أزمة قلنديا.. فوضى السائقين و"الفيسبوك" دليل المسافر
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
سعيد عموري - لا شك أن الاحتلال والحاجز العسكري الذي أقامه على مدخل القدس في قلنديا، هما المسببان الرئيسيان لأزمة السير الخانقة، التي يسدد آلاف الفلسطينيين فاتورتها وقتاً واعصابا وقهراً، ومصالح تتبدد وهم بانتظار فرج المرور الذي يستغرق ساعات في بعض الاحيان.
لكن وبجوار كابوس القهر اليومي الذي يعتبر جزءا من ابجديات ووظيفة حواجز الاحتلال، فان فوضى السائقين المارين عبر الحاجز ذهاباً واياباً، تطيل فصول الانتظار لاجتياز الحاجز وتزيد من معاناة وقهر المارة وتعطيل أعمالهم.
وبمنأى عن وظيفة الحاجز القمعية، فقد بينت عملية مراقبة قمنا بها اثناء اعداد هذا التقرير، استمرت 20 دقيقة وتركزت حول حركة المركبات عبر حاجز قلنديا خلال فترة الذروة، أن نحو 60 مركبة كانت تتجه من القدس إلى رام الله، خالفت قوانين المرور المفترض احترامها..!
وتباينت هذه المخالفات التي تُضاعف من حدة الأزمة المرورية، وتمثل انتهاكاً لحقوق الآخرين الذين ينتظرون العبور، ما بين السير بالاتجاه المعاكس، وتجاوز مركبات أخرى عبر طريقين يؤديان للمرور بجوار الحاجز في الطريق نحو مدينة رام الله، علما ان الـ 20 دقيقة التي تم رصدها على الحاجز، شهدت مرور نحو 200 مركبة من القدس باتجاه رام الله، قبل ان تشتبك عشرات المركبات في أزمة خانقة حدثت بعد الحاجز، حيث يلتقي القادمون من القدس ومن جبع، والمسافرون بالاتجاه المعاكس من رام الله إلى القدس في تلك النقطة.
وأظهرت المراقبة أن أكثر من نصف المركبات المسافرة من طريق جبع، عبر بلدة الرام، نحو رام الله، تخالف قوانين السير، وتحاول تجاوز عشرات المركبات الأخرى التي تنتظم على الشارع بانتظار العبور، ما يشل حركة عشرات السيارات الاخرى التي تنتظر امامهم العبور لفترات متباينة قد تصل أكثر من 20 دقيقة.
وللقادمين من رام الله باتجاه القدس قصة أخرى، فبالاضافة إلى فوضى الوافدين الذي يتدفقون من الأرصفة ومن مسالك الشارع المعاكس (المتجه نحو رام الله)، فان المارة والسائقين يعانون من اكوام الحصى الناتجة عن تفتت الحجارة التي تستخدم لمنع تجاوزات المخالفين.
ويقول الموظف في شركة"جوال" عبادة سوميرة بأن "حالة من الفوضى تتفاقم مع موعد انتهاء دوام الموظفين، لعدة أسباب، أهمها المركبات التي تمشي بعكس اتجاه حركة السير على الحاجز نفسه لتفادي الدوران، حول الدوار الكبير الذي يصادف المتجهين نحو رام الله، وهذا الأمر يعرقل بشكل مباشر حركة الذاهبين لعبور الحاجز من مدينة رام الله، في الوقت الذي تمتلئ فيه طريقهم بالحصى والحجارة الكبيرة التي وضعت لتنظيم السير ولمنع مرور المركبات بعكس حركة السير".
ويضيف سوميرة: " اثناء عبوري الحاجز بالسيارة، اعاني من السيارات التي تمشي بشكل غير معقول عكس السير".
وفي مسعى منها لتنظيم حركة السير والتخفيف من فوضى المرور وحدة الازمة في تلك المنطقة الضيقة، فان وزارة النقل الفلسطينية عينت موظفين اثنين فقط، اوكلت لهما تنظيم الحركة في المكان الذي تعبره الاف السيارات يوميا.
وقال خالد مطير (أحد هذين الموظفين) في حديث لـ القدس دوت كوم: "نعمل على تنظيم السير كموظفين بعقود سنوية منذ أكثر من 4 أعوام، وقد تم رفض تثبيتنا كموظفين عموميين، رغم اننا نعمل لأكثر من 8 ساعات يومياً تحت أشعة الشمس، وفي ايام البرد القارس".
وأضاف مطير: "نبدأ عملنا من الساعة السابعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، ونحن نحاول منع فوضى التجاوزات المرورية للسائقين.. ننجح في ذلك في المناطق القريبة من أماكن وقوفنا، ولكننا بحاجة لموظفين آخرين، لاننا لا نستطيع وحدنا تنظيم هذا الأزمة الكبيرة".
ويشير مطير إلى ان رواتبهما (هو وزميله الآخر)، لا تتجاوز 1500 شيكل شهريا، مشيرا الى انها غير كافية لاعالة اسرته.
وعند سؤاله عن أهم مسببات حدوث أزمة قلنديا، الى جانب الاحتلال والسائقين "الفوضويين"، اشار مطير الى سبب ثالث يتمثل بايقاف العديد من المركبات التي تركن في الكراجات القريبة من الحاجز، ما يتسبب بتضييق الطريق الضيق اصلا، حيث ان "بعض اصحاب الكراجات وزبائنهم لا يكترثون لاغلاق جزء من الشارع او التسبب بأزمة فيه من أجل تحقيق مصالحهم".
ودعا مطير الذي يعاني من عدة مشاكل صحية بسبب ظروف عمله والوقوف على قدمية لساعات طويلة، كل من يمر عبر الحاجز بالتقيد بأنظمة السير، واحترام المنظمين والمتطوعين، وتجنب التصادم معهم.
وفي محاولة للتخفيف من أزمة العبور عبر الحاجز الذي أصبح مختنقاً في معظم الأوقات، فقد ابتكر شبان مقدسيون وسيلة جديدة، لخفض معاناتهم، تمثلت بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" عنوانها "أحوال طريق قلنديا/حزما"، باتت تضم أكثر من 11600 مشترك، كثير منهم يطالعون الصفحة قبل توجههم للحاجز، الأمر الذي يساعدهم أحياناً باتخاذ قرار الذهاب عبر الحاجز أو تأجيل السفر، وربما حتى الغائه حين يكون المرور محفوفا بالانتظار طويلا.
وتقول طالبة الادب الانجليزي في جامعة بيرزيت، حلا لداوية، إنها تلجأ دائماً إلى صفحة "أحوال قلنديا/حزما" لتتبع أوضاع الحاجز، حيث أصبحت جزءا مهماً من يومياتها، وانها تتفقدها (الصفحة) قبل ذهابها للجامعة، وعند رجوعها من الجامعة للبيت عبر "الآيفون"، موضحة أنها وفي حال تلقت اي اشارة من المشاركين بالصفحة ان الحاجز "مختنق" والأزمة "غير سالكة"، فانها تؤجل "رحلتها".
وتضيف الطالبة لداوية، بأن رحلة سفرها من مدينة القدس الى جامعة بيرزيت تستغرق أكثر من ساعة ونصف يومياً، بسبب الأزمة التي اصبحت شبه دائمة على الحاجز خلال ساعات الصباح.
وتلاحظ لداوية ان أكثر المركبات التي يقوم سائقوها بتجاوزات غير قانونية على أو قرب الحاجز، هي من مركبات النقل العمومية.
وانتجت صفحة "أحوال قلنديا- حزما" المخصصة لاحوال الحاجز والحركة عليه، مجموعة من المفردات والمصطلحات لوصف حال الحاجز بشكل دقيق وطريف في معظم الاحيان، ومن بين هذه المصطلحات "سالكة"، "أزمة ..سالكة"، "أزمة.. غير سالكة"، "مأزمة"، "مأزمة كتير"، "كيف العروس"، لكن المصور الصحافي محمد عشو، يرى انه لا يتوجب علينا الاعتماد بشكل كامل على صفحة "أحوال قلنديا"، لأن الأزمة قد تحدث خلال دقائق معدودة.
وتشهد صفحة "أحوال قلنديا"، عشرات المشاركات (البوستس) خلال أقل من ساعة، من قبل المتابعين والمتنقلين عبر حاجز قلنديا بشكل دائم ما بات يشكل لهم منفذا للاحتيال على بقاء الحاجز منذ سنوات، وللتغلب على اوقات الاختناقات الناجمة عن التجاوزات التي اصبحت جزءا من سلوك يومي لبعض السائقين والمسافرين بمركباتهم.
عن القدس