حجاج غزة: فرحة انتظروها لسنوات وصلاح العباد والبلاد تتصدر الدعوات
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد الأسطل - بالكاد يصدق السبعيني جندي أبو طه أن ساعات تفصله عن الطواف بالبيت العتيق، والاستعداد لأداء ركن الإسلام الخامس، بعد ست سنوات من الانتظار، كان خلالها يدفع مقدما تكاليف الحج، لكن لم يكن يحالفه الحظ في القرعة السنوية، حتى دعا الله بعد صلاة فجر أحد الأيام بأن يرزقه الصلاة في الحرمين قبل الممات.
وأوضح أبو طه الذي تحدث لـ القدس دوت كوم، أنه كبقية الحجيج يشعر برهبة كبيرة لهذه الفريضة، خصوصاً وأنه يؤديها للمرة الأولى، كما أنها حلم ظل يراوده منذ سنوات طوال، باعتبار الحج أحد الأركان الإسلام الخمسة الذي لا يتم الإسلام إلا بها.
ووصف والابتسامة لم تغادر محياه رحلة الحج بـ"رحلة العمر التي لا مثيل لها على الإطلاق، فهي التي تعيد المسلم، إنساناً جديداً كيوم ولدته أمه"، لافتاً إلى أنه ظل يخشى مغادرة الدنيا قبل أداء الفريضة، أو زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.
ومنذ فجر اليوم الأربعاء، بدأ الفوج الأول من حجاج قطاع غزة البالغ عددهم نحو 800 حاج وحاجة في المغادرة عبر معبر رفح، ومن ثم إلى مطار القاهرة الدولي عبر الحافلات، انتظاراً لمواعيد إقلاع طائراتهم إلى مطار جدة، فمكة المكرمة براً.
وعلى مدارين اليومين المقبلين يغادر بقية الحجاج بنفس الآلية السابقة، لتصل كامل بعثة الحج في غزة بإجمالي نحو 2400 حاج وحاجة إلى بلاد الحرمين صباح يوم السبت المقبل، بينما ينتظر 500 من ذوي الشهداء عدة أيام أخرى لأداء الحج ضمن مكرمة العاهل السعودي.
واعتبر الشاب أمجد أبو سيدو أن لأداء فريضة الحج لدى الغزيين خصوصية تختلف عن أي حاج في الدنيا، جراء حالة الحصار والدمار الذي ما زال يتعرض له القطاع، مشيرا إلى أن للحجيج عادة أمنيات خاصة تقدم على ما دونها، إلا في فلسطين وغزة على وجه الخصوص، فالهموم العامة تسبق الخاصة دوماً.
وقال لـ القدس دوت كوم وهو بصالة المغادرة في معبر رفح: "في وجه هؤلاء الحجاج لا نقرأ سوى هموم الحصار والانقسام والاحتلال وكافة الملفات الأخرى التي تؤرق غزة".
وأضاف: "حجاج فلسطين يمثلون أرض الرباط، الأرض التي عرج بمحمد صلى الله عليه وسلم منها إلى السماء، بينما بلاد الحرمين هي مهبط الوحي وأرض الرسالة، وهنا العلاقة الأبدية التي تحدث عنها القرآن الكريم بين المساجد الثلاثة: الحرام والنبوي والأقصى".
أما ناجية سعايدة التي أكملت 80 عاماً، فأشارت إلى أنها لم تعرف أن للحج فرحة بهذه الصورة، إلا عندما استعدت للمغادرة من منزلها ووصلت إلى المعبر، وشعرت بأنها ستكون في الكعبة بعد ساعات فقط، مؤكدة أنها لم تنم الليلة السابقة وقلبها يخفق فرحة وسعادة.
وقطعت سعايدة حديثها مع القدس دوت كوم أكثر من مرة لتجفف دموعها، التي لفتت أنظار الجميع في صالة معبر رفح ببكائها المتواصل، الذي لم يوقفه سوى بعض الكلمات القلائل من الوعاظ والدعاة.
وقالت: "منذ ثمان سنوات وأنا أسجل للحج، ودخلت المستشفى أكثر من مرة من شدة المرض، وخشيت الموت قبل أداء الحج، لكنني اليوم في طريقي إلى الكعبة التي كنت أتوق لرؤيتها مباشرة، كلما شاهدتها على شاشات التلفزيون".
وأضافت بكلمات قلائل: "بعد الحج سأطمئن إلى مقابلتي ربي".
وأكد الحجيج الذين تحدتنا إليهم قبيل مغادرة معبر رفح، أنهم حملوا بدعوات كثيرة خاصة بعائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم، لكن الدعاء بصلاح البلاد والعباد كان رجاءً من قبل المودعين جميعا، خصوصاً مع انسداد أفق المصالحة وتعاظم اعتداءات الاحتلال.
عن القدس المقدسية