الذكرى الخامسة والأربعون لتأسيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني
تصادف اليوم الذكرى الخامسة والأربعون لتأسيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، لتكمل الجهود الإنسانية التي بذلتها جمعيات الهلال الأحمر الخيرية التي أنشئت في بداية القرن الماضي، وجمعيات الهلال التي تأسست في الضفة الغربية وقطاع غزة عقب النكبة الفلسطينية في عام 1948.
وجاء تأسيس الجمعية في عام 1968 استجابة للاحتياجات الصحية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، ومواكبة لانطلاقة الثورة الفلسطينية ونضالات الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال الوطني.
ومنذ نشأتها حرصت الجمعية على ألا تقصر خدماتها على الجانب الصحي فحسب، بل تعدتها إلى جوانب إنسانية عديدة تبلورت في مجالات الصحة النفسية، وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، والإسعاف والطوارئ ومواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية، وتلك التي بفعل الإنسان.
كما اهتمت بقطاع الشباب فعملت على تجنيدهم ليساهموا بالجهد الإنساني الذي تقوم به الجمعية لخدمة الشعب الفلسطيني، بفئاته كافة، وعنيت بشكل خاص بقطاعات المرأة والأطفال والمسنين، وأنشأت المراكز الخاصة للعناية بهم، والحرص على صحتهم وتقديم العون لهم، كما اهتمت بالجوانب الروحية للإنسان الفلسطيني فشجعت المواهب الشابة ووفرت السبل لهم لتفجير طاقات الإبداع لديهم، في جوانب متعددة ، وفي مقدمتها الجانب الثقافي والفني .
وطيلة مسيرتها، لم تكن الطرق معبدة أمام عمل الجمعية الإنساني، ولا أمام كوادرها ومتطوعيها، فقد تعرضت للكثير من المعوقات التي اعترضت فعالياتها الخدماتية، سواء كانت بفعل الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بالحواجز العسكرية، وتقييد حركة طواقمها الطبية وآلياتهم، أو بفعل الكوارث الطبيعية، الناجمة عن الأحوال المناخية العاصفة، مثل التي حدثت خلال الشهر الجاري.
ومن أجل تحقيق رسالتها الإنسانية هذه، وتفاني كوادرها ومتطوعيها، قدمت الجمعية طيلة خمسة وأربعين عاما من تأسيسها، عشرات الشهداء، منهم أربعة شهداء قدمتهم الجمعية خلال الأحداث المأساوية التي تشهدها سوريا، عدا عن عشرات المعتقلين الذي قضوا فترات حبس متفاوتة المدة في السجون الإسرائيلية .
وخلال أربعة عقود ونصف من مسيرتها لم ينقطع سيل الخدمات الإنسانية التي قدمتها وتقدمها الجمعية في المجالات كافة: الصحية والاجتماعية والتوعوية عبر 15 مستشفى (ست في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخمس في لبنان وثلاث في سوريا وواحدة في مصر) ولديها أحدث الأجهزة الطبية، وعبر فروعها وشعبها الـ43 المنتشرة في فلسطين وسوريا ولبنان ومصر والعراق، ومن خلال عشرات المراكز الصحية والتعليمية وعيادات الرعاية الصحية الأولية، الدائمة والمتنقلة .
ولم تتوان الجمعية طيلة الفترات السابقة من تأسيسها عن تطوير وتحديث منشآتها، ومنشآت فروعها التي كان آخرها، خلال الشهر الجاري، ووضع حجر الأساس لمبنى فرع الجمعية في سلفيت .
ومثله مثل الأعوام السابقة، لم يكن عمل الجمعية في عام 2013، الذي بقيت أيام معدودة على نهايته، سهلا، وإنما اعترته ظروف سياسية وأمنية واقتصادية صعبة. فالأوضاع في سوريا أثرت بشكل مباشر على أبناء الشعب الفلسطيني في المخيمات، ما انعكس سلبا على الخدمات الإنسانية التي تقدمها الجمعية في القطر الشقيق، وكذلك الأمر في لبنان، الذي أثرت عليه ما تشهده سوريا من أحداث، ما أضاف عبئا كبيرا على فرع الجمعية هناك.
أما في قطاع غزة فكان عام 2013 مليئا بالتحديات التي واجهت الجمعية، من حيث معالجة آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، التي وقعت في أواخر عام 2012 والتصدي للآثار التي خلفها المنخفض الجوي العميق، الذي ضرب المنطقة في شهر كانون الثاني من العام الجاري، وكذلك المنخفض الجوي الذي ضرب المنطقة في الشهر الحالي.
وفي الضفة الغربية عملت الجمعية في ظل ظروف صعبة وواجهت منخفضين جويين بكل تداعياتهما، وتدخلت من أجل إغاثة مئات العائلات الفلسطينية التي تضررت بفعل الفيضانات التي سببها المنخفض والعاصفة الثلجية التي واكبته، برغم الحواجز والإغلاقات والمعيقات التي يضعها الاحتلال .