التواضع كثقافة منتجة- المحرر الثقافي للحياة الجديدة
التواضع كما يقال ، رأس من رؤوس الأخلاق الحميدة، والأخلاق في بنيتها المعرفية ليست هندسة اجتماعية فحسب بل وهندسة ثقافية تسعى لأطر مقبولة ومفهومة ترعى حركة المجتمع وتفاعلاته الإنتاجية، من اجل عيشه الممكن بحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية .
وقد يكون التواضع خصلة شخصية نتاج حسن التربية وبمعنى أننا لا نتوهم أن مجتمعا ما يمكن أن يكون أفراده جميعا على درجة واحدة من التواضع ، لكن مع ثقافة إنسانية متفتحة ومعرفة واقعية يمكن ان تكون هناك مجتمعات ودول متواضعة، لا تتباهى بما تملك وان ملكت كل عناصر ومقومات القوة والمعرفة والحضور .
ما يتعارض مع التواضع ويطيح به ، بل وما يقتله هو الغرور من جهة، والتطاول والاستسهال، ونعني هنا التطاول على المعرفة واستسهال ادعائها والتطاول على الرموز وتاريخها بالغرور الذي لا يولد غير الحمق، وثمة اطر ومؤسسات بخطابات حين تسمعها تقول كأنها تعيد إنتاج العالم من جديد، أو لعلها هي التي اخترعت العجلة وأدارت حركة التاريخ، وثمة استسهال في التعامل مع الكلمة والمصطلح وكمثال هناك من يعتقد انه يقدم بنشرات الأخبار الحقيقية في دقيقة، وآخر من يرى نفسه ابنا للألفية الثالثة وهو لم يغادر بعد حدود انفه ...!!!
الأخطر في هذا السياق، استسهال الكتابة والتطاول حتى على تقنياتها، فثمة من غادر للتو رواية ما، قراها على عجل، ليكتب رواية سيقول إنها أهم مما قرأ ...!!
وثمة كتاب تنتجهم " كليكات اللايك "على الفيس بوك وكل ذلك بالطبع هو نتاج الاستسهال والتطاول وغياب التواضع قطعا ودونما ادنى شك . وأخيرا رحم الله امرئ عرف قدر نفسه .