الانفاق "البقرة الحلوب" في مملكة حماس!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نشرت مجلة "نهاية الأسبوع" التي يُعدها موقع "والا" العبري، تقريرا عن الأنفاق المنتشرة بين غزة ومصر، أو ما وصفتها المجلة بـ "البقرة الحلوب" أو الصناعة التي امتهنتها حركة حماس وحكومتها في قطاع غزة، وسمحت بها من أجل تدعيم قوتها ضد كافة أعدائها.
وكتب الصحفي الإسرائيلي "آفي سخاروف"، في تقرير له، أن حركة حماس كانت تتخذ من عمليات التهريب عبر الأنفاق "صناعة" تجلب لها ملايين الدولارات، حتى باتت كـ "البقرة الحلوب"، قبل أن تبدأ القاهرة عملية واسعة لتدمير الأنفاق ما آثار حفيظة حماس التي بدأ موقفها قاتما بعض الشيء خاصةً اتجاه مستقبلها.
ويستهل سخاروف تقريره، عن عمل الصيادين الفلسطينيين فيقول معلقا على صورة التقطتها وكالة الاسوشيتد برس، لصيادين يعملان في مهنتهما، "للوهلة الأولى يبدو هنا كل شيء هادئا ومرتاحا جدا في الطرف الشمالي من قطاع غزة، حيث الجدار مع إسرائيل وأسفل منه البحر لا شيء يفصل بينهما، اثنان من الصيادين يسعون نحو اصطياد الأسماك التي يبيعوها ببضع دولارات، الساحل في غزة فارغ .. فالناس في عطلة نهاية الأسبوع فقط يأتون للاسترخاء قليلا وعلى بعد بضع كيلو مترات إلى الجنوب من شمال البحر يقطن مخيم الشاطئ حيث يسكن رئيس وزراء حماس إسماعيل هنية، وجنوبا منه فنادق فارغة من معظم الزبائن إلا بعض الصحفيين".
ويضيف "يشكل البحر نقطة واحدة وصداع كبير للمؤسسة الأمنية في إسرائيل، حيث تخشى من تسلل مسلحين عبره، ولكن لم يحدث هذا حتى اللحظة لعدم اهتمام حماس في الدخول بمواجهة عسكرية مع إسرائيل، ولكن العمليات المكثفة للجيش المصري على حدود غزة وهدم الأنفاق يثير من جديد احتمالا كذلك وإحداث تصعيد يهدف لإجبار مصر على فتح معبر تجاري .. ومن المفارقات الكبيرة أنه خلال الأسابيع الماضية يحاول الإسرائيليون إقناع القاهرة لعدم فرض حصار يضيق جدا على غزة، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات تعقبها جولة جديدة من العنف بين إسرائيل وحماس".
ويشير سخاروف إلى أنه أثناء الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ عام 2007 وحتى 2010، حفر الفلسطينيون مئات الأنفاق مع مصر، الى أن أعلنت السلطات المصرية في يناير 2011 أنها ستعمل على إغلاق 1055 نفقا على الحدود، ومنذ يناير 2013 بدأت العملية وفي غضون تسعة أشهر دمرت 794 نفقا.
ويقول "إن الأنفاق كانت واحدة من أهم المشاريع لدى حكومة حماس ويعمل فيها 40 ألف شخص، وكانت تمثل 40% من خزينتها السنوية، وتمكنت الأنفاق خلال سنوات من خلق واقع جديد بإدخال الأسلحة والصواريخ المطورة وليس البضائع بكافة أنواعها وحتى السيارات الحديثة، وعلى الرغم من الحصار الإسرائيلي استمر تدفق كل أنواع البضائع وكانت تجني أرباح كبيرة للحكومة وكذلك لرجال الأعمال".
ويتابع "فرضت حماس سيطرتها على الصارمة على منطقة الأنفاق وأجبرت أصحابها بدفع أنواع متعددة من الضرائب بدءا من حفر النفق والحصول على الرخصة بالإضافة على البضائع التي تختلف أسعار الضرائب فيها حسب نوعها، وكان الجميع راضٍ عما يحصل فصاحب النفق مستفيد والتاجر صاحب البضائع مستفيد وحماس تستفيد، حتى باتت الأخيرة تحصل عشرات الملايين من الدولارات شهريا".
ويرى اسخاروف أن عملية قتل 16 جنديا مصريا في رمضان 2012، كانت أولى الخطوات اتجاه اتخاذ السلطات المصرية قرارا ضد الأنفاق رغم وجود الإخوان المسلمين في سدة الحكم حينها، وبدأ يتحرك مع بداية عام 2013 ببطء اتجاه إغلاق الأنفاق حتى تغيرت بشكل جذري وبدأت بوتيرة أسرع وكبيرة مع نهاية يونيو 2013 فشن هجوما واسع النطاق وأغلق معبر رفح مع امتداد المسيرات التي كانت البداية في إسقاط الرئيس المخلوع محمد مرسي.
ويضيف "كان الأثر على اقتصاد غزة وصندوق حماس فوري وكبير حتى هذه اللحظة". يقول أحد سكان غزة، أنهم تعودوا على شراء البضائع رخيصة ولكن كل شيء ارتفعت تكاليفه مجددا الضعف عما كانت عليه.
ويقول اسخاروف أن مكتب منسق الأنشطة الحكومية أدرك نتائج التصعيد المحتمل في غزة في ضوء نقص السلع فأمر بتسهيل وإيصال أكثر من 430 شاحنة محملة بالبضائع يوميا عبر معبر كرم أبو سالم، فالسكان ليسوا وحدهم يعانون .. فحماس تعاني من انخفاض كبير جدا في الإيرادات.
يقول أحد التجار في غزة "هل يمكنك أن تتخيل، تقريبا كل الرجال يدخنون في غزة وحماس وضعت ضرائب على السجائر المهربة من مصر، يوميا أكثر من نصف مليون لتر وقود تدخل عبر الأنفاق وفرضت عليها ضريبة، السيارات التي كان يتم تهريبها فرضت عليها ضريبة أكبر، الآلاف من الدولارات كانت عوائد لخزينة حماس، كذلك مواد البناء والوجبات الخفيفة وغيرها الكثير، وبسبب تراجع كل ذلك باتت حماس تبحث خطط لدفع الرواتب المتأخرة لموظفيها".
يقول محلل من غزة رفض الكشف عن هويته "حماس ليس لديها ما تقدم للجمهور الفلسطيني في غزة، دعونا ننظر بضع سنوات إلى الأمام، في 2020 وفقا للأمم المتحدة سوف يكون هناك انخفاض في المياه الصالحة للشرب. ماذا يمكن أن تفعل حماس حول هذا الموضوع؟ حتى الآن الوضع الاقتصادي آخذ بالتدهور .. إيرادات حماس ضعفت ليس فقط بسبب إغلاق الأنفاق وأيضا بسبب انخفاض التبرعات، المال الذي كان ينقل من الإخوان المسلمين لا تصل غزة، معدل البطالة يزداد في صفوف الشباب ويصل لمستويات عالية وغالبيتهم من خريجي الجامعات الذين لا يجدون وظيفة، ما المستقبل الذي يمكن أن يقدم عليه الآلاف من الشباب الذين لا يستطيعون شراء منزل وحتى الزواج؟".
ويضيف "هي واحدة من الأزمات الاقتصادية – السياسية الصعبة جدا، وخاصةً أنها تأتي في ضوء ما يجري في الشرق الأوسط، الحركة الأم سقطت في مصر والحليف المهم في السودان عمر البشير الآن يعاني من انتفاضة ضده بسبب غلاء الأسعار، والحرب في سوريا وضع حماس في معركة هامشية، لم يتبق لحماس سوى قطر وتركيا، وباقي الدول العربية ضد حماس والفلسطينيين عامةً، الفلسطينيون بغزة يريدون مصالحة وطنية".
ولم يستبعد المحلل الفلسطيني إمكانية التصعيد العسكري مع إسرائيل، مشيرا في الوقت ذاته أنها مستبعدة في الوقت الحالي وأنه ليس واردا على جدول أعمال حماس التي تنقسم بين تيارات يقودها هنية والزهار وثالث ضعيف تختلف فيها آراؤهم للوضع الراهن ما بين رفض المصالحة أو الانتظار لحين انتهاء المفاوضات وبين من يريد الإبقاء على الوضع كما هو عليه الآن، مع إجماعهم على ضرورة الدخول في المصالحة من موقف قوة ويعولون على فشل المفاوضات".
ويختم اسخاروف تقريره قائلا "في الوقت الراهن يبدو ان حماس ليس أمامها كثير من الخيارات سوى أن تنتظر ما إذا كان المصريون على استعداد لتغيير سياساتهم اتجاه غزة، حاليا على الأقل .. قادة حماس لا يستطيعون السفر ومغادرة غزة عبر معبر رفح بسبب عدم سماح القاهرة لهم بالسفر، وفي الوقت ذاته تواصل الحركة بناء قدراتها العسكرية، ورغم ذلك لا زال يتم الحفاظ على الهدوء النسبي وكلا الجانبين حماس – إسرائيل يمتنعان عن إطلاق النار اتجاه بعضهما البعض".
عن القدس