22 يوما على إضراب 'الأونروا'... نفايات مكدسة وعيادات ومدارس مغلقة
رشا حرزالله
'الجمهور الكريم.. نعتذر عن خدمتكم، الموظفون في إضراب مفتوح وشامل'، هذه العبارة تعتلي أبواب العيادات الطبية والمدارس والمرافق الأخرى المنتشرة في أكثر من عشرين مخيما في الضفة الغربية، منذ بدأ العاملون في الأونروا إضرابهم قبل 22 يوما.
مخيم الجلزون شمال رام الله، الذي بات يعيش أسوة بغيره من المخيمات حالة من الشلل التام في مختلف مناحي الحياة... النفايات متراكمة في الأزقة والحارات، فيما تحاول اللجنة الشعبية تسيير بعض الآليات الخفيفة لإزالة ما يمكن إزالته منها، العيادة الطبية الوحيدة التي تقدم خدماتها لأكثر من 13 الف مواطن داخل المخيم هي الأخرى مغلقة.
مدارس الجلزون كمثيلاتها مغلقة، يقضي طلبتها جل وقتهم في عمل أنشطة محدودة، والمقتصرة في غالبيتها على كرة القدم والألعاب البدائية، ويقول الطفل معاذ الرمحي (13 عاما) 'إن الوضع بات روتينيا ومملا'.
المواطنة عالية المصري (32 عاما) تشير إلى أن المنخفض الجوي الذي شهدته فلسطين في الفترة الماضية كان قاسيا على عائلتها، بسبب تعذر زوجها رائد الذي يعاني من فشل كلوي ومرض السكري، إلى مراجعة العيادة الطبية في المخيم، واضطراره لتوفير العلاج على نفقته الخاصة، نتيجة إغلاقها، متسائلة 'متى ستنتهي هذه الأزمة التي أرهقت المخيمات وزادت من معاناتهم، خاصة في هذه الفترة الصعبة؟'، خاصة وأن رائحة النفايات المتراكمة أصبحت مرتعا للحشرات والقطط، وشكلت إزعاجا كبيرا وخطرا صحيا على حياة أطفالها وأطفال المخيم كافة.
رئيس اللجنة الشعبية في مخيم الجلزون محمود مبارك قال 'إن أكثر ما يعانيه المواطنون داخل المخيم جراء الإضراب هو إغلاق العيادة والمدارس، حيث كان من المفترض أن يؤدي الطلبة امتحانات الفصل الأول النهائية.
ويضيف: 'أمضى المخيم ساعات عصيبة خلال المنخفض، بسبب انقطاع الماء والكهرباء، حيث يسوده حالة من الشلل في كافة مناحي الحياة، فالنفايات متكدسة منذ مدة نتيجة إضراب عمال النظافة، ما استدعى تطوع عدد من أبناء المخيم لتنظيف الأزقة، وحالات صحية تحتاج إلى رعاية وأدوية، كما أنه زاد من المسؤوليات الملقاة على عاتق اللجنة'.
وأوضح مبارك 'أن الخدمات داخل المخيم بحاجة إلى تطوير، وهناك ضرورة لتقديم مساعدات عينية للمواطنين، وتشغيل المتعطلين عن العمل، وزيادة رواتب العاملين فيها'.
الناطق الرسمي باسم الأونروا في الشرق الأوسط سامي مشعشع قال لـ'وفا'، 'إن هناك لقاءات برعاية دائرة شؤون اللاجئين ووزارة العمل وممثلين عن اتحاد العاملين في الأونروا، في محاولة لجسر الهوة بين العجز المادي الذي تعيشه الوكالة ومطالب الموظفين'، معتبرا أن الزيادة التي ينادي بها الموظفون على الرواتب كبيرة جدا، ولا تستطيع الأونروا توفيرها'.
واعتبر مشعشع مطلب العاملين بزيادة 100 دينار على الراتب مكلف جدا، مشيرا إلى أنه سيكلف 'الأونروا' 20 مليون دولار إضافي، في ظل العجز المالي الذي تعانيه، والذي من المتوقع أن يصل عام 2014 إلى 80 مليون دولار أميركي، لافتا النظر إلى أن ميزانية الأونروا للعام المقبل لا تتجاوز 640 مليون دولار، وهذا المبلغ يؤهلها لتقديم خدمات لـ5 آلاف لاجئ، ودفع رواتب لـ22 ألف موظف يعملون لدى الوكالة، معتبرا أن معدل الرواتب في الضفة وغزة مجتمعة أعلى بنسبة 24% من موظفي السلطة الوطنية.
ولفت إلى أن الإضراب ساهم في حرمان 58 ألف طالب وطالبة من الدراسة، نتيجة استمرار إغلاق المدارس، وحرمان 5 آلاف مريض من الاستفادة من الخدمات الطبية، نتيجة إغلاق العيادات، منوها إلى ضرورة أن يكون الوضع الإنساني للمخيمات فوق أي اعتبار.
وبيّن مشعشع أن 'الأونروا' تستطيع التعامل مع جزء من مطالب الموظفين كالعلاوات وبدل المواصلات وزيادة الدرجات، في محاولة منها إيجاد حل لهذه الأزمة، غير أنها لا تستطيع صرف زيادة على الرواتب.
وقال رئيس اتحاد العاملين في الأونروا شاكر الرشق 'إن الإضراب مستمر مالم تلبي الوكالة مطالب العاملين، والمتمثلة بتعويض قيمة الخسارة في الراتب نتيجة ضعف القوة الشرائية، بالإضافة إلى التراجع عن فصل ثلاثة موظفين من الأونروا على خلفية اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال'.
وأضاف 'أن الوكالة قامت بعمل دراسة شملت ثلاثة معاهد وهي قلنديا والطيرة وكلية العلوم التربوية، لمقارنة رواتب الإداريين مع جامعة بيرزيت، مشيرا إلى أنه تم مطالبة الوكالة منذ فترة بعرض نتائجها غير أنها رفضت ذلك، علما بأنه تم إبلاغهم حينها، بأنه في حال كشفت نتائج هذه الدراسة أن رواتب الإداريين في الأونروا أقل سيتم تعويضهم عن ذلك وزيادة رواتبهم'.
ولفت الرشق إلى أن نسبة زيادة رواتب العاملين في الأونروا بالأردن أعلى 80% من رواتب الموظفين الحكوميين، وبالنسبة في لبنان أعلى بـ50%، وهذه النسبة تصل إلى 29% في قطاع غزة، مطالبا بتحقيق العدالة والمساواة بين العاملين في الضفة وغزة.
ونفى الرشق ما تحدث به الناطق باسم الأونروا سامي مشعشع من أن رواتب العاملين في الأونروا في الضفة الغربية والبالغ عددهم نحو 50 ألف موظف أعلى من رواتب موظفي السلطة، قائلا إن النسبة لا تتعدى 21.6%، معتبرا أن توفير الأونروا سنويا 3 مليون دولار من ميزانيتها في الضفة الغربية يأتي على حساب الخدمات المقدمة للمخيمات.
وقال 'رغم إدراكنا للآثار السلبية والضرر الذي يلحق بالمخيمات نتيجة هذا الإضراب، غير أننا نحاول التخفيف قدر الإمكان من وطأته على المواطنين، حيث قمنا بحملة تطعيم ضد شلل الأطفال، وشكلنا مجموعات من المتطوعين لتقديم خدماتها ومساعدة المواطنين في ظل الظروف السيئة، وإغاثة 400 عائلة وتوزيع بطانيات وخدمات عليهم خلال المنخفض الأخير'.
واختتم بالقول:' الإضراب مستمر مالم يحصل العاملون على حقوقهم، ادعو الأونروا إلى فتح باب للحوار ومستعدون له، ولكن ليس على حساب مطالبنا'.