتم والنتنة رائحته بفعل الرطوبة وتدفق مياه المساكن في مبناه المكون من أربعة طوابق، بينما تشارك الجرذان سكان المبنى الاقامة الدائمة في غرفة مهجورة تقع على يسار الداخل على المبنى حيث يمكنك رؤية روث الجرذان، وفي ساعات الليل حيث الظلمة تشتد قد تصطدم وأنت في الطريق داخل المبنى ببعض هذه الجرذان، ويمكن أيضا أن تتوقع سقوطها على كتفيك أو ان تركض بين قدميك لتختبىء من جديد في جحرها المهجور.
يروي المنتصر بالله النتشه، نجل الحاج عزام النتشه، أن الحوش اكتسب تسميته من مجموعة الشوائيين التي كانت تتخذ مواضع أمام مدخل العقار الضخم لتقيم ولائم الشواء، والمبنى كانت عائلة النتشه استأجرته في فترة الخمسينيات من عائلة النشاشيبي، واحتفظت منذ ذلك التاريخ بحقوق التملك والايجار، وبالتالي هو من الاوقاف الذرية المعروفة، تماما كما العديد من العقارات سواء في حي القرمي حيث العديد من الأحواش ومنها حوش الاسمر، وكان في الاصل مدرسة إسلامية يطلق عليها المدرسة اللؤلؤية كما يقول الباحث في مجال العمارة والترميم هايل صندوقة، وأمين سر جمعية الرفاه والتطوير الناشطة في مجال الاعمار داخل أسوار البلدة القديمة.
وكانت عائلة النتشة تقدمت منذ خمس سنوات بعدة طلبات لترميم العقار وقد رفعت إلى جمعية التعاون، لكن الاخيرة اشترطت للبدء بأعمال الترميم في المبنى الذي تقطنه خمس عشرة عائلة يزيد عدد أنفارها عن خمسين نسمة، الحصول على موافقة أصحاب الوقف الذري من عائلة النشاشيبي وهو إجراء معمول به في كل ما يتعلق بأعمال الترميم داخل البلدة القديمة، علما بأن الحاج عزام النتشة المتصرف الشرعي بالعقار زود الجمعية بكل ما يلزم من مستندات تثبت شرعية وقانونية تصرفه في العقار، لكن ذلك لم يذلل العقبة الرئيسية أمام الشروع بترميم العقار الذي شهد خلال السنوات الخمس الماضية تصدعات وتشققات خطيرة في واجهاته وأسقفه، ما بات يهدد حياة القائمين فيه.
ويروي المنتصر بالله، أن والده توجه أكثر من مرة إلى أحد النواب في المجلس التشريعي لمساعدته في ترميم المبنى، وزوده أول مرة بتقرير من المهندس المعماري مازن صندوقة بناء على طلبه عن الواقع المعماري للمبنى، للمساعدة في تجنيد الاموال اللازمة من الخارج للبدء بأعمال الترميم إلا أنه فقد كما أبلغ بذلك والده، فزوده بتقرير ثان، وفقد هو الآخر، وبالتالي ظلت عائلة النتشة تعيش القلق الدائم على العقار الضخم الذي يتوسط منطقة هامة وحيوية في منطقة الهكاري الملاصقة تماما لحي القرمي، وزاد من مخاوفها وقلقها التصدعات والتشققات التي بدأت تظهر على المبنى بشكل جلي، كما حدث في مساكن نحو عشرين عائلة تقيم في حوش الاسمر المجاور.
والد المنتصر بالله الحاج عزام النتشة تحدث بمرارة وهو يروي محاولاته الدؤوبة والمستميتة للحصول على الموافقة لترميم العقار الذي تتخذ منه خمس عشرة عائلة مقدسية مسكنها. ويؤكد الحاج عزام أنه لو قيض له ترميم المبنى لأمكن إسكان ما لا يقل عن عشر عائلات أخرى وجلبها للسكن في هذه المنطقة الحيوية من البلدة القديمة التي تطل على المسجد الاقصى من ناحية الغرب، تماما كما تفعل الجمعيات الاستيطانية التي تجلب مستوطنين جددا وتوطنهم في عقارات تعود لمقدسيين يتم الاستيلاء عليها.
ويتاخم حوش الشوائيين، حي السلسلة المجاور لـ "حارة الشرف" أو ما تعرف الان بـ "الحي اليهودي" من الناحية الجنوبية، فيما يلاصق المبنى عددا من البؤر الاستيطانية، أكبرها تقع في المبنى المفضي إلى منطقة الصبرة فوق أسطح أسواق البلدة القديمة، وفي هذه البؤرة يتخذ ماتي دان رئيس جمعية عطيرات كوهانيم الاستيطانية وعراب الاستيطان اليهودي مقرا له، ولجمعيته، وليس بعيدا عن العقار تقع مدرسة تلمودية واحدة على الاقل هي "شوفو بنيم". وفي ذات المنطقة كان المستوطنون استولوا قبل عدة أشهر على عدد من المحال التجارية والمساكن وأسكنوها بعائلات يهودية.
وكما يقول المنتصر بالله، فإن العائلات الخمس عشرة التي تقطن المبنى تتوزع على طوابقه الاربع. ففي الطابق الاول تقطن عائلتي الحاج كامل مجاهد، ونجله محمد المكونتين من ٤ أنفار. أما في الطابق الثاني، فيقطنه الشقيقان فرج مجاهد ، وناصر مجاهد، وتتكون هاتان العائلتان من تسعة أنفار. وفي الطابق الثالث يقطن الحاج عزام النتشة وهو أب لاسرة مكونة من ١٨ نفرا، وعائلة نجله المنتصر بالله، المكونة من خمسة أنفار، إضافة إلى عائلتي المواطنين محمد الشويكي، وسفيان محمد الشويكي المكونتين من ٨ أنفار، وعائلة المواطن وائل زيتون المكونة من ٨ أنفار. أما في الطابق الرابع، فتقطن عائلة المواطن ماجد النتشة وتتكون من ١٠ أنفار.
وفيما يؤكد أمين سر لجنة الرفاه والتطوير هايل صندوقة، حاجة عقارات البلدة القديمة برمتها إلى الترميم، وإعادة تأهيل العقارات لتصبح ملائمة تماما لسكن الاف المقدسيين، فإن عدم حصول المتصرف بالعقار أو المستأجر له على أذن من مالكه الاصلي المقيم في البلاد لترميم العقار يجعله عرضة لاجراءات هذا المالك الذي قد يطالب بإبعاد المستأجر عن العقار وإخراجه منه، في حين أن وجود المالك خارج البلاد يعرض العقار للاستيلاء من قبل حارس أملاك الغائبين، ما يهدد عددا من العقارات بالاستيلاء.
في حين يقدر المهندس مازن صندوقة ما نسبته ثمانين بالمئة من عقارات البلدة القديمة بحاجة إلى ترميم فوري، مشيرا بهذا الشأن إلى أن المشكلة قائمة بالفعل منذ سنوات، بيد أن ما حدث في حي القرمي سلط الضوء وعلى نحو حاد على واقع العقارات تلك.
وعدا ترميم العقارات التي تتخذ العائلات المقدسية منها بيوتا لها، يقترح أمين سر لجنة التطوير والرفاه هايل صندوقة، أن يعاد تفعيل أسماء كثيرة من العقارات من مدارس إسلامية ومكتبات وغيرها مثل المدرسة اللؤلؤية في حي القرمي، والمدرسة البدرية نسبة إلى بدر الدين الهكاري في ذات الحي، ومقام القرمين ومقام الشيخ احمد المثبت، وحمام علاء الدين البوصير أسفل بيت عائلة الجعبري في حي القرمي، ومثل هذه المدارس والاحواش تنتشر في كافة أنحاء البلدة القديمة، ولا بد من إعادة تسميتها وحفر أسماءها على مداخلها لتشير اليها، وهو ما يفعله المستوطنون حين يستولون على عقار ما في البلدة القديمة، حيث أن أول شيء يقومون به هو إطلاق أسماء حاخاماتهم على تلك العقارات.
ويرى صندوقة أن هناك رابطا قويا بين واقع العقارات في مربع حي القرمي والهكاري وعقبتي السرايا والخالدية، والمحاولات المستميتة للاستيلاء على أكبر عدد ممكن من العقارات في هذه المنطقة، إن لم يتم الاسراع في عمليات الترميم التي تتطلب مبالغ مالية طائلة، مشيرا إلى خارطة كانت وزعتها زوجة الحاخام مئير كهانا قبل عدة سنوات ظهر فيها ما يسمى بـ "الحي اليهودي القديم" الذي يشمل هذه المناطق ويتجاوز حدود "حارة الشرف"، ولعل هذا ما يفسر تركيزهم الحالي على هذه المنطقة وتمددهم فيها عبر البؤر الاستيطانية المنتشرة في أكثر من موقع في هذا المربع.
لكن صندوقة الناشط في مجال الدفاع عن العقارات بالبلدة القديمة، كان أعد عددا من الدراسات والابحاث المتعلقة بواقع تلك العقارات ووسائل الاستيلاء عليها من قبل الجمعيات الاستيطانية، بما في ذلك مقترحات تتضمن تنفيذ ورش ترميم تشمل الساحات العامة داخل البلدة القديمة، وفي أحواشها الكثيرة، من مثل بناء مقاعد حجرية للجلوس عليها، وصيانة واجهات المباني، والاعتناء بالبنية التحتية لازقة وحارات البلدة القديمة، إضافة إلى تقديم دعم مالي للعائلات المقيمة في البلدة القديمة بواقع ١٠٠ دولار لكل فرد من أفراد العائلة، أي ما يصل إلى ٣٢ مليون دولار، وهو مبلغ متواضع تحتاجه البلدة القديمة، وتحتاجه العائلات المقدسية المقيمة فيها بما يمكنها من البقاء والصمود، سواء في حي القرمي أو في حي الهكاري، وفي كل زقاق وحارة من حارات وزقاق البلدة القديمة.
قد تنتظر عائلة الحاج عزام النتشة، وجميع العائلات في حوش الشوائيين، ومن قبلها أكثر من عشرين عائلة في حي القرمي وقتاً طويلاً قبل أن تستجيب اللجان العاملة في مجال الترميم لطلباتها المستعجلة والطارئة لترميم مساكنها، لكن ما يخشاه الحاج عزام، ونجله منتصر، وعائلات مجاهد والشويكي ومن قبلها عائلات الجعبري، والاسمر، ومئات العائلات المهددة مساكنها بالسقوط والانهيار أن تحدث الكارثة لا قدر لها بانهيار مفاجيء لعقارات على رؤوس قاطنيها مع توالي التشققات والتصدعات وتوسعها... أو كما يقول المنتصر بالله" هل ستمنع دعامات الخشب والحديد سقوطا مفاجئا لتلك الابنية؟ وما الذي يمنع البلدية من أن تتخذ من أوضاع تلك المباني ذريعة لاجلاء السكان عنها؟ إن حدث ذلك، فقد لا ترمم تلك المباني والعقارات للأبد، وقد ينفد إليها لاحقا حارس أملاك الغائبين قبل أن تستقر نهائيا في أيدي المستوطنين.
دخلنا "حوش الشوائيين" بحذر، وغادرناه أيضا بحذر، كان الوقت ظهيرة، وكانت العتمة ما تزال تستوطن جنبات رواقه الداخلي، كدنا أن نتعثر في الطريق الوعر، فيما نهيز الجرذان يعلو في الغرفة الصغيرة المهجورة عند المدخل الضيق، وبقعة صغيرة من ماء المجاري تدفقت من حفرة في المكان... لكن ما يخيف أكثر تلك التصدعات والتشققات التي تمزق واجهات المبنى.. وفي الغرف الصغيرة تزدحم العائلات وتتكدس لا مكان لها غير مساكنها.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025