مخيم يلفه شتاءً حزينا -عطا الله شاهين
يجلس الجندي في برج صدئ.. يحرس مغتصبين لأرض تكرههم.. يلمح طفلا من بعيد .. ضحكاته تملئ المكان .. يلعب في ساحة يحبها.. يد الجندي دائما على الزناد.. الخوف يسكنه منذ مجيئه إلى هنا .. يصوب بندقيته نحوه.. يطلق رصاصة الموت صوبه.. يسقط الطفل على ارض الملعب.. يسود المنطقة صمت حزين.. المخيم ينتفض.. الجندي يجلس في برجه فرحا وكأنه بطل ويده ما زالت على الزناد الخوف يحوّطه من كل جانب ، ويرتعش من لسعات عنصرية سوداء، والبرج يهتز وكأن لعنة أصابته. هو الآن يرتعد من طفل شهيد.. يراقب ردات فعل المخيم الغاضبة ..الناس هناك لا يأبهون للرصاص يخرجون بكل شموخ يحملون الطفل والمخيم يغلي غضبا . عيون غاضبة تقول لن نرحل ومصرة على البقاء لا مكان إلا المخيم الخوف لم يعد يأتي إلى هنا منذ وجودنا. دموع أصدقائه الأطفال تتساقط كسيل جارف، يودعونه بحب ، الحزن يسود المخيم.. يستعدون لدفنه.. وهم لا يخافون من رصاصات أخرى قادمة.. لا مكان لنا إلا المخيم، هكذا كان صدى الصوت هناك يسمع وما زال يسمع. أهل المخيم يحزنون كأهله ويودعونه بحسرة مؤلمة ويرددون لا مكان لنا إلا المخيم .. الشتاء الآن حزين في المخيم.. والأزقة فارغة . فراق طفل من رصاصة حاقد جعل المخيم يصر أكثر على البقاء، ولن يخيف رصاص الاحتلال وحدة تلاحم هذا المخيم الصامد أمام أناس عنصريين، لا يعرفون إلا لغة القتل ، ولن يكون اغتيال طفل الشتاء الحزين آخر اغتيال، في المخيم أو القرية أو المدينة أو في أي مكان محتل، ولكن مهما قتلوا من أطفالنا لن يرغموننا على الرحيل. هذا الشتاء حزين في المخيم ويسقط بألم ويلفه بغيمة سوداء واقفة على سفوحه وتبكي بغزارة من لفقدانه أحد أبنائه. اغتيال طفل في شتاء بارد لا يعني الاستسلام .. فأزقة المخيم ستشتاق لبسمة الأطفال وسيزيد من حبنا لوحدتنا المجبولة بدم الشهيد.. شهيد المخيم المحب لوطنه.
ha