تجار التحف المقدسيون ومعادلة الرزق والهوية
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
سعيد عموري - بين نقيضين تجد نفسك حين تزور متاجر التحف الاثرية (السنتواريه)، التي يمتلكها مقدسيون، عندما تشاهد ما تغرق به واجهاتها من قطع أثرية وهدايا سياحية، يحمل قسم كبير منها شعارات تمجد إسرائيل وحبها والوفاء لها، في وقت يتوجس هؤلاء التجار من ملاحقات اسرائيلية تستهدف مصادر رزقهم ووجودهم.
حين تتجول في شوارع وأزقة القدس العتيقة، يأسرك المكان الذي تُذكرك كل زواية وحجر في مبانيه بقدسيته وعراقته، لكنك ما تلبث أن تجد نفسك أمام حالة "انفصام" تزحف لاسواق المدينة الموغلة في عروبتها وتاريخها، فتجد في متاجر التحف المقدسية سلعاً تحمل شعارات مثل "أهلاً بك في إسرائيل" .. "أحب إسرائيل" .. "كن فخوراً لأنك يهودي"، فضلا عن مجموعات اخرى من السلع السياحية الممهورة بشعار الجيش الإسرائيلي ومديحه والتفاخر به، ما يجعل الزائر يتيقن سيطرة حالة من المتناقضات باتت تحكم المكان المقدس وسكانه الفلسطينيين.
ويقول صاحب أحد محلات بيع التحف الشرقية والهدايا في حارة النصارى، بأن "معظم الذين يعملون في هذه المهنة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس يبيعون منتجات وتحف تحمل شعارات وكتابات مؤيدة لإسرائيل، لأن معظم السياح من اليهود الأميركيين، حيث أن أعداد السياح الاخرين تقلصت كثيرا بسبب الاوضاع السياسية مقارنة بما كانت عليه في السابق، حيث كنا قبل الانتفاضة نعتمد على السياح المسيحيين من أميركا واوروبا واميركا الجنوبية، أما الآن فالأسواق فارغة".
ودفعت هذه الاوضاع تجار التحف في القدس الى خيارات "كلها مُرةٌ "كما قال احدهم، في اشارة منهم الى مساعي السكان للحفاظ على بقائهم امام محاولات الاقتلاع والتهويد، ومحدودية ما هو متاح امامهم ما يدفعهم لمثل هذه الخيارات التي يقرون بعدم انسجامها مع رغباتهم.
ويضيف: "نشعر بالأسى حيال ذلك، ونعلم أننا نقوم بأمر خاطئ، لست سعيداً بتعليق علم إسرائيل في محلي، لكن هذا مصدر رزقي ومهنتي التي ورثتها عن أبي وأريد الحفاظ عليها".
وقال احد تجار التحف المقدسيين (رفض هو الاخر الكشف عن هويته)، في حديث لـ القدس دوت كوم، بينما كان سائح وزوجته (من احدى دول أميركا الجنوبية)، يدخلان متجره ويسألانه عن "سترة" عليها علم إسرائيلي: " ليس من السهل الاستغناء عن بيع مثل هذه المنتجات.. أبيع 20 قطعة مكتوب عليها شعارات مؤيدة لإسرائيل أو باللغة العبرية، مقابل قطعة واحدة لا تحمل هذه الشعارات او العبارات".
وأشار الى أن السلطات الإسرائيلية والمستوطنين ينتظرون بفارغ الصبر إغلاق محلات التجار الفلسطينين ليسيطروا عليها بأي طريقة، وقال: "نريد الحفاظ على متاجرنا والصمود فيها، فالغاية تبرر الوسيلة".
وأكد أنهم كثيراً ما تلقوا وعوداً من جهات فلسطينية بدعمهم ماليا، كي يتمكنوا من تغطية الضرائب المفروضة عليهم، وخاصة "الأرنونا"، إلا أن "تلك الوعود ذهبت ادراج الرياح ولم نرَ شيئاً"، حسب قوله.
بدوره، قال التاجر ابو منذر بركات، احد أعضاء جمعية تجار صناعات الأراضي المقدسية والتحف الشرقية بالقدس، إن هناك نحو 350 محلاً للتحف الشرقية والأثرية تعمل في مدينة القدس، موضحا أن نسبة تكاد لا تذكر من هذه المحلات في باب السلسلة فقط، تلقت مساعدة مالية محدودة من السلطة الفلسطينية، لفترة لم تتجاوز الشهرين.
واشار الى ان احتكاكات تحدث باستمرار بين التجار المقدسيين والمستوطنين في البلدة القديمة من القدس بسبب بيع بعض المحلات الكوفية الفلسطينية، أو أي قطعة عليها شعار يتعلق بفلسطين.
وأكد أن الحركة التجارية في البلدة القديمة أصبحت ضعيفة للغاية وقال: "الحركة صارت زي العمى.. صفر.. ولا إشي".
ولم يكن التعثر في الوصول الى التاجر المقدسي سعيد الصالحي، لمقابلته اثناء اعداد هذا التقرير، غير مؤشر آخر على بعض ما يتعرض التجار المقدسيون من عمليات ملاحقة، ومضايقات من اجهزة الاحتلال وسلطاته، حيث رفض عدد من التجار والمواطنين الافصاح عما اذا كان يعرف متجر الصالحي خشية ان يكون الصحفي الواقف امامهم وغير المعروف لسكان المنطقة "موظف تأمين" او ضابط ضريبة".
ويرفض الصالحي بيع أي شيءٍ يرمز لدولة إسرائيل أو للصهيونية، ويرى انه بالإمكان استبدالها بمنتجات أخرى، حيث قال: "لا أبيع مثل هذه التحف أبداً، الوضع الاقتصادي سيء علينا جميعاً، ففي حال بِعت أم لم تبع منتجات عليها شعارات إسرائيلية، فإن السياح مُوجهون لأماكن مخصصة ليتسوقوا منها، وهي المحلات الإسرائيلية وبعض المحلات العربية الكبيرة، ومعظمهم لا يعلمون عن حاراتنا وأسواقنا".
وعلق متحدث باسم وزارة السياحة الفلسطينية على بيع هذه القطع في المتاجر العربية، بأن المحلات في البلدة القديمة بالقدس تقع في منطقة ليست تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وبالتالي فانهم (في الوزارة) لا يتواصلون معهم بشكل مباشر ولا يتابعون هذا الموضوع، كما أنهم لا يستطيعون منع بيع هذه القطع.
وأكد المتحدث أن الوزارة ترفض انتشار هذه التحف والهدايا في السوق المقدسية مهما كانت الأسباب، مشيراً إلى ان الوزارة ليست مجبرة على تقديم الدعم المادي للقطاع الخاص.
ويرى مدير "مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، زياد حموري، أن السبب الرئيسي وراء بيع هذه السلع والتحف التي تحمل شعارات ورموزا مؤيدة لإسرائيل، مرتبط بالسعي للربح، رغم ان اعداد السياح اليهود الذين يتجولون في المناطق العربية من البلدة القديمة بالقدس، أصبح قليلاً جداً بعد الانتفاضة الثانية، وهم يدخلونها جماعات وبحذر شديد، ويتجنبون ارتياد المحلات العربية.
ولا يعتقد حموري ان نسبة كبيرة من أرباح التجار تأتي من بيع التحف التي تحمل شعارات مؤيدة، ما يجعل حسب قوله من الممكن ان يتجنب التجار العربي بيعها، لان ذلك يدعم نقل وترويج الثقافة الإسرائيلية و"هذا أمر غير مقبول".
zaسعيد عموري - بين نقيضين تجد نفسك حين تزور متاجر التحف الاثرية (السنتواريه)، التي يمتلكها مقدسيون، عندما تشاهد ما تغرق به واجهاتها من قطع أثرية وهدايا سياحية، يحمل قسم كبير منها شعارات تمجد إسرائيل وحبها والوفاء لها، في وقت يتوجس هؤلاء التجار من ملاحقات اسرائيلية تستهدف مصادر رزقهم ووجودهم.
حين تتجول في شوارع وأزقة القدس العتيقة، يأسرك المكان الذي تُذكرك كل زواية وحجر في مبانيه بقدسيته وعراقته، لكنك ما تلبث أن تجد نفسك أمام حالة "انفصام" تزحف لاسواق المدينة الموغلة في عروبتها وتاريخها، فتجد في متاجر التحف المقدسية سلعاً تحمل شعارات مثل "أهلاً بك في إسرائيل" .. "أحب إسرائيل" .. "كن فخوراً لأنك يهودي"، فضلا عن مجموعات اخرى من السلع السياحية الممهورة بشعار الجيش الإسرائيلي ومديحه والتفاخر به، ما يجعل الزائر يتيقن سيطرة حالة من المتناقضات باتت تحكم المكان المقدس وسكانه الفلسطينيين.
ويقول صاحب أحد محلات بيع التحف الشرقية والهدايا في حارة النصارى، بأن "معظم الذين يعملون في هذه المهنة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس يبيعون منتجات وتحف تحمل شعارات وكتابات مؤيدة لإسرائيل، لأن معظم السياح من اليهود الأميركيين، حيث أن أعداد السياح الاخرين تقلصت كثيرا بسبب الاوضاع السياسية مقارنة بما كانت عليه في السابق، حيث كنا قبل الانتفاضة نعتمد على السياح المسيحيين من أميركا واوروبا واميركا الجنوبية، أما الآن فالأسواق فارغة".
ودفعت هذه الاوضاع تجار التحف في القدس الى خيارات "كلها مُرةٌ "كما قال احدهم، في اشارة منهم الى مساعي السكان للحفاظ على بقائهم امام محاولات الاقتلاع والتهويد، ومحدودية ما هو متاح امامهم ما يدفعهم لمثل هذه الخيارات التي يقرون بعدم انسجامها مع رغباتهم.
ويضيف: "نشعر بالأسى حيال ذلك، ونعلم أننا نقوم بأمر خاطئ، لست سعيداً بتعليق علم إسرائيل في محلي، لكن هذا مصدر رزقي ومهنتي التي ورثتها عن أبي وأريد الحفاظ عليها".
وقال احد تجار التحف المقدسيين (رفض هو الاخر الكشف عن هويته)، في حديث لـ القدس دوت كوم، بينما كان سائح وزوجته (من احدى دول أميركا الجنوبية)، يدخلان متجره ويسألانه عن "سترة" عليها علم إسرائيلي: " ليس من السهل الاستغناء عن بيع مثل هذه المنتجات.. أبيع 20 قطعة مكتوب عليها شعارات مؤيدة لإسرائيل أو باللغة العبرية، مقابل قطعة واحدة لا تحمل هذه الشعارات او العبارات".
وأشار الى أن السلطات الإسرائيلية والمستوطنين ينتظرون بفارغ الصبر إغلاق محلات التجار الفلسطينين ليسيطروا عليها بأي طريقة، وقال: "نريد الحفاظ على متاجرنا والصمود فيها، فالغاية تبرر الوسيلة".
وأكد أنهم كثيراً ما تلقوا وعوداً من جهات فلسطينية بدعمهم ماليا، كي يتمكنوا من تغطية الضرائب المفروضة عليهم، وخاصة "الأرنونا"، إلا أن "تلك الوعود ذهبت ادراج الرياح ولم نرَ شيئاً"، حسب قوله.
بدوره، قال التاجر ابو منذر بركات، احد أعضاء جمعية تجار صناعات الأراضي المقدسية والتحف الشرقية بالقدس، إن هناك نحو 350 محلاً للتحف الشرقية والأثرية تعمل في مدينة القدس، موضحا أن نسبة تكاد لا تذكر من هذه المحلات في باب السلسلة فقط، تلقت مساعدة مالية محدودة من السلطة الفلسطينية، لفترة لم تتجاوز الشهرين.
واشار الى ان احتكاكات تحدث باستمرار بين التجار المقدسيين والمستوطنين في البلدة القديمة من القدس بسبب بيع بعض المحلات الكوفية الفلسطينية، أو أي قطعة عليها شعار يتعلق بفلسطين.
وأكد أن الحركة التجارية في البلدة القديمة أصبحت ضعيفة للغاية وقال: "الحركة صارت زي العمى.. صفر.. ولا إشي".
ولم يكن التعثر في الوصول الى التاجر المقدسي سعيد الصالحي، لمقابلته اثناء اعداد هذا التقرير، غير مؤشر آخر على بعض ما يتعرض التجار المقدسيون من عمليات ملاحقة، ومضايقات من اجهزة الاحتلال وسلطاته، حيث رفض عدد من التجار والمواطنين الافصاح عما اذا كان يعرف متجر الصالحي خشية ان يكون الصحفي الواقف امامهم وغير المعروف لسكان المنطقة "موظف تأمين" او ضابط ضريبة".
ويرفض الصالحي بيع أي شيءٍ يرمز لدولة إسرائيل أو للصهيونية، ويرى انه بالإمكان استبدالها بمنتجات أخرى، حيث قال: "لا أبيع مثل هذه التحف أبداً، الوضع الاقتصادي سيء علينا جميعاً، ففي حال بِعت أم لم تبع منتجات عليها شعارات إسرائيلية، فإن السياح مُوجهون لأماكن مخصصة ليتسوقوا منها، وهي المحلات الإسرائيلية وبعض المحلات العربية الكبيرة، ومعظمهم لا يعلمون عن حاراتنا وأسواقنا".
وعلق متحدث باسم وزارة السياحة الفلسطينية على بيع هذه القطع في المتاجر العربية، بأن المحلات في البلدة القديمة بالقدس تقع في منطقة ليست تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وبالتالي فانهم (في الوزارة) لا يتواصلون معهم بشكل مباشر ولا يتابعون هذا الموضوع، كما أنهم لا يستطيعون منع بيع هذه القطع.
وأكد المتحدث أن الوزارة ترفض انتشار هذه التحف والهدايا في السوق المقدسية مهما كانت الأسباب، مشيراً إلى ان الوزارة ليست مجبرة على تقديم الدعم المادي للقطاع الخاص.
ويرى مدير "مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، زياد حموري، أن السبب الرئيسي وراء بيع هذه السلع والتحف التي تحمل شعارات ورموزا مؤيدة لإسرائيل، مرتبط بالسعي للربح، رغم ان اعداد السياح اليهود الذين يتجولون في المناطق العربية من البلدة القديمة بالقدس، أصبح قليلاً جداً بعد الانتفاضة الثانية، وهم يدخلونها جماعات وبحذر شديد، ويتجنبون ارتياد المحلات العربية.
ولا يعتقد حموري ان نسبة كبيرة من أرباح التجار تأتي من بيع التحف التي تحمل شعارات مؤيدة، ما يجعل حسب قوله من الممكن ان يتجنب التجار العربي بيعها، لان ذلك يدعم نقل وترويج الثقافة الإسرائيلية و"هذا أمر غير مقبول".