الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها: اعتقالات وتجريف محيط مستشفيي جنين الحكومي وابن سينا    الخليل: استشهاد مواطنة من سعير بعد أن أعاق الاحتلال نقلها إلى المستشفى    الاحتلال يطلق الرصاص على شاطئ مدينة غزة ومحور صلاح الدين    الاحتلال يشدد من اجراءاته العسكرية ويعرقل تنقل المواطنين في محافظات الضفة    الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس  

"فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس

الآن

لن يصل الاشقاء !- محمد كامل

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عن كثب نَمَا شغفي في أن أرى أشقائي السوريين الذين سيصلون بعد ساعتين الى استراحة أريحا ، للمشاركة في بطولة تصفيات اسيا للشباب ،المجموعة الخامسة التي تستضيفها فلسطين .
نعم سيصلون قريباً ، التفتُ الى الساعة ، الوقت المتبقي فقط ساعة من الان ، يا إلهي تساءلت ، لا وقت لاستقبالهم ، ركبتُ السيارة مسرعاً وفي رأسي ألف فكرة وألف صورة وألف جملة .
أنا الان على حاجز قلنديا ، قلتُ في نفسي بعد ساعتين من الان سيرى السوريون هذا العار ، تُرى هل سيبكون ؟ أم أن الحرب الدائرة في وطنهم افقدتم الشعور بوجع الشقيق ؟
لا لا حتما سيتألمون ، حتما سيشعرون بحجم ما نعانيه من عذاب ، وحتما سينهال علي ألف سؤال في الحافلة وأنا بصحبتهم ، غداً سيتحسسون حجارة كنيسة المهد وسيأخذون لبعضهم مئات الصور ، انها مدينة السلام وإنها مولد المسيح ، نعم لن أبخل عليهم بالسرد والشرح حتى ينبري لساني وتملأ عقولهم بالصور ، سيبكون على حال الشام حين يشتمون رائحتها في البلدة القديمة في نابلس ، وسيذرفون الدمع الحار على مدينتهم حلب في مدينتنا خليل الرحمن ، سنبكي على بكائهم لشامهم وحلبهم ، وسيبكون على بكائنا على خليلنا وقدسنا التي يحيطها الجدار العنصري ، لا عليك ، سيشعرون أنهم في وطنهم حتما ، وسيلحظون في عيوننا دفء قلوبنا تجاههم .
عقرب الساعة يحرق الوقت ، عجلات السيارة تأكل اسفلت الطريق متوجهة الى مدينة اريحا ، وأنا بينهما أسيرُ قصراً وفق أهواءٍ تلدغ ُمخيلتي مع منتخب سوريا في فضاءات وطننا الجميل ، لم أرَ في الطريق بين رام الله وأريحا سوى فلسطين ، تلاشت المستوطنات في طرفة عين عن جنبات الطريق ، على كل جبل باسم علم دولتنا يخفق للزائرين ، للاصدقاء ، للاشقاء ، هكذا شعرت ، نعم هذه فلسطين التي نحبها بقدومهم ، فلسطين المحررة التي يزهو علمها بعيونهم ، والتي تتورد دماؤنا حياةً بقربهم ، لا فلسطين المنفية المعزولة المنسية المحاصرة بالحديد والتحريض .
وصلتُ أخيراً ، الساعة الان الخامسة مساءً بتوقيت القدس ، استراحة اريحا على غير عادتها ، على يمين قاعة الاستقبال أطفال جميلون يحملون أعلاماً سورية صغيرة الحجم ، يلوحونها يمينا وشمالا على وقع أناشيد وطنية ، وعلى الشمال ، لفيف من الرياضيين والصحفيين الذين اعرفهم والذين لا أعرفهم ، على كل وجه ابتسامة ما ، والموسيقى الحماسية والورود الزاهية تملأ المكان .
شدني مشهدُ الاطفال كثيراً ، كل طفل يحمل علماً في يده اليمنى يلوح به في الفضاء ، وردةٌ حمراء في كل يد ، قلت في نفسي ، كم نحن جميلون حين نستقبل ضيوفنا ، نحن الفلسطينيون رائعون .
أصابتني قشعريرة ما ، نفسها القشعريرة التي أصابتني حين بكت صحفية قطرية على مدرجات استاد الشهيد فيصل الحسيني حينما عزف النشيد الوطني الفلسطيني في افتتاحية بطولة النكبة قبل ثلاثة اعوام ، نفسها القشعريرة التي اجتاحتني حينما لمحتُ اعلاميا يمنيا يبكي في زيارته لخيمة اعتصام اهالي الاسرى المضربين عن الطعام في مدينة رام الله ، نفسها القشعريرة التي اختلجت فؤادي حين شاهدت وفداً يابانيا ينشد السلام الوطني الفلسطيني بكل اتقان وشغف في قصر رام الله الثقافي في اسبوع الشباب ، نفسها القشعريرة التي اجتاحتني حين بكى المصريون بقرب الجدار على حاجز قلنديا ، نفسها القشعريرة التي انتابتني حينما عانق صحفي اردني رخام الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل وهو يجهش بالبكاء ، نفسها القشعريرة التي مزقتني عندما شاهدت محاولة ثلاثة لبنانيين إلقاء انفسهم من نوافذ الحافلة رافضين مغادرة فلسطين وهم يبكون ويصرخون ، نفسها القشعريرة التي احسست بها حين كنت اشاهدهم وهم يملؤون أكياساً من تراب فلسطين ليأخذوها معهم لبلدانهم ، نفسها القشعريرة التي احسست بها عندما زارنا الايطاليون والعراقييون والتونسيون والاردنيون والاماراتيون وغيرهم ، نفسها القشعريرة التي أحس بها مع كل وفد وفي كل زيارة .
حين كنتُ أستذكر تلك المواقف الراسخة في مخيلتي ، ابتسمَ لي طفلٌ كنت أرمق عينيه الفرحتين ، بادلته النظرات والابتسامات ، فجأة ، هدأت حدة الموسيقى والضحكات ، كأن أمراً ما قد حدث ، براءة الطفل وابتسامته اللذيذة كانت أقوى من أن ألتفتَ لإستطلاع ما جرى ، لكن شيئاً قد حدث كسَر ابتسامة الطفل وأوقفه عن النشيد والتلويح بالعلم ، وكأني سمعتُ من اّخر القاعة صوتاً خافتاً يقول : " لن يصل الأشقاء " !
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025