لوحة من التآخي ترسمها نابلس بعيد الميلاد
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
رشا حرز الله
كغيرها من المدن الفلسطينية، تشاركت نابلس، فرحة عيد الميلاد المجيد، مجسدة حالة فريدة من التعايش الديني، باحتضانها الديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية والسامرية.
وشهدت المدينة منذ ساعات المساء الأولى، انطلاق احتفالات العيد المجيد، لتصدح طبول الفرق الموسيقية والكشفية عاليا في سماء المدينة، امتدت من كنيسة البشارة، وصولا إلى الروم الكاثوليك، فيما اصطف الأطفال والكبار على جوانب الطرقات فرحين بالعرض الكشفي.
قائد فرقة كشافة يافا رائد الخطيب، الذي يحرص على مشاركة المسيحيين أعيادهم كل عام، عبر عن فرحته بالصورة التي بدت عليها نابلس، والتي كما يقول 'تحظى بخصوصية دينية'.
وتمتد علاقة الخطيب بالمسيحيين إلى أبعد من الأعياد، ولا تقتصر عليها فقط، ويؤكد أن 'رابط الإنسانية يجمعنا، بغض النظر عن اختلاف الأديان، وسابقا تعاونّا في طلاء أشجار المدينة وتزيين الشوارع'.
وغير بعيد عن جو الاحتفال الليلي والتزيين، انهمك الشبان ساري سقف الحيط، وأحمد اسكندر، وحسن قمحية، بتزيين شجرة الميلاد في محاولة لـ'رد الجميل' لصديقهم خليل كوع الذي شاركهم بتوزيع التمر والماء على الصائمين في شهر رمضان المبارك.
ساري الذي لم يتجاوز الـ23 عاما، يدرك أن رابط التآخي والصداقة الذي يجمعه بجيرانه المسيحيين فوق أي اعتبار، ويشير إلى أن مشاركته أصدقائه لا تقتصر على ليلة العيد فقط، بل إنه لا يتردد في الذهاب صباح يوم العيد المجيد إلى الكنيسة لتهنئة جيرانه.
مرتديا زي 'بابا نويل'؛ هذه المرة، وزع خليل كوع الحلوى على الأطفال من كلتا الديانتين، مشيرا إلى أن العديد من أصدقائه يأتون إلى منزله، لتقديم التهنئة له ولعائلته، تماما كما يفعل هو في عيدي الفطر والأضحى، ويضيف: 'نقدم لهم الكعك والحلويات، نقضي أوقاتا جميلة، نحن أخوة تجمعنا الإنسانية'.
وأشارت نائب محافظ نابلس عنان الأتيرة، إلى أن الاختلاف في الأديان وفي العادات بين المسلمين والمسيحيين لا يؤثر على الروابط الاجتماعية القوية، فالدين لله والمحبة لجميع الناس.
ولفتت إلى أن المسلمين والمسيحيين والسامريين شركاء في النضال الوطني، إضافة إلى أنهم شركاء في العمل المجتمعي والتنموي، فالمحافظة تعتني بالكنائس كما المساجد، وتحرص على مشاركة السامريين أعيادهم ومناسباتهم.
وبيّنت أن هذه التعددية وفكرة تقبل الآخر بهذا الانسجام والتناغم، تسهم بنشر السلام والمحبة وتصون كرامة الفلسطيني وتحقق مستقبل لأبناء الوطن.
راعي كنيسة الروم الكاثوليك الأب يوسف سعادة، دعا لاستخلاص العبر من التكافل والوحدة التي تجمع المسلمين والمسيحيين والسامريين في مدينة نابلس، وتطبيقها على شطري الوطن، وطي صفحة الانقسام، 'كوننا نعيش ظروفا استثنائية قاسية'.
ودعا سعادة الجيل المقبل إلى تبني العقلية التي عاش عليها الآباء والأجداد لفترة طويلة، المبنية على التآخي والتسامح بين الديانات حتى يعم السلام والحب والخير على فلسطين أجمع.