الحرية ... امتحان الجدارة
بفطرته يميل الانسان الى الحرية، وحين يدرك ضرورتها، يسعى اليها بطرق مختلفة، يرجوها كأجمل ما يشتهي واجدى ما يريد، وما من معتقد سماوي او ارضي إلا ودعا اليها وقال انه طريقه اليها، بهذا المعنى ولهذا السبب، فان الحرية قيمة عليا بل وايقونة مقدسة، غير انها ليست كذلك فحسب حين هي وعي الضرورة، وهذا يعني واقعيتها المعرفية والثقافية، كطريق خلاص لحظة الاستجابة لتحدياتها، ودون هذه الاستجابة، تظل الحرية بعيدة المنال تماما، او مجرد اغنية لمهرجان الذات التي لا تريد مجابهة قيودها، وهي لا ترى فيها قيودا بحكم الرضى الاجتماعي عنها ...!!!
نعني ان للحرية شرطا لا يمكن تجاوزه، وهو الاستجابة لتحدياتها وخوض امتحاناتها التي تفرض منازلة مع ما نحمل من افكار وقيم، كثيرها تخلق من اوهام وغايات سياسية واقتصادية واجتماعية، ارادت وما زالت تريد من الانسان الامتثال ولا شيء غير الامتثال لخطب هذه الغايات ..!!!
نتحدث عن الحرية هنا كمسعى فردي او شخصي اذا ما احببتم ، ونحن نعرف ان لها بالنسبة للشعوب والأمم أبوابا لا تدق إلا بيد مضرجة بالدماء، لكن ابوابها بالنسبة للمسعى الفردي لاتدق إلا بروح مثقلة بالاسئلة والاعتراض والنقد، وتواقة لفضاءات المعرفة والتحقق الواقعي لجسد المعرفة ان صح التعبير .
أنها امتحان الجدارة، نعني جدارة الانسان بانسانيته، استحقاقه لمعناه ودوره في الحياة وكيف ينبغي ان يعيش هذه الحياة بعيدا عن مطلقات السمع والطاعة هذه التي تحزبت على نحومقيت فما انتجت غير "روبوتات" من لحم ودم لاتعرف شيئا ولا تحسن شيئا سوى الامتثال حتى وهو يحاول قتل الحياة بحد ذاتها .
اخيرا لا يمكن للحرية ان تكون هبة من احد، وليست بالقطع قميصا يلبس او سلعة يمكن شراؤها ، والحرية تنبع من الداخل اولا ، نعني من داخل الانسان اذا ما نازل افكار الوهم وقيمها، وحطم قيودها .
المحرر الثقافي للحياة الثقافية