عيون حزينة وغاضبة - عطا الله شاهين
-1-
لماذا كلما تذكرت ناتاشا التي ضيعها الفقر في روسيا، وكل السيئات التي تنغص علي حياتي، لا يبقى لي سوى حسنتي الوحيدة محبوبتي التي أقرأها كثيرا واكتبها قليلا، وأهيم خلفها في كل الشوارع والأحياء التي تبدو فيها بهية وطيبة؟ هل لأنني الآن منغمس فيها حتى أذني؟
-2-
أتقلب على الفراش في ضيق.. انظر الكتب عن يساري وجهاز ا لدي في دي عن يميني.. أتقلب على الفراش في ضيق.. أتصفح قصة قصيرة لزياد خدّاش.. أتقلب على الفراش في ضيق.. اكتب خطابا لصديقتي المعذبة في روسيا.. اخبرها أن سهاما زوجت غيري.. أتقلب على الفراش في ضيق.. أشعل سيجارتي الأخيرة، وفي عين الشمس الملتهبة تكاد تسقط من نافذتي.. القي بكل الأشياء.
-3- شارعنا الجميل اختفى تماما وكأن زلزالا أخفاه عن الوجود،اذكر أنني كنت قبل ساعات استظل تحت أشجار
خضراء مزروعة على رصيفه الواسع. كانت عيوني الحزينة والغاضبة في تلك اللحظة لا ترى سوى أطلالا لبيوت مهدمة وتنبعث من تحت أنقاضها روائح بارود من صنع اليانكيين. كان المنظر شبيها بشوارع العراق وأفغانستان. كانت بيوتنا متقابلة ومتجاورة.. أمام بيتي المدمر تجلس عجوزا تلطم خديها المتجعدين تنظر إليّ مستنجدة.. عشرة أعوام وهي تبني بيتا، والآن تراها تبحث عن غطاء من تحت أنقاض منزلها ليقيها برد الخريف الحزين. أنا أقف أمامها حائرا وعاجزا عن فعل أي شيء.. فانا لم يبق لي سوى قلمي الذي لم يجف بعد ومصرٌ على الكتابة لفضح ممارسات الاحتلال، فانا اعشق صرير قلمي وهو يرسم بغضب صورة معاناة شعبي غير المنتهية.