"اليكسا" مرت من هنا.."الجنرال" الذي قطع خطوط امدادنا وجمد الدماء في عروقنا!!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ابراهيم ملحم - هدأت العاصفة الى حين، بيد أن آثارها مازالت حاضرة كما لو انها بدأت للتو، تزحلقا، واختناقا مروريا في الشوارع، وسيولا جارفة في المنحدرات، وارتفاعا جنونيا في اسعار الخضروات، التي تضررت مساحات شاسعة من أراضيها بسبب هذا الضيف الثقيل الذي مازال يفترش سهولها وجبالها مهيمنا على نقاط تواصلنا ومعطلا لحركة انتاجنا.
فما ان هدأت العاصفة القطبية حتى بدأت عواصف الاحتجاجات والانتقادات لكل من يهمه الامر مما خلفه "الجنرال الابيض" من أضرار طالت بنيتنا التحتية، وجمدت الدماء في عروقنا من زمهرير بردها القارس، بعد ان داهمتنا اثقالها على ابواب بيوتنا وهي التي لم تعتد على مثل هذه الاحمال منذ عدة سنوات.
في اليوم السادس للعاصفة ما زال حضورها ثقيلا على مفاصل حياتنا، من بقايا ثلوجها المتراكمة في شوارعنا.. فمن يتجول في شوارع المدن الكبرى كـ "رام الله والخليل " يرى آثار "الثلجة الكبرى" في كل بيت، وحارة، وشارع، كما لو أن ندف الثلج بدأ للتو، فارتفاع الثلوج في بعض مناطق المدينتين تجاوز المتر، وهي ثلوج تخطف الانظار لجمالها، وتخفي تحت بياضها الناصع قلة حيلتنا في ازالة اكوام القمامة التي القيناها على جوانب الطرق، بعد ان فاضت بها عربات النفايات التي ناءت تحث اثقالها، كما انها كشفت فساد خلطاتنا الاسمنتية وهشاشة جدرنا الاستنادية وزيف استعداداتنا التي عقدنا لاجلها مؤتمرات صحافية مثلما كشفت ثقل خطواتنا في ازاحة الثلوج المتراكمة حتى من امام بيوتنا، بعد ان لم نعد نحتفظ بأي من أدوات الجرف التي طالما احتفظ بها اباؤنا واجدادنا.
في اليوم السادس ما زالت الثلوح تقف بوقار على حواف الطرق، تؤدي التحية للعابرين في ممراتها الاجبارية الباردة، وتمنع المشاة من سلوك ارصفتها البيضاء العالية.
مع انقطاع الكهرباء و"النت" عادت حياتنا الى سنوات بدأتها فلازمنا بيوتنا وتدثرنا بثرثراتنا الماراثونية حول خشب مواقدنا، وتواصلنا مع جيراننا من شبابيك النوافذ التي حط عليها الندف الابيض حتى فقدنا القدرة على الرؤية الافقية عبرها، ما اقتضى فتحها وتحمل عواصف ارياحها للتواصل مع من يطرق الابواب طلبا للتسامر او هربا من زمهرير عزلة طوقت البيوت التي اتينا على مخزونها الاستراتيجي من قثائها وفومها وبصلها وكستنائها حتى ارتفعت اوزاننا لارقام قياسية ضاعفت من تثاؤب خطواتنا وقلة حيلتنا عن القيام باعمالنا.
في حوار جمعني بشيخ ثمانيني عاش ايام "الثلجة الكبرى" التي حاصرت خيام اللجوء في خمسينيات القرن الماضي، قال بان هذه الثلجة تشبه او تكاد تلك الثلجة بكثافة حضورها وزمهرير بردها، وهي ثلجة عصفت باعمدة الخيام وجعلت العديد من العائلات تتضور جوعا وبردا كما هي احوال اللاجئين السوريين والفلسطينيين في خيام اللجوء في دول الجوار.
مرت العاصفة بسلام، الا من بعض الانقطاعات والاضرار التي كشفت هشاشة استعداداتنا وضعف بنيتنا، وهي عاصفة توجب اعادة النظر في الكثير من اجراءاتنا وطرائق عملنا لاسيما فيما يتعلق بشبكة الكهرباء التي تتطلب حلولا استراتيجية لمنع الانقطاعات خلال منخفضات مماثلة قادمة.. فـ"اليكسا" ضربت حتى اوجعت!