مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

المخيّم الذي لا ينام

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
بثينة رشيد
رغم أنه لم تنصب فيه خيمة واحدة منذ أن وطأه الفلسطينيون، إلا أنّ كلمة خيمة لازمته منذ تأسيسه. كلمة «مخيم» مطرٌ ناعمٌ تتلذذ بها شفاه أهالي اليرموك، كأن الإصرار عليها يمدّهم بمشاعر التحدي مع الحسرة، وقد كانت زاداً روحياً يضيء أكثر من 250 ألف شمعة. لقد كان قبل شهور مخيماً أنيقاً ومتعباً في آن، يستضيفك وكأنك في بيتك، الناس فيه أليفون الى حدّ الدهشة، فالحارات فيه والأزقّة والمحالّ والمطاعم والأسواق، ومقاهي الإنترنت، وخروج الأطفال من المدارس، وساحات العيد، جميعها أماكن عادية كأي شيء عادي في هذا العالم.

ولكن الذي كان يستوقفك ويثير أسئلتك واستغرابك، هو الناس في هذا المخيم، أنواره التي لا تنام وشوق الناس فيه إلى الحركة، وكأن هناك سراً طوّقوه وأسروه.
فهذه الجماهير الغفيرة والسيارات الكثيرة وهذا الضجيج وذلك الصخب، يشعرك وكأنك وسط تظاهرة أو مسيرة احتجاج. حتى الوجوه تراها مستغربة ومتيقظة، والشفاه دائماً مستعدة للبوح أو للصراخ. أما العيون فتراها مستوحشة استولى عليها الذهول، وكأن صوراً كثيرة حشدتها الذكريات لتغرق في سوادها ولا تبقي على شط بياضها سوى الوجوم.
لقد كان المخيم لناسه موكب انتظار، وهو من كانت سيارته تهرع مكبراتها لنداء تجمع ذكرى يوم الأرض ووعد بلفور، والنكبة والتقسيم، والعودة... آه العودة!
كانت أحلامه عصيّة على الاختراق، وكانت خيالاته تلهو وتعبر عن نفسها برسوم تملأ حيطانه كأنها حكايات: عن البرتقال والأسلاك الشائكة وعن شجر الزيتون، وحتى الشعارات كانت تتسابق لشد الأنظار إليها.
أما الأغاني فكنت تسمعها تعلن عن نشيدها لفلسطين لتشحذ القلوب صلابة ونضرة... حتى الحقول البعيدة كانت تسرق منها شوقها وهديرها، وتستمد من تلك الأحلام خضرتها ويراعها.
هكذا كان المخيم، وهكذا كانت حكايته، التي سقطت ذات يوم، وتاهت دون علم من ناسها، ووقعت في حارات ورق تغيرت ألوانه وضاعت أحرفه ويُتّمت أسماؤه.
هكذا كان، وهكذا صار، بعدما خرج من جنته مصدوماً مهموماً وكتب على أسطر الحكاية قصة الخروج...
مخيم اليرموك هو الآن يصرخ: هل من عودة لأيام خلت؟ هل من عودة...
لك يا مخيم اليرموك أن تسأل، ولك أن تصلك أشواق تعبت من اللهفة، ولك أن تعمر أرضك بشوق الى وقع أقدام هربت من الموت ومن الدمار.
وحتى نحمي ما تبقى من البيوت، ولكي ننقذ ما تبقى من الأرواح، فلنحاول من جديد أن نكتب عناوين قلوبنا في سكنات حلم قديم ينادي من زوايا ما تبقى من الحارات: متى يا شعب اليرموك... متى تعود؟ ليعود.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024