متضررو الشتاء في مراكز الإيواء.. واقع مؤلم في غزة
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
من محمد الأسطل - في ليلة باردة ماطرة خرجت فاطمة القطاوي (45 عاماً) مع أبنائها الستة من منزلها الذي غرق بشكل كامل في منطقة الفخاري جنوب خان يونس، لتنقلها سيارات الدفاع المدني إلى مركز إيواء قريب، لا تتوفر فيه أبسط مقومات الحياة، فتتحول معاناتها من موت بالغرق كاد أن يودي بصغارها إلى واقع أكثر مأساوية لا تعرف له نهاية.
وفي إحدى غرف المدرسة التي لجأت إليها عائلة القطاوي، جلست فاطمة وحولها أطفالها في ظل أجواء البرد القارص، مع غياب وسائل التدفئة وانقطاع الكهرباء، بشكل زاد من صعوبة الحياة في مركز الإيواء الذي انتقلت إليه قبل ثلاثة أيام، لتجد نفسها بين خيارين أحلاهما مر، إما العودة للمنزل الغارق، أو البقاء في مكانها مع استمرار معاناتها.
وتقول فاطمة لـ القدس دوت كوم وهي تذرف دموعها بألم: "خرجت من منزلي ولم أحمل حتى ملابس أطفالي الصغار، فجميع الغرف غرقت بصورة مفاجأة، وبالكاد نجونا بأرواحنا من الغرق".
وتضيف: "رغم أنني شاهدت الموت بعيني عند غرق بيتي، لكنني الآن أبحث عمن يقف إلى جانبنا في هذه المحنة العصيبة، فما يُقدم لا يكفي لشيء، بعض البطانيات والفرشات والطعام".
وفتحت لجنة الطوارئ التي شكلتها حكومة حماس مجموعة من مراكز الإيواء المؤقتة، لاستقبال الآلاف ممن تقطعت بهم السبل وغرقت منازلهم في محافظات غزة الخمس، إذ تزداد أعدادهم ساعة بعد أخرى، في ظل عمليات الإنقاذ المستمرة لمئات العائلات في مناطق منخفضة ارتفع فهيا منسوب المياه لعدة أمتار.
وفي مركز إيواء مدرسة عبد الرحمن بن عوف بمدينة غزة، لا تختلف حكايا المعاناة بالنسبة للمشردين من منازلهم التي غمرتها مياه الأمطار، إلا في حجم المعاناة والمأساة، فبعضهم غادر قبل غرق منازلهم، بينما تم إنقاذ البعض الآخر بصعوبة والمياه تغمر المنازل.
وبالنسبة ليوسف أبو عودة (38 عاماً)، الذي وصل مع عائلته مركز الإيواء، فإنه لا يريد الحديث في ما مضي، لكنه يعيب على ضعف الإمكانات المتوفرة في مركز الإيواء الذي لجأ إليه، رغم التطمينات التي سمعها من الجميع عند خروجه من منزله.
ويؤكد في حديثه مع القدس دوت كوت، أن المشكلة "لم تكن في إنقاذنا من منازلنا فحسب، لكن الأهم هو كيف سنقضي الساعات والأيام المقبلة في مركز الإيواء، ونحن خرجنا من دون حمل أي من ملابسنا أو حاجياتنا"، معبراً عن صدمته مما حدث معه ومع عشرات الجيران الذين غرقت منازلهم في منطقة سكناه.
ويقول: "ما حدث معنا، كأنه خيال وليس حقيقة، فجأة غرقت بيوتنا، وأخرجنا الدفاع المدني، بينما كل ما نملك بقي خلفنا".
وتشهد مراكز الإيواء، نشاطاً ملحوظاً من قبل طواقم الإغاثة الحكومية والأهلية، التي تعمل على تقديم المساعدات الأولية للمشردين، بيد أن زيادة أعداد الأسر في مراكز الإيواء بشكل مضطرد، يزيد من صعوبة العمل الإنساني، إضافة إلى الأحوال الجوية وصعوبة التحرك بين المحافظات.
ويوضح أسامة دويدار مدير الإغاثة بجمعية الكتاب والسنة، أن المساعدات المقدمة للعائلات المشردة تؤدي دوراً مهما في المرحلة الحالية، خصوصاً وأنها تلبي احتياجاتها من الأغطية والطعام، مؤكداً أن الحاجة ماسة لتعاون الجميع في الوقوف إلى جانب آلاف الغزيين الذي اضطروا إلى مغادرة بيوتهم والانتقال إلى مراكز الإيواء، التي تفتقر لأبسط المستلزمات التي تستخدمها الأسر.
ويبين في حديثه مع القدس دوت كوم، أن جهود الإغاثة يتم تنسيقها بين المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية، لافتاً إلى أن التعامل مع المرحلة الحالية يتم بصورة مناسبة، معتبراً أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب، لأنها تتعلق بإصلاح البيوت التي غمرتها المياه، وتوفير المستلزمات المنزلية التي تلفت.