على حاجز "الكونتينر" : للموت أيضا مكان في طابور الانتظار !!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
من محمد أبو الريش - بخلاف الموت العادي، يخلف الموت الذي يباغت ضحاياه متخفيا وراء ذريعة سخيفة، كما حدث للطفلة نور عفانة من بلدة أبو ديس على حاجز "الكونتينر" جنوب شرقي القدس مساء الخميس الماضي – يخلف لدى الأحياء، إضافة إلى الأحزان المديدة، حالة قهر مريرة تظل عالقة في الحلق رغم مرور السنين ...
بالنسبة لعائلة الطفلة نور عفانة المعوقة حركيا و كانت تعاني من التهاب رئوي اعتادته العائلة كلما أصابها بين وقت وآخر، لم تكن وفاتها سوى نتاج جريمة متسلسلة يمارسها الاحتلال على الحواجز المنتشرة في الطرق بين مدن وبلدات الضفة ، وهي لهذا السبب تحس بأن موتها أقرب إلى عملية قتل باردة بذريعة إسرائيلية سخيفة و معلنه؛ اسمها "الأمن".. وهي ذريعة طالما اصطادت المئات من الضحايا الفلسطينيين دون أن يرف لها جفن، ودون أن يحاسبها أحد .
قال والدها محمد عفانة الذي يحس و عائلته بأن موتها خلف حزنا حارقا و حالة قهر يصعب الفكاك منها – قال أن انغلاق مجرى التنفس لديها تماما وهي تنتظر دورها في تجاوز "حاجز الكونتينر" إلى مستشفى بيت جالا الحكومي الذي يبعد عن منزل العائلة فقط 20 دقيقة، كان يطبق على أنفاسها بينما جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز وكانوا يجبرون طابورا من السيارات بطول كيلو متر على الانتظار، لم يأبهوا بسماع بوق الطوارىء ولا بالضوء المتقطع اللذين أطلقتهما سيارة الإسعاف .
محاولات إنقاذ نور عفانة التي "كانت رحلة طويلة و شاقة تعدت الساعتين" كما قال والدها لـالقدس دوت كوم ، بدأت حينما لم يستجب جسد نور للأدوية المتوفرة لدى العائلة، حيث نصح الطبيب بنقلها مباشرة إلى "غرفة الإنعاش" في أقرب مستشفى إلى المنزل، موضحا أن نقلها بواسطة سيارة الإسعاف إلى مستشفى بيت جالا الحكومي كان الأنسب بعد أن تعذرت معالجتها في "مستشفى المقاصد" بالقدس؛ وهو ما اضطر العائلة ومعها سائق السيارة إلى الوقوف انتظارا على "حاجز الموت" الإسرائيلي ( إشارة إلى حاجز "الكونتينر" )، ثم بعد ساعة من وصولها حافة الموت ( رغم محاولات المسعف طيلة الوقت إجراء الإسعافات الأولية ) الاستدارة من حالة الانتظار والاضطرار لنقلها إلى مستشفى رام الله، حيث أكد الأطباء وصولها المستشفى متوفية .
كان مساء الخميس الماضي هادئا على غير عادته على الطريق بين بلدة العيزرية وحاجز "الكونتينر" الذي يقطع الطريق بين وسط و جنوب الضفة، خصوصا مع غياب الأزمات المرورية عن الطريق بعد أن نجح أهالي البلدة في تغيير اتجاه الإشارات المرورية التي طالما تسببت في تعذيب يومي للمواطنين المتنقلين بين طرفي الحاجز – كان مساء هادئا، غير أن الموت الذي كان في انتظار نور على الحاجز لم يكن وديعا، تماما كما ذريعة "الأمن" الإسرائيلية .
"أنا أعلم أن الحياة والموت بيد الله"، قال والد نور عفانة لـالقدس دوت كوم ..، ثم بعد لحظات صمت ملأها بالدموع استدرك : " لكن الجنود الإسرائيليين على "الكونتينر" كانوا السبب في انطفاء حياتها؛ وأنا أفكر الآن في مقاضاتهم على هذه الجريمة" .