فيديو- كمائن على الطريق
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عميد شحادة
كانت محض صدفة، تلك التي جمعتني برائحة الوجع. لمحته من بعيد يرتّب صناديق الخيار والبرتقال على ضفة الطريق، تريثت قليلا ريثما تمر شاحنة مجنونة عجزت المطبات عن كبح تهورها، ثم قصدته في سؤال عن مطب قريب ليقذف القصة في وجهي دفعة واحدة: 'هنا تماما سقط أخي عبد المنعم ذات حادث. كان عمره خمس سنوات، طيَّرته السيارة فارتَجَّ دماغه'، قال شاهر غوادرة شقيق الضحية.
هكذا أخذ البحث عن منطقٍ يبرر زرع مطبات في الشارع الرئيس، الذي يشق قرية بير الباشا إلى نصفين ليؤدي إلى جنين، منحاً معقدا، فالمطب مشكلة وحلٌ لمشكلة في الآن ذاته، والضحية عبد المنعم كان الحديث معه صعبا، لما للأمر من حساسية عند ذويه لأنه وبعد الحادث 'لم نعد نسيطر عليه. صار يخرج بدون بنطلون. يضرب الأطفال' أضاف غوادرة.
إن كان لا بد من مطب كيف يجب أن يكون؟ انطلقنا إلى جنين لنستوضح ذلك من مديرية الحكم المحلي هناك، اجتزنا بير الباشا ومطباتها، ولم ينتبه السائق القادم من رام الله _والذي لا يحفظ الشارع عن ظهر مقلب_ لمطب أسود متخفٍ بلون الشارع على مدخل جنين كأنه كمين، فقفزت السيارة وكاد رأسه يلامس مقودها.
يُعدد مدير وزارة الحكم في جنين رائد مقبل شروط لصق مطب بالشارع، قائلاً 'على الأقل عرضه أربعة أمتار وارتفاعه سبعة سنتيمترات، والمسافة بين المطب والآخر لا تقل عن 500 متر. يجب وضع لافتات تحذيرية قبل المطب، على أن يطلى باللون الأصفر العاكس'.
لم نفلح بالاتصال برئيس مجلس قروي بير الباشا، ورجّح رائد مقبل أننا لن نجده لأنه يعمل داخل الخط الأخضر، فاخترنا أحمد سليمان رئيس مجلس قرية عجة المجاورة، لأن فيها مطبات تشبه تلك التي في بير الباشا. قابلناه أيضا في مكان عمله داخل محل لبيع المواد التموينية بجنين، لنفهم منه أمرا واحدا فقط، لماذا لا تلتزم الهيئات المحلية بالمواصفات العلمية للمطبات؟ فأجاب: 'المطب القانوني مُكلف، وبدلا من عمل مطب مثالي المواصفات، يمكن أن نعمل مطبين أو ثلاثة. القرى هنا بحاجة لعدد كبير منها'.
في شارع حيفا بجنين وقع نحو أربعين حادث سير عام 2013، ولم يُسجل سوى حادث واحد وبانقلاب ذاتي بعد وضع المطبات، ومع ذلك يصيح سائق سيارة عمومية 'حرام هذا ظلم. مطبات مثل السيف وسياراتنا جديدة.. نُسرع؟ نعم نحن نُسرع، لكن ضعوا مطبا مقبولا وليس سيفاً'.
في الشارع مطبات مطاطية نموذجية لم تعجب السائقين، لا يهم كم شخصا زار الطبيب قبلها نتيجة حادث، المهم ألا يزور السائق طبيب السيارات الميكانيكي.
محمد العاصي الميكانيكي يقول: 'المطبات سبب في خراب كثير من أجزاء السيارة المتعلقة بالعجلات من الداخل والخارج، حتى أنها تُخرب مقود السيارة'.
تلعب الهيئات المحلية بمقاييس المطبات، فتبريها أحيانا مثل خازوق ليهدأ السائق الذي يريد أن يطير بلا عائق، وتضحك لأنك تهتز رغما عنك وتفقد نفسك مجبرا على الرقص لأن تحتك مطب.