التلميذة العجوز
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
لورين زيداني
تمسك بالقلم وتخط الحروف والكلمات، وتكتب اسمها في عالم العلم، وتنجز الحاجة فوزية علقم واجباتها المدرسية وتراجع دروسها قبل أن تتوجه الى مركز قلنديا لتعليم الكبار، في استئناف للدراسة التي تركتها بعد الصف الثالث الابتدائي، قبل خمسين عاما.
خلال انشغالها بكتابة الواجب المنزلي تقول:' لم اكن أعرف القراءة والكتابة، لم أكن أعرف ما يظهر على التلفاز أو في فاتورة الماء والكهرباء، حتى عندما ذهبت لأداء العمرة في السعودية؛ كنت أعلم الطريق بأحد المحال التجارية والصيدليات، لعدم قدرتي على القراءة، وعندما سمعت بالمركز طلبت من حفيدتي أن تسجلني، وأصبحت الآن أفضل بكثير اقرأ واكتب'.
في المركز تتشارك الحاجة فوزية مع زميلاتها منذ أكثر من عام؛ الدروس والحصص لمدة يومين في الأسبوع، ضمن منهج خاص بالكبار، تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ضمن برنامج مدته سنتان يؤهل الدارس في نهاية المدة للحصول على شهادة الصف السادس الابتدائي.
فرصة الالتحاق بهذا البرنامج ممكنة للأميين ومن انقطعوا عن الدراسة والتعليم منذ زمن ممن يستحيل التحاقهم بالمدرسة.
يشمل مركز قلنديا لتعليم الكبار في مخيم قلنديا شمال القدس، 18 طالبا وطالبة تتراوح أعمارهم بين 18 و65.
عن بداية المشروع وسبب إطلاقه تقول مديرة المركز ولاء براهمة، إن مجموعة من طالبات مدرسة قلنديا الأولى في المخيم بادرن للمشروع، بعد أن لاحظت المدرسة تدني مستوى الطالبات الأكاديمي، ومن خلال الدراسة، اتضح أن معظم أهالي الطالبات من أمهات أو آباء أمّيون لايقرأون ولايكتبون، أو مستواهم الأكاديمي ضحل، ما ينعكس سلباً على الأبناء، فكان التنسيق مع الوزارة لإنشاء المركز.
يجلس الرضيع وسيم في زاوية الصف بمركز قلنديا لتلعيم الكبار بالقرب من والدته، يداعب ألعابه ويراقب ماحوله بابتسامة، يتشارك مع والدته الشابة العشرينية فاتن أبو فارة اصرارها على تعويض ما فاتها من علم، انقطعت عنه نتيجة ظروف عائلية، وهي تعبر عن فرحها بالتواجد في الصف، خاصة أنها بحثت مطولا عن سبيل للعودة إلى الدراسة.
تقول فاتن: 'جو الدروس جميل، والجَمعة لطيفة. أنا أحب القراءة والكتابة والاقلأم والدفاتر، لولا زوجي لما تم ذلك'.
الإصرار والمتابعة والاجتهاد والالتزام بالحضور، وحتى سؤال الآخرين وطلب مساعدتهم في درس أو مسألة؛ أمور أكدت عليها مدرسة الصف ابتهاج حمد ابنة المخيم نفسه، إذ تقول 'لم أتوان عن عرض مشاركتي في تعليم الكبار، لأكون في عونهم، وتسهيل مجالات الحياة اليومية المختلفة من خلال فتح آفاق القراءة الكتابة لهم، وخصوصا تعلم قراءة القران الكريم الذي يعتبرونه هدفا أساسيا في التعلم'.
الحصول على شهادة الصف السادس لا تعني التوقف، بل تكتمل الفرصة بالتعليم الموازي أي بحصول الطالب على شهادة الصف التاسع الأساسي، بعد دراسة عامين آخرين، ويعني ذلك فرصة الالتحاق بالثانوية العامة والوصول الى مراتب علمية عالية.
مراكز تعليم الكبار التابعة لوزارة التربية والتعليم وصل عددها إلى 70 في محافظات الضفة الغربية، ضمن المشروع الذي أطلق عام 1998 بـ15 مركزا في مرحلته الأولى، ويعد مركز قلنديا لتعليم الكبار الأول على مستوى المخيمات.