الـــرواتــــــــــــــــــــب .. «طاقة فرج» قبل عيد الأضحى
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
بشار دراغمة ووسام الشويكي - يوم الأربعاء الماضي، كانت الحركة التجارية عادية جدا، ولم تشهد أسواق مدينة نابلس حالة استثنائية تعيشها مع قرب حلول عيد الأضحى، لكن سرعان ما تغير الحال مع نزول رواتب الموظفين الحكوميين، حيث دبت الحركة في المدينة وبدأت مظاهر استقبال العيد بالظهور.
وتشكل رواتب الموظفين الحكوميين الرافد الأساسي للسيولة النقدية في الأسواق، وترتفع نسبة تلك السيولة في مواسم الأعياد، لكنها سرعان ما تعود للاختفاء بعد أيام قليلة.
ترتيبات في نابلس
وقبل موعد عيد الأضحى بأيام شهدت مدينة نابلس ترتيبات جديدة، وتمت إعادة تنظيم بعض الشوارع الرئيسية المؤدية إلى منطقة الدوار، فيما وضعت الشرطة خطة للتعامل مع الحركة النشطة والازدحامات التي تحصل قبل العيد بأيام.
وحتى الآن لا يبدي تجار نابلس حالة من الرضى إزاء الحركة الشرائية ويكاد المعظم يجمع على أن "الوضع نايم"، إلا أن المواطنين يؤكدون وجود حركة شرائية جيدة دون أن ينسوا الشكوى من غلاء الأسعار.
وتقول أماني (30 عاما) التي جاءت للتسوق في مدينة نابلس استعدادا لعيد الأضحى إنها تفاجأت من الارتفاع الكبير في أسعار الملابس، وكذلك عرض بضائع شتوية قبل أوانها كملابس للعيد.
وتضيف: "حتى الآن لم ندخل في فصل الشتاء، لكن معظم الملابس المعروضة شتوية ولا تناسبنا في هذا الوقت من السنة، كما ان أسعارها مرتفعة، فهل يعقل ان يصل ثمن ملابس طفلة لا تتجاوز أربعة أعوام الـ 300 شيقل؟".
وأوضحت أماني أنها تجولت في عدة محال تجارية ووجدت الأسعار متقاربة. وتقول: "حديث البعض عن وجود تنزيلات هو خدعة، والملابس التي تباع بسعر معقول هي ملابس صيفية لا تنفع لهذا العيد وما نحتاجه هو ملابس بين الشتاء والصيف (ربيعية) لتناسب الأجواء الحالية".
وتذمر مواطنون من الأسعار المرتفعة وأكدوا أن رواتبهم بالكاد تكفي لشراء ملابس الأطفال وما يتبعها من نفقات خلال أيام العيد، بينما يبقون بقية الشهر من دون سيولة.
ودافع تاجر الملابس محمد عن الأسعار مؤكدا أنها معقولة وفي متناول الأيدي، موضحا أن هناك تنوعا في الأسعار بين محل وآخر، وذلك حسب نوعية البضائع ومصدرها.
وأوضح أن محله يضم بضائع رخيصة وأخرى سعرها مرتفع لأن هناك جزءا صنع في الصين وآخر في تركيا، والبضائع التركية أغلى ثمنا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بعض التجار يرفعون الأسعار خلال فترة الأعياد لتحقيق ربح أكثر. واستدرك:" لكن نسبة هؤلاء التجار قليلة".
وأوضح أن التاجر يتعامل مع عدة مواسم وبضائع مختلفة، وهذا يؤثر على التسعيرة، مشيرا إلى أن الملابس الشتوية تكون أغلى عادة من الصيفية بسبب كمية المواد الخام المستخدمة في الصناعة ونوعيتها.
وفي جولة لـ "حياة وسوق" على أسواق نابلس وعدد من المحال التجارية تبين غياب التسعيرة عن الكثير من البضائع المعروضة خاصة في محال الملابس، رغم الجولات التي تقوم بها وزارة الإقتصاد الوطني لإلزام أصحاب المحلات بإشهار الأسعار.
ويتذرع بعض أصحاب المحال التجارية بأنهم لا يستطيعون وضع علامة السعر على كافة الملابس خاصة خلال فترة الأعياد نظرا لوجود ازدحام وعرض بضائع جديدة كل عدة ساعات.
ويقول تاجر ملابس فضل عدم ذكر اسمه إن وضع السعر على كل قطعة ملابس يعتبر أمرا شاقا خلال فترة الأعياد. وأضاف: "أساسا الناس ما بدها تشتري بالسعر المعلن، ودايما بدها تفاصل لهيك التاجر بشعر ان اشهار السعر على الفاضي، وما حدا بقتنع فيه، ولازم المفاصلة بالموضوع". فيما حاول أحد التجار تجنب مساومة الزبائن على السعر بتعليق ورقة على باب محله كتب عليها "أثبتت الأبحاث الطبية أن المفاصلة تسبب الجلطات".
يذكر أن القانون يعاقب التجار غير الملتزمين بإشهار الأسعار، إلا أن الطواقم المحدودة لوزارة الاقتصاد لا تستطيع الوصول إلى كافة المحال التجارية خاصة خلال فترة الأعياد.
ورصد "حياة وسوق" حركة نشطة في الأسواق خلافا لما يقوله البعض عن عدم وجود حركة شرائية.
أسواق الخليل تستعد للعيد
ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك تجري الاستعدادات في الخليل كما سائر المدن لاستقباله، وهي استعدادات لا
تختلف كثيرا عن تلك التي تسبقها في عيد الفطر السعيد، إذ إنهما مناسبتان تتشابه فيهما الطقوس والاحتياجات.
"حياة وسوق" جال في وسط مدينة الخليل، على الأسواق التجارية، ووقف على استعدادات التجار للعيد المبارك، مستمعا لآراء الناس واستعداداتهم في ظل الاحتياجات المتزايدة.
وخلال جولة على الأسواق التجارية، تلاحظ شروع التجار بتجهيز محلاتهم بالبضائع التي يكثر الطلب عليها في العيد، وسط مخاوف المواطنين من أن تشهد ارتفاعا في الأسعار خاصة في اليومين أو الثلاثة التي تسبق يوم العيد.
وبدأ تجار وأصحاب محال، خاصة في قطاعي الملابس والأحذية، برفد محالهم بكميات كبيرة من البضائع استعدادا لاستقبال الزبائن الذين يتوافدون بكثرة على الشراء خاصة ملابس الأطفال ووالنساء.
ويقول محمد، صاحب محل نوفوتيه" وسط مدينة الخليل، إنه أتم استعداداته لاستقبال عيد الأضحى بملء محله بالملابس، مشيراً إلى أن الطلب يزداد على ملابس الأطفال والنساء، عن سواهما.
وأعتبر ان الإقبال خلال عيد الأضحى على شراء الملابس لا يقل عن عيد الفطر، خاصة أنه يأتي في فترة الخريف وميل الناس لشراء الملابس الشتوية.
وتجد المواطنة "أم هاشم"، التي التقاها "حياة وسوق" في أسواق الخليل مصطحبة معها صغيريها لشراء ملابس العيد، مرغمة "تحت إلحاح أطفالها" للنزول إلى السوق وشراء متطلباته، وهي تفضل الشراء قبل العيد بأسبوعين على الأقل قبل ازدحام الأسواق لتتمكن من الشراء بأريحية واحتمالية الإرجاع والتبديل بسهولة.
وتوضح أنها رغم شرائها ملابس لأولادها في عيد الفطر الذي لم يمضِ عليه أكثر من ثلاثة شهور، إلا أنها اضطرت للشراء كذلك استعدادا "للأضحى" لأن أطفالها يجدون في ذلك "حلاوة العيد"، لافتة في الوقت ذاته إلى أن الطقس في العيد هذه الأيام بارد ويحتاج إلى ملابس شتوية تختلف عما كانت فيه الأجواء في "الفطر" الفائت.
وتضيف: "يجب أن يقلل التجار من الأسعار لتشجيع الناس على الشراء في هذه الظروف الصعبة والموسم الجديد".
ويؤكد بائع الملابس أحمد التميمي أن الإقبال على الشراء في هذا العيد يزداد على الملابس الشتوية، حيث عمد إلى تجهيز محله بالملابس المناسبة لأجواء العيد.
وقال: "لم يبق من ملابس الصيف في محلي سوى القليل التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ مثل القمصان والبنطلونات المختلفة، والباقي وضعته في المخزن".
إلا أن أجواء العيد تمتد كذلك على قطاع الأغذية بكافة أشكالها ومسمياتها، حيث يستعد أشرف عودة، صاحب محل للمكسرات، لإعداد الكميات المطلوبة من المكسرات والحلويات المغلفة لتلبية احتياجات المتسوقين.
ويوضح أشرف لـ "حياة وسوق" أن كميات المكسرات التي تستهلك خلال عيد الأضحى تتساوى مع تلك المستهلكة في عيد الفطر؛ "فالإقبال كما هو ولا تختلف الأجواء والاحتياجات في العيدين وفي مختلف السنوات".
وبين بائع الخضار جهاد الرازم أن تحضيراته للفواكه خلال عيد الأضحى تتم قبل العيد بأسبوع تقريبا، حيث يقوم برفد محله بكميات كبيرة من الخضار والفواكه، مشيرا إلى أن الأسعار تبقى كما هي خلال موسم هذا العيد.
وهذه الاستعدادات والمظاهر التقليدية للعيد تنسحب على مختلف المتطلبات من المواد الغذائية واللحوم؛ فيزداد الطلب عليها خلال فترة العيد، وهي طقوس لا تنفك عنه، حيث تشتد في اليومين اللذين يسبقان العيد.
وطلبت الحاجة أم محمد من زوجها شراء مكونات كعك العيد "المعمول" لإعداده وتقديمه خلال العيد.
وتعمد الكثير من ربات البيوت لتحضير الحلوى المنزلية في بيوتهن كواحدة من أحد الطقوس الممارسة في هذه المناسبة.
ويشرع الأهالي من بداية هذه الأيام بالإقبال على الأسواق للتزود باحتياجات العيد من مختلف متطلباته، فيما يفضل البعض إرجاء ذلك إلى ليلة الوقفة، مثل المواطن عبد العزيز الذي يشير إلى أن وقته في العمل لا يسمح له بالشراء إلا قبل العيد بيوم أو نفس ليلة الوقفة، مبديا تخوفه من ارتفاع مفاجئ في الأسعار خاصة في ظل تدني الدخل، وهو شعور يتشابه مع الكثير من المواطنين، خاصة أصحاب الدخل المتدني الذين تشكل المناسبات عندهم "ثقلا على كاهلهم".
وتشكل البسطات متنفسا للكثير من الأهالي للشراء، حيث تباع فيها البضائع بأسعار تقل عن المحلات التجارية.
وتنتشر العشرات من البسطات، في الأسبوع الذي يسبق العيد، في شوارع المدينة، خاصة في منطقتي وادي التفاح والشلالة، وتمنح لأصحابها الحرية في عرض بضائعهم للاستفادة المادية من هذا الموسم لما يحققونه من دخل أفضل.
وعيد الأضحى له خصوصية بـ "الأضاحي"، إذ تشكل ابرز مظاهر العيد، ويعتبر شراء الذبائح مظهرا له خصوصيته عند البعض، حيث يتجمع الأقارب والأهالي ليشهدوا الذبح بعد صلاة العيد مباشرة.
ويعبر المواطن خالد عن شوقه وهو ينتظر عيد الأضحى المبارك لذبح أضحية تقربا إلى الله تعالى، على عكس المواطن شادي الذي يبدي تذمرا من قلة معاشه قائلا: "بالكاد استطيع تأمين الاحتياجات الأساسية والضرورية لأسرتي.. ولا استطيع أن اشتري أضحية". ويعمل اصحاب الملاحم هذه الأيام على توفير مساحات أمام محالهم لوضع الأضاحي استعدادا للعيد.
ورغم أن الإقبال على شراء الأضاحي هذه الأيام متدن، إلا أن بائع اللحوم منصور يؤكد أنه من المبكر الحكم على نسبة الإقبال خاصة ان الكثير يرجئون شراء وذبح الأضحية إلى اليوم الثاني من العيد، لكنه يوضح أن القدرة الشرائية عموما متدنية في ظل الارتفاع المتزايد للأسعار وتنامي الاحتياجات اليومية، إلى جانب متطلبات العيد الاستثنائية التي لا يستغني عنها المواطن وتتجدد مع كل عيد.