الوردةُ المَخْطوبَة..- محمد علي الصالح*
رَأَيْتُ الوَرْدَ مُكْتَئِباً خَجولاً يَفيضُ مِن الأَسى سِحْراً وحُزْنا
يَزِمُّ غُـلالَة الأَكمـامِ حتى يُواري نَفْسَهُ وَيَقـِرَّ عَيْنــا
وكنتُ أراهُ في بعضِ الأَماسي يَرِفُّ تَكَبُّراً ويَـميسُ لَدْنـا
وينشرُ مِن شذاهُ بلا حسابٍ ويَنْعَمُ في الجِنانِ رضاً وأَمْنـا
ويسمَعُ كلَّ يومٍ لـحنَ طَيْـرٍ وكَمْ لـَحنٍ لَهُ قد بَذَّ لـَحْنا
وإنْ نام الهوى سَهَرَتْ عليـهِ صَباباتٌ من التَّبْريـحِ وَسْنى
رأيتُ كَمَنْ يرى في الـحُلْمِ وَرْداً أسيفاً حائرَ النَّظَراتِ مُضْـنى
وسِرْتُ بِرَوْضِهِ فَسمعتُ هَمْساً وَمِنْ هَمَساتهِ كَوَّنْتُ مَعْنـى
فقلتُ له ألا يا روضُ إنّــي ظَنَنْتُ ولم يُخِبْ لي الله ظَنـا
ظَنَنْتُ بأّنَّ شَرّاً مُسْتَطــيراً يكادُ يَهدُّ من (مُضْناكَ) رُكْنا
و إني قد بَذَلْتُ إليكَ رأيـي وهاكَ يدي إذا ما احتَجْتَ عَوْنا
فهبَّتْ نَسمةُ و سمعتُ منهــا جواباً مِنْ رَنينِ الجِنِّ أَدنـى
يقولُ عَدا على المَغْنى خَطيبٌ ولم يُمْهِلْهُ حتى اختار لُبْـنى
و لُبنى إن وصفتُ إليكَ لُبنى تكادُ محاسِنُ الأيامِ تَفْــنى
عروسُ الرَّوضِ تهذيباً وَلُطْفاً وأنْدى ما بهِ عِطراً وَحُسْـنا
وكمْ خُطِبَتْ فَما رَضِيتْ خَطيباً وكَم مِن خاطبٍ هيمانَ جُنّـا
وكَم رَقَدَتْ عَلى حُلْم الأماني وألقَتْ للهوى قَلباً وأُذْنــا
يطوفُ الحلمُ مَخْدَعَها شفيعـاً رفيقاً إنْ طوى صَدْراً وَثنّى
فَتَبْسُمُ في لذيذِ النَّومِ مِنْــهُ كما ابتسَمَ الهوى شَفَةً وَسِنّا
وكُنّا حينَ يَجمعُنا حديــثٌ حَسِبْناها تُريدُ البَدْرَ خِدْنــا
فقلتُ :كفى ! وفي نفسي اشتياقٌ وعالَـجْتُ الهوى حتّى اسْتـََكَنّـا
وها أنا ذا أصوغُ الحبَّ شِعْراً وأَجْعلُ مِنْهُ لي دَرْساً وفَـنّـا
وأَستَعْدي على دُرَرِ المعانـي خيالاً سابِحا لي ...لنْ يَضِـنّا
وقد أَوْفَيْتُ دَيْنَ الوردِ عِنْدي فهل توفـِي ليَ الأزهارُ دَيْـنا ؟
طولكرم
31-6-1945 م*