تحقيق صحافي: "ام الحيران" تنتظر المحكمة الاسرائيلية العليا لتقرير مصيرها
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
لا تزال قرية ام الحيران الفلسطينية التي سكنها البدو في صحراء النقب قبل 57 عاما قرية "غير شرعية" بالنسبة للاسرائيليين لا توفر الحكومة لها اي خدمات صحية او تربوية او مياه او كهرباء وبات هدمها لتوطين يهود مكانها مسالة وقت.
وام الحيران قرية غير معترف بها تعد نحو الف نسمة وتقع جنوب جبل الخليل. بيوتها مبنية من الطوب ومسقوفة بالواح الزينكو تنتشر حولها حظائر الاغنام واشجار الزيتون، لكنها محرومة من اي خدمات طبية او صحية او ماء وكهرباء ويضطر سكانها لنقل مياه الشرب بالصهاريج ولاستخدام مولدات الكهرباء الخاصة واللوائح الشمسية ذات التكلفة العالية للتزود بالكهرباء.
كما يضطر اولادها لاجتياز مسافة ستة كيلومترات للذهاب الى مدارس قرية حورة.
وقد جرت محاولة لهدم بيوت القرية في العام 2003 واندلعت جراءها مواجهات اصيب فيها عشرة اشخاص.
وقال عبد الرحمن ابو القيعان (49 عاما) "انا ولدت في الحيران ولا اعرف مكانا اخر غير هذا المكان، هذه قريتي وبلدي وموطني". واضاف: "هذه دولة (اسرائيل) لا نستطيع محاربتها اذا اخذت قرارا بطردنا" من قريتنا معتبرا ان "قرار التهجير قرار عنصري، لماذا يحق لليهودي السكن هنا ولا يحق لي".
وتابع "لقد بنينا هذه القرية... اين سنذهب باولادنا"، "يريدون نقلنا الى بلدة حورة وتوطيننا هناك، اذا كان هناك 300 عائلة في حورة تنتظر ان تحصل على رخص للسكن في بلدتها ولم تحصل، فاين سنسكن نحن".
اما غياهب ابو القيعان (73 عاما) فقالت لوكالة "فرانس برس" "كان عمري 16 عاما عندما رحلونا الى ام الحيران في البداية. اذكر انني كنت صغيرة عندما كانت دوريات الجيش تأتي وتسحب بيوتنا الشعر بشاحنات عسكرية ونبقى بدون غطاء في برد الصحراء القارس". واضافت: "اعتقلوا جميع رجال القبيلة وقتلوا 15 من رجالنا في المغر ليتمكنوا من ترحيلنا من ارضنا التي استولوا عليها في النقب وبعد ذلك نقلونا الى هنا".
وقد وافقت الحكومة الاسرائيلية قبل اسبوعين على اقامة "بلدتين جديدتين في النقب" بحسب بيان واطلقت عليهما اسمي كسيف وحيران.
وتظاهر نحو الفي شخص في اسرائيل والقدس الشرقية المحتلة وقطاع غزة ضد مشروع قانون اسرائيلي يهدف الى تهجير عشرات الاف البدو وازالة قراهم في صحراء النقب جنوب اسرائيل. وتحولت هذه التظاهرات الى مواجهات بالحجارة مع عناصر الشرطة الاسرائيلية وادت الى اعتقال نحو خمسين متظاهرا واسفرت عن اصابات طفيفة في صفوف عناصر الشرطة.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي "اننا لم ولن نتسامح مع الذين يخالفون القانون. محاولات اقلية مزعجة وعنيفة منع مستقبل افضل لفئة واسعة من السكان امر خطير". واكد "سنواصل المضي قدما بالتشريع بغية تأمين مستقبل افضل لجميع سكان النقب".
وتظاهر نحو الف عربي اسرائيلي عند مفترق بلدة حورة في النقب احتجاجا على مخطط "برافر-بيغن" التهجيري.
وعلى بعد اربعة كيلومترات من قرية ام الحيران تنتظر نحو 30 عائلة يهودية منذ ثلاث سنوات اخلاء هذه القرية لبناء قرية حيران ليعيشوا فيها، في حرش "اتير" (عتير) موقتا داخل بيوت متنقلة (كرفانات ) بالقرب من معسكر للجيش.
ويمتد حرش عتير على نحو 30 الف دونم ويقع شمال النقب وهو اقرب منطقة من جبل الخليل ويعتبر من اجمل الاحراش في اسرائيل.
وتعتبر العائلات الثلاثين من رواد توطين النقب ويعتبرون نواة اقامة قرية حيران اليهودية وهم من المتدينين القوميين.
واعتبر وزير الاسكان أوري أريئيل الاسرائيلي أن "التنمية وتوطين النقب تعتبر مهمة وطنية وامنية واجتماعية. واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الاربعين لوفاة ديفيد بن غوريون لا نستطيع بدون توطين النقب ان نحصل على امن الدولة والاستقلال الاقتصادي عبر تطوير الجنوب، وبدون اقامة مستوطنات جديدة تعتمد على عشرات الالاف من النخبة وذوي الكفاءات العالية جنبا إلى جنب مع زيادة حجم البناء الجديد في المستوطنات القديمة مثل بئر السبع، عراد، ديمونا، آفاق بوليفارد، يروحام وإيلات".
وقالت المحامية سهاد بشارة مديرة قسم التخطيط والاراضي في مركز عدالة الحقوقي المدافع عن حقوق الاقلية العربية داخل اسرائيل لوكالة "فرانس برس" انه لتحقيق ذلك فان الحكومة الاسرائيلية "وافقت على تسريع هدم قرية ام الحيران غير المعترف بها في النقب لبناء المستوطنة مكانها".
واضافت بشارة "لجأنا في السابق الى المحكمة المركزية التي قالت في قرارها ان سكان ام الحيران لم يعتدوا على اراض الدولة وانه تم نقلهم باوامر من الحاكم العسكري عام 1956، وبما ان الدولة اعطتهم الحق بالسكن على ارض ام الحيران فلها الحق في اخلائهم منها".
وستعلن المحكمة العليا قرارها في قضية هدم ام الحيران وترحيل سكانها الى بلدة حورة التي تبعد ستة كيلومترات وبناء بلدة يهودية مكانها خلال الاسبوعين القادمين.
وصادقت الحكومة الاسرائيلية على مشروع قانون "برافر-بيغن" لنقل عشرات الالاف من البدو وهدم نحو 40 قرية ومصادرة اكثر من 700 الف دونم في النقب في كانون الثاني (يناير) الماضي.
كما صادق البرلمان على المشروع في قراءة اولى في حزيران (يونيو) الماضي وامامه قراءتان ليصبح قانونا بشكل رسمي.