مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

لن يصل الاشقاء !- محمد كامل

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عن كثب نَمَا شغفي في أن أرى أشقائي السوريين الذين سيصلون بعد ساعتين الى استراحة أريحا ، للمشاركة في بطولة تصفيات اسيا للشباب ،المجموعة الخامسة التي تستضيفها فلسطين .
نعم سيصلون قريباً ، التفتُ الى الساعة ، الوقت المتبقي فقط ساعة من الان ، يا إلهي تساءلت ، لا وقت لاستقبالهم ، ركبتُ السيارة مسرعاً وفي رأسي ألف فكرة وألف صورة وألف جملة .
أنا الان على حاجز قلنديا ، قلتُ في نفسي بعد ساعتين من الان سيرى السوريون هذا العار ، تُرى هل سيبكون ؟ أم أن الحرب الدائرة في وطنهم افقدتم الشعور بوجع الشقيق ؟
لا لا حتما سيتألمون ، حتما سيشعرون بحجم ما نعانيه من عذاب ، وحتما سينهال علي ألف سؤال في الحافلة وأنا بصحبتهم ، غداً سيتحسسون حجارة كنيسة المهد وسيأخذون لبعضهم مئات الصور ، انها مدينة السلام وإنها مولد المسيح ، نعم لن أبخل عليهم بالسرد والشرح حتى ينبري لساني وتملأ عقولهم بالصور ، سيبكون على حال الشام حين يشتمون رائحتها في البلدة القديمة في نابلس ، وسيذرفون الدمع الحار على مدينتهم حلب في مدينتنا خليل الرحمن ، سنبكي على بكائهم لشامهم وحلبهم ، وسيبكون على بكائنا على خليلنا وقدسنا التي يحيطها الجدار العنصري ، لا عليك ، سيشعرون أنهم في وطنهم حتما ، وسيلحظون في عيوننا دفء قلوبنا تجاههم .
عقرب الساعة يحرق الوقت ، عجلات السيارة تأكل اسفلت الطريق متوجهة الى مدينة اريحا ، وأنا بينهما أسيرُ قصراً وفق أهواءٍ تلدغ ُمخيلتي مع منتخب سوريا في فضاءات وطننا الجميل ، لم أرَ في الطريق بين رام الله وأريحا سوى فلسطين ، تلاشت المستوطنات في طرفة عين عن جنبات الطريق ، على كل جبل باسم علم دولتنا يخفق للزائرين ، للاصدقاء ، للاشقاء ، هكذا شعرت ، نعم هذه فلسطين التي نحبها بقدومهم ، فلسطين المحررة التي يزهو علمها بعيونهم ، والتي تتورد دماؤنا حياةً بقربهم ، لا فلسطين المنفية المعزولة المنسية المحاصرة بالحديد والتحريض .
وصلتُ أخيراً ، الساعة الان الخامسة مساءً بتوقيت القدس ، استراحة اريحا على غير عادتها ، على يمين قاعة الاستقبال أطفال جميلون يحملون أعلاماً سورية صغيرة الحجم ، يلوحونها يمينا وشمالا على وقع أناشيد وطنية ، وعلى الشمال ، لفيف من الرياضيين والصحفيين الذين اعرفهم والذين لا أعرفهم ، على كل وجه ابتسامة ما ، والموسيقى الحماسية والورود الزاهية تملأ المكان .
شدني مشهدُ الاطفال كثيراً ، كل طفل يحمل علماً في يده اليمنى يلوح به في الفضاء ، وردةٌ حمراء في كل يد ، قلت في نفسي ، كم نحن جميلون حين نستقبل ضيوفنا ، نحن الفلسطينيون رائعون .
أصابتني قشعريرة ما ، نفسها القشعريرة التي أصابتني حين بكت صحفية قطرية على مدرجات استاد الشهيد فيصل الحسيني حينما عزف النشيد الوطني الفلسطيني في افتتاحية بطولة النكبة قبل ثلاثة اعوام ، نفسها القشعريرة التي اجتاحتني حينما لمحتُ اعلاميا يمنيا يبكي في زيارته لخيمة اعتصام اهالي الاسرى المضربين عن الطعام في مدينة رام الله ، نفسها القشعريرة التي اختلجت فؤادي حين شاهدت وفداً يابانيا ينشد السلام الوطني الفلسطيني بكل اتقان وشغف في قصر رام الله الثقافي في اسبوع الشباب ، نفسها القشعريرة التي اجتاحتني حين بكى المصريون بقرب الجدار على حاجز قلنديا ، نفسها القشعريرة التي انتابتني حينما عانق صحفي اردني رخام الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل وهو يجهش بالبكاء ، نفسها القشعريرة التي مزقتني عندما شاهدت محاولة ثلاثة لبنانيين إلقاء انفسهم من نوافذ الحافلة رافضين مغادرة فلسطين وهم يبكون ويصرخون ، نفسها القشعريرة التي احسست بها حين كنت اشاهدهم وهم يملؤون أكياساً من تراب فلسطين ليأخذوها معهم لبلدانهم ، نفسها القشعريرة التي احسست بها عندما زارنا الايطاليون والعراقييون والتونسيون والاردنيون والاماراتيون وغيرهم ، نفسها القشعريرة التي أحس بها مع كل وفد وفي كل زيارة .
حين كنتُ أستذكر تلك المواقف الراسخة في مخيلتي ، ابتسمَ لي طفلٌ كنت أرمق عينيه الفرحتين ، بادلته النظرات والابتسامات ، فجأة ، هدأت حدة الموسيقى والضحكات ، كأن أمراً ما قد حدث ، براءة الطفل وابتسامته اللذيذة كانت أقوى من أن ألتفتَ لإستطلاع ما جرى ، لكن شيئاً قد حدث كسَر ابتسامة الطفل وأوقفه عن النشيد والتلويح بالعلم ، وكأني سمعتُ من اّخر القاعة صوتاً خافتاً يقول : " لن يصل الأشقاء " !
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024