بطولة الكتيبة الثالثة ( الجزء الثاني - الأخير )- اللواء م- مازن عز الدين
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
الإصلاح و رفض الخلل : -
جميع من تسابقوا في البدايات وشاركوا في انطلاقة الثورة و من التحقوا بها متفاعلين مع عملياتها ضد الاحتلال أو معاركها للدفاع عن ديمومتها كانوا مندفعين بقوة المبادئ وصدق النوايا بهم كم هائل من النرجسية و الشفافية والنقاء لا حدود له , لهذا كانوا يتأثرون من أي خطأ يحدث داخل الصفوف , يتصدون له بلا تردد وقد حدث هذا في الكتيبة الثالثة المتمركزة في الخط الأمامي للجبهة السورية على خط العرض الممتد من ( عرنة غربا ) على السفوح الشرقية من جبل الشيخ حتى حدود ( مخيم خان الشيح ) احتجاجاً كبيراً على تصرف قائد الكتيبة وتصاعد الاحتجاج بين مؤيد ومعارض له وتم ابعاد قائد الكتيبة لفترة وجيزة منعاً للاحتكاك الذي قد يصبح مسلحاً حيث أن الجميع كانوا في دائرة الاخلاص وحسن النوايا و يرفضون الممارسات الخاطئة وقاد الاحتجاج الأخ اللواء / سميح نصر ومعه اللواء / جمعة حسن حيث كانت رتبتهما في حينها ( ملازم أول و ملازم ) على الترتيب , كان الاستنفار على أشده والخلاف حاد , البعض مسلح و البعض الآخر منع من حمل السلاح وأصبح الوضع شبه تمرد لا تقبل به القيادة العامة لقوات العاصفة وغير مسموح أن تعلم به القيادة السورية , لأنه يشكل وضعاً خطيراً على الجبهة الأمامية القابلة للاشتعال في أي لحظة أمام أي خطأ .
وجاء الأخ / أبو ماهر غنيم ( عضو القيادة العامة لقوات العاصفة في حينه ) من دمشق الى قيادة كتيبة الصاعقة الثالثة في مدينة ( قطنة ) و التي تمثل المدينة الأمامية في خط القتال ... وتم احتواء الموقف فوراً
الخطأ و المجزرة : -
طلب الأخ أبو ماهر غنيم نقل الحوار مع الضباط المحتجين الى قيادة قوات اليرموك في ( حمورية ) و التي أصبحت مقراً للقوة التي أطلق عليها اسم ( الخدمة الخاصة ) و التي يقودها الشهيد اللواء / سفيان ( مجيد ) الأغا في ذلك التاريخ , و قد فهم البعض منهم أن ذلك ليس حواراً بل هو مسائلة غير محقة أو سجن او انهم موقوفين , و البعض التزم و تواجد و البعض الآخر طلب مني إقناعهم بالحضور و كان الأخ أبو ماهر غنيم يعمل على تهدئتهم لإنهاء التوتر , و تم اقناعهم أخيرا و بالفعل تحركنا من الجبهة جميعاً , اللواء / سميح نصر و اللواء / جمعة حسن و عدد آخر من الاخوة , و عند وصولنا للمدخل الجنوبي لمدينة دمشق نزل الأخ / جمعة حسن من السيارة التي تقلنا و رفض الاستمرار معنا في التوجه الى ( الغوطة ) حيث تتواجد القيادة هناك , حاولنا اقناعه و لكن ذلك لن يجدي نفعاً و قد استغرق ذلك وقتاً هاماً للغاية و لكن .... لماذا ؟
كان في المعسكر دورة تدريبية لمجموعة من المقاتلين وضعها المدرب في دائرة تضم واحد و عشرين من الأفراد و هو في وسطهم و كانت دورة للتدريب على الألغام و رغم أن المدرب مهندس متخصص قادم من الجيش العربي الأردني فبل أحداث أيلول و لديه خبرة عالية إلا أنه وقع في غلطة الشاطر و هي غلطة دفعنا فيها ثمناً غالياً , وهو يقوم بتحذير المتدربين من عدم نسيان وضع الصاعق المتفجر في المكان المحدد له في اللغم , حيث قال لهم هكذا يوضع و قام بحركة خاطئة فإذا باللغم ينفجر و تتناثر أشلاء مقاتلي الدورة الى مسافات بعيدة و يسقط في هذه المجزرة أربع عشر شهيداً و نجي منها ما يقارب السبعة أفراد ووجد رأس المدرب ( أبو العز ) على بعد خمسين متراً من الانفجار , و نحن في طريقنا شاهدنا سيارات الاسعاف تتسابق الى المكان , وعندما وصلنا ذهلنا من حجم الفاجعة و حمدنا الله على أن اللواء / جمعة حسن جعلنا نستغرق الكثير من الوقت في اقناعه و الذي حال بيننا و بين الانفجار ونجونا مع من نجو من الانفجار ومنهم التوأم ( محمد حسن و شقيقه ) الذي فقد كف يده و عينه و الأخ أبو راشد وآخر من أشقائنا السوريين من ( حمص ) , والأخ / زهدي مصطفى عاصي الذي فقد ذراعه و تعلم مهنة التصوير لاحقاً و أصبح من المقربين للأخ المرحوم الشهيد / فتحي عرفات الذي تبنى علاجه و تطويره و هذا جعله مصوراً ناجحاً في الهلال الأحمر الفلسطيني فيما بعد .
و من هنا استذكر المثل الشعبي القائل (كل تأخيره فيها خيرة ) .
التموضع الرابع : -
كتيبة الصاعقة الثالثة في مربع ( الفاكهاني )
كانت منطقة ( الفاكهاني ) تعرف ( بجمهورية الفاكهاني ) وهي مربع صغير من بيروت يضم مخيم ( صبرا و شاتيلا ) و هو يعج ببيوت من الصفيح متناثرة على أطرافه , ارتأت القيادة العليا أن تتواجد الكتيبة الثالثة في منطقة ( بئر حسن ) و فعلاً وصلت و تمركزت بنجاح لمدة طويلة الى أن بدأت الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط بالضغط للتدخل الفلسطيني في الحرب الأهلية التي اشتدت و تصاعدت و بدأت تأثيراتها تفقد الجانب الفلسطيني حياده الخجول بعد أن قامت القوات الانعزالية بالمساس المباشر بالمخيمات في المنطقة الشرقية و هي ( ضبي و جسر الباشا و تل الزعتر ) .
الكتيبة تخوض أول معاركها : -
بعد أحداث ( عين الرمانة ) التي ارتكبت فيها قوات حزب الكتائب اللبنانية المجزرة المعروفة , أصبح الوضع صعباً و فتحت جبهة اسمها جبهة ( الشياح – عين الرمانة ) و كان الجيش اللبناني منحازاً بشكل كبير و واضح للجبهة الانعزالية و نحن لم نشارك في حينها إلا بجزء من قوات الميليشيا في ( الشياح ) و التي كان قائدها في حينها الشهيد / جواد أبو شعر .
أبو عمار يوجه رسالة استجابة لجنبلاط : -
أمر الرئيس القائد العام / أبو عمار الكتيبة الثالثة بتوجيه ضربة للقوات الانعزالية و للجيش اللبناني بكامل جسم الكتيبة و قال لي قل لحسن ( قائد الكتيبة في حينه ) اريدها لسعة دبور للرئيس اللبناني ... و فعلاً بدأت الكتيبة استطلاعاتها و حددت أهدافها التي ستهاجمها و هي تمتد على مساحة كبيرة من ( الحازمية حتى الشياح عين الرمانة ) و تحركت الكتيبة بروح معنوية عالية و كان على رأس كل مجموعة ضابط و منهم الملازم أول / عبد المنعم العموري الذي أصبح قائداً للكتيبة لاحقاً حيث قام باقتحام أحد المواقع و هو موقع ( الداتسون ) بين ( عين الرمانة و الشياح ) على طريق ( بيروت – دمشق ) الدولي و على امتداد انتشار الجيش اللبناني في تلك المنطقة نجحت الكتيبة في هجومها و حصلت على أسلحة و معدات و آليات ثقيلة ( ملالات ) و عادت الكتيبة الى مواقعها و جاء الأخ / أبو عمار و أبو جهاد و أبو الهول و أبو الزعيم لزيارة قيادتها في ( بئر حسن ) مهنئين قائدها و ضباطها و ضباط الصف و الجنود على نجاحهم و طلب مني الأخ أبو عمار كتابة مقال عن المعركة على أن أعرضه عليه قبل نشره و فعلاً ذهبت إليه في مقره ( الفاكهاني ) و أضاف ( قامت الكتيبة الثالثة و قوات الميليشيا في الشياح بالمعركة ) حيث أبرز حينها دور قوات الميليشيا و نشرت في فلسطين الثورة .
و استمرت الكتيبة الثالثة في مشاركتها في القتال في الحرب الأهلية اللبنانية الى نهايتها .
التموضع الخامس : -
تموضعت الكتيبة الثالثة في الخط الأمامي في مواجهة دويلة ( سعد حداد ) في القطاعين شرق ( الليطاني ) و منطقة ( بلاط ) و ( مرج عيون و إليا و سحمر و يحمر ) و خاضت معارك أساسية في منطقة ( العيشية و المحمودية ) و خاضت معارك مزدوجة ضد اسرائيل و دويلة ( سعد حداد ) و سقط فيها العديد من الشهداء و الجرحى و كانت بحق كتيبة مميزة تستحق كل التقدير و الاحترام و العرفان لكل من كان في مرتباتها .
التموضع الأخير : -
لقد حدث الانشقاق في جسم قوات اليرموك و بدأ في الكتيبة الأولى التي كان قائدها الأول / سعيد موسى ( أبو موسى ) قائد الانشقاق و كان قائدها اللواء / يونس العاص الذي تصدى للعقيد / أبو موسى و للانشقاق و لكن الكتيبة الأولى كان جسمها منظماً لصالح الانشقاق و الكتيبة الثانية من قوات اليرموك كان قائدها / محمود عيسى مع الانشقاق و لم يتبقى من قوات اليرموك إلا الكتيبة الثالثة التي كان على رأسها قائد شجاع كغيره من القادة الذين سبقوه في قيادتها و هم على حسب التسلسل ( موسى العملة – فترة العمليات ضد اسرائيل في الجولان قبل انشقاقه ) , ( حسن أبو شنار – فترة أحداث نيسان و تشرين في لبنان و كذلك حرب أكتوبر حتى نهاية الحرب الأهلية اللبنانية قبل انشقاقه ) , ( عبد المنعم العموري – ما بعد الحرب الأهلية ) , ( يوسف عبيد – أبو الوليد – فترة البقاع و العيشية و بلاط قبل انشقاقه ) , ملاحظة : و هؤلاء ممن انشقوا من القادة للكتيبة انشقوا و هم خارج جسم الكتيبة , و أخيراً ( راجح أبو لحية ) و قد تميزت الكتيبة الثالثة لقوات اليرموك عن غيرها من القوات بالانتماء اللا حدود له لحركتنا العملاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فـــتــــــــح ) و للثورة الفلسطينية و الرئيس الشهيد الخالد / يــــاســـــر عرفــــــــات ( أبو عمار ) و لم ينشق مها أحد , و كتبت على سياراتها المسلحة ( الانتحار مع عرفات و لا الانتصار مع المنشقين ) .
أول المعارك ضد الانشقاق معركة مجدل عنجر ( شرقي لبنان ) : -
لقد تم التحضير من قبل قيادة السوريين و المنشقون , و القيادة العامة ( أحمد جبريل ) , و الليبيون في البقاع للانقضاض على مواقع الكتيبة الثالثة , و قتل أكبر عدد ممكن منهم لغرس الرعب في صفوف القوات المنتمية للشرعية , و حتى تؤدي الى ابراز رأي يؤكد أن الانشقاق يملك القوة الاكبر من جسم حركة ( فتح ) و أية مواجهة قادمة محكوم عليها بالفشل . وفتحت النار و بدأت المدافع و الدبابات لا تترك موقعاً إلا و تسدد له قذائفها .. لكن الكتيبة الثالثة بقيت صامدة و نجحت في صد كافة الهجمات الليلية , و لكن قذائفنا و رصاصنا بدأ يقل تدريجياً , و طلب الذخائر يتم بالأجهزة التي ما زالت فيها الشبكة المتداخلة , فنحن نسمعهم و هم يستمعون لما نقول .
و تحركت أنا / مازن عز الدين ( المفوض السياسي لقوات اليرموك في حينه ) و الأخ / جمعة غالي من ( ركن عمليات قوات اليرموك ) الى قيادة الكتيبة و من شدة النيران و غزارتها لم نتمكن من الوصول الى قيادة الكتيبة لفترة كبيرة و صعبة جداً , ثم تمكنا بعدها من التحرك بسرعة و التجول وسط الأماكن التي تتواجد فيها الاسلحة الرئيسية للكتيبة من أجل تحقيق هدف مركزي و هو إشعار الجميع بأن وضع المقاتلين جيد و قابلنا قائد الكتيبة الأخ الشجاع الشهيد الرائد / راجح أبو لحية و تحدثنا الى عدد من المقاتلين و قلنا لهم شكراً على صمودكم .... و قد نجح الأخ المقدم في حينه / نصر يوسف قائد قوات اليرموك في إرسال كمية من الذخائر بالتنسيق مع الأخ الدكتور / رضوان الأخرس , و بعض الأصدقاء و بالطرق الخاصة , و قام بإيصالها الأخ الشجاع النقيب في حينه / سليمان سعيد العيسوي ( أبو عرب ) من الهلال الأحمر الفلسطيني , و لكن و في حدود الساعة العاشرة صباحاً نجحوا في تحقيق اختراق لدفاعات الكتيبة و احتلوا قيادتها التي لم يجدوا فيها أحداً , و جرح في هذه المعركة العديد من المقاتلين , و سقط فيها ( الشهيد البطل النقيب / فهيم أبو الرب ( أبو مأمون ) و الشهيد البطل / جمال صبح ) و تم التراجع الى موقع الروضة و دير زنون و كانت معركة ( مجدل عنجر ) رسالة للقيادة السياسية للحركة و القيادة العامة لقوات العاصفة بأن وجودكم في دمشق لم يعد مرغوباً فيه . و هو أول مساس رسمي عربي مؤكد ضد ( م . ت . ف ) لإضعاف دورها السياسي في لبنان . ووجدنا أنفسنا أمام مرحلة جديدة من المواجهات بدأت بهذه المعركة التي لا توصف من شدة النيران التي انصبت على مواقعنا من تحالف قوى الشر و العدوان . و شارك فيها الى جانب الكتيبة الثالثة سرية من قوات الـ 17 , و فصيل من سرية القيادة التابعة لقوات اليرموك .
( تحية الى أبطال الكتيبة الثالثة , تحية الى قوات اليرموك , تحية الى قوات العاصفة , تحية الى أرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن شعبهم و ثورتهم و استقلالية قرارهم الوطني و على رأسهم الشهيد القائد الخالد / يــــاســـــر عـــرفــــات – أبو عمار )
اللواء م / مازن عز الدين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
عضو المجلس الاستشاري
zaالإصلاح و رفض الخلل : -
جميع من تسابقوا في البدايات وشاركوا في انطلاقة الثورة و من التحقوا بها متفاعلين مع عملياتها ضد الاحتلال أو معاركها للدفاع عن ديمومتها كانوا مندفعين بقوة المبادئ وصدق النوايا بهم كم هائل من النرجسية و الشفافية والنقاء لا حدود له , لهذا كانوا يتأثرون من أي خطأ يحدث داخل الصفوف , يتصدون له بلا تردد وقد حدث هذا في الكتيبة الثالثة المتمركزة في الخط الأمامي للجبهة السورية على خط العرض الممتد من ( عرنة غربا ) على السفوح الشرقية من جبل الشيخ حتى حدود ( مخيم خان الشيح ) احتجاجاً كبيراً على تصرف قائد الكتيبة وتصاعد الاحتجاج بين مؤيد ومعارض له وتم ابعاد قائد الكتيبة لفترة وجيزة منعاً للاحتكاك الذي قد يصبح مسلحاً حيث أن الجميع كانوا في دائرة الاخلاص وحسن النوايا و يرفضون الممارسات الخاطئة وقاد الاحتجاج الأخ اللواء / سميح نصر ومعه اللواء / جمعة حسن حيث كانت رتبتهما في حينها ( ملازم أول و ملازم ) على الترتيب , كان الاستنفار على أشده والخلاف حاد , البعض مسلح و البعض الآخر منع من حمل السلاح وأصبح الوضع شبه تمرد لا تقبل به القيادة العامة لقوات العاصفة وغير مسموح أن تعلم به القيادة السورية , لأنه يشكل وضعاً خطيراً على الجبهة الأمامية القابلة للاشتعال في أي لحظة أمام أي خطأ .
وجاء الأخ / أبو ماهر غنيم ( عضو القيادة العامة لقوات العاصفة في حينه ) من دمشق الى قيادة كتيبة الصاعقة الثالثة في مدينة ( قطنة ) و التي تمثل المدينة الأمامية في خط القتال ... وتم احتواء الموقف فوراً
الخطأ و المجزرة : -
طلب الأخ أبو ماهر غنيم نقل الحوار مع الضباط المحتجين الى قيادة قوات اليرموك في ( حمورية ) و التي أصبحت مقراً للقوة التي أطلق عليها اسم ( الخدمة الخاصة ) و التي يقودها الشهيد اللواء / سفيان ( مجيد ) الأغا في ذلك التاريخ , و قد فهم البعض منهم أن ذلك ليس حواراً بل هو مسائلة غير محقة أو سجن او انهم موقوفين , و البعض التزم و تواجد و البعض الآخر طلب مني إقناعهم بالحضور و كان الأخ أبو ماهر غنيم يعمل على تهدئتهم لإنهاء التوتر , و تم اقناعهم أخيرا و بالفعل تحركنا من الجبهة جميعاً , اللواء / سميح نصر و اللواء / جمعة حسن و عدد آخر من الاخوة , و عند وصولنا للمدخل الجنوبي لمدينة دمشق نزل الأخ / جمعة حسن من السيارة التي تقلنا و رفض الاستمرار معنا في التوجه الى ( الغوطة ) حيث تتواجد القيادة هناك , حاولنا اقناعه و لكن ذلك لن يجدي نفعاً و قد استغرق ذلك وقتاً هاماً للغاية و لكن .... لماذا ؟
كان في المعسكر دورة تدريبية لمجموعة من المقاتلين وضعها المدرب في دائرة تضم واحد و عشرين من الأفراد و هو في وسطهم و كانت دورة للتدريب على الألغام و رغم أن المدرب مهندس متخصص قادم من الجيش العربي الأردني فبل أحداث أيلول و لديه خبرة عالية إلا أنه وقع في غلطة الشاطر و هي غلطة دفعنا فيها ثمناً غالياً , وهو يقوم بتحذير المتدربين من عدم نسيان وضع الصاعق المتفجر في المكان المحدد له في اللغم , حيث قال لهم هكذا يوضع و قام بحركة خاطئة فإذا باللغم ينفجر و تتناثر أشلاء مقاتلي الدورة الى مسافات بعيدة و يسقط في هذه المجزرة أربع عشر شهيداً و نجي منها ما يقارب السبعة أفراد ووجد رأس المدرب ( أبو العز ) على بعد خمسين متراً من الانفجار , و نحن في طريقنا شاهدنا سيارات الاسعاف تتسابق الى المكان , وعندما وصلنا ذهلنا من حجم الفاجعة و حمدنا الله على أن اللواء / جمعة حسن جعلنا نستغرق الكثير من الوقت في اقناعه و الذي حال بيننا و بين الانفجار ونجونا مع من نجو من الانفجار ومنهم التوأم ( محمد حسن و شقيقه ) الذي فقد كف يده و عينه و الأخ أبو راشد وآخر من أشقائنا السوريين من ( حمص ) , والأخ / زهدي مصطفى عاصي الذي فقد ذراعه و تعلم مهنة التصوير لاحقاً و أصبح من المقربين للأخ المرحوم الشهيد / فتحي عرفات الذي تبنى علاجه و تطويره و هذا جعله مصوراً ناجحاً في الهلال الأحمر الفلسطيني فيما بعد .
و من هنا استذكر المثل الشعبي القائل (كل تأخيره فيها خيرة ) .
التموضع الرابع : -
كتيبة الصاعقة الثالثة في مربع ( الفاكهاني )
كانت منطقة ( الفاكهاني ) تعرف ( بجمهورية الفاكهاني ) وهي مربع صغير من بيروت يضم مخيم ( صبرا و شاتيلا ) و هو يعج ببيوت من الصفيح متناثرة على أطرافه , ارتأت القيادة العليا أن تتواجد الكتيبة الثالثة في منطقة ( بئر حسن ) و فعلاً وصلت و تمركزت بنجاح لمدة طويلة الى أن بدأت الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط بالضغط للتدخل الفلسطيني في الحرب الأهلية التي اشتدت و تصاعدت و بدأت تأثيراتها تفقد الجانب الفلسطيني حياده الخجول بعد أن قامت القوات الانعزالية بالمساس المباشر بالمخيمات في المنطقة الشرقية و هي ( ضبي و جسر الباشا و تل الزعتر ) .
الكتيبة تخوض أول معاركها : -
بعد أحداث ( عين الرمانة ) التي ارتكبت فيها قوات حزب الكتائب اللبنانية المجزرة المعروفة , أصبح الوضع صعباً و فتحت جبهة اسمها جبهة ( الشياح – عين الرمانة ) و كان الجيش اللبناني منحازاً بشكل كبير و واضح للجبهة الانعزالية و نحن لم نشارك في حينها إلا بجزء من قوات الميليشيا في ( الشياح ) و التي كان قائدها في حينها الشهيد / جواد أبو شعر .
أبو عمار يوجه رسالة استجابة لجنبلاط : -
أمر الرئيس القائد العام / أبو عمار الكتيبة الثالثة بتوجيه ضربة للقوات الانعزالية و للجيش اللبناني بكامل جسم الكتيبة و قال لي قل لحسن ( قائد الكتيبة في حينه ) اريدها لسعة دبور للرئيس اللبناني ... و فعلاً بدأت الكتيبة استطلاعاتها و حددت أهدافها التي ستهاجمها و هي تمتد على مساحة كبيرة من ( الحازمية حتى الشياح عين الرمانة ) و تحركت الكتيبة بروح معنوية عالية و كان على رأس كل مجموعة ضابط و منهم الملازم أول / عبد المنعم العموري الذي أصبح قائداً للكتيبة لاحقاً حيث قام باقتحام أحد المواقع و هو موقع ( الداتسون ) بين ( عين الرمانة و الشياح ) على طريق ( بيروت – دمشق ) الدولي و على امتداد انتشار الجيش اللبناني في تلك المنطقة نجحت الكتيبة في هجومها و حصلت على أسلحة و معدات و آليات ثقيلة ( ملالات ) و عادت الكتيبة الى مواقعها و جاء الأخ / أبو عمار و أبو جهاد و أبو الهول و أبو الزعيم لزيارة قيادتها في ( بئر حسن ) مهنئين قائدها و ضباطها و ضباط الصف و الجنود على نجاحهم و طلب مني الأخ أبو عمار كتابة مقال عن المعركة على أن أعرضه عليه قبل نشره و فعلاً ذهبت إليه في مقره ( الفاكهاني ) و أضاف ( قامت الكتيبة الثالثة و قوات الميليشيا في الشياح بالمعركة ) حيث أبرز حينها دور قوات الميليشيا و نشرت في فلسطين الثورة .
و استمرت الكتيبة الثالثة في مشاركتها في القتال في الحرب الأهلية اللبنانية الى نهايتها .
التموضع الخامس : -
تموضعت الكتيبة الثالثة في الخط الأمامي في مواجهة دويلة ( سعد حداد ) في القطاعين شرق ( الليطاني ) و منطقة ( بلاط ) و ( مرج عيون و إليا و سحمر و يحمر ) و خاضت معارك أساسية في منطقة ( العيشية و المحمودية ) و خاضت معارك مزدوجة ضد اسرائيل و دويلة ( سعد حداد ) و سقط فيها العديد من الشهداء و الجرحى و كانت بحق كتيبة مميزة تستحق كل التقدير و الاحترام و العرفان لكل من كان في مرتباتها .
التموضع الأخير : -
لقد حدث الانشقاق في جسم قوات اليرموك و بدأ في الكتيبة الأولى التي كان قائدها الأول / سعيد موسى ( أبو موسى ) قائد الانشقاق و كان قائدها اللواء / يونس العاص الذي تصدى للعقيد / أبو موسى و للانشقاق و لكن الكتيبة الأولى كان جسمها منظماً لصالح الانشقاق و الكتيبة الثانية من قوات اليرموك كان قائدها / محمود عيسى مع الانشقاق و لم يتبقى من قوات اليرموك إلا الكتيبة الثالثة التي كان على رأسها قائد شجاع كغيره من القادة الذين سبقوه في قيادتها و هم على حسب التسلسل ( موسى العملة – فترة العمليات ضد اسرائيل في الجولان قبل انشقاقه ) , ( حسن أبو شنار – فترة أحداث نيسان و تشرين في لبنان و كذلك حرب أكتوبر حتى نهاية الحرب الأهلية اللبنانية قبل انشقاقه ) , ( عبد المنعم العموري – ما بعد الحرب الأهلية ) , ( يوسف عبيد – أبو الوليد – فترة البقاع و العيشية و بلاط قبل انشقاقه ) , ملاحظة : و هؤلاء ممن انشقوا من القادة للكتيبة انشقوا و هم خارج جسم الكتيبة , و أخيراً ( راجح أبو لحية ) و قد تميزت الكتيبة الثالثة لقوات اليرموك عن غيرها من القوات بالانتماء اللا حدود له لحركتنا العملاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فـــتــــــــح ) و للثورة الفلسطينية و الرئيس الشهيد الخالد / يــــاســـــر عرفــــــــات ( أبو عمار ) و لم ينشق مها أحد , و كتبت على سياراتها المسلحة ( الانتحار مع عرفات و لا الانتصار مع المنشقين ) .
أول المعارك ضد الانشقاق معركة مجدل عنجر ( شرقي لبنان ) : -
لقد تم التحضير من قبل قيادة السوريين و المنشقون , و القيادة العامة ( أحمد جبريل ) , و الليبيون في البقاع للانقضاض على مواقع الكتيبة الثالثة , و قتل أكبر عدد ممكن منهم لغرس الرعب في صفوف القوات المنتمية للشرعية , و حتى تؤدي الى ابراز رأي يؤكد أن الانشقاق يملك القوة الاكبر من جسم حركة ( فتح ) و أية مواجهة قادمة محكوم عليها بالفشل . وفتحت النار و بدأت المدافع و الدبابات لا تترك موقعاً إلا و تسدد له قذائفها .. لكن الكتيبة الثالثة بقيت صامدة و نجحت في صد كافة الهجمات الليلية , و لكن قذائفنا و رصاصنا بدأ يقل تدريجياً , و طلب الذخائر يتم بالأجهزة التي ما زالت فيها الشبكة المتداخلة , فنحن نسمعهم و هم يستمعون لما نقول .
و تحركت أنا / مازن عز الدين ( المفوض السياسي لقوات اليرموك في حينه ) و الأخ / جمعة غالي من ( ركن عمليات قوات اليرموك ) الى قيادة الكتيبة و من شدة النيران و غزارتها لم نتمكن من الوصول الى قيادة الكتيبة لفترة كبيرة و صعبة جداً , ثم تمكنا بعدها من التحرك بسرعة و التجول وسط الأماكن التي تتواجد فيها الاسلحة الرئيسية للكتيبة من أجل تحقيق هدف مركزي و هو إشعار الجميع بأن وضع المقاتلين جيد و قابلنا قائد الكتيبة الأخ الشجاع الشهيد الرائد / راجح أبو لحية و تحدثنا الى عدد من المقاتلين و قلنا لهم شكراً على صمودكم .... و قد نجح الأخ المقدم في حينه / نصر يوسف قائد قوات اليرموك في إرسال كمية من الذخائر بالتنسيق مع الأخ الدكتور / رضوان الأخرس , و بعض الأصدقاء و بالطرق الخاصة , و قام بإيصالها الأخ الشجاع النقيب في حينه / سليمان سعيد العيسوي ( أبو عرب ) من الهلال الأحمر الفلسطيني , و لكن و في حدود الساعة العاشرة صباحاً نجحوا في تحقيق اختراق لدفاعات الكتيبة و احتلوا قيادتها التي لم يجدوا فيها أحداً , و جرح في هذه المعركة العديد من المقاتلين , و سقط فيها ( الشهيد البطل النقيب / فهيم أبو الرب ( أبو مأمون ) و الشهيد البطل / جمال صبح ) و تم التراجع الى موقع الروضة و دير زنون و كانت معركة ( مجدل عنجر ) رسالة للقيادة السياسية للحركة و القيادة العامة لقوات العاصفة بأن وجودكم في دمشق لم يعد مرغوباً فيه . و هو أول مساس رسمي عربي مؤكد ضد ( م . ت . ف ) لإضعاف دورها السياسي في لبنان . ووجدنا أنفسنا أمام مرحلة جديدة من المواجهات بدأت بهذه المعركة التي لا توصف من شدة النيران التي انصبت على مواقعنا من تحالف قوى الشر و العدوان . و شارك فيها الى جانب الكتيبة الثالثة سرية من قوات الـ 17 , و فصيل من سرية القيادة التابعة لقوات اليرموك .
( تحية الى أبطال الكتيبة الثالثة , تحية الى قوات اليرموك , تحية الى قوات العاصفة , تحية الى أرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن شعبهم و ثورتهم و استقلالية قرارهم الوطني و على رأسهم الشهيد القائد الخالد / يــــاســـــر عـــرفــــات – أبو عمار )
اللواء م / مازن عز الدين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
عضو المجلس الاستشاري