"هنا كنعان".. جدارية في نابلس توثق الحكاية من عهد الكنعانيين
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عماد سعاده - "هنا كنعان".. ليس مجرد اسم لجدارية أو لوحة فنية على قارعة الطريق، بل هي غوص إلى أعماق أكثر من 3300 عاما قبل الميلاد، يوم كان اجدادنا الكنعانيون أسياد هذه الارض، التي لا زال عليها ما يستحق الحياة.
"هنا كنعان".. هي شمس الحقيقة التي لا تغطى بغربال، قد تحجبها عنا بعض الغيوم السوداء لبعض الوقت، ولكن الغيوم سرعان ما تزول، وتظل أرض كنعان مرتعا للذاكرة والتراث والخير والحب والأمل.
هذا ما يريد أن يقوله 25 فنانا تشكيليا فلسطينيا، من خلال جداريتهم العملاقة "هنا كنعان"، التي يعكفون حاليا على إعدادها في مدينة نابلس، لتكون الأضخم على مستوى الوطن العربي.
الفنانون جاؤوا من مختلف محافظات الضفة، وينتمي غالبيتهم إلى "مجموعة اثينا للفن التشكيلي"، التي تأسست حديثا وأخذت على عاتقها انجاز هذه الجدارية العملاقة لتكون باكورة انتاجها.
ويعمل الفنانون، وبينهم معلمون وطلبة وخريجو جامعات، بكل ألفة وتنسيق وتعاون، وتلحظ الفرح والارتياح على وجوههم رغم الارهاق وساعات العمل الطويلة. ويؤكدون: "إننا سعداء لاننا ننجز عملا يخص هويتنا، ويعبر عن التاريخ والواقع والحلم والامل".
ويقول منسق المجموعة وائل دويكات لـالقدس دوت كوم، بأن "الجدارية تجسد مسيرتنا وحياتنا كشعب فلسطيني منذ عهد اجدادنا الكنعانيين وحتى التحرير المرتقب".
ويضيف دويكات، أن "الجدارية العملاقة التي تروي حكاية من البداية وحتى النهاية سوف تتمدد على مساحة 1000 متر مربع من جدران ملعب بلدية نابلس، وقد بدأت المجموعة العمل على انجازها منذ بضعة أيام، وسيستغرق العمل لانجازها نحو ثلاثة أسابيع أخرى في حال بقاء الحالة الجوية مستقرة".
من يلحظ اسم المجموعة المشرفة على الجدارية "مجموعة اثينا" يعتقد للوهلة الأولى أن فنانين ايطاليين يشاركون في رسم الجدارية، ولكن الحقيقة أن كل المشاركين في الرسم هم فنانون فلسطينيون من داخل الوطن.
ويشرح دويكات سبب التسمية "مجموعة اثينا" بانه تيمن بمدرسة الفن الايطالي وتحديدا "لوحة اثينا" الشهيرة التي رسمها الفنان الايطالي (رافائيل) بين سنتي 1509 - 1510، وتصف الرسمة علماء الفلسفة يتحاورون ويشرحون داخل إحدى الفصول الدراسية محاضرة عن الفلسفة ومن بين هؤلاء العلماء العالم العربي الاندلسي ابن رشد.
وتقول المنسقة في "مجموعة اثينا" الفنانة أريج ذوابي بأن (رافائيل) جمع في لوحته الفلاسفة وعباقرة عصر النهضة، ونحن جمعنا خيرة الفنانين لاعداد لوحة تقص الحكاية من البداية الى النهاية".
وتشرح ذوابي باسهاب عن النبضات التاريخية التي توثقها الجدارية التي لم تكتمل بعد، مشيرة الى أن اللوحة تبدأ بمشهد امرأة كنعانية تعمل في الأرض، مرورا بلوحات تجسد النكبة الفلسطينية والانتفاضات الفلسطينية والقدس، والرئيس الراحل ياسر عرفات، وتنتهي بلوحة يتحطم فيها جدار الفصل العنصري ويخرج من خلاله شاب فلسطيني يحمل العلم الفلسطيني في إشارة إلى حتمية زوال الاحتلال.
ويقول الفنانون المشاركون في إعداد اللوحة إنهم سيسعون إلى رسم لوحات مماثلة في كافة محافظات الوطن، ويطمحون إلى تمثيل فلسطين خارج الوطن.
وقالت الفنانة مي محمد الشولي وهي خريجة كلية الفنون في جامعة النجاح الوطنية، إنها وجدت نفسها في هذا العمل الفني التراثي، وأنها سعيدة بالمشاركة في إنجاز الجدارية، وأن سعادتها تماثل سعادتها بالجنين الذي في احشائها، وأنها تنتظر مولودين "طفلها" وجدارية "هنا كنعان".
ويؤكد الفنانون، أنهم لا يبحثون عن أي مردود مادي من هذا العمل "الوطني" الذي ينفقون عليه من جيوبهم.