استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

الفلسطينيون في انتظار غودو ... وهو لا يأتي

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ماهر عثمان – في مسرحية صامويل بيكيت الرائعة "في انتظار غودو" يقف شخصان احدهما فلاديمير والآخر استراغون على المسرح ينتظران شخصاً ما اسمه غودو. يختلفان حول ما اذا كانا واقفين في المكان الصحيح الذي سيصل اليه وحول ما اذا كان هذا هو يوم الانتظار. كل ما يعرفانه هو ان من المفترض ان ينتظرا ذلك الشخص المدعو غودو قرب شجرة جرداء لا اوراق على اغصانها. حار النقاد في معرفة محل غودو من الاعراب: هل هو المنقذ والمخلص، ام هو الناصح المرشد، وهل سيأتي وبماذا سيأتي.

في الحالة الفلسطينية هناك انتظار طويل يتجدد كلما ضجر المنتظرون وضاقوا ذرعاً بالانتظار. هل غودو هو الولايات المتحدة المنحازة على طول الخط لاسرائيل مهما اتخذت من مواقف لفظية تبدو للوهلة الاولى متطابقة مع قرارات الشرعية الدولية ثم لا تلبث ان تتراجع عنها؟ اننا نجهل ما قد يفعله غودو عندما يصل، ذلك إن وصل، لكننا نعلم – وعلمنا من خلال جولات مفاوضات كثيرة مع اسرائيل بوساطة اميركا – ان واشنطن تقف الى جانب اسرائيل في نهاية الامر وابتدائه برضاها، او باكراه من اللوبي الموالي لاسرائيل ومن الكونغرس الذي يتفوق في تأييد المصالح الاسرائيلية على الكنيست.

بعبارة اخرى نحن لا نعرف شر غودو من خيره، لكننا نعلم اين تقف ادارة الرئيس باراك اوباما في الواقع بغض النظر عن بياناتها اللفظية.

في الاسابيع الاخيرة، بعد اعلان المفاوضين الفلسطينيين البارزين صائب عريقات ومحمد اشتية استقالتهما، تبين ان الخلافات على اشدها بين الفلسطينيين واسرائيل بشأن اربع قضايا جوهرية على الاقل:

الأمن: اصرار اسرائيل، وموافقة وزير الخارجية الاميركي جون كيري، على ابقاء سيطرتها العسكرية على منطقة غور الاردن والمواقع الحدودية الحساسة في الضفة الغربية لـ10 سنوات على الاقل على ان يخضع هذا الوجود العسكري لاعادة تقويم في نهاية تلك المدة (اي اتاحة الفرصة لاسرائيل كي تقول انها غير مطمئنة للقدرات الامنية الفلسطينية وانها مضطرة لمواصلة تولي المسؤولية الامنية في تلك المناطق). وفي المقابل، طلب الفلسطينيون ان يكون اي وجود عسكري اسرائيلي ضمن خطة لانسحاب قوات الاحتلال هدفها اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود حزيران (يونيو) 1967. ويعني هذا ان الفلسطينيين يقبلون بخطة انسحاب تدريجية ولكن ليس ببقاء قوات الاحتلال في الارضي الفلسطينية لعشر سنوات قابلة للتجديد.

وسبق للفلسطيين ان اعلنوا استعدادهم لمرابطة قوات طرف ثالث، يمكن ان يكون حلف شمال الاطلسي، في المناطق التي تزعم اسرائيل انها حساسة بالنسبة الى أمنها. وقد اعلن الفلسطينيون بعيد لقاء كيري الاخير مع الرئيس محمود عباس في رام الله قبل ايام انهم متمسكون بوثيقة المبعوث الأمني الاميركي السابق الجنرال جيمس جونز التي اقترح فيها وجود طرف دولي ثالث على الحدود بين فلسطين والاردن.

القدس: طالما اعلن الفلسطينيون قبولهم بان تكون القدس، كل القدس بجهتيها الغربية والشرقية، عاصمة لدولتين بينما تصر اسرائيل على ان القدس "الموحدة" هي عاصمة اسرائيل، بل وتزعم في ادبياتها انها "حررت" القدس (الشرقية) في حرب حزيران (يونيو) 1967.

يهودية اسرائيل: زيادة في التعجيز، وبهدف الابقاء على نظام الفصل العنصري الذي اقامته اسرائيل مستهدفة كلاً من فلسطينيي العام 1948 وفلسطينيي المناطق المحتلة منذ 1967، ومن اجل اكمال مسلسل التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وتهويد اراضيهم، دأب رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية. ويرفض الفلسطينيون هذا الطلب رفضاً قاطعاً، ويقولون ان بوسع اسرائيل ان تطلق على نفسها ما تشاء من الاوصاف والنعوت ولكن الفلسطينيين غير ملزمين بالاعتراف بتلك التسميات. والواقع ان ثمة تناقضا بين وصف اسرائيل نفسها بانها ديموقراطية ويهودية في آن معاً لأن في هذا استثناء لفلسطينيي العام 1948 الذين يعانون من اشد انواع التمييز العنصري ضدهم.

اللاجئون: ما زالت اسرائيل ترفض تطبيق قرار الامم المتحدة 194 المطالب بتمكين اللاجئين من العودة الى ديارهم والتعويض عليهم.

السيطرة على السماء: تصر اسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة على الاجواء الفلسطينية لجهة حركة الطيران والاتصالات ما يعني تشبثا بمحاصرة الفلسطينيين جوا وبراً.

الموقف الفلسطيني الاجمالي
الرئيس عباس اعلن ازاء تلك المواقف الاسرائيلية الموقف الفلسطيني الثابت من رؤيته للحل: اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ومتصلة على حدود 1967 حسب القانون الدولي والشرعية الدولية، والقدس الشرقية عاصمة للدولة، وعدم وجود استيطان (يهودي)، وحل قضية اللاجئين، وحل قضايا الوضع النهائي الاخرى وهي الأسرى والمياه.

كيري ليس غودو
ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ليس غودو، فالأخير مجهول النيات والصفات، لكن حدود ما قد يستطيع كيري انجازه باتت مكشوفة، والفلسطينيون لا ينتظرون خلاصاً على يديه بل صاروا يدركون مجاراته لمواقف اسرائيل. وقد عمد كيري، بالرغم من انه يعلم علم اليقين مدى سعة الهوة بين موقف الفلسطينيين وموقف اسرائيل، الى اعلان تحقق "تقدم طفيف" في المفاوضات ليس لأن هذا حقيقة وانما لانه لا يريد الاعتراف بفشل محاولاته لجسر تلك الفجوة الهائلة الناجمة عن تعنت اسرائيل ورفضها الانصياع للقرارات الدولية.

اتفاق اطاري؟
يقترح وزير الخارجية الاميركي الآن ان يعرض على الفلسطينيين والاسرائيليين خلال اسابيع اتفاقاً اطارياً يتضمن خطوطاً عريضة مع ترك تفاصيل القضايا لمفاوضات بين الجانبين. وما هذه سوى وسيلة ترمي الى تحقيق هدفين ابعد ما يكونان عن تحقيق اتقفاق فلسطيني-اسرائيلي نهائي: اولهما تجنب اعلان فشله، والثاني مد اجل المفاوضات التي كان يفترض انهاؤها باتفاق خلال تسعة شهور الى اجل غير مسمى يحاول الاسرائيليون خلاله ليس فقط اضاعة الوقت على الفلسطينيين في متاهات التفاصيل، وانما ايضاً استغلال الوقت لتوسيع نطاق الاستيطان وتهويد الاراضي الفلسطينية.

هل من خطبة "ب" فلسطينية؟
داخلياً، ثمة اتفاق سابق، يبدو انه تجدد اخيراً، بين "فتح" وحماس" على تشكيل الرئيس عباس حكومة برئاسته تشرف على تنقية الاجواء لانهاء انقسام الجبهة الوطنية الفلسطينية والتمهيد لانتخابات عامة في غضون ستة اشهر. لكن مسؤولين ومحللين فلسطينيين يشيرون الى ارجحية ان تعيق اسرائيل هذا التوجه الى المصالحة والانتخابات بحكم سيطرتها الاحتلالية على الارض وقدرتها على شن حملات اعتقال في اي وقت تشاء. وهي قد تؤلب اميركا ضد هذا التوجه الفلسطيني وتعلن ان الرئيس عباس لم يعد شريكا تفاوضياً بسبب المصالحة مع "حماس".

دولياً، لا يبدو في الافق امكانية لافلات الفلسطينيين من حلقة المفاوضات المفرغة الا بالسعي الى نيل العضوية في عشرات من وكالات الامم المتحدة والهيئات الدولية المهمة، مثل محكمة الجنايات الدولية، وهو ما يمكن ان يعطي الفلسطينيين قدرة على التحرك دوليا وتقديم مجرمي حرب اسرائيليين للعدالة الدولية.

اما على صعيد الدعم العربي للقضية الفلسطينية فحدث بلا حرج. ويساور المرء شعور بان غودو قد يأتي متخفياً كنصير عربي، لكن من دون التأكد من ايٍ من موعد وصوله اونياته اومدى جديته وقدرته على تخصيص جزء من طاقته (اي جهده) لـ"قضية العرب الاولى".

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025