هولاند في ضيافة محمود درويش- المحرر الثقافي للحياة الجديدة
نهض من نومه الخفيف، ترك الضريح لورداته، ارتدى قميصه الازرق، موشحا بوسام الاستحقاق الوطني الفرنسي الذي تقلده في تسعينيات القرن الماضي، وذهب ليفتح ابواب بيته على مصراعيها، ليستقبل ضيفه الكبير، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قال للدرج ان يصعد بضيفه بحنو القصيدة وجمالياتها وان يأخذ بيده الى صدر البيت، سيشكره على اكليل ورد المحبة والتقدير الذي وضعه قبل قليل على ضريح صاحبه، وسيقول له : يا صديقي الامل مرض لا يخلف وجعا وانما احلاما وعافية، ستمشي على الارض يوما، ولهذا لا اريد شفاء منه، ويرد الضيف الكبير، نحن ادرى بهذا المرض الجميل، فباريس لم تنهض في تاريخها إلا بعد ان اصابتها حمى الامال الكبيرة، ولهذا نحبك في هذا الامل، ونصدق احلامك ونصدق انها ستمشي على الارض حتما، ستمشي على ارض فلسطين بعافية فلسطين بعيدا عن الاستيطان وأفاته الخبيثة .
نكاد نجزم ان حوارا من هذا النوع وبهذا المعنى قد دار بين الضيف الكبير ومضيفه الشاعر الكبير، فروح الشعر بمجازه المحب، لم تكن حاضرة في المعنى فحسب وانما في المكان ايضا ، روح الشعر التي جعلت الضيف الكبير يرى الشاعر حيا حتى مع اسم الفعل الناقص " كان " لطالما ان مرضه بالامل لاشفاء منه، ثم ان الضيف الكبير اراد لقاء مع ممثلين عن المجتمع المدني الفلسطيني في بيت الشاعر ليكون للقاء معنى الشعر وصدقيته بحضور صاحب البيت ومن اجل شهادته .
انها القصيدة التي جعلها الشاعر بمثل هذا الحضور الذي يسجل للثقافة العربية الفلسطينية دورها في اعلاء مقامات الفلسطينيين وتاكيد تطلعاتهم الانسانية والحضارية، وتاكيد اسهاماتهم الفاعلة في صياغة خطاب المعرفة والحرية والجماليات الابداعية العالمي، لابدلالة اكاليل الورد على اضرحة قاماتها العالية فحسب، بل وبدلالة تقديرها لهذه الثقافة بالانحياز الى تطلعاتها العادلة والمشروعة ، والسعي الى توثيق اجدى العلاقات مع اهلها،لهذا ذهب الضيف الكبيرالرئيس الفرنسي فراسوا هولاند، الى بيت الشاعر محمود درويش الذي افاض بالمحبة في استقباله وهو يتجلى بروح الشعر ومعانيه الخلاقة جميعها .