بعد 20 عاماً من الانتظار.. الأسير برهم على موعد مع الحرية
هدى حبايب
ساعات قليلة ليست بطول عشرين عاما من الانتظار، تعيشها عائلة الأسير ناصر فوزي برهم، وهي تترقب أن يبصر ابنها نور الحرية مساء غد الإثنين، ضمن الدفعة الثالثة من الأسرى القدامى الذين سيفرج عنهم.
برهم ابن قرية كفر رمان شرق طولكرم هو أقدم أسير في المحافظة، اعتقلته قوات الاحتلال بتاريخ 23-11-1993، وهو بعمر 17 عاماً ونصف، وكان طالباً في المدرسة، وفي نفس الوقت يعمل داخل أراضي عام 1948، حيث اتهم بطعن مستوطن بعد مشاجرة معه، وتعرض بعدها لمطاردة الاحتلال لمدة ثلاثة شهور.
وخلال اعتقاله في أحد المنازل بمدينة طولكرم، تعرض برهم للتنكيل من قبل جنود الاحتلال الذين قاموا بكسر كتفه ويده، قبل اقتياده إلى أقبية التحقيق، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة، تنقل خلالها في العديد من السجون الإسرائيلية، وعانى مرارة الأسر وظلم السجان.
عاش برهم يتيم الأم منذ طفولته، اعتنى به والده إلى جانب إخوته وأخواته، لم يعش طفولته كما أقرانه، كان يدرس ويعمل وهو ما زال صغيراً، ورغم ذلك تمتع بشخصية رجولية، وناضل كما غيره من المناضلين من أجل وطنه وشعبه.
وتستعد محافظة طولكرم بجميع مؤسساتها وفصائلها إلى جانب عائلة برهم، لاستقبال ابنها الأسير.
والده فوزي برهم في عقده السادس، ارتسمت الفرحة والسعادة على وجهه، وهو يقول كيف لا أفرح وابني سيتحرر غداً من سجون الاحتلال. عشرون عاماً من الفراق ليست بالمدة القصيرة، انتظرنا سنوات وسنوات والأمل لم ينقطع بأن يوماً ما سيفرج عن ولدي وعن جميع الأسرى من سجون القهر والظلم.
وأضاف: اعتقال ناصر ترك بصمة حزن كبيرة في نفوسنا وحياتنا، فالابن أغلى ما يملك الإنسان، فهو زينة الحياة الدنيا. كنت أتكبد المصاعب خلال زيارته بسبب ما نتعرض من انتهاكات إسرائيلية مذلة تهدف إلى كسر صمودنا، إلا أن معنوياتنا ظلت عالية بفضل الله تعالى، وابني هو من كان يرفع من معنوياتي ويقوي عزيمتي دائماً.
وقال الوالد إنه رغم تضارب الأنباء بالأمس عن أسماء الأسرى المنوي الإفراج عنهم في وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، إلا أنه كان يقول إن ابنه سيتحرر وثقته بالله كبيرة، مشيراً إلى أنه عندما سمع باسم ابنه لم تسعه الأرض من فرحته التي غمرته، وكأنه يعيش حلماً لا يريد أن يستيقظ منه، وفي نفس الوقت تمنى وبكل صدق لو أن جميع الأسرى يخرجون من سجون الاحتلال لكانت البهجة أكبر.
وحول كيف سيستقبل ابنه عندما يراه، توقف برهة قصيرة لم يتمالك نفسه خلالها، لتنهمر الدموع من عينيه وهو يقول سأستقبله بالأحضان والقبلات. كنت أتوقع أن يأتيني الأجل قبل أن أراه، ولكن الله أكرمني بأن أخرج ابني من السجن ليعيش في وسط عائلته وكنفها ما تبقى لنا من حياة.
وأشار إلى أنه سيلبي كل احتياجات ابنه ناصر من إكمال دراسته، خاصة وأنه تقدم لامتحان التوجيهي في السجن ونجح فيه ورفضت إدارة السجن السماح له بإكمال دراسته الجامعية، أو بالزواج، فبيته جاهز وينتظره.
وتوجه والد الأسير برهم بالشكر والتقدير للرئيس محمود عباس لجهوده في تبني قضية الأسرى والإفراج عنهم، وللحكومة ووزير شؤون الأسرى والمحررين ومؤسسات حقوق الإنسان ولحركة فتح وكل ما كان له دور في الإفراج عن الأسرى، معرباً عن أمله في أن تكون هذه الدفعة مقدمة نحو الإفراج عن جميع الأسرى.
كما وجه التحية للأسرى والأسيرات دون تمييز، مؤكداً أن الفرحة لا تكتمل إلا بخروج آخر أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، وقال 'إن أمطرت على بلاد، بشر بلاد، وإن السجن لا يغلق على أحد'.