في غزة.. الأم ترضع طفلتها "الطحين" بدلا من الحليب... والفقر سيد الموقف
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
مريم منصور اللوح
في كل الأوجاع دائماً ما يكون هناك وجعاً لا يمكن لأحد أن يشعر به أو يصفه, فمن يحمله وحده من يتجرع مرارته وألمه, هذه هي حكايات غزة وهي حياة آلاف الأسر المستورة, فكلما اشتد الحصار على القطاع زادت معاناة أهله وفي كل يوم نستمع لقصة جديدة وحالة أخرى يعتصر لها القلب ألماً.
لكن في تفاصيل حكايتنا نوع من الاختلاف في المعاناة فلم تجد الأم (ن.ل) بديلاً عن الحليب سوى الطحين لإسكات عويل ابنتها الصغيرة, فهي تعيل (15) فردا يعيشون في بيت مستأجر لا يصلح لأي شئ لكن ضيق الحال دفعهم للقبول به والتحامل من أجل حياة قد تكون أفضل بعد ذلك.
العجز عن تأمين الطعام
قلب أم ينفطر وصراخ طفلة لا تهدأ والدموع تملأ عينيها تقول الأم (ن.ل) :إنهم "وصلوا لمرحلة لايستطيعوا خلالها تأمين الطعام لصغارها إلى أن وصل بها الحال أن تضع لصغيرتها الطحين مع الماء بدلا من الحليب فقط لتتوقف عن الصراخ.!!, فأنا لا أجد بديلاً لذلك على الرغم أنني أدرك خطورة الأمر لكنني مجبرة عليه فأنا لا أجد ما أضعه على الطعام لأبنائي الصغار خاصة وأن رب الأسرة عاطل عن العمل إلى جانب توقف الأبناء عن أعمالهم في أحد المخابز بسبب تشديد الحصار الذي أجبر صاحب المخبز على إيقافهم عن العمل لحين أن يكون الحال أفضل, وهذا ما يبدو أنه مستحيلاً خاصة وأن الظروف تزداد صعوبة يوماً بعد يوم".
على الجانب الأخر تجد الأب يتجرع حسرة المرارة والألم عندما يرى أطفاله دون طعام أو مسكن جيد قد يحميهم برد الشتاء القادم فـ(ج.ل) مثله مثل ألاف العمال الذين توقفوا عن العمل في الأراضي المحتلة بداية انتفاضة الأقصى الثانية, ولكنه لم يضع في الحسبان أن هناك يوماً أسودا سيحل به وبأبنائه.
مسكن مستأجر
يقول الأب "كنا نعيش في منزل مستأجر وصغير لا يصلح لوضع الدواب فيه لكن سوء الحال جعلنا نتحمل بسبب تردي الأحوال المادية, لكن صاحب المنزل لم ينتظر طويلاً من أجل تسديد الإيجار فقام بطردي وأبنائي من المنزل وألقى ببعض الممتلكات الصغيرة في الشارع دون أي رحمة أو شفقة لما وصل به حالنا, ولم أجد بديلاً للسكن سوى المنزل الذي أتواجد فيه الأن فهو عبارة عن ممر وليس منزل ولا توجد به مقومات للحياة وطرقنا أبواب الخير كثيراً من أجل توفير قليل من المال لدفع إيجار المنزل الذي لا يقارن به فنحن ندفع شهرياً (800) شيكل لصاحب المنزل الذي نعيش فيه حالياً, لكن خشيتي من التشرد مجدداً تجعلني أحرم أولادي من كل شئ لتوفير قيمة الإيجار".
وإزدادت معاناة هذه الأسرة بعدما أشار عليها بعض المقربين بشراء قطعة أرض لا تتجاوز الـ(40) متراً وبناء غرفتين عليها والسكن فيها أفضل من البقاء تحت وطأة الأجرة, لكنها لم تكن مشورة في محلها فتراكمت الديون وأصبحت مضاعفة بمجرد أنهم قاموا بشراء قطعة الأرض الصغيرة التي لا تتمكن العائلة من فعل شئ بها خاصة وأنها لا تجد توفير قوت يومها فكيف لها أن تقوم ببناء غرفتين لتأوي أسرة مستورة.
وعلى الرغم من محاولات الأم لتخفيف عبئ الحياة عن أبنائها فتقوم بالعمل في تنظيف المنازل والخدمة في البيوت، لكن لا تعود بما قد يسد جوع أبنائها الصغار الذين يأنون ليل نهار بحثاً عن من ينقذ أسرتهم من الضياع. فهل تجد أسرة (ج.ل) من يخفف عنها معاناتها أو يقف بجانبها لسد جوع أبنائها..؟؟
يذكر أن الآلاف فقدوا أعمالهم في غزة بعد اشتداد الحصار ومنع مواد البناء والمواد الأخرى التي تلزم العمال وآلاف فقدوا علمهم بعد هدم أنفاق البضائع.