حجارة الحياة..
مواطنون يعصرون الزيتون، في معصرة حجر قديمة في بيتا بنابلس
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
جميل ضبابات - يمكن أن تدخن النرجيلة، ويمكن أن تستلقي بكل ثقلك فوق أكياس محملة بالزيتون.. ويمكن أن تلتقط الصور وان تتابع أخبار الاقتصاد على لوحة جهاز ذكي داخل بيت قديم.. لكن في بلدة بيتا قرب نابلس بالضفة الغربية لا يمكن أن تتجاوز الإمعان جيدا في رحى حجرين ثقيلين يهرسان بقوة دورانهما الزيتون الذي احضر للتو من احد الحقول.
ودائما احمد الجاغوب حاضرا لأي طارئ، في واحدة من ثلاث معاصر مازالت تعمل بالحجر في محافظة نابلس شمال الضفة الغربية.
من الشجرة حتى العبوة البلاستيكية تمر حبة الزيتون تحت عينيه، كما يقول. وغالبا ما يمكن رؤيته يدور حول الحجرين اللذين يطحنان الحب وهي مهنة ورثها أبا عن جد، مثلما عرف كل تفاصيلها أيضا من الألف إلى الياء.
يمكن أن ينادى على أبي جواد وهو اسم الجاغوب الذي يعرفه الجميع عند أية دورة لإسداء نصيحة ما للعمال. ويمكن أن يتلقى اتصالا من أية معصرة في المحيط لتقديم استشارة ميكانيكية.
بدأ الفلسطينيون بقطف الزيتون قبل أسابيع، وهي تظاهرة سنوية منذ زرع الزيتون في ارض كنعان.
وفي القرى تنقل الجرارات الزراعية، وسيارات نصف الشحن المحصول إلى المعاصر. ذاتها نابلس تحتوي على 45 معصرة زيتون حديثة وفي بلدة بيتا بالريف الشرقي اقل من 10، واحدة منها يديرها الجاغوب.
في العام 1956 أسس آل الجاغوب المعصرة.. وحتى 2013 تعمل العائلة في عصر الزيتون بالوراثة، ورغم أن حجارة العصر تغيرت أكثر من مرة، إلا أن الرجل يقول أن النفس القديمة ما زالت حاضرة. يقول عمال في المعصرة إنهم يعملون بجهد كبير للحفاظ على آلية العصر ذاتها.
يمكن أن تشهد ساعات الظهيرة عملا مضاعفا...' وفي الليل نعمل.(...) لا تتوقف الحجارة عن الدوران' قال الجاغوب. ويروي شاب يدعى سعد بني شمسي أنه ' لم ينم على مدار الليلتين الماضيتين. استمر العمل حتى ساعة الصباح. لم أنم'.
وينتج الفلسطينيون كميات من الزيت تتفاوت سنة بعد سنة. لكن اللجوء إلى المعاصر القديمة مثل معصرة الجاغوب يبدو مسألة ذوق.
حقا إنها مسألة ذوق.
لذلك يدعو العمال كل زائر لتذوق الزيت الهابط للتو عبر أنبوب ناقل.
فالناس يروون أن للزيت طعم ولون آخر عندما تهرسه أحجار كريمة في العطاء.
كان جَدّ الجاغوب يدير رحى الحجارة مستعينا بالخيل قبل عقود.. والآن بذات الطريقة تدار الحجارة على الكهرباء' أدخلنا التكنولوجيا، لكن الطريقة هي ذاتها'.
وتدور الحجارة بتسارع.. وينقل ناقل أوتوماتيكي كميات من الزيتون إلى ماعون صغير قبل أن ينقل إلى ماعون كبير تدور فيه الحجارة.
ويمكن لأربعة شبان أن يكملوا عملية نقل الزيتون المهروس إلى العصر النهائي.
' إنه زيت. هذا الزيت ذاته الذي كنا نعصره قبل سنوات'. قال الجاغوب. ودائما يبدي العمال الذين يبذلون جهودا جبارة عند نقل الزيتون المهروس استعدادا لتأييد أقوال الجاغوب.
في المعاصر القديمة والحديثة على حد سواء. الكل ينتظر ليأخذ دوره لعصر محصوله. وتنقل أكياس محملة بالزيتون إلى غرفة فيها يبدأ فصل الحب عن الورق.
واقفا إلى جانب أكياس بلاستيكية جاهزة للعصر قال الجاغوب' من هنا تنزل الحبات.. وتنقل على شريط كهربائي حتى الحجارة'.
وضجيج ماكنات النقل التي صممها الرجل نفسه تعكس الخلط بين الحداثة والكلاسيكية في عصر الزيت.' قبل سنوات كان على المزارعين والعمال نقل الزيتون إلى اقرب نقطة من الحجرين(..) الآن ننقله على ماكنة كهربائية'.
ويقول فلاحون كانوا ينقلون الزيتون من الحقول إلى المعصرة أنهم يفضلون الآلات القديمة على الحديثة. قال مدحت الجاغوب وهو عصّار سابق لسنوات طويلة ' هذا الزيت أكثر جودة. لكن الآلات الحديثة تختصر الوقت والجهد'.
يبدو داخل البناء القديم الذي خصص للمعصرة العمال يبذلون جهودا جمة للقيام بأعمالهم. فشباب بعضلات مفتولة يبدون منهكين من رفع اسطوانات الزيتون المجروش قبل عصرها'.
'نعم انه عمل متعب، لكننا اعتدتنا' قال مجحم الجاغوب وهو شاب في العشرينات من عمره تقع على عاتقه نقل مخلفات الزيتون المعصور الذي يستخدمه القرويون بعد أن يجف في عمليات التدفئة خلال فصل الشتاء'.
ويقول الفلاحون داخل المعصرة إن إنتاج الزيتون لهذا العام جيد نسبيا، رغم أن الشجر لم يحمل الكثير من الحب، وقال وليد عساف وزير الزراعة 'يمكن أن ننتج هذا العام 35-40% من الموسم. وهذا وضع طبيعي (...) هناك تبادلية في الإنتاج. هذا الموسم سيكون الإنتاج اقل من العام الماضي'.
رغم ذلك الزيت يسيل بغزارة من الاسطوانات. يسيل وتملأ العبوات البلاستيكية وترصف داخل المعصرة القديمة. والداخل والخارج يمكن أن يستطلع دورة حياة العمال حول الحجرين المتسارعين.
'هنا حياتنا. نعصر الزيتون' قال مالك المعصرة. يردد المعنى ذاته العمال الذين يتناوبون على العمل في مختلف مراحل العصر.
haجميل ضبابات - يمكن أن تدخن النرجيلة، ويمكن أن تستلقي بكل ثقلك فوق أكياس محملة بالزيتون.. ويمكن أن تلتقط الصور وان تتابع أخبار الاقتصاد على لوحة جهاز ذكي داخل بيت قديم.. لكن في بلدة بيتا قرب نابلس بالضفة الغربية لا يمكن أن تتجاوز الإمعان جيدا في رحى حجرين ثقيلين يهرسان بقوة دورانهما الزيتون الذي احضر للتو من احد الحقول.
ودائما احمد الجاغوب حاضرا لأي طارئ، في واحدة من ثلاث معاصر مازالت تعمل بالحجر في محافظة نابلس شمال الضفة الغربية.
من الشجرة حتى العبوة البلاستيكية تمر حبة الزيتون تحت عينيه، كما يقول. وغالبا ما يمكن رؤيته يدور حول الحجرين اللذين يطحنان الحب وهي مهنة ورثها أبا عن جد، مثلما عرف كل تفاصيلها أيضا من الألف إلى الياء.
يمكن أن ينادى على أبي جواد وهو اسم الجاغوب الذي يعرفه الجميع عند أية دورة لإسداء نصيحة ما للعمال. ويمكن أن يتلقى اتصالا من أية معصرة في المحيط لتقديم استشارة ميكانيكية.
بدأ الفلسطينيون بقطف الزيتون قبل أسابيع، وهي تظاهرة سنوية منذ زرع الزيتون في ارض كنعان.
وفي القرى تنقل الجرارات الزراعية، وسيارات نصف الشحن المحصول إلى المعاصر. ذاتها نابلس تحتوي على 45 معصرة زيتون حديثة وفي بلدة بيتا بالريف الشرقي اقل من 10، واحدة منها يديرها الجاغوب.
في العام 1956 أسس آل الجاغوب المعصرة.. وحتى 2013 تعمل العائلة في عصر الزيتون بالوراثة، ورغم أن حجارة العصر تغيرت أكثر من مرة، إلا أن الرجل يقول أن النفس القديمة ما زالت حاضرة. يقول عمال في المعصرة إنهم يعملون بجهد كبير للحفاظ على آلية العصر ذاتها.
يمكن أن تشهد ساعات الظهيرة عملا مضاعفا...' وفي الليل نعمل.(...) لا تتوقف الحجارة عن الدوران' قال الجاغوب. ويروي شاب يدعى سعد بني شمسي أنه ' لم ينم على مدار الليلتين الماضيتين. استمر العمل حتى ساعة الصباح. لم أنم'.
وينتج الفلسطينيون كميات من الزيت تتفاوت سنة بعد سنة. لكن اللجوء إلى المعاصر القديمة مثل معصرة الجاغوب يبدو مسألة ذوق.
حقا إنها مسألة ذوق.
لذلك يدعو العمال كل زائر لتذوق الزيت الهابط للتو عبر أنبوب ناقل.
فالناس يروون أن للزيت طعم ولون آخر عندما تهرسه أحجار كريمة في العطاء.
كان جَدّ الجاغوب يدير رحى الحجارة مستعينا بالخيل قبل عقود.. والآن بذات الطريقة تدار الحجارة على الكهرباء' أدخلنا التكنولوجيا، لكن الطريقة هي ذاتها'.
وتدور الحجارة بتسارع.. وينقل ناقل أوتوماتيكي كميات من الزيتون إلى ماعون صغير قبل أن ينقل إلى ماعون كبير تدور فيه الحجارة.
ويمكن لأربعة شبان أن يكملوا عملية نقل الزيتون المهروس إلى العصر النهائي.
' إنه زيت. هذا الزيت ذاته الذي كنا نعصره قبل سنوات'. قال الجاغوب. ودائما يبدي العمال الذين يبذلون جهودا جبارة عند نقل الزيتون المهروس استعدادا لتأييد أقوال الجاغوب.
في المعاصر القديمة والحديثة على حد سواء. الكل ينتظر ليأخذ دوره لعصر محصوله. وتنقل أكياس محملة بالزيتون إلى غرفة فيها يبدأ فصل الحب عن الورق.
واقفا إلى جانب أكياس بلاستيكية جاهزة للعصر قال الجاغوب' من هنا تنزل الحبات.. وتنقل على شريط كهربائي حتى الحجارة'.
وضجيج ماكنات النقل التي صممها الرجل نفسه تعكس الخلط بين الحداثة والكلاسيكية في عصر الزيت.' قبل سنوات كان على المزارعين والعمال نقل الزيتون إلى اقرب نقطة من الحجرين(..) الآن ننقله على ماكنة كهربائية'.
ويقول فلاحون كانوا ينقلون الزيتون من الحقول إلى المعصرة أنهم يفضلون الآلات القديمة على الحديثة. قال مدحت الجاغوب وهو عصّار سابق لسنوات طويلة ' هذا الزيت أكثر جودة. لكن الآلات الحديثة تختصر الوقت والجهد'.
يبدو داخل البناء القديم الذي خصص للمعصرة العمال يبذلون جهودا جمة للقيام بأعمالهم. فشباب بعضلات مفتولة يبدون منهكين من رفع اسطوانات الزيتون المجروش قبل عصرها'.
'نعم انه عمل متعب، لكننا اعتدتنا' قال مجحم الجاغوب وهو شاب في العشرينات من عمره تقع على عاتقه نقل مخلفات الزيتون المعصور الذي يستخدمه القرويون بعد أن يجف في عمليات التدفئة خلال فصل الشتاء'.
ويقول الفلاحون داخل المعصرة إن إنتاج الزيتون لهذا العام جيد نسبيا، رغم أن الشجر لم يحمل الكثير من الحب، وقال وليد عساف وزير الزراعة 'يمكن أن ننتج هذا العام 35-40% من الموسم. وهذا وضع طبيعي (...) هناك تبادلية في الإنتاج. هذا الموسم سيكون الإنتاج اقل من العام الماضي'.
رغم ذلك الزيت يسيل بغزارة من الاسطوانات. يسيل وتملأ العبوات البلاستيكية وترصف داخل المعصرة القديمة. والداخل والخارج يمكن أن يستطلع دورة حياة العمال حول الحجرين المتسارعين.
'هنا حياتنا. نعصر الزيتون' قال مالك المعصرة. يردد المعنى ذاته العمال الذين يتناوبون على العمل في مختلف مراحل العصر.