في جنازة نجم - محمد الزقزوق
النعش من خشب على قدمين يسير, تتبعهُ حمامتان أو ربما أكثر, عشب وماء و قصائد لم تجدل ضفائرها في ركب النعش أيضا ً و الحزن أبكم كما العادة ويُسمع صمته الجميع.
وأنا واحد من أهل هذا الجنون حين َ أسمع البكاء, أبكي بعينين مغمضتين وقلب مشرع.
لم يكن لهذه الجنازة ميعاد فهي كما القصائد مجهولة الزمن , أم العربة التي يسجى عليها الفقيد و يجرها حصانان لم تجئ لأن الحصانين كانا يعملان في حراثة أرض ما, ولذا نابت مكانهما فراش فالنعشُ خفيفٌ كما نسمة هواء.
ولم يكن لهذه الجنازة أيضا نعي منمق لا لشيء إلا لأن الكتاب انشغلوا بفراغ المشهد, أما بكاء الجنازة فكان خليط من أغان مقطوعة الوتر, الركبُ يسير فيها الشوارع تتسع ممرات تفضي إلى حدائق وفيرة الظل.
السماء تقترب فتكاد تعانق الأرض بذراعين من حنين و أنا الملم من بقي من أبجديتي وعقلي لأهرب من سطوة المشهد الذي بدا كلوحة كثيفة الخطوط.
يصيح شاعر لا أدري كيف تجاوز تعقيد المكان, هل تخسر القصائد شيئا حين يموت كاتبها؟
هل تبكي؟ هل يسود حبرها في ذاكرة السامعين؟
أيكون لها قدمان فيتهرب من شغب الحضور وضجرهم ورغبتهم؟
هل تغرس ورودا على الضريح؟
القصائد غجرية الشعر حادة المازج, طويلة الأظافر تواصل السير و تزين نفسها لميلاد جديد من هذا الموت, وترسم على جلود الحاضرين ظلالا و سيولة أغان, الطين ميلادنا الأول, رائحتنا المجردة, أسماؤنا التي لا نعرفها, ذوباننا الشهي, انغماسنا العميق, فكرة وجودنا وفناؤنا.