محمد عفانة .. عاد حرا
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
رشا حرز الله
بعضهم تسلق جدران مدارس مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، وآخرون اعتلوا أسطح البنايات لتزيينها بالأعلام الفلسطينية وصور الأسرى، فيما انتهت انتصار عفانة زوجة الأسير محمد الذي أمضى في السجن 21 عاما، من تحضير الحلويات والمأكولات والضيافة، استعدادا لاستقبال زوجها.
وانشغلت زوجة الأسير محمد عفانة باستقبال نساء المخيم اللواتي توافدن بالزغاريد على منزلها، وتبدوا الزوجة التي تركها زوجها وأطفالها الأربعة 'فادي وشادي، أحلام، فاديا' قبل أكثر من عشرين عاما، مرتبكة فاليوم يعود محمد إليها وقد تغيرت الحال، وكبر الصغار.
وتقول الزوجة: اعتقل محمد لم يكن عمره يتجاوز الثامنة والعشرين، وحكم بالسجن مدى الحياة، كان الخبر وقتها كالصاعقة على الجميع، خاصة على والدته التي أفقدها البكاء بصرها ولم تره منذ 15 عاما واكتفت بالقول :'لن أستطيع رؤيته، لكنني سأشتم رائحته، وأسمع صوته، هذا يكفيني'.
فرحة الإفراج عن الأسير عفانة لا تغمر عائلته فقط، بل إن جميع أهالي المخيم تعاونوا في إنهاء التحضيرات اللازمة، وصدحت الأغاني الوطنية في أرجاء المخيم 'طلعنا وقهرنا السجان'، وبعض الشبان قاموا بتنظيف أزقة المخيم، وآخرون قاموا بطلاء الجدران القريبة من منزل عفانة، وتزينها برسومات خارطة فلسطين.
تتحسس انتصار خاتم زواجها مرددة: 'سجن محمد بعد 5 سنوات من زواجنا، لقد غاب واحدا وعشرين عاما، تحملت خلالها مسؤوليات كبيرة، شعرت بالحاجة لوجوده خاصة عندما بدأ الأولاد يكبرون، عملت في الخياطة حتى أستطيع تدبير أموري، لكنني لم أستطع الاستمرار، فالأولاد بحاجة لعناية وانتباه، وعندما كنت أشعر باليأس كان يمدني بالقوة والمعنويات، من خلال تحمله مشاق وعذابات الأسر'.
ومع كل زيارة له في السجن، كانت انتصار تنقل له أخبار أولاده، وأخبار المخيم والجيران، غير أنها لم تجد أقسى من نقل خبر وفاة والده، وتقول: '45 دقيقة وهو الوقت المحدد للزيارة، قضاها باكيا، لم يتفوه بكلمة، بقينا صامتين ووحدها دموعنا من يكسر هذا الصمت'.
في خزانته، أعدّ أولاده ملابسه الجديدة، بدلة رسمية، بجامة، وأحذية، رغم أن فادي الابن الأكبر لمحمد لا يعرف بعد كيف سيكون لقاءه بوالده، غير أنه متأكد من قدرته على تعويض والده عن السنوات التي قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
حلم محمد بالحرية والعودة لحضن عائلته بات وشيكا، وسيفرج عنه ضمن الدفعة الثالثة للأسرى القدامى ما قبل أوسلو، المنوي الإفراج عنهم من سجون الاحتلال بعد منتصف الليلة، غير أن هناك آلاف الأسرى يشتاقون تماما كمحمد لتلك الحرية.