"ريا" التي فقدت بصرها بكاءً: قلب يحترق ويقين باحتضان "فارس" قبل الممات يقترب
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد الأسطل- رغم أن نيران الشوق ما تزال تحرق قلبها الذي كاد أن يتوقف أكثر من مرة، إلا أن الحاجة ريا بارود أم الأسير فارس بارود التي تجاوز عمرها 80 عاماً، لا يراودها الشك ولو للحظة واحدة، بأنها ستحتض فلذة كبدها الذي اعتقل في سجون الاحتلال منذ عام 1991 قبل أن تلقى وجه ربها.
بيد أن أكثر ما آلمها وأرقدها فراش الاستشفاء، هو تجاوز المرحلة الثالثة في صفقة الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو لابنها، رغم أنها أُبلغت قبل يوم واحد من إعلان الأسماء النهائية بأنه سيكون ضمن المفرج عنهم، لتتحول فرحتها التي لم تستمر سوى ساعات إلى فصول من الألم تتجاوز ما شعرت به طوال سنوات اعتقال ابنها الوحيد.
ورغم قصر الساعات التي علمت فيها ان ابنها فراس (52 عاماً) سيتحرر في المرحلة الثالثة قبل إسقاط اسمه منها، إلا أن الأم جهزت منزلها لاستقباله، فاشترت بعض المأكولات والمشروبات والملابس الشتوية له، حتى أنها اشترت الحناء لصباغة شعرها الذي أبيض مثلما أبيضت عيناها من الحزن.
وأوضحت أم الأسير بارود أنها اتصلت بشباب المنطقة ليجهزوا السرادق والمقاعد، وقبل ذلك الجيب الذي ستصطحب ابنها فيه من معبر بيت حانون "إيرز" إلى منزلها في مخيم الشاطئ، "لكن كل هذا تبخر وأصبح جزءاً من الأمل وليس الواقع، بعدما أسقط الاحتلال اسم فارس من المرحلة الثالثة".
وقالت لـ القدس دوت كوم: "ما خفف عني حديثه معي عبر الجوال قبل أيام، ومعنوياته العالية ويقينه بأن موعده مع الحرية اقترب".
وأضافت الأم التي لا تغادر صورة ابنها أحضانها ليلاً أو نهاراً: "لم تكن هذه صدمتي الأولى، لكنها كانت الأقصى لأن اسم فارس أعلن في وسائل الإعلام، أما مراحل الصفقة السابقة وصفقة شاليط فكانت مجرد آمال".
وفقدت الأم بصرها تماماً وجزءاً من قدرتها على السمع من شدة البكاء على ابنها الوحيد بين أخواته، طوال 12 عاماً منعت خلالها وما تزال من زيارته في سجون الاحتلال، رغم أنها بالكاد تستطيع الحركة وقد تجاوزت 80 عاماً بقليل.
وأكدت فاطمة بارود (54 عاما) شقيقة الأسير أن أمها سبق وأن استكملت تجهيز منزل فارس ودهانه وشراء غرفة نوم كاملة قبيل الإفراج عن أسرى صفقة شاليط، على أمل أن يكون واحدا منهم، لكن كل التطمينات التي سمعتها ذهبت أدراج الرياح، لافتة إلى أن الإعلان عن اسم فارس في الصفقة الأخيرة ثم إسقاطه كاد أن يتسبب في وفاة أمها، لولا رعاية الله ثم إرادتها الصلبة ورغبتها في احتضانه قبل وفاتها.
وقالت في حديثها مع القدس دوت كوم: "أغمي على أمي واحضرنا لها الطبيب بسرعة، وأبلغنا أن الله قدر أن تعيش، وما هي إلا دقائق حتى استفاقت وقالت لنا: سأعيش لاحتضن فارس لا تقلقوا".
وأضافت وقد أغرورقت عيناها بالدموع: "إصرار أمي غير مسبوق، فصحتها متدهورة للغاية ولا ترى بعينيها وتقريباً لا تسمع، لكنها تصر على أن موعد الإفراج عن فارس قد اقترب".
أما الأم التي قاطعت حديث ابنتها، فبينت أنها لن تناشد أحدا بالتدخل للإفراج عن ابنها في المرحلة الرابعة، "فيكفيني ما لدي، أبلغونا أنه سيخرج ثم ها هو في السجن، فرحت كل الأمهات وأنا ما زلت على حزني ولا يشعر بي أحد، فقدت صحتي ولم يتبقى لي شيء لأفقده أكثر من ذلك".
وتابعت: "سيتحرر إن شاء الله، وبصري الذي فقدته من البكاء عليه حزناً، سيعود من الفرحة عندما احتضنه".